مزرعة محطة أبحاث تهامة بالكدن.. من الإهمال والتوقف إلى طفرات النجاح والمستقبل الواعد

 

هذا وكانت “الثورة” قد زارت محطة أبحاث تهامة، بمنطقة الكدن مديرية الضحي محافظة الحديدة، وأثناء الزيارة لوحظت الجهود الحثيثة المبذولة من قبل الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي وبتمويل وإشراف من اللجنة الزراعية والسمكية العليا ووزارة الزراعة والري ومؤسسة بنيان التنموية لإعادة تأهيل المحطة التي تعرضت للقصف بغارة جوية من قبل طيران تحالف العدوان في العام 2016م، ما أدى إلى تدمير البنية التحتية للمحطة وشل حركتها وتوقف المزرعة البحثية التابعة لها.
مدير المزرعة/عبدالسلام نعمان مقبل

وأثناء الطواف بأقسام المزرعة التقينا الأخ، مدير المزرعة البحثية بمحطة أبحاث الكدن محافظة الحديدة، عبدالسلام نعمان مقبل غانم الذي أوضح أن المزرعة البحثية التابعة لمحطة أبحاث تهامة تقع في مساحة تقدر بحوالي 68 هكتارا استقطعت في الثمانينيات من مزرعة سردود، وتنقسم إلى قسم بحوث خاصة بالتجارب، وقسم عمليات الإنتاج، مشيرا إلى أن المزرعة بعد توقف دام خمس سنوات تقوم حاليا بإجراء أبحاث وتجارب على طفرات السمسم والذرة والدخن والبامية وأعلاف الكليتوريا، والبصل بجميع أنواعه بالإضافة إلى المانجو والنخيل.
ولفت “هذه الأيام دخلنا موسم التجارب وكما تلاحظون العاملات في المزرعة يقمن بعملية التعشيب لتنظيف حقول تجارب طفرات السمسم والذرة والدخن من الأعشاب الضارة”، مشيرا إلى أن الباحثين في المزرعة يعملون على تحسين جودة إنتاج بذور السمسم والذرة والدخن لغاية تحقيق أكبر قدر من القدرة الإنتاجية لهذه المحاصيل قائلا: “هذه الطفرات تعرضت للأشعة، وهناك عمليات تسمى الإكثار، إكثار سمسم، إكثار ذرة، إكثار دخن. وإكثار الكليتوريا أعلاف بقولية للثروة الحيوانية”.
وأضاف: “يوجد لدينا قسم إنتاج الحبوب من الذرة البيضاء والحمراء، والأعلاف، ولكن بكميات قليلة، لأن الغرض الرئيسي من المزرعة بحثي أكثر منه إنتاجي، ومع ذلك يتم استغلال المساحات الزائدة في عملية إنتاج نواجه بعائداتها بعض المشكلات التشغيلية”، منوها “يتواجد حاليا في المزرعة ما بين 10-12 باحثا متخصصا، بالإضافة إلى 4 متخصصين بستنة، وباحث وقاية، والبقية يحضرون وقت الطلب، حينما يكون هناك نشاط”.

سنوات توقف
وأفاد: “تعرضت المزرعة والمحطة للتوقف حوالي 5 سنوات، وقد باشرت عملها بعد تعيين الدكتور عبدالله العلفي مؤخرا رئيسا للهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي”، لافتا “المزرعة يتم تمويلها حاليا من قبل هيئة البحوث الزراعية ومؤخرا تم تزويد المزرعة بمنظومة الطاقة الشمسية، وهي المنظومة التي ستحدث نقلة نوعية في المزرعة “.
وقال: “نتمنى أن تحظى المزرعة بدعم الجانب البحثي، خصوصا وأن هذا الجانب تعرض لإهمال كبير من قبل الإدارات السابقة في عقود ما قبل 21سبتمبر 2014م على مستوى اليمن بأكمله، منوها “نحن بلد متأخر جدا بالمقابل بدول زراعية تخصص أكبر موازناتها للجوانب البحثية”.
وأستدرك “هناك بوادر وتوجهات ملموسة نحو إعطاء هذا الجانب أهمية وتركيزاً من قبل الزراعية العليا وزارة الزراعة والري ومؤسسة بنيان والهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي، نتمنى أن نرتقي معها إلى مصاف الدول الأكثر اهتماما بالجوانب البحثية، لأن دعم الجانب البحثي طريق آمن لتحقيق جودة في الإنتاجية ووقاية مسبقة للنبات من الآفات والأمراض، وكذلك إيجاد معالجات في مجال تطوير جودة التربة”.

مقومات النجاح
وأشار: “تهامة تمتلك مقومات النجاح الزراعي بقوة، العمالة متوفرة، المياه والأراضي متوفرة، كل ما ينقص تهامة هو توفر الإرادة وتوافر رأسمال المال المستثمر، لأن المقومات تحتاج- بالضرورة- إلى رأس مال يحقق الإنتاج بتوفير المدخلات والوقاية والحماية والمعالجة، وأيضا يحقق وسائل الحصاد والتغليف والحفظ والنقل المناسب لكل منتج وبأقل نسب الفاقد كي تحقق عوائد مجزية للعاملين في سلسلة القيمة بدء من تاجر المدخلات مرور بالمزارع وتاجر الجملة والتجزئة، وضمان وصول سلعة بجودة تتناسب وذوق طبقات المستهلكين”.
وأكد: “راس المال هذا، لابد- بالضرورة- أن يكون وطنيا، وللأسف، هذا العنصر الهام في إنجاح العملية الزراعية يذهب لدعم المنتج الأجنبي وتذهب عائداته إلى أيدي العاملين في سلاسل قيمة المنتج الأجنبي، والأخطر من ذلك أن هذا العنصر هو الذي يحتل السوق المحلي لصالح ذلك المنتج”.
ونوه: “إذن، كي نحصل على منتج محلي، لابد من ترتيب عملية استعادة العنصر الهام من خلال إيجاد ضمانات أكيدة منصفة وسلسلة لجعل هذا العنصر يتجه نحو إجراء التعاقدات الزراعية مع المنتج اليمني بضمان تراجع المنتج الأجنبي من السوق المحلي بصورة تدريجية”.
واستعرض: “طبعا، توجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي حفظه الله واضحة في هذه المسألة بأن يتم عكس فاتورة الاستيراد نحو دعم المزارع اليمني والمنتج اليمني، والإجراءات على أرض الواقع تسير في هذا الاتجاه، وكذلك تنص مصفوفة الرؤية الوطنية لبناء الدولة الحديثة على ضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي”.

أجور مجزية
وفي معرض رده عن أوضاع العاملات في المزرعة وما إذا كن يتقاضين أجورا أو متطوعات أن العاملات في المزرعة يتقاضين أجرا يوميا بواقع 1500 ريال ، مع وجبة غداء، مؤكدا أن المستقبل واعد بالخير في تحسين أجور العاملات، معتبرا ما يتقاضينه بحسب ظروف المرحلة الصعبة التي تمر بها المحطة والمزرعة والبلاد بشكل عام مجزية إلى حد ما، لاسيما وأن العاملات يمكنهن رعي مواشيهن وأخذ العلف اللازم لهن من أعشاب المزرعة بالإضافة إلى ما يتحصلن عليه من الكفاية الغذائية طوال اليوم.

حقول الطفرات
من جهته تحدث الباحث في محاصيل الحبوب الزراعية بمزرعة البحوث الزراعية بالكدن الدكتور درهم عبده مهدي نعمان عن طفرات تجربة طفرات السمسم والذرة والدخن، وما هي أبرز المشكلات التي تمر بها التجربة معتبرا الحشائش من الآفات التي يمكن أن تضر بالطفرات بدرجة رئيسية جدا، مؤكدا أن عدم تنظيف حقول الطفرات من هذه الحشائش قد ينقص ما تتراوح نسبته بين 40-50% من قدرة المحصول على الإنتاج في حال المكافحة التقليدية أما في حالة عدم المكافحة فالكارثة المتوقعة قد تصل إلى فقدان التجربة.
ونوه نعمان أن المكافحة متطلب أساسي لتحقيق النتائج الأفضل، وهذه المكافحة لابد أن تكون أولا بأول من بداية نمو ولمدة شهر حيث يصل المحصول عمر القدرة على الدفاع عن نفسه من هذه الحشائش وحماية نفسه من بقية الآفات الضارة، مشيرا إلى وجود إمكانية لمنع نمو هذه الحشائش باستخدام نوع المبيدات قبل الزراعة بأسبوعين، مبيد يرش قبل الزراعة مباشرة، منوها إلى تحقق الفائدة المرجوة من المبيدات عن طريق النزع بالأيدي العاملة، كما هو معمول به في المزرعة، خاصة حال القيام بنزع تلك الحشائش مع بداية النمو المبكر للمحصول.
وبشر نعمان بأن المحطة حققت خلال الفترة القصيرة لإعادة تشغيله والتي لا تتجاوز الشهر نجاحات كبيرة في تحسين أصناف من بذور الدخن والذرة الشامية والسمسم، ونتائجها مبشرة وقد خرجت إلى حقول المزارعين ولاقت منهم القبول والاستحسان، مؤكدا أن المحطة تغطي احتياجات عدد 2 مزارعين في كل مديرية في 11 مديرية من مديريات الساحل بأصناف من البذور المحسنة في مزرعة المحطة بخبرات محلية وإمكانات ذاتية.

فجوة اختصاص
ونوه نعمان إلى وجود فجوة ما بين البحوث والإكثار الزراعي حيث يفترض ان مهمة البحوث هو استخراج التقنية، وتسليم المحصول إلى الإكثار الذي بدوره يقوم بنشر التقنية بين المزارعين.. الآن، المزارع بلا وعي يأتي إلينا في محطة البحوث يطلب بذور، فنجد أنفسنا محرجين بإقناع بأن مهمتنا لا تتعدى إنجاز التقنية وأن مهمة الإكثار والتوزيع تقع على جهة أخرى هي الإكثار. مهيبا بالجميع تحمل مسؤوليته والقيام بما عليه من واجبات كي نضمن للثورة الزراعية النجاح الباهر والمطلوب.
المدير الفني للبحوث الزراعية في سهل تهامة -المهندس علي عبدالمغني شمسان- قدم لفريق باحثي “متفكرون” التابع لمؤسسة بنيان التنموية الذي زار المزرعة والمحطة شرحا تفصيلياً لتاريخ البحث الزراعي في تهامة، واستعرض بشرح تفصيلي العديد من التجارب التي نفذتها الهيئة العامة للبحوث والإرشاد الزراعي في الأونة الأخيرة، مشيرا إلى أن نطاق عمل الهيئة اتسع وتعددت معه مهام البحث الزراعي لتشمل المحاصيل والتربة وأنواع الأسمدة والمبيدات والتربة والمناخ والتضاريس، مؤكدا أن الهيئة تولي الموروث الشعبي في العمليات الزراعية اهتماما خاصا وتعمل على دراسة وبحث إمكانية تطوير العديد من طرق وأساليب التسميد والمكافحة الوبائية بالمواد الطبيعية.

رغبة التعرف
وفي حقول المزرعة البحثية التقينا مجموعة من الشباب يحملون بأيديهم بعضا من قرطاسية المتابعة البحثية، وعنهم تكلم الطالب خالد شوعي يوسف عمر محافظة الحديدة -مديرية الضحي عن سبب تواجدهم في المزرعة قائلا: سبب تواجدنا يرجع إلى رغبة التعرف على الأبحاث والتجارب الزراعية التي تتم في المزرعة بحكم أننا طلاب دارسون في المعهد الزراعي في سردود.
ونوه إلى أن خبراء ومهندسي المزرعة البحثية شرحوا لهم مجموعة من تجارب التعريف بنوعيات الطفرات، وجمع البيانات، وكيف نحدد التجربة، مساحة البحث، التخطيط والتقسيم والأزيق والخف، منوها إلى تطلعاته هو وزملائه في تعلم المعارف التي تأهلهم لخدمة هذا الوطن الغالي في مجال تخصصهم البحثي، والمساهمة الفعالة في تذليل الصعوبات أمام المزارع اليمني عامة والتهامي خاصة.

زراعة الحبوب
أما الطالب حزام يحيى عمران -من محافظة حجة مديرية كشر طالب بكلية الزراعة جامعة صنعاء مستوى أول- فيشير إلى أنه تم اختياره مع عدد من زملائه من قبل أكاديمية بنيان لأخذ دورة تدريبية في مجال البحث السريع بالمشاركة، وفي التنمية المستدامة على هدى الله، ومن ثم النزول الميداني بغرض التعرف على معاناة المزارعين، وفي النزول جمع عينات من الآفات والأمراض والحشرات الضارة، وتم رصد أنواع المبيدات التي تصيب المحاصيل الزراعية في مديرية زبيد.
واستعرض “استفدنا من النزول الميداني -العديد من الخبرات المحلية لدى المزارعين في مجال مكافحة الآفات بالطرق التقليدية، والتعرف على مواسم الزراعة وكيفية تعامل المزارعين في منطقة زبيد مع هذه المواسم”.
وأضاف “وخلال الزيارة تمكنا من توعية وإرشاد المزارعين بأهمية العمل المجتمعي وضرورة إحياء الموروث الشعبي في جوايش العانة والتكاتف في تنسيق الجهود وتفعيلها لإنعاش الجانب الزراعي وضرورة التركيز على زراعة حبوب القمح والذرة الشامية، والتوعية بأفضلية مكافحة الآفات بالطرق والأساليب التقليدية التي يتم إنتاجها محليا ومن المواد الطبيعية”.
وفي السياق عبر عدد من عاملي وعاملات المزرعة عن سعادتهم بإعادة تأهيل وتشغيل المحطة والمزرعة، وعودتهم إلى ممارسة أعمالهم في المجال الزراعي في مزرعة المحطة، مؤكدين استعدادهم التام العمل بوتيرة عالية على تحقيق الهدف الأسمى للثورة الزراعية في تحقيق الاكتفاء الذاتي استجابة لتوجيهات قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله.

قد يعجبك ايضا