بظهور التواجد البريطاني في محافظة (المهرة) ، يبدو أنه قد تحقق الشرط البريطاني للمشاركة في العدوان على اليمن لوجستياً وعسكرياً من فوق الطاولة، بعد أن ظل من تحتها متخفياً لسنوات، فما السبب الذي دفع بريطانيا للمسارعة والسعي لنيل حصتها الآن ؟!
نصيب الأسد كان – من دون شك – للعدو الصهيوني والذي بدأ مبكراً بإنشاء قواعد عسكرية على الجزر اليمنية المحاذية لباب المندب تحت غطاء إماراتي، ولن يجني العملاء وعلى رأسهم مملكة العهر غير الخسائر الاقتصادية والسياسية في المنطقة، بينما يجني أعداء الأمة الفوائد دون أن يخسروا دولارا واحدا !!
واقع المحافظات الجنوبية يُظهر سيطرة ومحاولة فرض واقع للأدوات الأمريكية بذريعة “محاربة الإرهاب” و “دعم الشرعية” ، أما بعد ذلك فالسيناريو القادم هو حرب بينية بين الأدوات (النظامين السعودي والإماراتي) باستخدام الأدوات المحلية من خونة الداخل للسيطرة المحكمة على باب المندب وما حوله، وبعد هذه الخطوة ستظهر إسرائيل نفسها بذريعة حماية الممرات المائية الدولية وتحت غطاء دولي !
لم ينس اليمنيون خطورة الاحتلال البريطاني الذي جثم على صدر المحافظات الجنوبية لعقود خلال القرن الماضي، وقد عانى الشعب اليمني لسنوات عجاف انعدمت فيها الكرامة والحرية حتى قامت ثورة الأحرار لتحرير الأرض والإنسان اليمني من قيود العبودية، ولكن يبدو أن العملاء لا يتعلمون من دروس الماضي! وباستخدام نفس الذرائع هاهو الاحتلال البريطاني يجدد احتلاله ليحقق أهدافه القديمة الحديثة، ولهذا شاركت بريطانيا في قتل وحصار وتجويع الشعب اليمني منذ البداية.
وباستخدام ذات الأساليب القديمة، عملت قوى العدوان في الأراضي اليمنية لاستنزاف الثروات خاصة النفط، تاركين الشعب اليمني يعاني من ويلات العدوان والحصار الذي طال أمده في ظل تواطؤ الأمم المتحدة المجتمع الدولي، وجميعهم مشارك في الجريمة، بينما تتسابق دول العدوان لنيل نصيبها من الكعكة، تاركين الفتات للعملاء والمرتزقة، أما عن التوقيت فهناك متغيرات تحدث في الأفق يمكن من خلالها استشفاف بعض ما يتم حياكته من مؤامرات في الخفاء، مثل حادثة استهداف السفينة (ميرسر ستريت) والأحداث الأخيرة في أفغانستان.
موقف القوى الوطنية واضح منذ البداية، ومع مرور الوقت تتضح صوابية هذا الموقف، ولكن ما موقف أبناء الجنوب من هذه الخطوة البريطانية المكشوفة والتي تستهدفهم بالدرجة الأولى؟! فالأمر واضح لا لبس فيه، ولا يمكن تفسير هذه الخطوة بأكثر من صورة، فهي تمهيد لإعادة الاحتلال بما يتبعه من نهب للثروات واستباحة للأعراض واستعباد للإنسان، ومن يظن أن الاحتلال يمكن أن يجرّ له أي خير فهو مغفل بائس!
ختاما : حتى وإن تبجحت قوى الاحتلال بسيطرتها على جزء من الأراضي والجزر والمنافذ اليمنية، فهذا لن يغير شيئاً من موقف القوى الوطنية الثابت ورؤيتها للحل السياسي أو توجهها العسكري لتحرير كل شبر من أرض اليمن، ولن يختلف وضع بريطانيا عما حدث للأسلحة والمرتزقة الأمريكية والصهيونية وأنظمة العمالة في المنطقة من قبل، والنتيجة المحتومة تنتظر كل من يفكر في احتلال أرض طالما عرُفت عبر التاريخ بمقبرة للغزاة، والقادم أعظم بإذن الله .. وإن غداً لناظره قريب.