التنظيمات الإرهابية في معركة البيضاء.. ورقة أمريكية أخيرة في اليمن

 

فيما تضج وسائل الإعلام التابعة لمرتزقة تحالف العدوان، بالأخبار المحدّثة عن انتصارات لقوات الارتزاق والعمالة في محافظة البيضاء، خرج مصدر عسكري في صنعاء عبر قناة «صدق الكلمة»، ليؤكد أن الجيش واللجان الشعبية نفذوا – بالتعاون مع أبناء القبائل – عمليتين عسكريتين في الزاهر والصومعة التي قال إعلام المرتزقة إنهم سيطروا عليهما خلال اليومين الماضيين.
الثورة / عبد القادر عثمان

المصدر العسكري أكد مصرع وإصابة أكثر من 80 مرتزقا بينهم قيادات من القاعدة خلال العمليتين، واستعادة عدد من المواقع فيها، كما وزّع الإعلام الحربي اليمني مشاهد مصوّرة للعملية التي جاءت معاكسة، على خلفية هجوم نسبته ما تسمى القوات اليمنية لتنظيم القاعدة الإرهابي، في المناطق ذاتها.
جاء ذلك متزامنا مع اعتراف قوى العدوان بمصرع عدد من مقاتليها في البيضاء، بينهم قيادات تعرف بانتمائها إلى تنظيم القاعدة، وعلى رأسهم قائد تنظيم القاعدة بمديرية الزاهر صالح أحمد بلسن الحميقاني المعين قائداً للكتيبة السادسة في اللواء 117 مشاه التابع للمرتزقة، بالإضافة إلى عدد من العناصر التكفيرية، منهم أبو عبدالله العولقي وشاكر محمد علوان الحميقاني وجمال حسين الحميقاني وأحمد عبدالله مبارك الجمال، وسامي مسعد سعيد السليماني وغيرهم.
وكانت العناصر التكفيرية قد شنت هجوماً واسعاً مطلع الأسبوع الجاري على مناطق الجيش واللجان الشعبية في محافظة البيضاء، في عملية أطلق عليها اسم «النجم الثاقب» وتأتي بدعم أمريكي لمحاولة استعادة المناطق التي حررها الجيش واللجان الشعبية من تنظيمي القاعدة وداعش قبل أشهر، بغية إعادة قدم التنظيمين إلى المحافظة، لتعود معهما يد أمريكا إلى وسط اليمن.
النجم الثاقب، التي يتبناها التنظيم الجديد المسمى «المقاومة السلفية المتشددة»، وترعاها الولايات المتحدة الأمريكية تظهر في وسائل الإعلام التابعة لقوات العدوان ومرتزقتهم على أنها عملية عسكرية ينفذها جيش الارتزاق؛ لاستعادة الجمهورية، في الوقت الذي يتقدم المواجهة عناصر التنظيم بعد فرارها من معسكراتها خلال عملية البيضاء الأخيرة التي انتهت بتحرير 14 معسكرا للتنظيمين الإرهابيين.
في إطار ذلك يقول المرتزق ياسر العواضي – في تغريدة له على موقع التدوينات القصيرة (تويتر) – إن «مساجد المسحر وامضحاكي تكبر وتهلل ترحيباً بالمقاومة السلفية بالحازمية الصومعة وقوات العمالقة»، مضيفاً: «اللهم نصرك وأتم فرحة الأهالي بعودة أبنائهم وطرد المحتلين الحوث وشعفهم».
وتأتي مشاركة القاعدة وداعش تحت المسمى الجديد (المقاومة السلفية) كرهان أمريكي على استعادة البيضاء بعد الفشل الذريع الذي منيت به أياديها في كافة الجبهات؛ إذ سبق العملية تحشيداً استمر لعدة أشهر، جمعت أمريكا من خلاله مئات المتطرفين من كافة الدول عن طريق فروع الجماعات المتطرفة التي تعمل جميعها لصالح الإدارة الأمريكية، وجرى تصديرهم إلى مارب ومنها إلى البيضاء.
لم يكن لقاء الفار علي محسن الأحمر، بقائد قوات البحرية الأمريكية الوسطى قائد الأسطول الخامس الفريق بحري براد كوبر، وليد الصدفة، كما لم يكن لقاءً عابراً، بل جاء ليدشن مرحلة جديدة من الحرب العدوانية على اليمن تكون القاعدة أبرز روادها، مع ارتفاع منسوب التدخل الأمريكي في المعركة، ولعل ذلك كان أبرز محاور اللقاء الذي جاء على هيئة «بحث العلاقات الثنائية ومجالات التعاون المختلفة بما فيها المجال العسكري ومواجهة التحديات ومكافحة التطرف والإرهاب والسلاح الإيراني»، وما يفسر هذه الفرضية هي انطلاق ما عرفت بعملية “النجم الثاقب” عقب اللقاء مباشرة، بزخم كبير يعكس حجم الدعم الأمريكي الممنوح للجماعات المتطرفة، واستماتة العناصر خلال الزحف على المناطق الحرة، ومشاركة الطيران التابع لقيادة العدوان في المعركة.
وفي تصريحه الأخير لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، يقول محافظ عدن طارق سلام، إن «أمريكا دفعت بعناصر تنظيم القاعدة التي دربتها في المعسكرات التي أنشأتها بالمحافظات الجنوبية المحتلة، للقتال في محافظة البيضاء، بعد فشل مرتزقة تحالف العدوان في تحقيق أي تقدم»، لافتا إلى أن «المعسكرات الأمريكية التي أنشئت في المحافظات الجنوبية المحتلة، هدفها إعداد عناصر التنظيم وتسليحها لخوض المعارك التي تديرها أمريكا».
ليست هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها تنظيم القاعدة والعناصر الإرهابية مع مرتزقة السعودية والإمارات في المعركة، بل كان للتنظيمات الإرهابية – القاعدة وداعش – منذ إعلان العدوان على اليمن في مارس 2015م، مشاركات واسعة مع ما تسمى بقوات الشرعية (المرتزقة) في أكثر من جبهة، وفي هذا الجانب اطلعت «الثورة»، في وقت سابق، على وثائق سرية تثبت مشاركة قيادات في تنظيم القاعدة وداعش مع قوات تحالف العدوان في كل من مارب والبيضاء وعدد من الجبهات، التي ظلت تتلقى دعماً عسكرياً ومالياً طيلة الست سنوات الماضية، ليس من قبل تحالف العدوان فحسب بل من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً، عن طريق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (يو إس إيد)، والدعم الاستخباراتي والتنسيق الأمني والتواصل بين قيادات الجماعات على المستوى العربي.
وبحسب تحقيق استقصائي أجرته شبكة “سي إن إن” الأمريكية في العام 2019م، كشفت فيه مصير الأسلحة الأمريكية التي تبيعها واشنطن لتحالف العدوان، فـ«تنظيما القاعدة وداعش استمرا في إنشاء المعسكرات في محافظة البيضاء، وتلقي الدعم الأجنبي، وحظيا باهتمام واسع من قبل الحلفاء».
ويقول التحقيق إن تلك الأسلحة وصلت إلى أيادي التنظيمات الإرهابية وسط وجنوب اليمن (وهي عناصر موالية لدول العدوان)، بحسب التحقيق الذي استند إلى أدلة تؤكد أن العتاد العسكري الذي باعته واشنطن للسعودية والإمارات تم توزيعه على الجماعات الموالية لتحالف العدوان. ولفت التحقيق إلى أن السعودية وحلفاءها نقلوا أسلحة أمريكية الصنع إلى القاعدة ومليشيات متشددة في اليمن لدفعها للقتال معها ضد «أنصار الله».
تؤكد العديد من التحقيقات التي أجرتها وسائل الإعلام الدولية أن القاعدة وداعش جزء لا يتجزأ من العدوان على اليمن، وما يزيد ذلك يقينا هو حديث زعيم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة، خالد باطرفي، في فيديو كشفته الثورة في تحقيق سابق، حيث يقول إن «كل من يشارك في الجبهات يعلم يقينا بمشاركتنا، إما بالقتال الحقيقي مع إخواننا المسلمين في اليمن، أو بالدعم بما نستطيع في الجبهات».
كما تؤكد تلك التحقيقات أن أمريكا هي الداعم الأول للتنظيمات الإرهابية التي تقاتل مع تحالف العدوان ضد اليمنيين، وهي وسيلة تلجأ إليها أمريكا في البلدان التي تعجز عن تحقيق رغباتها التوسعية فيها، وفي اليمن الذي بترت فيه يد أمريكا يوم الـ 21 من سبتمبر 2014م، لجأت الإدارة الأمريكية إلى وسائل أخرى لتدمير اليمن وقتل الشعب اليمني، كان أهمها العدوان الذي تتزعماه المملكة العربية السعودية والإمارات المتحدة، وبموازاة ذلك عززت من دعم الجماعات الإرهابية وسط اليمن، بغية إيصالها من جديد إلى صنعاء، وهو ما تراهن عليه اليوم في ورقتها الأخيرة في البيضاء، والتي بلا شك ستسقط كما سقطت سابقاتها.

قد يعجبك ايضا