مقاومة مشاريع تفتيت الأمة الإسلامية

عبد الرحمن مراد

 

قبل زمن تم تهريب بضعة أفراد يمنيين يهود ومعهم التوراة الأصلية أو أقدم توراة لديهم إلى إسرائيل، وخلال نفس الفترة تم الاحتفال بوصولهم بشكل يدعو للاستغراب , وترددت معلومات يومئذ أن هذه الأسر التي وصلت إلى إسرائيل هي بقية الأسباط الاثني عشر الذين بعودتهم تكتمل علامات ظهور الدجال , والغريب في الأمر أن المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية يومذاك نشر تغريدة غريبة لا يفهمها إلا المتابعون للحسابات والنبوءات الإسرائيلية نصها « مبارك عليكم تتوييج الرب « وهي تغريدة لاقت استغراب عامة الناس ولم يفهمها الكثير لكن مدلولها يشير بما لا يدع مجالا للشك إلى أن ظهور الدجال أصبح أمرا حتميا وقريبا .
ومثل هذه الحسابات معروفة في تاريخ اليهود، فقد نص القرآن الكريم على سعي اليهود لقتل كل مولود يظهر في ليلة ما في مصر لأنه سيهدد ملك فرعون (قصة موسى) وحين ظهور الرسول تحكي كتب السيرة النبوية عن معرفة اليهود لزمان ظهور نبي وكانوا يحرصون على قتله كما أخبر بجيرة الراهب أبا طالب، ولذلك فهذه الثقافة أصيلة في معتقدهم .
واليهود يحلمون بدولة إسرائيل الكبرى ويغرقون في معتقد علاماتها كما يجدونه في كتبهم، ولذلك كان هدف 11سبتمبر وفق دراسة مؤسسة «راند» هو التعرف على الانقسامات الرئيسية وخطوط الصدع الطائفية والعرقية على المستوى الإقليمي والوطني للدول الإسلامية , وكيف يمكن لهذه الانشقاقات أن تخلق الفرص والتحديات للولايات المتحدة ولإسرائيل , ويمكننا أن نتأمل الحقائق التالية لندرك ونعي :
– في كتاب بريجنسكي الذي بعنوان (بين عصرين) يذهب الكاتب إلى القول أن الرأسمالية تواجه هزيمة إيديولوجية وفكرية كبيرة جدا , ورأى أن الحل الوحيد هو إحياء ما سماه بـ(الأصوليات الدينية) ودفعها للصدام مع الشيوعية والاشتراكية وحركات التحرر, عندها سوف تهزم الشيوعية والاشتراكية بقوة الأصوليات الدينية, وتوفر للرأسمالية الأمريكية فرصا استراتيجية لإعادة تنظيم العالم تحت قيادتها, كان ذلك في عقد الثمانينيات واستمر الاشتغال على ذات المنهج والطريقة مع بعض التعديل ومتطلبات المراحل لكن في بؤرة الأصوليات الدينية فقط .
وقد تمَّ لهم ذلك، إذ تعاظمت الأصوليات الدينية (الإسلامية , المسيحية , اليهودية ,الهندوسية ) منذ مطلع عقد الثمانينيات , وأدت إلى تحقيق الخطوات التمهيدية للسيطرة على العالم بعد إزالة العقبة الشيوعية , واشتغال واستنزاف وشرذمة حركات التحرر في الأقطار العربية , خصوصا في فلسطين والعراق , وفرض خط الاستسلام للصهيونية في فلسطين والعراق وكان الهدف الاستسلام للصهيونية . وقد حدث وما يزال يحدث بعد إعلان التطبيع بين التحالف السني وإسرائيل، وهو التحالف الذي تقوده السعودية .
– الحروب الطائفية التي تدور عجلتها في المنطقة العربية اليوم هدفها كما تقول دراسة مؤسسة راند هو تحويل المسلمين إلى محاربين لا يحبون السلام والاستقرار , وبحيث تتولَّد قناعة لدى المجتمع الدولي بضرورة القضاء على الإسلام لإنقاذ العالم من شروره وفي ذلك تمهيد لإقامة دولة إسرائيل الكبرى وخروج الرب المخلص وفق المعتقدات الأصولية اليهودية .
– دوائر صنع القرار الأمريكي باشرت عملها وفق خطط واستراتيجيات وكانت استراتيجية إنشاء جماعات دينية معتدلة هي الخطة التي أفضت إلى حركة الاحتجاجات في عام 2011م وهذه الخطة (الاستراتيجية صادرة عن معهد سميث ونشرتها صحف الإخوان كالصحوة ) دلّت عليها وثائق ويكيليكس وتصريحات هيلاري كلينتون خلال حملتها الانتخابية بقولها بالاتفاق مع الإخوان المسلمين على إنشاء داعش .
وبالنسبة لليمن فنحن نلاحظ أن العدوان يسير في مسارات متعددة من عسكرية وحركتها دائمة في الواقع وتحت مسميات متعددة كإعادة الأمل , وعاصفة الحزم وغير ذلك من المسميات , والمسارات الاقتصادية وتمثل في نقل البنك , ووقف تصدير النفط, والحصار المفروض على اليمن وفي غير ذلك من العلميات , وأما المسار الثقافي فهو المشروع الذي بدأ العدوان في الاشتغال عليه تحت عناوين ناعمة تهدف إلى التالي :
– تفكيك الهوية الوطنية الكلية وتجزئتها .
– شيطنة قوى التحرر الوطني وعزلها ثقافيا واجتماعيا .
– خلق حالة من التنافر بين مكونات المجتمع اليمني السياسية والثقافية والاجتماعية .
– تنمية مشاعر الكراهية بين رموز المجتمع المدني .
وقد ورد في دراسة صادرة عن مؤسسة سميث ما نصه :
« إن الصراع الموجود حالياً في معظم أنحاء العالم الإسلامي عبارة عن حرب للأفكار، وسوف تحدد نتائج هذه الحروب التوجهات المستقبلية للعالم الإسلامي وما إذا كان خطر المجاهدين الإرهابيين سوف يستمر مع عودة بعض المجتمعات الإسلامية إلى أبعد أنماط التعصب والعنف».
إذن هدف النشاط العسكري الأمريكي في عموم الجغرافيا العربية هو تفتيت الأمة العربية والإسلامية تدريجيا حتى تصل إلى أسس ما قبل الأمة والدولة الوطنية تسهيلا للسيطرة عليهم, فأمريكا وصلت إلى مرحلة شيخوخة نظامها الرأسمالي الذي أصبح عاجزا عن توفير احتياجات إمبراطورتيه ولكي تواصل هيمنتها على العالم يجب أن تبقى مسيطرة على الموارد والمنافذ وخطوط الملاحة وما لم تتشرذم الأمم وتتفاقم أزمتهم البنيوية فلن تستطيع الاستمرار وذلك ما توحي به الوثائق والدراسات وحركة الواقع وتفاعلاته .

قد يعجبك ايضا