تحقيق- الأنظار تتجه نحو استكمال الحلول الجذرية لمنازعات العقارات تصحيح أوضاع الأمناء وضبط المزورين والمخالفين أدى إلى انخفاض المنازعات بنسبة 70%

 

محامون: من أمن العقاب أساء استغلال وضعه القانوني.. المشكلة كانت تتمثل في غياب المحاسبة.. وإجراءات المنظومة العدلية وضعت حداً للانفلات

 

4013 أميناً في الجمهورية 940صححوا أوضاعهم و261 تم عزلهم وسحب تراخيصهم
الأمانة ومحافظة تعز تتصدران الأمناء المعزولين ومن قاموا بتصحيح أوضاعهم
وزير العدل القاضي نبيل العزاني: سنسحب ترخيص أي أمين مخالف ونحيله للقضاء
وكيل وزارة العدل القاضي الجرافي: الإجراءات حدت من المخالفات التي كانت تمارس من قبل المنتحلين
55 مادة لقانون التوثيق و133 مادة للائحته التنفيذية يجهلها الأمناء.. والوزارة تنفذ خطة تدريب جيدة
رغم الإجراءات الصارمة ماتزال الشكاوى ضد الأمناء تتوالى على الوزارة
940 أميناً تم تصحيح أوضاعهم بعد إجراءات المنظومة العدلية
2829 أميناً من إجمالي عدد الأمناء هم المتوفون والعاجزون والمنقطعون والمستقيلون

 

محمد ناصر الزرافة، مواطن يمني اشترى أرضا قبل خمسة عشر عاما بملايين الريالات وقبل عامين يكتشف أن أرضه تم بيعها بعد شرائها لشخص آخر، والآن يخوض ماراثونا طويلا في طواريد وقاعات المحاكم يطارد فيها البائع والأمين الشرعي والشهود والمشتري الذي تملك أرضه فوق شرائه.

لم يكن الزرافة الوحيد الذي وقع في مصيدة الأمناء الشرعيين، بل هناك آلاف القضايا المماثلة تكتظ بها أدراج عموم محاكم الجمهورية بسبب فوضى البيع والشراء غير المنظم والمقوننة والتي يدير خيوطها ويتلاعب بها الأمناء الشرعيون .

تقول الحكمة “من أمن العقاب أساء الأدب”، أو مخالف القانون كحال الأمناء الشرعيين الذين ارتكبوا مخالفات جسيمة، إلا أن بيع أحد ما على بيع أخيه قد كرسه الأمناء الشرعيون الذين ينتشرون في كل الأحياء السكنية.. هذا التحقيق يناقش الإجراءات الأخيرة التي قامت بها المنظومة العدلية ووزارة العدل والجهات الرسمية بشأن الأمناء الشرعيين وهل حدت هذه الإجراءات من تلك المشاكل المستعصية التي خلقها وساهم فيها الأمناء الشرعيون وأصبحت قضية تؤرق القضاء والمواطنين على حد سواء.

غير أن الآلاف من المواطنين وجدوا في إجراءات المنظومة العدلية أملاً لاستعادة حقوقهم، وقد بدأت المنظومة العدلية في منتصف العام المنصر بإجراءات ضبط المخالفين والمزورين، وتصحيح أوضاع الأمناء الشرعيين وتقييد بياناتهم في سجلات إلكترونية، علاوة على إعادة تجديد تراخيصهم، وكذلك قامت بفتح منفذ لاستقبال شكاوى المواطنين الذين تعرضوا للتزوير أو نهبت حقوقهم بسبب ممارسات الأمناء ، وحققت نجاحات ملموسة.

تتبعنا في هذا التحقيق الإجراءات التي اتخذت، وأين وصلت الجهات المعنية في هذا الجانب فإلى التفاصيل.

 

تحقيق/ محمد العزيزي / إسكندر المريسي

انطلقنا نبحث عن خيوط هذه القضية ومن أين نبدأ.. لكننا حاولنا أن نغوص في تفاصيل هذه المشكلة وإلى أين وصلت المنظومة العدلية في متابعة هذه القضية وكم عدد الأمناء الشرعيين الذين حصلوا على تراخيص وبطائق إلكترونية.

وأيضا الذين ارتكبوا جرائم تزوير ومازالوا في السجن أو محالين للمحاكمة وكذا العاملين في كل منطقة ومديرية، والذين تم منعهم من مزاولة مهنة الأمين الشرعي، وكم عدد الأمناء الشرعيين في الجمهورية في السابق والمعتمدين حاليا وكذا الذين تم تدريبهم وتأهيلهم في المعهد العالي للقضاء خلال العام الحالي والماضي.. وهل انخفضت نسبة عدد قضايا الأراضي في المحاكم بعد الإجراءات الأخيرة ومدى نجاحها وأسباب تزايدها من قبل..

716 شكوى

تؤكد التقارير الإحصائية أن إدارة البحث الجنائي حققت في ٥٢١ قضية كل المتهمين فيها هم من الأمناء الشرعيين، وانه تم الفصل في جميع هذه الشكاوى بعد إحالتها إلى وزارة العدل.

كما تمت إحالة بعض المتهمين إلى الجانب التأديبي بمحاكم الاستئناف، وبعض القضايا تمت إحالتها إلى النيابة للتحقيق واستكمال ملفاتها ، واتخذت بشأنها الإجراءات القانونية اللازمة.

أما بعضها فحفظت لعدم صحة الشكوى بالإضافة إلى إعادة بعضها إلى البحث لعدم اكتمال الأدلة واستيفاء ملفات المتهمين.

وهنا يقول محمد الآنسي -من إدارة الشكاوى بوزارة العدل- إن إجمالي الشكاوى التي قيدت في الإدارة العامة لتوثيق 716 شكوى خلال عام 2020م وحتى 10/9/2021م ، ويوضح أنه تم إنجاز 251 شكوى ، منها 114 شكوى ضد أمناء ارتكبوا مخالفات ، و15ضد منتحلين صفة الأمين الشرعي ، وتم حفظ 91 شكوى كما قامت إدارة التوثيق بتحرير مذكرات للمحاكم بإحالة المشكو بهم إلى لجان التأديب ورفعت ضدهم دعاوى تأديبية من قبل مكاتب التنفيذ في المحاكم بعد استيفاء الإجراءات القانونية.

تراخيص الممارسة

التقينا العديد من الأمناء الذين حصلوا على تراخيص مزاولة مهنة من وزارة العدل وسألناهم عن الإجراءات الأخيرة التي قضت بتصحيح أوضاع الأمناء، فأكدوا جميعا أن تطبيق القانون وتنظيم عمل الأمناء أمر في غاية الأهمية لأن عمل الأمناء الشرعيين خطير جدا ويتعلق بحقوق الناس ، ويأتمنهم الناس على أموالهم وأعراضهم وأي خلل في ذلك يؤدي إلى أن تزهق أرواح والسبب الأمين. لأنه أخل في عمله وأمانته.

يشكو بعضهم من أن الإجراءات التي اتخذت كانت على عجل وتسببت في خوف الكثير من المواطنين، وأيضا الأمناء الشرعيين الذين كانوا ملتزمين بروح وقانون التوثيق أو ممن انتحلوا صفة الأمين.. ولفت جميع من التقيناهم من الأمناء إلى أن غالبية الموثقين الذين لم يصححوا أوضاعهم يجب أن تحل قضاياهم وما لديهم من وثائق وملكيات خاصة بالمواطنين كي لا تضيع حقوق الناس وتخلف الكثير من المشاكل مستقبلا.. مطالبين الوزارة والمنظومة العدلية بتسهيل العمل في التوثيق وتدريب الأمناء بما يرفع من مستوى عملهم وتلافي الأخطاء السابقة.

إنشاء 736 منطقة سكنية وتغطيتها بأمناء رسميين

أواخر العام الماضي كانت وزارة العدل قد أعلنت فتح باب الترشح لمزاولة مهنة الأمين الشرعي في 736 مجمعاً سكنياً ومنطقة شاغرة بأمانة العاصمة والمحافظات، وتم منح عدد من التراخيص للأمناء الذين انطبقت عليهم شروط شغل مهنة الأمين.

وأكدت الوزارة حينها أن الإعلان جاء بعد دراسة متأنية لتلك المناطق والتأكد من سلامتها وفقا للشروط والإجراءات المنصوص عليها في قانون التوثيق ولائحته التنفيذية والتعليمات النافذة على ضوء مقترحات مكاتب وأقلام التوثيق في نطاق محاكم الاستئناف.

تصوير النزاعات

يرى كثير من القضاة والمسؤولين في السلك القضائي ممن ألتقيناهم خلال النزول الميداني للحصول على إجابات تساؤلات هذا التحقيق أن على الأمناء والموثقين الالتزام بتحرير المحررات الرسمية بكل أمانة ومصداقية بحيث لا تثير النزاعات لطالبي هذه الخدمة.. كون التوثيق يثبت الحقوق وحرصا على عدم وقوع المنازعات فإن التوثيق يبرز تلك الحقوق ويقطع أسباب المنازعات ويجعل الجميع أمام مسؤولياتهم.

وأكدوا أن من واجبات الأمناء الشرعيين التأكد والتحري عن أموال الأوقاف عند تحرير المحررات والتحقق والتحري أيضا عند تحرير المبيعات العقارية من استيفاء الزكاة عليها طبقا للقانون وكذا التعاون والتنسيق بين الجهات ذات العلاقة بتسجيل وتوثيق المحررات العقارية، إذا ما طبقت اللوائح والقوانين في أداء الأعمال بالشكل الصحيح .

قانون التوثيق

بالرغم من وجود قانون ينظم عمل التوثيق إلا أن هناك تجاوزات كثيرة لهذا القانون وقصوراً كبيراً لدى الموثقين لمواد هذا القانون ، تتعلق بقانونية التوثيق ولائحته التنفيذية الصادر في يناير ٢٠١٩م والذي اشتمل على 55 مادة قانونية بينما لائحته التنفيذية اشتملت على 133 مادة قانونية ، القانون واللائحة ينظمان عمل وإنشاء مكاتب وأقلام التوثيق ويحدد أن اختصاصاتها وشروط منح تراخيص مزاولة مهنة الأمين ومهامه وواجباته والرقابة والتفتيش على الأمناء ومساءلتهم التأديبية وما إلى ذلك من الإجراءات القانونية الضابطة لهذا العمل الكبير والخطير كونه يمس حقوق الناس وخصوصيتهم .

الشكاوى تتوالى

ماتزال الشكاوى تتوالى من قبل المواطنين ضد الأمناء الشرعيين، حيث تستقبل يوميا إدارة خدمة الجمهور بديوان عام الوزارة، ما يؤكد أن عمل ومزاولة المهنة للأمناء الشرعيين غير المرخص لهم قائمة خاصة ما تم من توثيق قبل الإجراءات، هذا ما أكده المواطن ( م، ع ،أ) أنه فقد بصيرته التي كتبها أمين لم يكن لديه ترخيص، وأضاف: الآن أريد بصيرة بدل فاقد والأمين وثائقه غير معتمدة، وأنا هنا في خدمة الجمهور لوزارة العدل أبحث عن حل لهذا الموضوع.

إجراءات خفضت المشاكل بنسبة 70%

بدوره يقول المستشار القانوني المحامي محمد لقمان: الحقيقة أن الإجراءات التي اتخذتها المنظومة العدلية بشأن الأمناء وكتّاب المحررات، والتي شاركت فيها مكاتب وأقلام التوثيق في المحاكم ممثلة بقطاع التوثيق في وزارة العدل وشاركت الجهات الأمنية في عمليات ضبط وفحص المحررات المشكوك فيها فنيا وقانونيا، أقول أن هذه الإجراءات والخطوات التقييمية والتفتيش والمراجعة لأعمال الأمناء والحد من العبث المستمر منذ ما يقارب أربعين سنة ، قد حدت من عبث الأمناء والكتّاب بنسبة 70% وخفضت مستوى المشاكل والجرائم الجنائية المتعلقة بالأراضي ومشاكلها المزمنة والمتشعبة.

ويضيف المحامي لقمان: هذه الحملة التفتيشية والتقييمية لكتّاب المحررات وأعمال التوثيق والتسجيل العقاري كان يجب أن تتم منذ عشرات السنين ، وكان يجب أن تخضع للبحث والدراسة والمراجعة كمعضلة أرقت الدولة والمجتمع واكتظت بسببها المحاكم بالمنازعات وسقط آلاف القتلى ضحايا للفوضى الحاصلة في عمل الأمناء والموثقين والتي كانت تثبت بعضها أمام المحاكم كجرائم تزوير وعبث وتسهيل نهب للأراضي من قبل عصابات ونافذين.

ويؤكد المستشار القانوني لقمان أن هذه الإجراءات التي قامت بها المنظومة العدلية تجاه الأمناء والمحررات والسجل العقاري لم تأت من فراغ ولم تأت ترفا وجزافا وإنما جاءت بعد دراسة لحصيلة الجرائم والمشاكل.

ويوضح أن التقارير الأمنية والقضائية وإحصائيات جرائم الاقتتال والاعتداء والنزاعات المتصاعدة أمام الأجهزة الأمنية والنيابات والمحاكم ، كانت أسبابها بنسبة 80 % تعود إلى أعمال الأمناء والفوضى التي كانت قائمة.

ويوضح أن كثيراً من الأمناء والكتّاب كانوا يبرمون صفقات ويحررون عقود مبيعات عشوائية وباطلة ومصادمة لقواعد قانون التوثيق والسجل العقاري بل ومخالفة لا بجديات شروط وأركان عقود البيع.

غياب الرقابة

يتوافق رأي المستشار القانوني محمد لقمان مع ما طرحه المحامي معاذ القرشي الذي أكد في مداخلته” من وجهة نظري هناك تجاوزات من بعض الأمناء وهذا بسبب تركة ثقيلة من غياب الرقابة على أداء الأمناء أو بسبب قصور في القانون أو خطأ في تطبيقه، لكن إيقاف الأمناء وتعطيل حياة الناس ليس حلا هذا الأمر يحتاج حلاً جذرياً يستوعب كل ممارسات الماضي وعدم تكرار الأخطاء والاستفادة من الجوانب الفنية العلمية للأراضي لأهميتها في عمل الأمناء.

شخصيات نافذة

ويقول المحامي القرشي: يتم  تحميل الأمناء مسؤولية ما كانوا يرغمون على تحريره من تصرفات شخصيات نافذة في الدولة كونهم الطرف الأضعف ففي أوقات كثيرة يرضخ الأمين لما يطلب منه مجبرا.

وأضاف: نحتاج في هذا الجانب لإصلاح الحاضر والمستقبل، أما الوقوف على الماضي فهذا يفتح الكثير من الأمور التي ليست في صالح الجميع، ونتمنى أن يستفيد المخطئ من الأخطاء ولا يكررها.

ويؤكد القاضي أحمد حسين الباكري – رئيس محكمة بني مطر – أن قضايا النزاعات حول العقارات والأراضي انخفضت بشكل ملحوظ في المحكمة بعد تلك الإجراءات التي اتخذتها المنظومة العدلية ووزارة العدل.

وواصل حديثه: يبدو أن بعض الأمناء الشرعيين كانوا جزءاً من الأسباب التي تحدث بين المتنازعين في الأراضي بانجرارهم خلف البيع فوق البيع دون التعرف على الأرض وحدودها والتماهي مع سماسرة وتجار الأراضي، لكن الملاحظ الآن أن الإجراءات ردعت الأمناء وتجار الأراضي والمضاربين في هذا القطاع، وبهذا الإجراء فقد أحسنت الدولة في لجم هذه المشاكل.

تصحيح أوضاع الأمناء

يروي القاضي سيف الحق القاضي – عضو نيابة شمال الأمانة – أنه قبل تطبيق هذه الإجراءات مع الأمناء الشرعيين كان ينظر في عدد من قضايا أو شكاوى مواطنين ضد أمناء شرعيين وبعد تلك الإجراءات اختفى أولئك المتخاصمون المواطنون والأمناء وهذا يؤكد أن الإجراءات أصابت قلب المشكلة .

ويؤكد القاضي سيف الحق القاضي أن الإجراءات الأخيرة مثلت حركة تصحيح انتحال صفة الأمين الشرعي وحققا نقلة نوعية للحد من عدد القضايا، حيث كانت النيابات والمحاكم قبل ذلك الإجراء يرد إليها عدد هائل من الشكاوى من قبل المواطنين الذين كانوا ضحايا لمن يسمون أنفسهم أمناء وهم ليسوا كذلك وعندما قامت اللجان بمعالجة ذلك انخفضت نسبة الشكاوى وتقلصت معاناة الناس بنسبة كبيرة وهذا الإجراء يعتبر خطوة جبارة وشجاعة ساعدت في تحقيق العدالة للمواطنين وساهمت في الحفاظ على حقوقهم من عبث العابثين والمتنفذين.

4031 أميناً

كشفت إحصائية حديثة صدرت هذا العام ٢٠٢١م عن الإدارة العامة للتوثيق بوزارة العدل أن عدد الأمناء في الجمهورية اليمنية بلغوا (٤٠٣١) أمينًا وأن عدد من تم تصحيح أوضاعهم في المحاكم الاستئنافية منذ الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الوزارة بلغ (٩٤٠) أميناً وبينت الإحصائية أن عدد من لم يتم تصحيح أوضاعهم (٢٠٢٢) أمينا وأن من تم إنهاء وسحب التراخيص أو بالعزل بقرار وزاري (٢٦١) أميناً.

أوضحت الإحصائية أن إجمالي عدد الأمناء في الجمهورية اليمنية الذين أصبحوا خارج مهنة الأمناء في ٢٢ محافظة عدا سقطرى بلغوا (١٠٦٨) أمينًا منهم (٧٢٣) متوفياً و (١٧) أميناً عاجزاً عن القيام بعمله كأمين و(٢٣) منقطعاً عن العمل و(٣٥) أميناً قدم استقالته و (٢٦١) تم سحب التراخيص منهم بقرار وزاري.

وبيّنت الإحصائية أن محافظة تعز وأمانة العاصمة تعتبران من أكثر المحافظات بعدد (١١١٢) في تعز والأمانة (٤٤٤) على مستوى الجمهورية من حيث عدد الأمناء الذين ما يزالون فاعلين أو الذين أصبحوا لا يمارسون مهنة الأمين حيث بلغ عدد الذين لم يصححوا أوضاعهم في محافظة تعز (٦٥٩) أمينًا بينما الذين يزاولون مهنة الأمين و صححوا أوضاعهم بلغوا (١٠٦) أمناء فيما بلغ عدد الذين انتهت صفتهم كأمناء في أمانة العاصمة (٩٠) أمينًا وأن من تم تصحيح مهامهم بلغوا (١٤٧) .

خذلوا الأمانة

في ختام هذا التحقيق طرحنا تساؤلات على معالي وزير العدل القاضي نبيل العزاني والذي تحدث حول الأمناء الشرعيين العبث الذي لحق بالحقوق و المهنة و الأمانة: كثير من الأمناء الشرعيين – ولا أعمم-  خذلوا الأمانة والمواطن والوطن، كل موظف أو أمين سر أو أمين شرعي خذل المواطن والوطن فهو معول هدم، وعن طريق الزخم الثوري والقيادة الثورية والسياسية وتوجههم الجاد مع الشراكة الواضحة للسلطة القضائية في تكوين المنظومة العدلية برئاسة الأستاذ محمد علي الحوثي عضو المجلس السياسي الأعلى توجهت وزارة العدل والسلطة القضائية بشكل عام فيما يتعلق بمواجهة ذلك العبث الحقيقي فيما يتعلق بالتوثيق وفيما يتعلق بتحرير المستندات وما يتعلق بتحرير البصائر، وحصلت شراكة حقيقية مع الجهات الأمنية بوزارة الداخلية والبحث الجنائي، ثورة استطاعت أن تطال أولئك الأشخاص المدرجين في قوائم وزارة الأوقاف والمدرجين في قوائم وزارة العدل والمعمم بهم سابقاً وتم اتخاذ الإجراءات القانونية بشأن الكثيرين منهم والبعض منهم أحيلوا إلى النيابات واتخذت بشأنهم إجراءات كثيرة.

إجراءات رادعة

وعن الذين انتحلوا شخصية الأمين وتسببوا بكوارث ومشاكل للمواطنين والجهات الرسمية أكد وزير العدل: البعض منهم لم يكن أميناً شرعياً وإنما انتحل صفة أمين شرعي وهناك من وجدناه أميناً شرعياً مصرحاً له من وزارة العدل اتخذت بشأنه الإجراءات القانونية ابتداءً بسحب الترخيص منه، ومن جانب آخر إحالته إلى الجانب الجنائي لينال جزاءه، وتم سحب الترخيص وتعيين بديل عنه.

تعزيز الرقابة

وتحدث الوزير العزاني عن النتائج التي تحققت من وراء تلك الإجراءات فقال: تلك مرحلة حاسمة قطف منها الوطن ثـمرة طيبة ونشكر كل من ساهم فيها من القيادة الثورية والقيادة السياسية والمنظومة العدلية ووزارة الداخلية ، الآن لدينا برنامج متوال لتلك المرحلة ومسارات تتبع لهذا البرنامج  الذي سنمضي فيه فيما يتعلق بالتوثيق والأمناء الشرعيين مسار متابعة كل من ينتحل صفة الأمين الشرعي ويمارسها لكي نوقفه عند حده سواءً كان بحسن نية أو بسوء نية، حيث سنتخذ بشأنه إجراءات صارمة ، وكذلك سوف نعين بديلاً عنه أميناً شرعياً وأيضاً متابعة قضايا الأمناء في البحث الجنائي وسد الأماكن الشاغرة بأمناء سر شرعيين بعد اختيارهم وحسن اختيارهم في المناطق والمحافظات الشاغرة، ولدينا مسارات في تعزيز الرقابة الشاملة والتفتيش بتحقيق وتفعيل مهام مكاتب التوثيق في محاكم الاستئناف وأقلام التوثيق في مختلف المحاكم الابتدائية بالتفتيش المستمر على أعمال الأمناء الشرعيين والاطلاع على سجلاتهم أولاً بأول.

وأشار وزير العدل إلى أن الأمناء الشرعيين مراقبون بشكل أكثر اضباطا، وقال: الآن لا يستطيع أي أمين شرعي أن يمضي قدماً في تحرير وثيقة ما لم يمض في الاشتراطات المطلوبة ولن يستطيع أن يوثق تلك الوثيقة لدى قلم التوثيق في أي محكمة ما لم تكن مستوفاة لتلك الشروط وإذا وجد أنه خالف شيئاً من ذلك فسوف تتخذ ضده الإجراءات القانونية.

بدل فاقد

وعن المواطنين الذين كتب لهم موثقون وأمناء يعتبرون الآن أمناء غير معتمدين وضاعت بصائرهم ووثائقهم كيف يحصلون على وثائق بدل فاقد؟ أجاب الأخ أحمد حزام القبلاني مدير عام التوثيق في وزارة العدل بالقول: لا يوجد في قانون التوثيق إجراءات بدل مفقود، ولكن مؤخرا صدر قرار وزاري تنظيمي لإجراءات استخراج بدل مفقود وفق ضوابط وشروط محددة منها أن تكون صادرة من أمين معتمد أو موثق بالمحكمة وغيرها من الشروط والإجراءات كي لا يأتي أشخاص سبق أن تصرفوا بتلك الأموال ثم يأتون ويدعون فقدان البصيرة..

لكنه يؤكد حول المحررات الصادرة عن الأمين غير الرسمي بقوله: أما بالنسبة للمحررات الصادرة من غير الأمناء فليس للتوثيق أي علاقة بها وقد تم عرض هذا الموضوع على المكتب الفني للدراسة ووضع حلول قانونية لإثبات هذه الحالات والفصل فيها أمام القضاء ومن ثم إصدار بدل مفقود وفق شروط وإجراءات قضائية.. ومن خلال متابعتنا للمكتب الفني فقد تم إنجاز الدراسة وإعداد المشروع وهو الآن جاهز لرفعه لمعالي الوزير لاعتماده واستكمال إجراءات إصداره وتعميمه على المحاكم للعمل به.

غالبية النزاعات وراءها الموثق

في هذا الموضوع يرى مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين أن معظم الخلافات والنزاعات والصراعات يعود أو مرهون في كتّاب أو موثقي المحررات، والكثير من هؤلاء الكتَّاب يكونون سبباً في هذه النزاعات ونحن نقول لهم يجب عليكم أن تكتبوا الوثائق بالطرق الشرعية وكما تضمنها الشرع ولا يجوز كتابة الوثائق القائمة على الربا أو ما يخالف الشرع ومن يجهل الشرع عليه التحري من الفقهاء والعلماء.

ونبه العلامة شمس الدين إلى أن الأمين والموثق معني بأن لا تضيع الحقوق الخاصة والعامة لأنه صاحب سر للجميع ويجب أن يكون أمينا مع الله وصادق مع المهنة والدولة والأمانة التي منح إيها.

تدريب متواصل

بعد صدور قرار المنظومة العدلية بتصحيح أوضاع العاملين في التوثيق والتأكد من التزام بعض الأمناء الشرعيين واصلت وزارة العدل جهودها لإصلاح ما أفسده الدهر، بالرغم من كل ذلك بذلت وزارة العدل جهودا كبيرة في وضع الرقابة على الأمناء وتدريبهم و كان أكبر تدريب لهم أواخر العام الماضي في اللقاء الموسع  حيث بلغ  عدد الحاضرين أكثر من 700 أمين وموثق شرعي من أمانة العاصمة و محافظة صنعاء ناقشوا فيها عددا من أوراق العمل والبحث التي تؤكد أهمية أمانة الأمين وحفظ حقوق الأخرين، و كذا  ضرورة التزام الموثقين والأمناء الشرعيين بالقوانين واللوائح النافذة والتحقق من صحة الوثائق ومنهم الأشخاص المستفيدون من هذه العقود كي لا تكون عقودهم مثاراً للنزاعات والصراعات بين المواطنين  .

٢١٦ أميناً متدرباً

كما قامت وزارة العدل بتدريب ٢١٦ أميناً شرعياً في دورات تدريبية في مجال التوثيق لمدة ثلاثة أشهر متتالية في المعهد العالي للقضاء من أمانة العاصمة ومحافظتي صنعاء وعمران.

إصلاح التوثيق

إلى ذلك أكد أحمد حزام القبلاني مدير عام التوثيق بوزارة العدل أن الوزارة مهتمة بتأهيل الأمناء الشرعيين والارتقاء بعملهم، بعمل دورات تدريبية في مجال التوثيق وتعريفهم بالإجراءات القانونية والقوانين المرتبطة بالتوثيق استكملوا الشروط وصححوا أوضاعهم القانونية باعتمادهم أمناء شرعيين.

وأوضح الأخ أحمد حزام القبلاني مدير عام التوثيق في وزارة العدل في العامين المنصرمين ٢٠١٩ و ٢٠٢٠م أن ٨٤٠ متدرباً من الموثقين والأمناء الشرعيين تلقوا تدريباً في ذات المجال من عدد من المحافظات .

وأشار القبلاني إلى أن الوزارة تلقت ٤٠٦ من الشكاوى المقدمة ضد موظفي مكاتب وأقلام التوثيق وآخرين واتخذت الإجراءات اللازمة بشأنها، حيث تصدرت محافظة صنعاء القائمة بعدد ٢٢٤ شكوى تليها الأمانة بـ ٨٥ شكوى، ثم محافظة الحديدة بـ٢٤ شكوى وتوزعت بقية الأرقام على المحافظات الأخرى وبنسب متفاوتة.. وقال: وفق الإحصائية تم ضبط تسع حالات تزوير وتمت إحالتها إلى الجهات الأمنية لاستكمال التحقيق فيها، كما تم إحالة ٩٦ من الأمناء الشرعيين إلى مجالس التأديب لاستكمال الإجراءات القانونية لسحب تراخيصهم لوجود مخالفات جسيمة في أعمالهم ولا يزال العمل مستمرا.

وأكد القبلاني أن تلك الجهود التي نفذت وأنجزت كانت باهتمام ورعاية القيادة السياسية ممثلة بعضو المجلس السياسي الأعلى الأستاذ محمد علي الحوثي وبإشراف مباشر من قيادة وزارة العدل برأسة معالي وزير العدل.

الإجراءات حدت من التجاوزات

يقول الأخ وكيل وزارة العدل لشؤون المحاكم والتوثيق القاضي أحمد عباس الجرافي أن الإجراءات التي تمت من قبل الوزارة ضد الأمناء المنتحلين قد أثرت تأثيرا كبيرا في الحد من التجاوزات التي كانت تمارس من قبل المنتحلين لصفة الأمين وبعض الأمناء المرخص لهم والذين استهتروا في مسؤوليتهم القانونية باللا مبالاة والتجاوزات ومخالفة الإجراءات التي تتم.. وأضاف القاضي الجرافي: البعض كان لا يتحرى عند تحرير الوثائق من صفة وأهلية الأطراف طالبي التوثيق أو المحرر وعدم حصولهم على الوثائق الخاصة بمن يلزم إحضارها من ذلك أحكام انحصار الوراثة والوكالات والإذن بالمبيع في حالة القصار من المحكمة .

وأشار الوكيل الجرافي إلى أن الوزارة عازمة على تصحيح أوضاع قطاع التوثيق وعمل الأمناء الشرعيين، بالإضافة إلى تفعيل النشاط التوعوي بتوعية المواطنين في مجال التوثيق للمساهمة في الحد من الدخلاء المنتحلين لصفة الأمين الشرعي الذين أساءوا لتلك المهنة، وكانوا سببا في حدوث كثيرٍ من القضايا والمنازعات أمام المحاكم.

المساءلة والمحاسبة

وأكد القاضي الجرافي أن هناك بعض الإجراءات كان الأمناء لا يقومون بها مثل عدم التحري وتحريرهم محررات خارج الاختصاص المكاني، وبيّن الوكيل الجرافي أن الإجراءات التي قامت بها الوزارة في إظهار الحساب والعقاب تجاه تلك التجاوزات أصبحت شبه منتهية في الوقت الراهن وترسخت ثقافة جديدة لدى محرري الوثائق بخطورة تلك المخالفات وأن أي انحراف سيجعل الموثق تحت طائلة المحاسبة المستمرة من قبل الوزارة أو مكاتب التوثيق في المحافظات وهذه ثمرة الجهود التي قامت بها الوزارة والقيادة السياسية.

وعن ما هو ماض من مشاكل الأمناء الشرعيين يقول: فيما مضى كنا قد عملنا في اتجاهات متعددة، ولها مسارات قانونية وفقاً للإجراءات القانونية لحفظ حقوق المواطنين..

ختاماً: مشاكل الأراضي والعقارات والمحررات والعقود كانت وماتزال كابوسا مخيفا للمواطنين والجهات الرسمية المعنية، وبالذات وزارة العدل والمحاكم ، وبالرغم من الإجراءات الأخيرة والصارمة إلا أن هذه المشاكل ما تزال عالقة، لكنها بحسب ما خلصنا من نتائج في هذا التحقيق وبما أكده المسؤولون والمختصون أن القضايا والنزاعات حول العقارات والأراضي قد انخفضت بنسبة تصل نحو ٥٠٪ عما كانت عليه في السنوات الماضية السابقة للإجراءات حيث كان قطاع العقارات والبيع والشراء يعيش فوضى عارمة ، وأن قضاياها سوف تقل وربما تنتهي إذا ما طبقت القوانين والإجراءات القانونية المنظمة لقطاع التوثيق.

 

قد يعجبك ايضا