استعداد يليق بالمولد النبوي
لأنه خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وهادي البشرية إلى الصراط المستقيم، ولأن مولده النبوي الشريف علامة فارقة في مسار التاريخ الإنساني، يسعد أهل الإيمان والحكمة ويفخرون ويتسابقون للاحتفاء به بما يليق بعظمة المناسبة وعظمة الحدث.
حيث تتواصل الاستعدادات والتحضيرات قبل موعد 12 ربيع الأول وسط تفاعل رسمي وشعبي كبيرين.
وفي هذه الأثناء تتزين قلوب محبي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما تتزين المباني والشوارع والجوامع في سائر مدن وأرياف صنعاء و12 محافظة بالأضواء والشعارات الخضراء، في رمزية جلية لخير وعطاء الرسالة المحمدية السماوية وتعبيراً عن بهجة المسلمين في اليمن بهذه الذكرى العظيمة وقيمها وعبرها ودلالاتها الدينية والإنسانية التي لا تقف عند حد جغرافي أو تاريخي أو عرقي على الإطلاق.
ربما في اليمن فقط صار المولد النبوي الشريف عيدا رسميا وشعبيا استثنائيا بامتياز، تجاوز كل الأعياد والمناسبات بألقه وروحانيته وبهائه ولا يقارن بأي أعياد أخرى في الدول العربية والإسلامية كأعياد جلوس الحكام وأعياد الثورات والانقلابات، واستغفر الله العظيم من السياسة التي أغفلت دول أمة الإسلام عن أهم عيد وأهم مولد في التاريخ الإسلامي الذي اقترن بأعظم رسالة سماوية، اتسمت بالشمولية والعالمية ومنهجها القويم الصالح لكل زمان ومكان.
هنا في اليمن صار المولد النبوي الشريف مدرسة إيمانية جامعة لكل الناس يتزودون منها عبر وعظات الإعجاز الإلهي وإنسانية الرسول الأعظم وسيرته الملهمة بالصبر والجهاد والنصر.
ومن هدي الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم أهمية الإسلام في تحقيق الوحدة والوئام ونشر السلام وإرساء مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية، قبل أن تظهر النظريات الوضعية الاشتراكية والرأسمالية وأخواتهما.
كانت الجزيرة العربية مسرحا دمويا للاقتتال والتناحر بين القبائل لا يسودها سوى لغة السيوف والدماء، لا بقاء فيها إلا للأقوياء ولا سعادة فيها إلا للأغنياء، تسودها الفوضى والانفصال عن الله عز وجل بعبادة الأوثان والأصنام وانتزاع الرحمة من قلوب الآباء تجاه فلذات أكبادهم، حيث كان يدفن الأب ابنته حيةً، كما كانت تجارة البشر السوق المزدهرة في ذلك الزمان الظلامي.
فجاء مولد خير الأنام فاتحة عهد جديد ولينتصر للحق ويزهق الباطل، فانتصر لإنسانية الإنسان كما أرسى دعائم أمة ودولة يشار إليها بالبنان في مختلف مجالات الدنيا والدين.
إن المولد النبوي الشريف حدث استثنائي لرسول استثنائي ولرسالة سماوية استثنائية.. يستحق من البشرية جمعاء الصلاة عليه والإجلال والثناء والاقتداء به والاحتفاء بذكراه العطرة.