المتاحف الرياضية في اليمن.. بين الواقع والمأمول

حسن الوريث

 

خلال مشاركتهما في الاحتفال الذي أقامه النادي الأهلي في صنعاء بذكرى 21 سبتمبر وأعياد الثورة اليمنية المباركة زار رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشورى وضيوف النادي المكان الذي خصصه النادي لعرض الكؤوس والدروع التي حصل عليها وصور متنوعة لمراحل من تاريخ هذا النادي الذي يعد من أعرق الأندية اليمنية وأكثرها تحقيقاً للبطولات والإنجازات رغم ما يعتريه من فتور في أوقات معينة وذلك أمر طبيعي تصاب به كل الأندية في العالم وفي نهاية المطاف فإن النادي لا شك سينهض من أي كبوة أو تعثر.
وبالعودة إلى زيارة رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشورى للنادي الأهلي سنركز على زيارة ما يسمى مجازاً بمتحف النادي رغم أن هذه التسمية فيها ظلم كبير لمعنى المتاحف وأهميتها، فقد كان أول تعليق لهما أن هذا المكان لا يصح أن يظل هكذا بهذا الشكل العشوائي ولا بد من تطويره وتحسينه ليكون متحفاً حقيقياً لتوثيق وأرشفة كل بطولات النادي ونجومه ونجاحاته وإنجازاته بطريقة علمية ومهنية وفنية .
بالتأكيد أن ذلك الكلام الذي صدر من شخصيتين بحجم الدكتور بن حبتور والعيدروس حفزني لإعادة الحديث ليس عن متحف النادي الأهلي الذي أعتقد أنه من الأندية القليلة التي حاولت جمع ما أمكن جمعه من كؤوس ودروع وصور وعندما نتحدث عن المتاحف بشكل عام ففي اعتقادي أنها من المتطلبات الأساسية لتوثيق مسيرة الشعوب في شتى المجالات كما أنها أماكن أو مبان تقام بشكل دائم بغرض الحفظ والدراسة بمختلف الوسائل وعرض مجموعات فنية أو تاريخية أو علمية أو تكنولوجية أو فنية أو غيرها على الجمهور من أجل تحقيق التعلم والمتعة والسرور وخدمة المجتمع وتطويره وتكون مفتوحة للجميع وقد يضم المتحف أعمالاً علمية أو أعمالاً فنية ، ومعلومات عن التاريخ و التقنية ومنها المتاحف الرياضية التي يتم فيها عرض تاريخ الرياضة ومنجزاتها ونجومها وأبطالها والإسهام في الحفاظ على ذاكرة الحركة الرياضية.
وهناك الكثير من بلدان العالم أنشأت متاحف رياضية بهدف تخليد إنجازات الرياضة والألعاب الأولمبية وعرض مآثر أبطالها الرياضيين للأجيال القادمة وإنجازاتهم في كل المحافل والمنافسات المحلية والعالمية، وفي بلادنا بدأت الفكرة من النادي الأهلي بصنعاء لكنها بدأت خجولة ويمكن أن تكون انطلاقة لإنشاء متحف وطني رياضي يضم في جنباته كل ما يخص الرياضة اليمنية والمشاركات اليمنية في الدورات الأولمبية والإقليمية والقارية والكؤوس والميداليات التذكارية والجوائز والدروع والهدايا التذكارية والنياشين والشارات وصور للأبطال اليمنيين في كل الألعاب وكذا النجوم والشخصيات الرياضية والألقاب التي حصلت عليها المنتخبات والأندية الرياضية والرياضيين في مختلف المشاركات وكل الوثائق والمعلومات المتعلقة بتاريخ الرياضة اليمنية .
وهذه دعوة من هنا لرئيس الوزراء بأن يعمل على دعم فكرة إنشاء متحف رياضي يمني بمواصفات ومقاييس ومعايير المتاحف العالمية، وبالتأكيد أن لدينا من الكفاءات والكوادر التي يمكن أن تقوم بهذا العمل وسيحسب هذا الإنجاز فيما لو تم لحكومة الإنقاذ، والأهم من وجهة نظري إضافة إلى تبني إنشاء المتحف تعزيز ثقافة المتاحف الرياضية في بلادنا والتي مازالت غائبة وتحتاج إلى إنعاشها وإحضارها لتشكل رابطاً بين الماضي والحاضر والمستقبل وتكون دافعاً وحافزاً للشباب للمزيد من الإبداع وتحقيق الإنجازات والبطولات لتخليد أسمائهم في هذا المتحف ويمكن أن تعمل وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية اليمنية بالاستفادة من اللجنة الأولمبية الدولية والاتحادات القارية والدولية في سبيل إنجاز هذا المتحف، الذي سيكون ذاكرة حية للرياضة اليمنية وسيجعل كل من يدخله ويتجول فيه يعود بذاكرته إلى ذلك الزمن الجميل ويتذكر معاناة الرياضيين والشباب وتلك الجهود الكبيرة والجبارة التي بذلها الرعيل الأول منذ بداية القرن التاسع عشر وما تلاه لتأسيس الرياضة اليمنية وبإمكانات شحيحة لكن الإصرار والعزيمة جعلهم ينجحون وذلك لنقوم بدورنا في الحفاظ على تاريخ الرياضة وتراثها في بلادنا كي لا تبقى ذاكرتنا مثقوبة ويضيع تاريخنا الرياضي الذي هو ملك للأجيال وهناك الكثير من الشخصيات الرياضية التي مازالت على قيد الحياة وتمتلك أرشيفاً متكاملاً يمكن أن تمدنا به ويكون تحت تصرف المتحف الرياضي اليمني الذي نتمنى أن تتبلور فكرة إنشائه وترى النور ويخرج إلى حيز التنفيذ كمشروع وطني رياضي يسد الذاكرة المثقوبة ويعزز ثقافة إنشاء المتاحف الرياضية الغائبة في بلادنا.
كما أننا من هنا وعبر صحيفة “الثورة” نطرح فكرة لكل الأندية والاتحادات الرياضية لتعمل على إقامة متاحف مصغرة في مقراتها لتكون كما قلت أماكن لتوثيق وأرشفة بطولات كل ناد ونجومه ونجاحاته وإنجازاته بطريقة علمية ومهنية وفنية، ومما لا شك فيه أن هذه المتاحف سيكون لها مردود اقتصادي من خلال رسوم بسيطة يدفعها الزوار إضافة إلى الإعلانات التي يمكن أن تقوم بها الشركات والمؤسسات التجارية وغيرها وكما يقال نضرب عصفورين بحجر واحد من جهة توثيق وأرشفة وتعريف بالتاريخ الرياضي لنا ومن جهة أخرى فائدة مالية واقتصادية.. فهل يمكن أن يتحقق ذلك طالما وهناك تفهم حكومي لأهمية هذا العمل؟ نتمنى ذلك.

قد يعجبك ايضا