وأذّن في الناس بالموت لإسرائيل

ألطاف سعد المناري

 

 

يقول الله سبحانه وتعالى ((إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَـمِينَ فيه آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ))
في هذا البيت الذي أُسس لعبادة الله وفي كلِ عام يتزاحمُ الحجيج في بيتِ اللهِ الحرام ، مُحرمين ملبين، يتسابقون نحو الحَجرِ الأسود ومقامِ نبينا إبراهيم ، أيديهم مرفوعةٌ نحو السماء؛ ترجُو عفو اللهِ وكرمه، الأعينُ تفيضُ من الدمع خشوعٌ وخشية، الجوارحُ منصةٌ لصوت التكبيراتِ والتلبيات.
مشاعرٌ عظيمة وأيام مقدسة ،فقد أقسم الله بها فقال “وليالٍ عشر” ليالٍ يباهي اللهُ بها عبادة، ليالٍ كلها تضرعٌ ورجاء، وطلب مغفرة، ليالٍ عظيمات يهنأ العبد بالقربِ من مولاه وخالقه، تبدأ بالطواف ثم السعي بين الصَّفاء والمروة إلى أن يأتي يوم الثامن من ذي الحجة يتوجه الحجاج إلى مِنى ثم يأتي يوم التاسع يوم الوقوفُ في جبلِ عرفة، يتسلق الحجيج الجبل وأرواحهم محلّقةٌ في فضاءِ التضرعِ والدعاء، كل واحد يدعو الله بلهجته دون حرجٍ أو تكلف، نشاهدهم في شاشات التلفاز ونعيشُ معهم الأجواء الروحانية، وقلوبنا تُحلق معهم وإن كانت المسافة الفاصلة آلاف الكيلو مترات.
مناظر الحجيج تزيد في النفوس تعظيم الله، وتجعل القلوب وجلةٌ من الله خاشية إياه، تواقةٌ إلى لُقياه ، من كل فج عميق ومن بلدان متعددة يأتي زوار بيت الله الحرام، جمعهم الحج وساوى بينهم، الغني والفقير، الوزير والفلاح، القوي والضعيف، الحاكم والمحكوم، المريض والمتعافي، الخيّر والشرير، لا فرق بين عربي وأعجمي، الكل هناك عبدٌ ذليل يرجو القبول والمغفرة، لا منصب يعليه ولا نسبٌ يُشرفه، الكل أتى الله بصفته عبدٌ خالي الوفاض يطلب عفوه وستره ويرجو أن ينقلب إلى الله مغفورٌ له.
يُحرم الحجيج الآتين من كل أقطار الدنيا، وكلهم يؤدون مناسك واحدة كلًا بلهجته ولغته، وبشكلٍ منظم ومرتب يؤدونها كما علم الله خليله إبراهيم وتحت سقفٍ واحد، وتلك هي الغاية من فرضيةِ الحج، أن يتوحد المسلمون، ويعلمون أنهم جميعاً أمة واحدة ربها واحد ودينها واحد، ولكي لا تحقق تلك الغاية فكّر أعداء الله في كيفية القضاء على هذه الوحدة وعلى إزالة مشاعر وتعظيم الحج في النفوس، رسموا الخطط واستخدموا كل الوسائل حتى آلت الأمور إلى ما يريدون.
تلك المخططات الهدامة لدين الله وللأمة تنبأ بها أهل العلم والبصيرة منهم السيد حسين رضوان الله عليه فقد قال ( سيعملون على تقليصِ الحجّ وسيحددون عدداً محدداً من كل دولةٍ ويقلصونه كل عام، سيمنعون دول فيقولون لها ستحُجون في العام القادم.. إلى أن يعودونا، وقد عودونا قليلًا قليلًا، سيقولون هذا العام يؤجل، والسنةُ هذه احتمال يكون هناك وباءٌ ينتشر ..فيؤجل، وهكذا حتى يموت الحج في أنفسنا، حتى يضيعُ من ذاكرتنا) هذا الخطاب قبل عشرون عاماً بالتحديد في عام 2002 وها هو اليوم يتحقق فبيت الله يفّتقر إلى الحجيج ويكاد يخلو منهم بذرائع واهية كما ذكرها الشهيد القائد، مُنعت دولٌ في الأعوامِ السابقة كإيران وسوريا واليمن، واليوم يُمنعُ الجميع بسببِ وباءٍ صنعته إسرائيل لهذه الغاية، في حين تضج قاعات الاحتفالات بالحضور احتفاء بكلِ فاسقٍ وفاجر.
مشاهدُ الحج هذا العام تدمي القلوب، وما يزيد الأسى هو رضوخ الشعوب لكل مخططات بني صهيون الراميةُ إلى إبعادهم عن دينهم ومقدساتهم، وإفراغهم من هويتهم الإيمانية، أصبحتُ القلوب عليها غشاوة في حين آيات الله جلية بينه فقد قال” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ ) وهو الحال فقد أطاع حكام الخليج اليهود فأصبحوا يردوا المسلمين عن دينهم بذرائع يفهم كنهها كل ذي عقل حكيم.
لابد للشعوب أن تثور لدينها ومقدساتها، لابد من التحرك ضد كل من يُجمّد الأمة ويمنعها من أداء فرائضها وشعائرها الدينية، على الشعوب أن تتحرك وأن تحذو حذو اليمن؛ لتقطع يد إسرائيل في المنطقة، ولن يكون بترُها إلا من أرض الحكمة والإيمان وعلى يد قائد الأمة السيد عبدالملك، فهو منقذ الأمة وهاديها، أصرخ في وجهها أيها القائد لعلها تفيق من سباتها، وأضرب بعصاك شرق الأرض ومغاربها؛ فجندك والله الغالبون، وإنهم من النصر لقريبون، وإنهم الموت لأمريكا وإسرائيل.
فهم اليوم يعيدون للإسلام مجده، ولدين نقاؤه وصفائه، ففي كل يوم تُرمى جمراتٌ تُحرق رجس شياطين إسرائيل، وفي كلِ يومٍ تجتمع الرجال لتطوف في الجبهات تسعى بين العزة والنصر ، تلبي داعي الله، وتجهر بتكبيره وتلعن أعدائه، وتذوقه السم المنون، وتقف في كل جبهة على رؤوس الجبال رافعةً راية الفتح المبين ،حتماً سيأتي اليوم الذي يقال فيه لمؤذن بيت الله الحرام “أذّن في الناس بالموت لإسرائيل” ، واتلو آيات البراءة، وقل ما قال رسول يوم فتح مكة “من دخل بيت الله فهو آمن ومن أغلق داره فهو آمن” فقد جاء نصرُ الله والفتحُ المبين.

قد يعجبك ايضا