ودّعت اليمن قبل قرابة أسبوعين شيخ المجاهدين الأحرار الحاج / محمد عبدربه جحلان العوذلي، في موكبٍ جنائزيٍ مهيب شارك فيه آلاف اليمنيين من المُشيعين من عموم محافظات الوطن ومُدنه وقُراه، ومن ضمن هؤلاء المُشيعين (وفد حكومة الإنقاذ الوطني) في صنعاء برئاسة الأستاذ / أحمد القنع وزير الدولة لشؤون الحوار والمصالحة الوطنية.
لقد شغل الفقيد رحمة الله عليه ولمدة تتجاوز ثلاثة عقود مسؤولية قيادة مديرية (مكيراس) في محافظة أبين سابقاً ومحافظة البيضاء حالياً وكانت بصماته الإدارية والتنموية والاجتماعية بارزةً وواضحةً في أجزاء ًواسعةٍ من المديرية وترك أثراً إنسانياً كبيراً في منطقته التي عاش بها قرابة ستة عقود أمضاها في خدمة الوطن وأهله والأجيال المُتلاحقة من أبناء منطقته ولهذا كان حزن المودعين له إلى مثواه الأخير من أبناء الوطن ظاهراً للعيان بادياً في محياهم.
كان الفقيد سياسياً مُحنكاً مُنذ أن شغل قيادة إحدى الفصائل السرّية لمقاومة جنود الاحتلال البريطاني في أبين وعدن وله بصمات واضحة من خلال تشكيلات العمل السرّي لتنظيم الجبهة القومية مع رفاقه الشهيد / عبدالنبي مدرم والشهيد /حامد مدرم والشهيد الرائد/ عمر علي وشقيقه الرفيق / محمد علي أحمد والأستاذ الإعلامي الكبير/ أحمد ناصر الحماطي والشهيد /أحمد صالح الشاعر والشهيد/ سالم علي لعور، وطابور طويل ممن استشهدوا في محراب النضال الوطني ضدّ الاستعمار البريطاني وأعوانه.
أتذكر حينما زارني قبل عامين تقريباً إلى مكتبنا في رئاسة مجلس الوزراء مع عددٍ من الشخصيات الوطنية المقاومة من محافظة أبين والبيضاء، وتحدثنا مُطولاً حول أساليب العمل الكفاحي المقاوم ضدّ فلول مرتزقة السعودية والإمارات، وجدته حكيماً راشداً مقداماً وذا روحٍ وطنيةٍ يمنية مقاومة أصيلة وحينها اتفقنا على طبيعة المهام المُناطة به رحمة الله عليه وأسكنه الجنة الواسعة.
يتذكر العديد من أعيان ومشائخ وأفراد قبيلة العواذل والقبائل المجاورة هذه الشخصية الفذّة المكافحة ضدّ الاستعمار البريطاني وضدّ الحركات السياسية الانفصالية التي لعبت أدواراً تخريبية في جنوب اليمن ولا زالت تعبث سياسياً واجتماعياً إلى أن قادها مصيرها المحتوم للارتماء في أحضان إحدى دولتي العدوان على اليمن وهي مشيخة الإمارات العربية المتحدة، وقاومهم بكل شجاعةٍ ووضوح ٍ ورفض جميع الإغراءات المادية الرخيصة التي قُدمت إليه كي ينحاز إلى مشروعهم الخياني التشطيري وتحت راية الإمارات العربية المُتصهينة.
وقرّر البقاء شامخاً في أحضان اليمن العظيم مقاوماً شرساً لجميع أشكال العدوان السعودي الإماراتي.
عدوان دول مجلس التعاون الخليجي ( الأعْرَابي) وتحالف 17 دولة عربية وإسلامية والذي بدأ في صبيحة يوم الخميس بتاريخ 26/أغسطس/2015م، حين شطّر السياسيين اليمنيين إلى قسمين اثنين:
القسم الأول:
هم من وقف إلى جانب العدوان وسهّل مهمتهم وتحوّل إلى بوقٍ دعائي يُطبل ويُزمر لتجميل صورة وجه العدوان القذر وقام ويقوم بتبرير جرائمهم الوحشية من قتلٍ للأطفال والشيوخ والمواطنين النائمين في مساكنهم والطلاب في مدارسهم وحتى من يحضر منهم الأفراح والمآتم، جميعهم تعرّضوا للقتل .
القسم الثاني:
هم من السياسيين والقادة من قرروا المقاومة والوقوف في وجه العدوان ومرتزقته ومنهم فقيدنا الحاج / محمد جحلان / رحمة الله عليه.
هذه الحرب الطويلة والبشعة والمُخزية التي نفّذتها وتُنفذها المملكة العربية السعودية ومشيخة الإمارات العربية المتحدة وبدعمٍ سياسيٍ وعسكريٍ ولوجستي من قِبَلِ أمريكا والكيان الإسرائيلي الصهيوني ضدّ الشعب اليمني العظيم قد فرضت معادلات أخلاقية ودينية ووطنية وإنسانية على أرض الواقع، وهي حرب عدوانية لم تترك أيّ حُجة لأي سياسيٍ في اليمن كي يبقى مُحايداً بعيداً عن تحديد موقفٍ ما، فإمّا أن يصطّف ويدعم دول العدوان أو أن يقف شامخاً مقاوماً صلباً في مواجهة دول العدوان .
إنّنا في الأخير نُعزي أنفسنا في الفقيد العزيز الغالي ونُعزي ابنه المناضل المقاوم للعدوان الشيخ/ ياسر محمد جحلان مدير عام مديرية مكيراس وكل قبائل العواذل، كما نُعزي جميع أبناء جماهيرنا البطلة في محافظة أبين ومحافظة البيضاء المقاومة الصامدة التي حقق فيها الأبطال من وحدات جيشنا اليمني البطل وطلائع لجاننا الشعبية المجاهدة (النصر العظيم).
«وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ»
*رئيس مجلس الوزراء