يزيد استهلاكه في الأعياد والمناسبات.. الزبيب يتصدر قائمة الاستهلاك المحلي
إنفاق الأسر اليمنية يصل إلى 3 مليارات ريال سنوياً من 5 مليارات ريال تنفق على الفواكه المجففة والحلويات
إنتاج اليمن من الزبيب تراجع من 50 ألف طن سنوياً إلى 20 ألف طن بسبب العدوان
وزارة الزراعة أصدرت قراراً بمنع استيراد الزبيب الخارجي لتحسين تسويق العنب اليمني بما فيه الزبيب
مع ازداد حجم الطلب للزبيب كسلعة مهمة تقدم إلى موائد المعايدين خلال تبادل الزيارات الأسرية في المنازل ، تشهد الأسواق المحلية في اليمن انتشاراً واسعاً للزبيب الصيني والهندي مع انخفاض القوة الشرائية، إلا أن سعر كل منهما يواصل ارتفاعه خصوصاً في المواسم والمناسبات، حيث يصل سعر الكيلوجرام إلى نحو 3 آلاف ريال، ويُضاف الزبيب المستورد من الصين والهند إلى الزبيب البلدي الذي يُعتبر غالي الثمن في صنعاء لجودته العالية، على أنَّ إنتاجه محلياً تراجَعَ هذا العام نظراً لاستيراده من الخارج وارتفاع أسعار المشتقات النفطية وفقا لمزارعين ومعنيين.. إليكم المزيد من التفاصيل:
الثورة / أحمد المالكي
يتصدر الزبيب إنفاق الأسر اليمنية بنحو 3 مليارات ريال سنوياً من 5 مليارات ريال إجمالي الإنفاق على الفواكه المجففة والحلويات والمكسرات، وفقاً لبيانات مسح ميزانية الأسر في اليمن الصادرة -قبل بداية العدوان- عن الجهاز المركزي للإحصاء.
وحسبما تشير التقارير، فإن هذه السلعة تختلف جودتها حسب المنطقة التي تنتجها، فزبيب البياض مثلاً – الذي تشتهر بزراعته منطقة خولان – يُعتبر من الأصناف الجيدة التي يحرص اليمنيون على شرائها، وتنتج نفس الأصناف في منطقة بني حشيش والتي هي من أهم مناطق زراعة العنب في بلادنا.
وبرغم أهميته الغذائية وفوائده الصحية يتعرض الزبيب اليمني لمنافسة شديدة من مثيله المستورد، كغيره من السلع والخضروات والفواكه الأخرى، والتي كانت في فترة من الفترات تغطي حاجة المستهلك والسوق المحلية ويصدَّر الفائض منها إلى الخارج.
كما أن الزبيب اليمني ما زال متواجدا في الأسواق اليمنية وبكميات كبيرة خاصة هذه الأيام ومنذ دخول العشر من ذي الحجة وعيد الأضحى المبارك، حيث تزدحم الأسواق بالمواطنين والذين يسعون لشراء متطلبات العيد وفي مقدمتها الزبيب، لكن الخطورة تتمثل في الخسائر المتوقع أن تلحق بمزارعي العنب وتجار الزبيب جراء تكدس كميات كبيرة منه هذا الموسم بعكس المواسم السابقة.
نكهة خاصة
يكتسب عيدا الأضحى والفطر كمناسبتين دينيتين- نكهة خاصة في اليمن كغيرها من الدول العربية والإسلامية، والكثير من اليمنيين يستعدون لهذه المناسبة، بطقوس كثيرة أبرزها شراء (جعالة العيد) من الزبيب والمكسرات واللوز والفستق والفول السوداني و…, والتي تقدم للزائرين والمعايدين أثناء زيارتهم للأهل والأقارب والأحباب والأصحاب لدى وصولهم إلى المنزل لأداء سلام العيد, وكذا يستهلكها أفراد الأسر أنفسهم.
والزبيب المحلي في الأصل يتم تجفيفه من ثمرة العنب التي تشتهر بها اليمن منذ القدم وتزرع في عدد من المحافظات اليمنية وخاصة في مديريتي بني حشيش وخولان بمحافظة صنعاء، حتى يجمد العنب بالطريقة التقليدية (العوشة) ويستمر ما بين 30 – 45 يوما, كون هذه الطريقة تسهم بشكل كبير في الحصول على أجود أنواع الزبيب من حيث المذاق والحفاظ على المواد الغذائية التي تحتويها هذه الثمرة ويستفيد منها جسم الإنسان، ويمكن تخزينه لعشرات السنين دون أن تقل قيمته الغذائية أو يتغير مذاقه, ويأتي على رأس هذه الأنواع الزبيب الرازقي والبياض, بعكس الزبيب المستورد والذي تدخل عليه المؤثرات الزراعية (المواد الحافظة) واستعمال الأجهزة الآلية والتقنيات الحديثة الخاصة بعملية تجفيف العنب بغرض تحضير الزبيب بصورة عاجلة، والذي يفقد هذه الثمرة الكثير من المواد الغذائية المفيدة للإنسان, ويشير معظم المتخصصين الزراعيين إلى أن شجرة العنب من الأشجار النادرة التي تعمر طويلا بحدود 300 سنة إن لم يكن أكثر من ذلك وتتحمل الجفاف, ذلك ما يؤكده المهندسون الزراعيون الذين عملوا فترة طويلة في مجال الزراعة والذين أوضحوا أن العنب اليمني وخاصة الرازقي والعاصمي لا يوجد لهما مثيل في العالم أجمع, وأنهما يتميزان وينفردان عن غيرهما من الأنواع بإمكانية استهلاكهما طازجين واستخدامهما كزبيب, في حين يستخدم العنب المنتج عالميا في صناعة الخمور, ويعتمد مذاقه وقيمته التجارية على مدة ونوع التخمير, وليس في نوع العنب كما في اليمن.
أصحاب محلات بيع الزبيب يقولون إن المواطن اليمني يقبل في الدرجة الأولى على شراء الزبيب المستورد وخاصة الصيني, كونه أرخص ثمنا مقارنة بالمحلي, وبالرغم من أن المواطن يفضل ويقبل في الدرجة الأولى على شراء الزبيب اليمني بجميع أنواعه وأصنافه في عموم الأسواق اليمنية, إلا أن قلة الإنتاج المحلي من هذه السلعة يدفع بالبعض أحيانا لشراء الزبيب المستورد.
كما أن الإشكالية تكمن -وفقا للمزارعين- في غياب دور الجهات المختصة في دعم وتشجيع ومزارعي العنب، ما يؤدي إلى قلة الإنتاج المحلي ودخول الزبيب الخارجي.
انعدام المشتقات
ووفقا للمعنيين والمزارعين فإن إنعدام المشتقّات النفطية، وخصّوصا مادّة الديزل، ألقى بظلاله على مستوى حجم المنتج الزراعي من العنب، مع تفاوت في الارتفاع والانخفاض بحسب جودته من حيث الصفاء وحجم الحبة ولومتها وعنبتها، إلى جانب تحديات أخرى يواجهها الزبيب اليمني أمام الزبيب المستورد من الخارج نتيجة انحصار المساحات المزروعة من شجرة العنب التي تنتج الزبيب في مناطق محدودة تقتصر على محافظات صنعاء وصعدة والجوف.
وزارة الزراعة في حكومة الإنقاذ بصنعاء أكدت أنها أصدرت قراراً بمنع استيراد الزبيب الخارجي، على أساس الحفاظ على تحسين تسويق العنب اليمني، بما في ذلك الزبيب وحماية محصول العنب من خلال التوسع في زراعته وإنتاج الزبيب، بالإضافة إلى هدف عام وهو حماية المنتجات الزراعية المحلية، وكانت الفكرة منع استيراد البن والزبيب بالدرجة الرئيسية كونهما أهم محصولين استراتيجيين زراعيين في اليمن إلى جانب الفاكهة والمحاصيل النقدية.
وفي السياق ذاته يقول جمرك الزبيب في صنعاء القديمة، : إن إنتاج اليمن من الزبيب كان قرابة 50 ألف طن سنوياً، إلا أن الإنتاج تراجع إلى 20 ألف طن سنوياً بعد العدوان، لكن الطلب الكبير على الزبيب أكثر من قدرة الإنتاج المحلي على مواكبة الطلب لتغطية الاحتياجات الاستهلاكية في الأسواق خاصة في مواسم الأعياد، وهذا الأمر جعل التجار يضطرون إلى التهريب والتهرب من الجمارك في ظل وجود قانون وقرار يمنع استيراده، وبذلك يتحولون إلى مهربين ليتمكنوا من تغطية احتياجات السوق عبر المنافذ البرية والبحرية من ميناءي عدن والمكلا.
أصناف العنب
أصناف العنب المزروع في اليمن يصل عددها إلى 60 نوعاً أبرزها الرازقي والعاصمي والأسود والأبيض والحاتمي والزيتون والجوفي وغيرها، وتتركز زراعة العنب في المناطق الباردة والمعتدلة في معظم مديريات محافظة صنعاء كبني حشيش وبني الحارث وسنحان وخولان وأرحب وهمدان، وهذه المديريات بمحافظة صنعاء تشكل النسبة الأكبر في إنتاج العنب والزبيب وبنسبة تصل إلى 60 %، إضافة إلى محافظات صعدة وعمران والجوف وذمار وأجزاء محدودة من محافظات مارب وتعز والمحويت.
وبحسب التقارير الرسمية الصادرة عن وزارة الزراعة فقد تقلصت المساحة المزروعة بالعنب اليمني إلى 1869 هكتاراً بعد العام 2015م، حيث كانت المساحة المزروعة قبل الحرب والحصار تصل إلى 13613 هكتارا عام 2013م، وفي العام 2016م تقلصت إلى 11744 هكتارا، ووفقاً لتلك التقارير فقد انخفض إنتاج العنب في العام 2015م إلى 146 ألفاً و730 طناً، وفي العام 2016م انخفض إلى 130 ألفاً و234 طناً، فيما كان إنتاج مزارع العنب قبل الحرب مستقراً عند حدود 151 ألفاً و468 طناً حتى نهاية العام 2014م، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجع هامش الفائدة من قيمة المبيعات خلال سنوات الحرب إلى أن وصلت إلى القيمة السالبة.
فوائد صحية
وتؤكد دراسات علمية أن للزبيب فوائد صحية عديدة حيث يتميز باحتوائه على نسبة عالية من مضادات الأكسدة علاوة على الفسفور والبوتاسيوم والكالسيوم والماغنسيوم والحديد والنحاس, وأن الزبيب والعنب يساعدان على إزالة السموم من الدم والكبد والجهاز الهضمي كما يفيدان في مقاومة أمراض القلب وتقليل إفرازات الدورة الشهرية عند النساء في حالة نزولها بغزارة.
كما وجد أن الزبيب تحتوي على مركبات مكافحة البكتيريا المسببة لتسوس الأسنان, وتناوله يساعد على تنظيم ضغط الدم, الأمر الذي جعل الأطباء ينصحون المصابين بأعراض فقر الدم بتناول الزبيب وخاصة الأسود.
ولنا في السنة النبوية خير دليل، فقد روي عن النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: “عليكم بالزبيب فإنه يكشف المرة ويذهب البلغم ويشد العصب ويذهب الإعياء ويحسن الخلق ويطيب النفس”.
معالجات
ويطالب تجار الزبيب بمعالجة الإشكاليات السابقة وتشجيع مزارعي العنب ومحصول الزبيب, حيث أنه بإمكان الزبيب اليمني المنافسة عالميا, داعين الجهات المختصة في الدولة ممثلة بوزارة الزراعة إلى ضرورة الاهتمام بهذه السلعة ودعمها حتى لا تنقرض, ووضع، سياسة زراعية تحدد حاجة الاستهلاك المحلي، وتصدير الفائض من أي منتج، وكذلك وضع سياسة تسويقية تضمن للمزارع وصول منتجاته إلى الأسواق المحلية ومن ثم الخارجية، بالإضافة إلى تأمين مياه الري اللازمة وتوفير المدخلات الزراعية وإرشاد زراعي عبر الوسائل المسموعة والمقروءة والمرئية, والعمل على إيجاد آليات واستراتيجيات واضحة لتشجيع المزارعين وتطوير آليات إنتاج الزبيب بأساليب حديثة وجودة عالية وبأسعار معقولة حتى لا يندثر ويتراجع أسوة بمحصولي البن والقطن.