كشفت منظمة Freedom Initiative الحقوقية الدولية أن عدد المعتقلين في السجون ومراكز الاعتقال في “السعودية” بلغ أكثر من 68 ألف معتقل، مؤكدةً أن هذا العدد الكبير يقبع في ظروف غير إنسانية قاسية وتم وضع العديد منهم رهن الاحتجاز مع انتهاكات منهجية لحقوقهم بدون محاكمات أو محاكمات غير عادلة.
المنظمة ذكرت سياسات القمع التي تنتهجها “السعودية” والمتمثلة في الاعتقال والمضايقات والإيقاع بالمواطنين وأفراد أسرهم، مشيرةً إلى وضع هؤلاء كجزء من حملات القمع العالمية، لا سيما ضد أولئك الذين يركزون على حقوق الإنسان، بما في ذلك حملات الاعتقال والترهيب والتشهير والسجن والتعذيب والتهديدات.
في سياقٍ متصل، أوضح تقرير قدمته منظمة “القسط” ومركز الخليج لحقوق الإنسان ومؤسسة “مارتن إينالز” أنّ قبول السلطات السعودية بالعديد من الـ 258 توصية التي تلقتها أثناء دورتها الثالثة في 2018 لم يتبعه أيّ تقدمٍ يذكر في العمل عليها، في حين تستمر الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان. وأضاف رغم قبول السلطات بالتوصية بضمان ممارسة حرية التعبير والإفراج عن المدافعين عن حقوق الإنسان المحتجزين، ما زالت تحتجز عشرات معتقلي الرأي وتفرض قيوداً قاسية على المفرج عنهم، بل واستمر القمع الدؤوب لحرية التعبير.
التقرير أكد أن السلطات السعودية تواصل اعتقالاتها الجماعية التعسفية المشرعنة بالرجوع إلى نظامي مكافحة الإرهاب والجرائم المعلوماتية، في تجاهلٍ صارخٍ لتوصية المراجعة الدورية العامة بمراجعة كافة التشريعات التقييدية وضمان الاستقلالية الضرورية للقضاء. في الوقت الذي يتواصل فيه التباين بين ما تقبله السلطات السعودية من توصيات وما تنفذه، مثل توصية أخذ “خطوات لمنع التعذيب، والمعاملة القاسية والمهينة في السجون ومراكز الاحتجاز التي لم يزحزح قبولها بها احتفاظَ التعذيب بمكانته في سجلها الحقوقي الرديء. ولم يغير من ندرة التحقيقات في مزاعم التعذيب، أو قبول المحاكم بالاعترافات المنتزعة بالتعذيب بنحوٍ روتيني، ومن بين 23 توصية معنية بعقوبة الإعدام لم تتبن السلطات السعودية إلا واحدةً منها، ما يدل على موقفٍ ثابتٍ حول هذه القضية، وحتى الإصلاحات التي أعلنتها السلطات فيما يتعلق بعقوبة الإعدام تضمنت ثغراتٍ معتبرة، وعدد الإعدامات التي نفذت حتى الآن في هذا العام تتجاوز ضعف مجمل الإعدامات لعام 2020م، بحسب التقرير.
وكانت المنظمة “الأوروبية السعودية” المهتمة بالدفاع عن حقوق الإنسان، قد رصدت اعتقالات تعسّفية في “السعودية”. وذكرت المنظمة بعض ضحايا الاعتقالات التعسفية الذين تعرّضوا أيضاً للإخفاء القسري، من بينهم الشيخ عبدالله الشهري الذي اعتقل على خلفية تغريدات انتقد فيها تصريحات محمد بن سلمان. ومن بين الأسماء التي تم رصد اختفاؤها، رينا عبد العزيز وياسمين الغفيلي. المنظمة وفي تقرير لها، أكدت أنه في كثير من القضايا، وبعد إخفاء قسري يستمر لساعات أو أيام، يسمح المسؤولون في سجون المباحث العامة للمخفي بإتصال قصير يبلغ فيه عائلاته عن مكان وجوده، ليعود ويختفي لفترات قد تمتد لعام أو أكثر، يتعرض فيها للتعذيب، ويحرم من حقه في التواصل مع العالم الخارجي أو في الحصول على محام. وفي حالات أخرى، يمتد الإخفاء القسري من دون أي معلومة عن مكان وجود الضحية أو سبب الاعتقال لشهور أو سنوات، في ظل سياسة الترهيب التي تمارسها السعودية ضد النشطاء والمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان. فإن مراقبة آلية الحكم في “السعودية” وآلية اتّخاذ القرارات التي تُهمّش إرادة الشعب، يجعل من البديهي أن تكون “السعودية” سابع أسوأ دولة في انتهاك الحريات والديمقراطية لعام 2020، بحسب منظمة حقوق الإنسان Freedom House “السعودية”.
وفي تقريرٍ أرفقته المنظمة كشرح لجدول نتائج الإحصاء فنّدت فصول القمع والديكتاتورية المتجذّرة في صميم النظام السعودي. وتعتبر جميع حركات المعارضة محظورة في “السعودية” وفق المنظمة، ووفقا لـ “مرآت الجزيرة” فأن السلطات تعاقب المنتقدين المعتدلين، فالمجموعات والأفراد الذين ينتقدون النظام أو يدعون إلى الإصلاح السياسي، سواء أكانوا سنّة أو شيعة، أو إخوان مسلمين أو علمانيين، يتعرّضون للاعتقال التعسّفي. على سبيل المثال، قام محمد بن سلمان باعتقال رجال دين بارزين أمثال سلمان العودة وعوض القرني وعلي العمري عام 2017 في إطار حملة قمع ضد أولئك الذين انتقدوا حملة السلطات النظام السعودي لعزل قطر بسبب علاقاتها بالإخوان المسلمين وإيران. واجه الثلاثة تهديداً بعقوبات الإعدام بتهم الإرهاب، لكن قضاياهم تعطّلت بسبب التأخيرات التعسّفية، إذ تم إيقاف محاكمة العمري عدة مرات بحلول يونيو 2020م، وظلّوا رهن الاحتجاز بحلول نهاية العام.