قالت صحيفة “فايننشال تايمز” إن سياسة الدفع نحو الهاوية بين السعودية والإمارات تهدد وحدة منظمة الدول المنتجة والمصدرة للنفط (“أوبك”) في وقت زادت فيه أسعار النفط.
وحذر التقرير من أن رغبة الإمارات بزيادة إنتاجها يثير سيناريو خروجها من كارتل النفط بعد 54 عاما. وأشاروا إلى أن العلاقات متوترة بين البلدين بدرجة لم يكن أي منهما قادرا على تقديم صورة عما حدث في اجتماع “أوبك” وحلفائها يوم الاثنين الماضي.
وقال أشخاص على علاقة وثيقة مع الإمارات إن اللقاء الرسمي بين وزراء النفط قد تم تأجيله. لكن نظراءهم السعوديين ناقشوا أنه ألغي وحملوا الإمارات مسؤولية فشله من أجل زيادة الإنتاج في وقت زاد فيه الطلب المتجدد على النفط بنسبة 50% هذا العام.
ووصل سعر نفط برنت الخام إلى مستويات أعلى بثلاث مرات في وقت أشعل الخلاف بين السعودية، الزعيم الفعلي لـ”أوبك” والإمارات الشريك القريب والمتعاون سابقا حرب بيانات بين المعسكرين. لكن المواجهة فتحت صدعا في قلب “أوبك” وتهدد قدرة الكارتل وشركائه في تحالف “أوبك زائد” على توفير استقرار لأسعار النفط، وربما أدى لخروج الإمارات العضو فيه منذ عام 1976م. وهناك إجماع بين المسؤولين الإماراتيين حول الزعيم الفعلي للإمارات الشيخ محمد بن زايد بأن مصلحة الإمارات العمل بمفردها حسب أشخاص على معرفة بالأمر.
وقال مصدر: “النقاشات جارية ولكن الخروج يظل خيارا نوويا”، و”هناك الكثير من الخطوات التي ستوصلنا إليه”. لكن الخروج من الكارتل سيعطي الإمارات الفرصة لزيادة إنتاجها من النفط الذي تستخرجه بأسعار متدنية وبمعدلات قصوى بدلا من العمل بناء على ثلثي قدراتها من أجل التساوق مع حصص الكارتل.
واقترحت السعودية وحليفتها في المنظمة المكونة من 23 عضوا، روسيا فيما يعرف بـ”أوبك زائد” زيادة الإنتاج بمعدل 400.000 برميل في اليوم وبالفترة ما بين أغسطس ديسمبر. لكن السعوديين دفعوا باتجاه تمديد صفقة التوريد التي تم الاتفاق عليها في ذروة الوباء والإغلاق الذي رافقه في إبريل 2020 وأبعد من إبريل 2022.
وناقشت الإمارات في الأسبوع الماضي أنها تدعم خطة زيادة الإنتاج ولكنها تريد ضمانات، قبل أي عملية تمديد متعلقة باتفاق التوريد، أي أن إنتاجها الأساسي الذي قام عليه قرار تخفيض الإمدادات سيرفع في إبريل مما سيسمح لها بإنتاج النفط حسب قدرتها القصوى.
وزادت الإمارات قدراتها الإنتاجية في السنوات الماضية إلى حوالي 4 ملايين برميل في اليوم وتتوقع زيادة أخرى بمعدل 5 ملايين برميل في اليوم وذلك بناء على خطة يدعمها سلطان الجابر، رئيس شركة بترول أبو ظبي الوطنية الراغب بتوسيع قدرات إنتاج البلد في أي فرصة. وبناء على اتفاق “أوبك زائد” يسمح للإمارات بإنتاج 2.7 مليون برميل في اليوم بشهر تموز/ يوليو.
وترى الصحيفة أن ضخ كميات كبيرة من النفط وبسرعة كبيرة يعتبر المفتاح الرئيس لمستقبل أبو ظبي في مرحلة ما بعد النفط.
وقال مستشار لحكومة الإمارات: “يريدون تمرير رسالة مفادها التصميم حتى الموت”. ويقصد من الإنتاج الإضافي الذي تخطط له الإمارات توفيره لمصفاة ومصنع البتروكيماويات في مدينة الرويس، وهو جزء من خطة أبو ظبي للحصول على قيمة أفضل من نفطها الخام محليا. وستدعم عوائد النفط العالية خطط التنويع في كل مجالات الاقتصاد.
وفي الوقت الحالي، رفضت الرياض التراجع أمام سياسة الدفع نحو الهاوية الإماراتية وستلقي اللوم على أبو ظبي في ارتفاع أسعار النفط. وقال مصدر على معرفة بسياسة السعودية النفطية إن رفض الإمارات “التعاون بإيجابية” سيؤدي إلى فرصة ضائعة للسيطرة على أسعار النفط الخام والمتوقع أن ترتفع عندما يقل عدد براميل النفط المتوفرة بالسوق أكثر مما توقع التجار.
وقال مصدر: “كان يمكن للقاء الخميس أن ينتهي بعد ساعة”. وكانت المرة الأخيرة التي تعرض فيها تحالف “أوبك زائد” للضغوط عندما بدأت السعودية وروسيا حرب أسعار مع بداية الوباء وبعد عدم اتفاقهما حول كيفية التعامل مع سياسة التوريد في وجه الأزمة. واليوم فالشجار ليس مع منتج منافس، بل تواجه المملكة خلافا مع جار قريب أصبح أكثر حسما وأقل استعدادا للتعامل مع الخلافات في اللقاءات الخاصة، بشكل يهدد وحدة “أوبك زائد” الهشة.
وقال بيل فارين- برايس، مدير البحث في شركة إنفريس: “ما تعلمناه من هذا الحادث أن هناك قلة صبر على دبلوماسية الأبواب المغلقة التي كانت ستحل المشكلة في الماضي”، مضيفا: “ربما استطاعت العقول الهادئة الانتصار في النهاية لكن الجني خرج من القمقم، ولا يمكن استبعاد خروج منتج في “أوبك” والعمل لوحده”.
وقال إن “الصدمة التي سيتركها خلاف كهذا على مصداقيتها سيكون عميقا”. وعلقت كريستين ديوان من معهد دول الخليج (الفارسي) العربية في واشنطن أن الإمارات قد لا تترك المنظمة مباشرة ولكن منطق سياساتها النفطية ومسار استراتيجيتها يقترحان أنها قد تفعل. وأضافت: “هناك تسوية يمكن التوصل إليها على المدى القريب، ولكنني لا أتوقع تخلي الإماراتيين عن استراتيجية يعملون عليها منذ عقد تقريبا”. و”يعتمد التحول عن النفط على طريقة استخدام مصادره وبسرعة”.