مراحل تحرير البيضاء استمرت لأكثر من عامين .. والذكرى الأولى لاستشهاد الرئيس الصماد كانت البداية
بعد تطهيرها بالكامل .. البيضاء .. بيضاء من غير سوء
شن تحالف العدوان أكثر من 200 غارة جوية لدعم مرتزقته في مديرية ردمان في يونيو 2020
في أغسطس 2020 سجل التاريخ زوال أكبر وكرٍ استراتيجي للقاعدة وداعش في الجزيرة العربية
الثورة / محمد شرف
على مدى سنوات كانت البيضاء ساحة لسلسلة من أدمى ضربات الـ”درونز” الأمريكية، أو ما تعرف بـ”الضربات الموقعة”، والضربات الموقعة هي سياسة أمريكية شهيرة تسمح بتنفيذ ضربات جوية في أماكن معينة من اليمن (وأفغانستان والصومال)، بناءً على سلوك مشبوه يلاحظ وليس على معلومات استخباراتية، وفي أكثر من مرة، وافق هذا “السلوك المشبوه” حفلات أعراس في البيضاء، كما الحادثة الشهيرة في كانون الأول/ ديسمبر من العام 2013.
مارس الأمريكيون سياسة همجية حولت اليمن إلى مختبر تجريبي أمام أداء الطائرات من دون طيار.
الرعونة وقتل الأطفال في محافظات اليمن بشكل عام وفي البيضاء بشكل خاص، لا تقتصر على رئيس أمريكي بذاته، بل هي سياسة نفذها الرئيس السابق أوباما ومن بعده ترامب، الذي دشن عهده في البيت الأبيض، بعملية إنزال لقوات أمريكية في قرية يكلا بمنطقة قيفة بالقرب من رداع في الـ 29 من يناير 2017، والتي أسفرت عن سقوط العشرات بينهم نساء وأطفال.
وقد كانت العملية لمجرد استعراض العضلات الأمريكية، ولم يجد ترامب بلداً مناسباً ومنسياً وبلاً سيادة لتنفيذ تلك المغامرة مثل اليمن .
ادعاء الأمريكيين محاربة الإرهاب في اليمن، مجرد ذرائع للتدخل . فالإرهاب يستخدمه الأمريكيون كحصان طروادة للتغلغل في اليمن وغيرها من البلدان ..وقد أثبتت العمليات الأخيرة التي نفذها الجيش واللجان الشعبية لمواجهة هذه التنظيمات الترابط الوثيق بينها وبين دول العدوان الذي ترعاه أمريكا، وقد عملت قوى العدوان على دعم مرتزقتها في محافظة البيضاء بسخاء غير محدود واستقدمت إلى المحافظة مجاميع كبيرة من العناصر التكفيرية ومرتزقة الإصلاح ومرتزقة عفاش وغيرهم من فصائل الارتزاق بغية ضمان البقاء أكثر فترة لما تتمتع به المحافظة من موقع استراتيجي وتضاريس وعرة تساعد في خلق بيئة مناسبة لتكون منطلقا لتنفيذ العمليات الإجرامية، ولكن القيادة العسكرية أدركت المخطط باكرا وسارعت إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات الرادعة والحاسمة لقطع يد أمريكا في اليمن للقضاء على مشروع التكفير والقتل وسفك الدماء البريئة.
البداية من ذكرى استشهاد الصماد
كانت شرارة تحرير البيضاء متزامنة مع الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد الشهيد الرئيس صالح علي الصماد في أبريل 2019 م، حيث دشنت القوات المسلحة عملياتها باستعادة مديرية ذي ناعم، والبداية كانت باستعادة جبل حلموص الاستراتيجي، فقد نفذت قواتنا عملية التفافية ناجحة استمرت 27 ساعة وتمكنت من إحكام السيطرة الكاملة على جبل حلموص الاستراتيجي بالكامل وتطهير أكثر من 20 موقعا أبرزها مواقع شبكة صباح وشبكة الدرعيا وقرية الدرعيا وقرية صلواع ومواقع موجة.
وأدت العملية إلى تأمين المنطقة بمساحة تقدر ب 12 كيلواً متراً مربع وقتل وجرح عشرات المرتزقة، كما أدت العملية إلى التقاء جبهة ذي ناعم بجبهة الزاهر.. وقد تم إعلان تأمين مديرية ذي ناعم في نهاية أبريل من نفس العام.
ألوية وكتائب وأسراب طائرات
في أواخر يونيو 2020م، وبعد أن عمد المرتزق ياسر العواضي إلى التعاون مع العدوان للالتفاف على قواتنا من مديرية ردمان وبطرق ووسائل مختلفة، عمد العدوان إلى دعمه بلواء عسكري متكامل بقيادة المرتزق عبد الرب الأصبحي ولواء عسكري متكامل بقيادة المرتزق سيف الشدادي إلى جانب عدد من المدرعات والآليات وأسلحة أخرى متنوعة وعدد من المرتزقة التابعين لما يسمى بالقاعدة وداعش.
كما أقدم العدوان على مساندة المرتزق ياسر العواضي بشكل مباشر عبر شنه لأكثر من 200 غارة جوية، إلا أن قوات الجيش واللجان الشعبية نفذت عملية واسعة تمكنت خلالها من تطهير مديرية ردمان بالكامل إضافة إلى تطهير جبهة قانية والوصول إلى مناطق ماهلية وأجزاء واسعة من مديرية العبدية بمحافظة مارب بمساحة تقدر بـ 400 كيلو متر مربع.
اقتضت الخطة الهجومية للقضاء على فتنة الخائن العواضي، التقدم من أربعة مسارات، المسار الأول من مديرية القرشية، والمسار الثاني من مديرية السوادية، والمسار الثالث من مديرية الملاجم، فيما كان المسار الرابع من مديرية السوادية.
وخلال الساعات الأولى من تنفيذ العملية سقط العشرات من المرتزقة ما بين قتيل ومصاب وأسير وفر العشرات تاركين أسلحتهم وعتادهم، ونجحت قواتنا بعون الله تعالى وبفضله ثم بتعاون أبناء المنطقة في الوصول إلى المعقل الرئيسي للخائن العواضي الذي كان قد فر منه وتم حسم المعركة في ردمان خلال 24ساعة فقط.
على إثر تأمين منطقة ردمان باشرت قواتنا المسلحة تنفيذ العملية العسكرية الهجومية الأهم وذلك بالتقدم على قوات العدو في جبهات قانية والعبدية وتمكنت قواتنا من إسقاط العشرات من مواقع العدو رغم كثافة الغارات الجوية للعدوان، وتمكنت قواتنا من تأمين مناطق واسعة منها جبهة قانية بعد فرار المرتزقة وهزيمتهم.
في المسارات الأخرى حقق الجيش واللجان تقدماً مهماً أدى إلى تطهير مناطق واسعة في العبدية وتكبيد المرتزقة من الخونة والعملاء خسائر فادحة في العديد والعتاد.
تنفيذ العملية استغرق ثلاثة أيام وكانت نتائجها تحرير مساحة تقدر 400كيلومتر مربع من محافظتي البيضاء ومارب ووقوع أكثر من 250 من قوات العدو ما بين قتيل ومصاب وأسير إلى جانب تدمير ما لا يقل عن 20 مدرعة وآلية واغتنام كميات كبيرة من الأسلحة منها مخازن بأكملها وكذلك آليات ومدرعات إماراتية وسعودية.
ولد ربيع، قيفة ، يكلا ..المعركة الأهم
في الـ 18 من أغسطس 2020م، باشرت القوات المسلحة تنفيذ عملية عسكرية نوعية في مديرية ولد ربيع تمثلت بالقضاءِ على إحدى الجبهاتِ العسكريةِ الهامةِ للعدوانِ في مديريةِ (ولدْ ربيع) بمحافظةِ (البيضاءَ) والمناطقِ المجاورةِ لها، والتي كانتْ خاضعةً لمرتزقةِ العُدوانِ من الجماعاتِ التكفيريةِ والأدواتِ الاستخباريةِ الأجنبيةِ ما يسمى بالقاعدةِ وداعش، وقد أدتِ العمليةُ العسكريةُ النوعيةُ إلى:
سقوطِ أكثرَ من 250 من العناصرِ التكفيريةِ ما بين قتيلٍ وأسيرٍ ومصاب وتدميرِ أكثرَ من اثني عَشَرَ معسكراً وتجمعاً لتلك العناصرِ في نفسِ المنطقة وتحريرِ ألف كيلومترٍ مربع واغتنامِ كمياتٍ كبيرةٍ من الأسلحةِ، والعثورِ على المئاتِ من الأحزمةِ الناسفةِ والعبواتِ المتفجرة.
بعد ذلك بيومين أعلنت القوات المسلحة تفاصيل العملية النوعية التي استهدفت أكبر وكر من أوكار العناصر التكفيرية الاستخباراتية التابعة لدول العدوان (ما يسمى بالقاعدة وداعش) على مستوى الجزيرة العربية في منطقة قيفة والتي كانت تعتبر مقراً رئيسياً لنشاطها.
إسقاط 14 وكراً للإرهابيين
وشملت منطقة العمليات الأطراف الشمالية الغربية لمحافظة البيضاء وتحديداً في مديريتي ولد ربيع والقرشية، حيث تقدمت قواتنا – بعون الله تعالى – في الوقت المحدد وفق الخطة المرسومة من عدة مسارات ونفذت العملية خلال أسبوع وخاضت مواجهات عدة مع تلك العناصر التابعة للعدوان والمرتبطة بالأجهزة الاستخباراتية المعادية وقد تمكنت قواتنا – بعون الله – من حسم المعركة والقضاء على تلك الجبهة التي عول عليها العدوان في تنفيذ مخططاته الإجرامية.
وكانت أبرز نتائج العملية تحرير مساحة تقدر بألف كيلو متر مربع كانت خاضعة لعناصر ما يسمى بالقاعدة وداعش وأقيمت فيها معسكرات عدة لتلك العناصر حيث بلغ عدد المعسكرات التي اقتحمتها قواتنا واستولت عليها 14 معسكرا، منها ستة معسكرات تابعة لما يسمى داعش وأخرى تابعة لما يسمى بالقاعدة.
وأدت العملية إلى سقوط ما لا يقل عن 250 من تلك العناصر ما بين أسير وقتيل ومصاب، ومن بين القتلى عناصر من جنسيات عربية وأجنبية وكذلك قيادات متورطة في التخطيط لعمليات باليمن وكذلك بدول عربية وأجنبية، من بين القتلى خمسة من قيادات داعش، أبرزهم زعيم التنظيم والمسؤول الأمني والمسؤول المالي.
وقد تم العثور والتحريز على ورش التصنيع للأحزمة الناسفة والعبوات المتفجرة والمئات من الأحزمة الناسفة عثرت عليها قواتنا خلال العملية، حيث كانت تلك المناطق نقطة انطلاق لتلك العناصر لتنفيذ عمليات تستهدف أبناء شعبنا وتستهدف الأمن والسكينة العامة كتفجيرات المساجد والأسواق والطرق العامة والاغتيالات.
عملية النصر المبين (500 كم مربع)
عمد تحالف العدوان إلى الزج بمجاميع كبيرة جدا من مرتزقته لمحاولة إحداث اختراق ميداني في جبهات البيضاء للتخفيف على مرتزقته في مارب وأطلق على عمليته ما يسمى ” النجم الثاقب” وأحدثت بعض الاختراقات في مديريتي الزاهر والصومعة.
بعد ذلك بساعات وفي الـ13 من يوليو 2021 م، نفذ أبطال الجيش واللجان الشعبية عملية عسكرية كبرى ” النصر المبين” على ثلاث مراحل، المرحلة الأولى: تمكنت خلالها من استعادةِ كامل المناطقِ التي كان قد احتلها العدوُّ وكذلك تحرير مناطقَ واسعةً في مديرياتِ (الزاهرَ والصومعةَ) بمحافظةِ البيضاء. . إضافةً إلى اغتنامِ كمياتٍ كبيرةٍ من الأسلحةِ والعتادِ ومصرعِ وإصابةِ المئاتِ من العصاباتِ التكفيريةِ ما يسمى بالقاعدةِ وداعش.. وقد استمرَ تنفيذُ العمليةِ 72 ساعةً فقط.
وفي أواخر يوليو من نفس الشهر كشفت القوات المسلحة عن المرحلة الثانية من عملية ” النصر المبين” والتي أدت إلى تحريرِ مديريتي نعمان وناطع، ودحرِ عناصرِ العصاباتِ التكفيريةِ المرتبطةِ بتحالفِ العدوانِ وتكبيدِها خسائرَ فادحة ووقوعِ المئاتِ من مرتزقةِ العدوانِ والعصاباتِ التكفيريةِ بين قتيلٍ ومصابٍ وأسير واغتنامِ كمياتٍ مختلفةٍ من الأسلحة.
وفي تفاصيل المرحلة الثانية من عملية ” النصر المبين” والتي بدأت في تاريخ 20 يوليو 2021م واستمرت لعدة أيام حتى تحققت كافة الأهداف وعلى رأسها تحرير مديريتي نعمان وناطع بمحافظة البيضاء بمساحة بلغت 380 كم مربع.. وقتل أكثر من 160 مرتزقا وجرح أكثر من 200 آخرين وأسر العشرات منهم وإعطاب وإحراق العشرات من الآليات والمدرعات واغتنام كميات مختلفة من الأسلحة.
إجمالي ما أدت إليه العملية في مرحلتيها هي تحرير مديريات الصومعة والزاهر وكذلك نعمان وناطع، بمساحة إجمالية تقدر بأكثر من 500 كم مربع، فيما بلغ عدد القتلى خلال المرحلتين ما لا يقل عن 510 وإصابة 760 عنصرا.
خلال العملية نفذ سلاح الجو المسير 19 عملية، منها عمليات استطلاعية وأخرى قتالية استهدفت مواقع عناصر القاعدة وداعش.. فيما نفذت القوة الصاروخية 13 عملية استخدمت فيها صواريخ من طراز بدر وكذلك طراز سعير.
بيضاء من غير سوء
بعد اكتمال تطهير المحافظة من أوكار المرتزقة والإرهابيين، يمكن القول أن محافظة البيضاء الأن أصبحت ” بيضاء من غير سوء ” والفضل لله والقيادة الحكيمة ولتضحيات أبطال الجيش واللجان الشعبية. الانتصارات في محافظة البيضاء، والتي تكللت بالعملية الأخيرة ” فجر الحرية ” إلى جانب أنها كشفت الكثير من الحقائق، ستلقي بأثرها وتداعياتها على المواجهة الشاملة مع تحالف العدوان على مختلف الأصعدة .
فقد كشفت المعارك في البيضاء، عمق الترابط بين التنظيمات الإرهابية التكفيرية ودول تحالف العدوان ومن خلفها الولايات المتحدة، تجلى ذلك في المواقف والأنشطة السياسية للولايات المتحدة وبريطانيا خلال تلك المعارك.
كذلك في الدعم السخي بالأسلحة والمعدات، وفي كثافة الغارات الجوية التي حاولت إنقاذ تلك الأدوات في أكثر من معركة.
كما أتضح من خلال المواجهات، وعي المواطن في البيضاء بخطورة بقاء هذه التنظيمات داخل المحافظة، وانحيازه إلى جانب الجيش واللجان الشعبية، وكان لقبائل البيضاء دور هام في هذه الانتصارات. وبذلك سقط رهان تحالف العدوان على المحافظة واستغلاله لورقة الطائفية لتأجيج الصراع بين اليمنيين.
يضاف إلى ذلك، فإن تحرير البيضاء، سيعمل على تأمين المحافظات المحررة المجاورة لها، فقد كان تحالف العدوان يريد أن تبقى البيضاء محطة ينطلق منها لفتح جبهات جديدة وتوسيع مساحة الفوضى والجريمة، وبالتالي توسيع رقعة الأرض المحتلة.
انتصرت البيضاء، انتصر اليمن، وسقطت الذرائع الأمريكية وسقطت أحلام تحالف العدوان وأدواته.