بمنتهى العبثية تستمر بعض الهيئات العربية في ممارسة الدور المشوَّه لمهامها المفترضة، فتخرج أمانة مجلس وزراء الداخلية العرب- يوم أمس الأربعاء- لتتحدث عن إطلاق طائرتين مسيرتين من قبل الجيش واللجان، استهدفتا مدنيين في خميس مشيط، في السعودية.
حديث مكرور، يحاول فقط تسجيل إضافة إلى فعاليات الضغط والتشويه المتعمدة تجاه الجيش واللجان الشعبية بطيرانه المسيّر وقوته الصاروخية.
وغالبا مثل هذه البيانات إنما يتم صياغتها في مطابخ معسكر التطبيع، وتُوزع نسخة منه على وزراء الداخلية العرب من باب العلم والإحاطة فقط، ولا ناقة لهم فيه ولا جمل.
يقول بيان هذه الأمانة، إن ما وصفته بـ»العمل الإجرامي» «متعمد لاستهداف المدنيين والمنشآت المدنية» في السعودية..
ويتساءل حتى فقير الفهم: هل هذا حدث فعلا؟ هل استهدف الجيش واللجان الأعيان المدنية؟ هل قتلت البشر؟ هل دمرت الحجر؟ أين أشلاء النساء والأطفال المتناثرة هنا وهناك؟ أين الشواهد على الاستهداف لنسميها بالمجزرة والعمل الإجرامي الجبان، كما هو الحال في الجرائم التي ترتكبها السعودية وحليفاتها في كل الأراضي اليمنية، حتى تلك التي تخضع لاحتلالها؟!
لو أن هذا الطرح يأتي إعلاء لأخلاقيات الحرب لوقفنا لهذه الهيئة باحترام، ولطالبناها بالقول السديد في تلك المجازر التي تزدحم بها يوميات العدوان «الاحمق» على اليمن.
عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، مئات الآلاف من النازحين، الآلاف من المنشآت الحيوية وحصار للملايين في قوتهم وصحتهم.. هذه حصيلة إجرام علني، هل قالت فيه الهيئات العربية شيئاً؟ هل حركت فيه ساكناً؟ هل ناشدت الحفاظ على القيم الإنسانية من الانتهاكات؟!
يبدو أن سبع سنوات من الفشل، في التصويب على هدف، أو في بلوغ أي معنى لهذا العدوان، لم تكن كافية لوزراء الداخلية العرب، للتمرد على هذه الصيغ الجاهزة لبيانات، ادانة لا هدف منها إلا تسجيل نقطة يمكن أن تُحسب لصالح إبعاد المجرم عن المساءلة القانونية اليوم أو غدا.
يثبت هؤلاء من أصحاب البيانات المحابية للرياض، أن العصا الامريكية والجزرة السعودية هي التي تحدد فعلهم تجاه أي القضايا، ولذلك لا ثوابت ولا محددات يستند اليها فعلهم هذا، حتى لو كان في الأمر مساس بدين أو أخلاق.
ولا تبدو اليمن لديهم بالثقل الذي يوهمون به أنفسهم لأمريكا والسعودية، لأن اليمنيين ببساطة لم يسايروا تمردهم الأخلاقي على كل تلك القيم التي جاء بها الإسلام، لأنه لم يخلع ثوب الالتزام ويلحق بركب التحضر بمفهومه الغربي، لذلك ظل اليمنيون بالنسبة لهم مجتمعاً لا يزال في ذاك الطور البدائي الذي يزعمون أنهم تجاوزوه، والوقوف مع مظلوميته لن تحقق لهم مكاسب.
تبدو محاولات التحالف السعودي عبر وكلائه، بائسة، فلن يُصلح هؤلاء ما أفسده الصلف والكبر والغرور، ولن ترد عنهم الملاحقة التاريخية ولعنة التاريخ، فكل من شارك في العدوان على شعب أعزل وخلّف كل هذه الخسائر ولو بالشهادة «مذنب» بدرجة مشاركته.