مخاطر الجريمة الإلكترونية في اليمن وأضرارها على الفرد والمجتمع

 

مكافحة الجريمة الإلكترونية مسؤولية الجميع ولا تقتصر على الأجهزة الأمنية
الورقة طالبت بالتسريع في إصدار التشريعات القانونية اللازمة لمكافحة الجرائم الإلكترونية
الجريمة الإلكترونية تهدد أمن المجتمع والدولة والجهل بأضرارها يزيد من انتشارها

 

انتشرت الجرائم الإلكترونية في مجتمعنا في الآونة الأخيرة بشكل كبير الأمر الذي يشكل تحدياً أمام الجهات الأمنية التي كانت منهمكة في متابعة الجرائم التقليدية على مدار الأعوام الماضية، بينما ظهرت أمامها جرائم جديدة مستحدثة واسعة الانتشار ومتعددة الأشكال وهي في تسارع مستمر.

المؤتمر الوطني الأول للأمن السيبراني يأتي في إطار الجهود التي تبذلها الدولة للتصدي لتلك التحديات الجديدة التي تهدد أمن المجتمع والدولة، حيث قُدمت العديد من أوراق العمل تناولت موضوع الأمن السيبراني من جوانب مختلفة، ومن تلك الأوراق ما قدمه العقيد أحمد يحيى علي سراج في ورقة العمل الموسومة بـ”مخاطر الجريمة الإلكترونية وأضرارها على المجتمع”.

 

الثورة / هاشم السريحي

 

تعريف الجريمة الإلكترونية

أشارت ورقة العمل إلى عدم وجود تعريف محدد يمكن أن تندرج تحته الجرائم الإلكترونية، حيث أن الجريمة حسب القانون “هي كل فعل أو نشاط أو عمل مخالف للقانون” فهل يمكننا إضافة “يرتكب بواسطة الأجهزة الرقمية” ولكن ما هي المادة القانونية التي تنص على أن ذلك الفعل يعد جريمة أو ما نوع العقوبة التي يمكن أن يطبقها القاضي على مرتكب تلك الجريمة، حيث أن أي عمل لا يعد جريمة ما لم تتوفر أركانها الأساسية وهي الركن القانوني وهذا غير متوفر في تلك الجرائم والركن المادي و الركن المعنوي، وهناك قاعدة قانونية “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص” لذا فمن الضرورة أولاً  التسريع في إصدار التشريعات القانونية اللازمة لمكافحة هذه الجريمة ومواجهة تحدياتها.

مخاطرها

والمجتمع بحاجة إلى تعريفه بخطورة هذا النوع من الجرائم التي تزعزع أمنه وتهدد نسيجه، إذ لا يمكن القول بأن أي شخص يعتبر في مأمن من هذه الجريمة وإن أحيط بحراسات مشدة وأسوار محصنة، فمرتكب الجريمة الإلكترونية لا يمر بمراحل مرتكب الجريمة التقليدية (التفكير، التخطيط، الأعداد والتجهيز، الانتقال والرصد، التنفيذ)، كما أنه من الصعب الحصول على المعلومات الفنية المطلوبة لكشف الجريمة وهذا يعيق مكافحة وضبط الجريمة الإلكترونية وكشف مرتكبيها في الوقت المناسب؛ لذا قد تخشى الضحية أن يشهر بها  فتخضع للمبتز الذي يتمادى أكثر فأكثر ويجر الضحية من جريمة إلى جرائم أكبر منها.

وقد عرضت ورقة العمل أضرار ومخاطر الجريمة الإلكترونية على الفرد والمجتمع والدولة والتي تمثلت في زعزعة أمن واستقرار أمن الوطن وإنهاك اقتصاده، واستقطاب الشباب فكريا وتجنيدهم عقائديا وخلق ولاءات معادية للوطن، وتغذية الإشاعات المغرضة وتضخيمها لخلق بلبلة في أوساط المجتمعات.

التوعية والإرشاد

ومن هنا يظهر جلياً أهمية التوعية والإرشاد والتحذير، والتي تبدأ بالحماية الذاتية من الفرد لنفسه وأسرته وتليها المدرسة ودورها التعليمي والتوعوي الوقائي فالوقاية خيرٌ من العلاج، كما لابد أن القطاع الإعلامي الرسمي والخاص بكافة أنواعه ووسائله باستطاعته أن يلعب الدور الأبرز والأهم في الجانب التوعوي والإرشادي والتحذيري بالطرق المباشرة وغير المباشرة، فهو الذي يستطيع الوصول إلى كل بيت وكل فرد من أفراد المجتمع، ومخاطبة جميع فئاته بكل مستوياتهم الثقافية والتعليمية وتحصينهم ووقايتهم من الجريمة ومخاطرها والإسهام في الحد منها بكل الطرق والوسائل الممكنة والأساليب المناسبة، كما يجب أن تقوم المؤسسات التأهيلية والتعليمية (وزارة التعليم العالي، أكاديمية الشرطة، كلية الشرطة، معاهد الشرطة التخصصية،  المعهد العالي للقضاء، وزارة التربية والتعليم) بدورها في التوعية من خلال إعداد مواد تعليمية وتدريبية متخصصه تقرر ضمن المنهج الدراسي وعقد دورات وورش عمل بشكل مكثف ومرحلي لتأهيل العناصر الأمنية والقضائية في هذا المجال.

مكافحة الجريمة

وأكدت الورقة أن مكافحة الجريمة مسؤولية جماعية ونحن مطالبون أكثر من أي وقت مضى للتعامل بقدر كبير من الجدية مع المخاطر التي تفرضها علينا وسائل التكنولوجيا الحديثة؛ لذا فإن مواجهة الجريمة الإلكترونية ومكافحتها لا يقتصر على دور الأجهزة الأمنية فقط بل نحتاج لوقفة جادة وقوية من قبل الدولة والمجتمع والأفراد كل من مكانه وموقعه.

ودعت الورقة السلطة التشريعية إلى سرعة إنجاز قانون الجرائم الإلكترونية وإعادة النظر في بعض المواد وتحديث بعض القوانين في الجرائم المنتهكة للأعراض، وعلى السلطة القضائية سرعة الإعداد لإنشاء نيابات ومحاكم متخصصة واستجابة النيابة بشكل سريع لإصدار الأذونات اللازمة والعمل على وضع آلية مناسبة للجرائم ذات حساسية وخصوصية معينة، وعلى قطاع الاتصالات تقديم الدعم المادي والتقني الكافي لبناء وتأهيل وتفعيل إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بالبحث الجنائي، وكذا إنشاء مواقع تفاعلية (تعليمية وتثقيفية) لتعريف الأفراد بطريقة التعامل مع الهواتف، و إعانة رجال الشرطة في توفير الأرقام التسلسلية للجوال، واتخاذ جميع الإجراءات التقنية والإدارية لرصد أي مواد تشكل خطراً وحجبها على الفور ووضع آلية فعالة تمكن المواطن من الإبلاغ عن الأعمال والمواد الإباحية أو أي مواد تضر بسلامة أمن الفرد أو المجتمع.

التوصيات

وخرجت الورقة بعدد من التوصيات والمعالجات المقترحة للحد من الجريمة الإلكترونية ومنها إصدار التشريعات اللازمة والقوانين الرادعة، والاهتمام بأمن المعلومات (الأمن السيبراني) عند بناء الأنظمة في المؤسسات، وبناء وتحديث إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية وتجهيزها بالمواد التقنية والفنية والتأهيلية والتشغيلية اللازمة، وتكثيف التوعية الأمنية ضد الجريمة الإلكترونية في مراحل التعليم المختلفة.

قد يعجبك ايضا