يقول السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- في أنواع الظلم:
ظلم الأب لأبنائه
عندما يصل الأب إلى هذا المستوى من القسوة، من الوحشية، من فقدان الشعور الإنساني والرحمة والحنان، عندما يصل إلى هذا المستوى من التوحش، من الطمع أيضاً، المشكلة أن بعضهم يجمع بين الفقر والطمع، فمع الفقر الشديد، ويأتي معه أيضاً طمع، لا يبالي بأي طريقةٍ، بأي وسيلةٍ، أن يستغل ابنه ليحصل على المال في المقابل.
مثل هذه جريمة وحشية جداً، جريمة بشعة للغاية، وظلمٌ كبير، وتفريطٌ في الواجب الإنساني الملقى على عاتق الأب، هو هنا يتنكَّر لإنسانيته، لفطرته، وهو هنا يتنصَّل عن واجباته ومسؤولياته، ويخون الأمانة التي حمَّله الله إياها؛ لأن أبناءك أمانة لديك، وعليك مسؤولية تجاههم، مسؤولية إنسانية، مسؤولية أبوية، في تربيتهم، في الحفاظ عليهم، في أن تصونهم، هذه المسؤولية أيضاً في أن تسعى لتربيتهم وتنشئتهم التنشئة الصحيحة، التنشئة الإنسانية، التنشئة الإيمانية، فإذا وصل الإنسان إلى درجة أن يبيع ابنه بهذه الطريقة، وظلم ابنه، وهذا من الظلم الكبير لابنك، عندما تكون ظالماً، وتمارس الظلم حتى مع أقرب الناس إليك، مع أولادك، فهذه جريمة كبيرة جداً عليك، لا يقبل منك دين، لا يقبل منك أي أعمال صالحة، وهو تصرفٌ غبيٌ، استغلالٍ ظالم، وهناك حالات أكثر مأساوية من ذلك.
البعض أيضاً يستغلون أبناءهم في التسول بشكلٍ مباشر، يخرج ابنه إلى الشارع، ويجعله يمتهن مهنة التسول؛ بسبب الفقر، يعيش في المنزل ظروف الفقر، والمعيشة الصعبة، فيجعل من المعالجات أن يحول ابنه إلى متسولٍ.
أيضاً من الوسائل التي يلجأ إليها البعض: الدفع بالأطفال في سنٍ مبكرٍ، في سنٍ مبكرٍ جداً، إلى أعمال شاقة فوق مستوى طاقتهم، ويعانون منها معاناة شديدة جداً، يتعرضون فيها للضرب المبرِّح، وهذا من الظلم، ظلم كبير جداً للأطفال، البعض من الأطفال يصل إلى درجة أن تضرب نفسيته، يتحطم، فيعيش مشاعر القهر، الاضطهاد، الظلم؛ حتى يفقد حريته، ومشاعره في العزة والكرامة الإنسانية، فينشأ وهو محطم، ويحس دائماً بالقهر والإذلال، وتربى على ذلك، هذا يؤثر عليه في المستقبل، وهو من الظلم الكبير جداً.
أيضاً مما يفعله البعض: الدفع بأبنائهم في صف الباطل، مثل ما يفعله البعض في هذه المرحلة، بدفع أبنائهم للالتحاق بتحالف العدوان؛ للحصول على المال، هذا أيضاً من الوسائل المحرمة، والظالمة، والمفسدة، أنت تظلم ابنك، وتظلم شعبك، عندما تجند ابنك في صف من يعتدي عليه، وقد يُقتل، قد يُقتل نتيجةً لذلك، وهنا تكون قد خسرته ودفعته للخسارة، لأن يبيع ذمته، ودينه، وشعبه.
من الوسائل التي يعتمد عليها البعض: الاتجار بالحرام، يدفع بابنه ليبتاع ويشتري في المحرمات، كالمخدرات وغيرها؛ لأجل أن يحصل من خلاله على مال، أنت هنا تستغل ابنك استغلالاً ظالماً وإجرامياً.
مما يفعله البعض أيضاً مع البنات بالتحديد: أن يحولها إلى سلعة، فبدلاً من أن يزوجها بالزوج المناسب، ممن يرضى خلقه، ودينه، وأمانته، وأخلاقه، وقيمه، قد يبيعها ممن يدفع له أكثر، فيتعامل معها وكأنها سلعة فقط، ويتجاهل مشاعرها، وهل هي موافقة، أو غير موافقة، راضية، أم ليست راضية؟ إنما يعتبرها سلعة، فمن يدفع له أكثر، يزوجه بها.
وقد يستغلها ذلك الذي تزوج بها، وهي لا تحبه، بدافع أنه قد دفع مالاً كثيراً لأبيها، ويتعامل معها- وهو من جانبه- كسلعة؛ لأنه دفع فيها الكثير، فتعيش حالة القهر والظلم طيلة حياتها، تزوجت بمن يعاملها كسلعة، والأب عاملها كسلعة، فتكون ضحيةً لظلم الطرفين:
الأب، الذي تعامل معها على أنها سلعة باعها لمن يدفع له أكثر.
والزوج، الذي ينظر إليها وكأنها سلعة دفع فيها المال الكثير، فلا يتعامل معها بمحبةٍ واحترام.
كل هذه هي من أشكال الظلم والاستغلال المحرم للأبناء، وما يشابهها من حالات الظلم والاستغلال المحرم للأبناء، هي جريمة كبيرة جداً إذا فعلها الأب.
الظلم في مال الوقف
من أنواع الظلم التي تحصل، وهي شبيهة بهذه الحالات، هي ما يتعلق بمال الأوقاف:
كذلك يكثر التعدي على مال الوقف، وعادةً ما يكون مثل هذا التعدي- في كثيرٍ من الحالات- ممن لهم ولاية من الورثة، من ورثة الموقف، ولو على مستوى ثالث درجة، أو رابع درجة، أو خامس درجة، أحياناً يكون قد مر أجيال من زمن الموقف نفسه، البعض من الورثة يتجهون إلى أخذ حصة الوقف، مستغلاته؛ لأن لهم ولاية اليد في القيام به، وأخذ حصتهم في ذلك، لكنهم لا يكتفون بحصتهم، يتجهون إلى أكل المستغلات بكلها، فما نتج عن الوقف، وما حصل منه من محصول: سواءً محصول نقدي، في ما يبيعونه بالنقد. أو غير ذلك.