بناء مؤسسات دولة حقيقية هو الضامن لمخرجات الحوار

أكد مصطفى النعمان .. السفير اليمني في اسبانيا .. أن مؤتمر الحوار قد منح اليمنيين بشائر عهد جديد وأنه حقق الجانب النظري , وأن على كافة القوى البدء الفوري في إجراء حوارات مع الناس على الأرض بما يضمن تنفيذ مخرجات الحوار , منوها بان أي مماطلة وترحيل وتأجيل ستكون أثاره وخيمة على الوطن بأكمله ولن يسلم منها أحد.
وأكد في حديث لـ”الثورة” أن انتهاء المؤتمر بداية التحدي الحقيقي, والضامن لمخرجاته بناء مؤسسات شعارها العدل والمشاركة الشعبية.. موضحا أن صيغة الدولة الاتحادية هي فكرة متطورة للحكم المحلي وأنه لا خطورة من هذا التوجه.
الخارج لن يدوم ولا تبقى إلا الشعوب التي تؤثر وتتأثر

على القوى السياسية أن تتغير وتظهر تكتلات جديدة بوجوه شابة

*مؤتمر الحوار شارف حاليا على الانتهاء كيف تنظرون إلى ما تحقق حتى اللحظة¿
لايشك احد أن مؤتمر الحوار الوطني الشامل قد منح اليمنيين بشائر عهد جديد ولكن ليس من العدل الحكم على مجمل الحصيلة قبل البدء في تطبيق ما صدر عنه من وثائق هي في النهاية جهد بشري يحتمل الخطأ والصواب ولعلنا ندرك أن اغلب المشاركين في اللقاءات ليسوا خبراء في القانون ولا الاقتصاد ولا التاريخ وإنما دخلوا نيابة عن أحزاب سياسية وقطاعات مجتمعية ولا أتصور انهم يزعمون تمثيل الشعب اليمني بكافة قواه الحية.
ما تحقق هو الجانب النظري وهو لا شك مهم ولكن يجب الانتظار إلى مابعد هذا ومعرفة من الذي سيناط بهم تنفيذ المقررات مدى انسجامها مع رغبات الناس وتطلعاتهم.
*وقعت الأطراف اليمنية على وثيقة حل القضية الجنوبية .. كيف تنظرون إلى اتفاق جميع الأطراف على هذا الملف الأهم والأبرز في المؤتمر¿
اسمح لي أن اختلف معك في هذه النقطة.. الذين وقعوا على الوثيقة يمثلون أطرافا سياسية ومجتمعية تعاملت مع الأمر من منظور يبدو لي غير مرتبط بما جرى ويجري على الأرض فأنا من الذين يؤمنون أن مواجهة الواقع بكل تشوهاته ومآسيه أفضل من الاختباء كالنعامة التي يرى الجميع عورتها وهي تتصور أنها غائبة عن الانظار.
قبل بدء مؤتمر الحوار كان الكل مجمعا على ضرورة التهيئة المتأنية وأهمية السعي الدوؤب لجمع القيادات المؤثرة على توجهات المواطنين في الجنوب لكن ما حدث هو التأخير في البدء بتنفيذ متطلبات الناس الحقوقية كخطوة أولى تسبق اللقاءات.
ليس لدي تفاصيل تسمح لي بالاجتهاد في تحليل الأسباب التي منعت البدء في خطوات التهيئة ولذا فأنا لا أشك أن الرئيس عبدربه منصور هادي هو الأقدر في معرفة الأسباب ولماذا تأخر البدء في التنفيذ.. قد ينعكس هذا وآمل أن اكون مخطئا على استحقاقات الوثيقة وهو ما قد يؤثر على مجمل العملية السياسية في البلاد.
*برايك الوثيقة هل هي كفيلة بحلحلة القضية الجنوبية بشكل نهائي.. وما الدور الذي يجب أن تقوم به الأطراف الموقعة إزاء ذلك ¿
الأطراف الموقعة على الوثيقة هي التي يوجه إليها هذا السؤال ومدى قدرتها على إقناع الناس بما توصلوا إليه وعليهم التحرك الفوري والبدء في إجراء حوارات مع الناس على الأرض.. هذا هو المحك أما إعداد الوثائق وكتابة النصوص فلا أسهل منها ولكن ليس هذا هو ما نحتاجه ولا ما يتوقعه الناس.
المسألة ليست نصوصا ولا استعراض مهارات لغوية ولسترسالا في الوعود ولكنها تحتاج إلى جهد حقيقي يجعل الناس يشعرون بالجدية والاهتمام بالتنفيذ دون ذلك سندخل في دوامة جد خطيرة ومرة أخرى فالرئيس هادي هو الأكثر قدرة على استشراف وتلمس مكامن الخطر في بطء التحرك جنوبا دون استخدام لسياسات قديمة ثثبت عدم نجاعتها.
قد يقول المزايدون أن في هذا ظلما للرئيس وتحميله المسؤولية منفردة وردي هو أن القائد هو الذي يستطيع ضبط الإيقاع وتوجيه الدفة في اتجاهها الصحيح.
*بخصوص .. شكل الدولة المتفق عليه ” صيغة اتحادية” برأيك هل هو توجه موفق من الحوار للدخول في مرحلة حكم جديد¿
في البدء كان الناس يطالبون بالحكم المحلي المطلق ولكن العناد والتمسك بالفكرة الواحدة جعلا التنفيذ مستحيلا.. وتطورت المسألة إلى حد المطالبة بفك الارتباط كرد فعل طبيعي لما جرى من تسطيح للأحداث وتهوين لآثارها.
إن صيغة الدولة الاتحادية هي فكرة متطورة للحكم المحلي ولا أرى أي خطورة في هذا التوجه ولكن المعضلة هي في الزمن والكلفة اللتين ستحتاج الدولة لتحمل آثارهما كما أن المسألة لا تقتصر على الإعلان ولكن في كيفية إعداد الكوادر اللازمة لتطبيق هذا النظام.
من هنا فإني كنت من المساندين لفكرة الدولة الاتحادية بإقليمين لأن في ذلك عدة مزايا منها الإبقاء على الجنوب كتلة واحدة كما كان قبل 22 مايو 90 وتقليص للاحتياجات المالية الباهظة في إنشاء هيئات في أقاليم متعددة وكذلك الإبقاء على الشمال كتلة واحدة حتى لا يطغي فصيل قادر على غيره.
أن يرى الرئيس غير هذا فهو لاشك قد درس تبعات كل الخيارات ومن هنا كان خياره للدولة الاتحادية بأقاليم متعددة وأنبه هنا إلى أن المماطلة والترحيل وتأجيل التنفيذ لأي صيغة يراها الرئيس ستكون أثاره وخيمة على الوطن بأكمله ولن يسلم منها أحد.
* اعتماد نظام أقاليم .. هل البيئة اليمنية ملائمة لذلك¿
نظام الأقاليم هو نظام إداري بحت إذ أن القضايا السيادية تظل مناطة بالعاصمة الاتحادية ولا أرى أنها قضية تثير القلق ولكن يبقى السؤال على قدرة هذه الأقاليم تحمل العجز الإداري والمالي في إدارة شؤونها.
*ما هي أهم الضمانات التي يجب توفرها لتطبيق مخرجات الحوار ¿
الضمانات لا يجوز أن تكون خارجية لكن الخارج رغم اهتمامه الحالي بأوضاعنا اليمنية إلا انه ليس من المنطق تصور انهم سيبقون على هذه الوتيرة إلى الأبد ومن هنا فالضامن الحقيقي لما سيخرج به مؤتمر الحوار هو بناء مؤسسات دولة حقيقية شعارها العدل والمشاركة الشعبية.
ماعدا هذا والتعويل على الخارج هو عمل لا اراه حكيما وما علينا إلا النظر إلى البلدان التي وضعت أمرها في يد الدول الكبرى وكيف سارت الأمور فيها ويمكنك النظر إلى أن البلد الوحيد الذي لم يحدث فيه تدخل خارجي هو تونس الذي أراه يسير بخطوات واثقة نحو مستقبل أفضل لمواطنيه الفضل في ذلك يعود إلى المجتمع المدني القوي ودور المرأة المميز في الشأن العام وهما ركيزتان أساسيتان لا يمكن الاستغناء عنهما لإحداث اي نقلة نوعية ايجابية.
*ارتفاع وتيرة توتر الأوضاع الأمنية في البلاد.. هل يهدد مخرجات الحوار الوطني¿
مؤكد أن تدهور الوضع الأمني وارتفاع معدلات العمليات الإرهابية يقفان عائقا أمام تنفيذ ما سينتج عن مؤتمر الحوار إذ كيف يمكن أن أتحدث عن تجسن في الاقتصاد بكافة مجالاته في ظل وضع امني متدهور..
*بانتهاء الحوار .. هل تعتقد أن اليمن تكون انتهت من مناقشة وحلحلة كافة القضايا الوطنية¿
كما أسلفت لك فإن انتهاء المؤتمر هو بداية التحدي الحقيقي فما جرى في الموفينبيك كان المرحلة الأسهل لكن كيف ينعكس هذا على الأرض فتلك قصة أخرى.
*كيف تنظرون للموقف الدولي الداعم لمخرجات الحوار ¿
الدول الكبرى ليست جمعيات خيرية ولا مؤسسة لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة. هي دول لها مصالح تريد التأكد من تأمينها وإبقاء الأوضاع تحت سيطرتها وعلى الذين يعولون على هذا المجتمع أن ينتزعوا هذا الوهم وان يتعاملوا مع القضايا الوطنية بالتفاعل والانسجام مع الداخل… الخارج لن يدوم ولا تبقى إلا الشعوب التي تؤثر وتتأثر.
*ما بعد الحوار .. ما الدور الذي يجب أن تلعبه القوى الفاعلة في الساحة اليمنية¿
القوى الفاعلة ستتغير حتما وستظهر تكتلات جديدة بوجوه جديدة شابة وأكثر قدرة على التعامل مع متغيرات العصر واحتياجاته فليس من المعقول أن تبقى قيادات اغلب الأحزاب وقد بلغت مرحلة التكلس وتبقى متمكسة بمواقعها كأنما هي منحة إلهية.. ويجب أن يتوقف الناس عن طرح السؤال البليد: ومن البديل¿
اليمن فيه 25 مليون مواطن وليس من العدل والإنصاف أن نبقى ندور حول نفس الوجوه.

قد يعجبك ايضا