إمعان أمريكي في تجويع الشعب اليمني
رفع سعر الدولار الجمركي شكل جديد من أشكال الحرب الأمريكية على الشعب اليمني
الثورة / تقارير
يتمادى تحالف العدوان في حربه الاقتصادية على الشعب اليمني، ليصعّد كل مرة من درجة التضييق على الناس في معيشتهم ، ويأتي قرار مرتزقة وأدوات العدوان برفع سعر الدولار الجمركي في إطار الحرب الشاملة التي يسعى من خلالها العدوان إلى تركيع الشعب اليمني بانتهاج سياسة التجويع والإماتة الجماعية.
أمريكا هي من تدير فصول الحرب الاقتصادية على اليمن ، وما المرتزقة في عدن إلا أدوات طيعة بيد الأمريكي الذي يمضي في قتل وتجويع الشعب اليمني بالحصار وتدمير العملة ويرفع أسعار السلع من خلال رفع الجمركة وقرصنة سفن الوقود.
ولا يزال الواقع الاقتصادي يحاول تفسير التوجه الأخير للإدارة الأمريكية في رفع الرسوم الجمركية على البضائع، لتنتهي كل التفسيرات إلى حقيقة واحدة مفادها الإمعان في استهداف اليمنيين في قوتهم ، وهو هدف أمريكي ينفذه العملاء.
الأربعاء شهدت المنافذ البرية الحدودية، توقف الحركة التجارية عقب إضراب المخلصين عن ترسيم البضائع برسوم مرتفعة.
وحسب مصادر مطلعة في منفذ شحن والوديعة فإن الشاحنات الممتلئة بالبضائع بأعداد كبيرة متوقفة في منفذي شحن والوديعة، نتيجة إضراب المخلّصين عن ترسيم البضائع برسوم مرتفعة.
محللون أكدوا أن ذلك رد فعل طبيعي لقرار رفع الدولار الجمركي.
الاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية وغرفة تجارة وصناعة أمانة العاصمة والقطاع الخاص والجمعية اليمنية لحماية المستهلك، جددوا الرفض القاطع لقرار جمارك عدن رفع سعر الدولار الجمركي من 250 إلى 500 ريال.
مؤكدين أن القرار سيترتب عليه الإضرار بالاقتصاد الوطني وحياة الناس المعيشية، كما سيؤثر على حركة التجارة الداخلية والإمداد السلعي للمحافظات.
فيما كانت غرفة التجارة والصناعة في عدن رفضت القرار، وقالت إن ذلك سيؤدي إلى مجاعة، وسيضر بحركة التجارة.
وأكدت في بيان أن «تحريك سعر صرف الدولار الخاص بالجمارك في عدن بسعر 500 ريال للدولار بعد أن كان 250 ريالا للدولار الواحد طوال السنوات السبع الماضية، سيؤدي بشكل مباشر إلى مجاعة بين المواطنين، وسيضر بشدة بحركة التجارة».
وحذرت الغرفة من أنه «في ظل الظروف المعيشية الحالية وانهيار العملة الوطنية وضعف مداخيل المواطنين وزيادة الفقر بين المواطنين، فإن هذا القرار سيؤدي إلى اختلالات في سلاسل توافر المواد الغذائية وسيزعزع استقرار المجتمع أمنيا مع توسع نطاق الجوع بين المواطنين».
داعية إلى إلغاء هذا القرار «بشكل عاجل وبدون تأخير»، كما دعت التجار إلى تجميد فتح أي استمارات للتخليص الجمركي إلى أن يتم حل «هذا الإشكال الخطير».
وحذر تجار اليمن ، وغرف تجارية في صنعاء وعدن ، وجمعيات البنوك واتحادات عمالية من تداعيات القرار الكارثي الذي اتخذته أدوات العدوان في عدن برفع سعر الدولار الجمركي، وعبرت الغرفة التجارية في صنعاء وجمعية البنوك والصرافين، واتحاد نقابات عمال اليمن، وكذا الغرفة التجارية ونقابات عمالية في عدن عن إدانتها للقرار ورفضها وطالبت مرتزقة العدوان بإلغائه فورا.
وارتفعت الأسعار بشكل جنوني في عدن إثر الانخفاض المخيف للريال أمام الدولار الذي تسببت به إجراءات حكومة المرتزقة، إذ وصلت قيمة كيس القمح إلى 25 ألف ريال ، بينما في صنعاء يتراوح بين 14 ألف ريال- 15 ألف ريال ، وسجلت بقية السلع والمواد الغذائية ارتفاعات كبيرة خلال الشهرين الماضيين.
ويرى محللون «أن قرار رفع سعر الدولار الجمركي أتى ضمن خيارات الحرب الاقتصادية التي تشرف عليها الإدارة الأمريكية وتستخدم مرتزقة العدوان كأدوات لتنفيذها ، سعيا منها إلى إحداث مجاعة هائلة في أوساط اليمنيين وضمن سياسة العقاب الجماعي وحرب الإخضاع التي تستخدمها ، ويفسر المحللون المضطلعون بالشأن الاقتصادي بأن رفع سعر الدولار الجمركي هدفه رفع أسعار السلع والمواد والبضائع في المناطق الحرة وتعميم حالة البؤس والحرمان التي تعانيها عدن في كافة المحافظات».
وزارة الخارجية كانت حذرت من الخداع الإعلامي والسياسي الذي تمارسه القيادة السعودية وحكومة المرتزقة، من خلال الحرب الاقتصادية وسياسة التجويع الممنهج للشعب اليمني.
وأكدت في رسائل لوزراء خارجية الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وكذا مجموعة الـ19 الراعية لعملية التسوية السياسية السلمية في اليمن، أن مثل هذه الممارسات الإجرامية واللاإنسانية لا تخدم التوجه الدولي لإحلال السلام باليمن، بل تعد عقبة رئيسية أمام أي مساعٍ لعقد مفاوضات السلام كونها جرائم حرب تهدف لتجويع الملايين من الشعب اليمني.
فيما أكد نائب وزير التجارة والصناعة محمد الهاشمي إجراء لقاءات متعددة في الغرفة التجارية والغرفة الملاحية لبحث وتنسيق عمليات الوصول إلى ميناء الحديدة.
وقال الهاشمي «التجار أمام فرصة لأن نكون عونًا لهم ونكسر الحصار إذا وقفوا وقفة جماعية واحدة لإدخال بضائعهم إلى ميناء الحديدة» مشيرا إلى أن القرار الذي أصدره المرتزقة هو إفلاس وسقوط مدوٍّ لمنظومة الأمم المتحدة التي تنشر تقارير عن دخول اليمن في مجاعة ثم تتجاهل قرارات المرتزقة.
ويرى الخبير الاقتصادي ووكيل قطاع الدراسات والتوقعات الاقتصادية في وزارة التخطيط والتنمية، الدكتور عادل الحوبشي، أن هذا القرار يأتي في إطار الحرب الاقتصادية الشرسة التي تحتدم من وقت لآخر تبعاً للتطورات الجارية في الميدان، منوِّهًا بأن هذه الخطوة تأتي رداً على تقدم أبطال الجيش واللجان الشعبيّة في جبهتي البيضاء ومارب؛ بهَدفِ تحقيق أقصى ضغط اقتصادي، وما لها من تداعيات اجتماعية ومعيشية وإنسانية على الشعب اليمني، سعياً لمنع استعادة مدينة مارب.
موضحًا أن رفع سعر الدولار الجمركي من 250 ريالاً/$ إلى 500 ريال/$ يعني ببساطة رفع الرسوم الجمركية على السلع والمواد المستوردة إلى الضعف، وهذا ينعكس تلقائياً على مستويات الأسعار والخدمات والمواد والأجهزة والمعدات المستوردة، التي طالها القرار، حَيثُ من المتوقع أن ترتفع أسعارها بحوالي 20 – 50 ٪.
ويؤكّـد الدكتور الحوشبي أن غالبية الموارد الاقتصادية والمالية لا تزال مُستمرّة وتتدفق إلى أوعية حكومة الارتزاق القابعة في الفنادق، من عائدات رأسمالية للنفط والغاز وإيرادات جمركية وضريبية متضاعفة ورسوم حكومية مختلفة وَمعظم المساعدات والمنح الإقليمية والدولية تحت تحكم وسيطرة تحالف العدوان وأدواته، مع الإشارة إلى عدم وجود التزامات أَو أعباء أَو مخصصات مالية تجاه غالبية الشعب اليمني في مناطق سيطرة المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني.
وكانت عدن وباقي المحافظات المحتلة قد شهدت تظاهرات ومسيرات منددة بالسياسات المالية التي تسببت في انهيار معيشة الناس هناك.
وتعيش المحافظات المحتلة حالة من الإرباك الاقتصادي المتفاقم متمثلا في غلاء المعيشة الذي وصل حداً غير مسبوقٍ بالتزامن مع إغلاق محلات الصرافة وارتفاع سعر الصرف جراء انهيار العملة وغياب السياسة المالية والاقتصادية.
وذهب محللون إلى أن هذا الوضع المزري نتاج طبيعي للسياسة المتبعة من قبل دول العدوان (السعودية والإمارات)، وجاء قرار رفع رسوم الجمارك ليزيد من سوء الأوضاع.
مواجهة التداعيات
وفي محاولة للحد من تداعيات القرار، أكد وزير النقل اللواء عامر المراني، “تقديم التسهيلات لمساعدة التجار على نقل المواد الغذائية إلى ميناء الحديدة».
وقال: «في لقائنا بمندوب الأمم المتحدة في اليمن طلبنا نقل الشحن إلى ميناء الحديدة لتسهيل عملية نقل المواد الغذائية إلى المواطنين».
وأوضح بالقول: «لا نعول على الأمم المتحدة التي زعمت نيتها نقل مقترحنا إلى المرتزقة ودول العدوان».
وأشار إلى أن ميناء الحديدة على استعداد لاستقبال كافة السفن والحاويات دون الحاجة لوعود الأمم المتحدة بتخفيف معاناة الشعب اليمني.
واعتبر الوزير المراني الرفع الجائر في رسوم سعر الدولار الجمركي من 250 إلى 500 ريال من قبل المرتزقة في عدن مخططاً عدوانياً لقتل وتركيع الشعب اليمني بعد فشله عسكريا أمام أبطال الجيش واللجان الشعبية.
وكان وزير النقل عبّر عن كامل الاستعداد للنزول شخصيا مع التجار إلى ميناء الحديدة لإنجاز معاملاتهم، بما يعود بالنفع على المواطن ويقلل من كلفة السلعة.
من جهته، جدد رئيس مؤسسة موانئ البحر الأحمر القبطان محمد إسحاق تأكيده على جاهزية ميناء الحديدة لاستقبال السفن والحاويات المحملة بالبضائع والسلع الغذائية، وفقا للمعايير الدولية.
وأبدى استعداد المؤسسة تقديم التسهيلات للقطاع الخاص والتجاري وتبسيط إجراءات استقبال البضائع والسلع، والوقوف إلى جانب القطاع الخاص والتجاري وحل أي إشكاليات تخفف معاناة الشعب اليمني.
وقال إسحاق: «ميناء الحديدة محدد لخدمة المواطن والتجار بشكل عام ويعمل بطاقة استيعابية تؤهله لاستقبال السفن والحاويات التجارية بمهنية عالية»، وأوضح “إن تحالف العدوان منذ بدايته يمنع دخول أكثر من 400 صنف إلى ميناء الحديدة وجميعها متطلب أساسي لحياة اليمنيين”.
على ذات السياق – ولكن لجهة قوت المواطنين – شدد اجتماع استثنائي في وزارة الصناعة والتجارة على عدم السماح بأي زيادات سعرية في البضائع، وعلى الرقابة الشديدة على التجار.
وخلال الاجتماع، قال وزير الصناعة: لا يجوز لأي تاجر أن يرفع حتى ريالا واحدا في الأسعار على التسعيرة السابقة”، مشدداً بقوله: “سنضرب بيد من حديد من يعمد للتلاعب بقوت الشعب”.
وأشار إلى أن إقدام مرتزقة العدوان على رفع الدولار الجمركي بنسبة 100 % سيؤثر على معيشة المواطن، داعياً إلى التوقف عن فتح أي بيانات جمركية تبعاً لهذا القرار.
ولفت وزير الصناعة إلى أن العدوان كلما هزم في أي جبهة عسكرية لجأ للمعركة الاقتصادية للتضييق على الشعب اليمني في معيشته.