خبراء عسكريون يتحدثون لـ”الثورة ” عن دلالات العمليات الثلاث: استهداف معسكري الوديعة وصحن الجن وتحرير جبال الدحيضة نقلة نوعية في مسار المعركة

 

اللواء عبد الله الجفري: العمليات الثلاث في سياق تحرير محافظة مارب كون الأولى تقطع آخر شريان إمداد والثانية استهدفت معسكر تسليحهم والثالثة استهدفت مواقع تدريبهم خارج المحافظة
العميد عابد الثور: العمليات تدل على القوة الاستخباراتية الدقيقة التي رصدت تحركات العدو السرية وتجهيزاته القتالية
العقيد مجيب شمسان: تميز استهداف الوديعة بالتوثيق المرئي الكامل من الانطلاق وحتى التنفيذ داخل المعسكر

شهدت الفترة الزمنية القريبة الماضية ثلاث عمليات عسكرية هجومية أثمرت انتصارات كبيرة وحققت أهدافها بدقة عالة، فبعد تحرير سلسلة جبال الدحيضة في المزاريق بالجوف- آخر شريان للمرتزقة في القطاع الشمالي الشرقي في عملية الشهيد الذي وفى أبو فاضل طومر- أغارت صواريخ الجيش وطائراته المسيَّرة على معسكري صحن الجن بمارب والوديعة الذي اعتبره العدوان المكان الآمن لتدريب قواته قبل إرسالهم إلى مارب، وقد لاقت العمليات الثلاث ارتياحا شعبيا كبيرا، كما سببت قلقا وارتباكا لتحالف العدوان ومرتزقته.
خبراء عسكريون أكدوا لـ”الثورة” أهمية هذه العمليات ودلالاتها الاستراتيجية في مسار المعركة .. فلنتابع:

الثورة  / احمد السعيدي

البداية كانت مع اللواء عبد الله الجفري- خبير عسكري وناطق القوات الجوية سابقا- الذي قال:
لقد حققت هذه العمليات الرئيسية الهجومية الاستباقية أهدافها وبدقة ونجاح كبير جدا عبر اختراق عسكري أمني جوي لمواقع العدو، أما دلالات هذه العمليات الاستراتيجية فهي تأتي في سياق تحرير محافظة مارب لأننا عندما نتحدث عن جبال الدحيضة فهي تقع في المحور الشمالي الشرقي الذي يبعد حوالي سبعين كيلو متراً عن مارب والالتفاف لقطع خط الإمداد الذي يأتي من الوديعة عبر مديرية العبر وصولا إلى مارب وذلك لتأمين حقول وآبار النفط في منطقة صافر، عملية الدحيضة كانت مهمة كونها في منطقة صحراوية فيها سلسلة جبلية كان يستخدمها المرتزقة لمواجهة المجاهدين إلا أنهم- خلال ذلك التكتيك الذي شاهدناه عبر الإعلام الحربي، في عملية الشهيد البطل أبو فاضل طومر الذي استطاع بفضل الله أن يكون نموذجاً جهادياً في التضحية ورفع معنويات المجاهدين – تمنكوا من الوصول إلى منطقة الصيعري الحدودية التي تربط جغرافيا بين محافظتي الجوف ومارب وتبعد 30 كيلو متراً فقط عن حقول النفط التي تسيطر عليها تلك الجماعات الإسلامية الإرهابية وتنهب ثرواتها، وحفاظا عليها من التدمير أو الإحراق كان ذلك الالتفاف الشمالي الشرقي خصوصا أن العدوان يسيطر على الموارد الاقتصادية والممرات المائية والمنافذ الحدودية وأيضا الموانئ والجزر ولذلك كانت معركة الدحيضة خطوة إيجابية نحو انتصارات كبيرة كون المنطقة صحراوية والتحرك فيها مكشوف لطيران العدوان.
أما استهداف معسكر صحن الجن في مارب فمن المعروف أن معسكر صحن الجن عبارة عن فوهة بركانية جبلية تحيط به كل الجبال ويتم فيه تخزين الأسلحة والمؤن وبعض المعدات العسكرية لحمايتها، إلا أن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيَّر تمكنوا من إصابتها بدقة بعد جمع المعلومات الاستخبارية، كما أن معسكر صحن الجن عبارة عن غرف عمليات وتحكم وسيطرة وموقع تجمع للمرتزقة وعتادهم، ويأتي هذا الاستهداف بعد عدة استهدافات للمعسكر ذاته والتي أسفرت عن إرباك العدو والمرتزقة وإحداث تصدع في تكتيكهم العسكري ومعنوياتهم القتالية بعد أن أصبحوا مخترقين من قبل الاستخبارات العسكرية للجيش واللجان الشعبية.
معسكر الوديعة
وأضاف اللواء الجفري عن استهداف معسكر الوديعة:
تم استهداف معسكر الوديعة الذي يتم نقل المقاتلين المرتزقة إليه من معسكرات مارب وعلى رأسها معسكر تداوين بعد أن اقترب الجيش واللجان من تحرير مارب من ثلاثة محاور وذلك لتدريبهم في موقع بعيد عن الأنظار وآمن يتكون من سلسلة تباب جبلية ولديهم قدرات دفاعية كبيرة ولكنها فشلت فشلاً ذريعاً ولم تستطع أن تكتشف الطائرات المسيَّرة العشر وسقطت أعداد كبيرة من المرتزقة بين قتيل وجريح وأعطبت الآليات العسكرية وكذلك أصيبت غرف العمليات والسيطرة وشاهدناهم في مشاهد الإعلام الحربي وهم يفرون بعد هذه الضربة الاستباقية وقد كانوا في طريق إعدادهم لدعم جبهة مارب.. والخلاصة أن هذه الثلاث العمليات تأتي في سياق تحرير محافظة مأرب كون الأولى تقطع آخر شريان إمداد إلى محافظة مارب والثانية استهدفت معسكر تسليحهم الكبير في المحافظة والثالثة استهدفت مواقع تدريبهم خارج المحافظة وتميزت العمليات الثلاث بأنها كانت عمليات استخباراتية دقيقة وأيضا كانت اختراقاً أمنياً وعسكرياً وإعلامياً، اختراق أمنى تمثل في تحديد الزمان والمكان المناسبين وعسكري باختراق عشر طائرات منظومات الدفاع والرادارات التابعة لهم وإعلامي يتمثل في التوثيق من قلب الحدث منذ لحظة انطلاق الطائرات حتى وصولها كي نثبت للعالم صحة ما نتحدث عنه، لأنهم دائما ما ينكرون ويزيفون الحقائق ويقلبونها رأسا على عقب، والجبهة الإعلامية لا تقل أهمية عن الجبهة العسكرية فقد استطاعت أن تجسد هذه الانتصارات بالتصوير الاحترافي والتقني من حيث الدقة ومواكبة العملية منذ بدايتها وحتى النهاية ولم نشاهد توثيقاً كهذا للمعارك في العالم، وهذا يثبت هشاشة المرتزقة والنظام السعودي الذي تورط في مستنقع لا يستطيع الخروج منه..
وأختم بالحديث عن الطائرات العشر التي استهدفت معسكر الوديعة والتي تم تصنيعها من قبل التصنيع الحربي والعسكري اليمني ، وقد أصبحت اليوم مؤثرة جدا ورغم تكلفتها البسيطة إلا أن مهامها أصبحت كبيرة جدا وقدرتها تتفوق على طيران دول التحالف وتنطلق من قاعدة بشكل صاروخ وليس من مدرج مطار وتعمل بمنظومة هيدروليكية وتنتقل اليوم على الأكتاف من موقع إلى آخر وهذا يأتي في إطار المعركة الالكترونية العلمية الحديثة حيث أصابت مساحة تقدر بأكثر من 800 متر مربع لكل طائرة لأن خصائصها أنها انتحارية تنفجر على ارتفاع من عشرة إلى عشرين متراً .
القوة الاستخباراتية
أما العميد الركن عابد الثور-خبير عسكري في وزارة الدفاع – فتحدث عن دلالات هذه العمليات العسكرية فقال :
تعد العمليات الثلاث التي نفذت استراتيجية ومفصلاً رئيسياً في انتقال قواتنا من مرحلة الضرب في العمق السعودي باستخدام القوة الصاروخية والطيران المسيَّر واستهداف مواقع اقتصادية وحساسة ومعسكرات داخل العمق السعودي إلى مرحلة استهداف تحركات العدو أينما وجدت فعملية تحرير سلسلة جبال الدحيضة في المرازيق بالجوف كانت مهمة جدا لأن مرتزقة العدوان كانوا يراهنون عليها كمنطقة استراتيجية لن يتنازلوا عنها لكن استشهاد البطل طومر كان له الأثر الكبير في نفسية المقاتلين والأبطال والشجعان من الجيش واللجان الشعبية فتم تحرير الجبال بأكملها بعد أن رفض العدوان تمكينهم من إخراج جثة الشهيد البطل أبو فاضل طومر ما دفع الأبطال إلى تنفيذ عملية شاملة لتحرير جميع المناطق المحتلة في الدحيضة التي كان يسيطر عليها المرتزقة لسنوات طويلة، وبتحريرها أكملت قواتنا السيطرة على آخر المواقع المرتفعة في المنطقة الشرقية بأكملها وهي الآن تحت السيطرة النارية لقواتنا المسلحة ولا يستطيع العدوان ومرتزقته تحقيق أي تقدم فيها، كما تأتي العملية الثانية باستهداف معسكر صحن الجن في محافظة مارب لتدل دلالة كبيرة على أن قواتنا المسلحة متمثلة بالجيش واللجان الشعبية في كامل الجاهزية القتالية وعلى أعلى مستوى ماديا ومعنويا وقد كان للمعلومات الاستخباراتية الدقيقة دور فاعل في تحقيق أفضل النتائج والقيام بعمليات عسكرية هجومية وتحقيق ضربات نوعية بالصواريخ الباليستية والطيران المسيَّر، ومن دلالات استهداف معسكر صحن الجن أن تحركات العدو السرية وتجهيزاتهم لعمليات قتالية على قواتنا المسلحة والمناطق المحررة صارت مكشوفة بفضل استخباراتنا العسكرية وامتلاكنا المعلومات، فأفشلنا كل مخططاتهم السرية ولم يكونوا يتوقعون أن نمتلك القدرة على الحصول على المعلومات السرية وأن نحدد الهدف وأن نضرب بقوة ونحدث خسائر كبيرة في صفوفهم، إضافة إلى سقوط قيادات سعودية في المعسكر المستهدف ولا نستبعد أنه كانت تتواجد قيادات بريطانية وإسرائيلية هناك”
أبعاد سياسية وعسكرية
وواصل العميد عابد:
أما عملية الوديعة فكانت لها أبعاد سياسية وعسكرية تمثلت في أن الجمهورية اليمنية تخوض عمليات عسكرية برية وأن أي تحرك يقوم به النظام السعودي وتحالفه على الحدود اليمنية سواء في محافظات حدودية أو غيرها فهي تحت رصدنا وحتى تحركات القوات الأمريكية في المنطقة وعلى ضوء الشعور بالخطر قررت أمريكا خفض قواتها في المنطقة والبداية من أفغانستان وشعورها أيضا بأنه لا جدوى اليوم من الظهور بقوة في مواجهة الشعب اليمني مع النظام السعودي كون الشعوب العربية الحرة والعالم بدا يثور على هذا الكيان السعودي المستفز وبعد اقتناع أمريكا بأن دعمهاً للسعودية بكل الوسائل والآليات الحديثة في أرض المعركة لن يمنحها التقدم وتحقيق الانتصارات .. وقد أثبتت عملية استهداف معسكر التدريب في الوديعة مدى التطور في التكنولوجيا العسكرية لجيشنا اليمني والمواكبة لتسلح العدو بوصول الطيران المسير بعشر طائرات وعملية الرصد من لحظة الانطلاق وتتبعها في الجو ورصدها في المعسكر نفسه والتوثيق المرئي حتى الانتهاء من تنفيذ مهمتها وإحداث تدمير لدائرة قطرها ثمانين متراً للطائرة الواحدة، وهو ما يعطي دلالة على أن المعسكر بأكمله ضرب وأن الخسائر كبيرة جدا تتجاوز 60 قتيلاً وجريحاً، وتشير التقديرات إلى أكثر من هذا العدد وأنه في تصاعد، فالمعسكر عبارة عن خيام والطائرات جميعها وصلت بنجاح وبهذه العملية أصبح الشعب اليمني مصدر قلق لأمريكا وإسرائيل وللنظام السعودي الذي ظهر بعد هذه العملية بالمظهر الهزيل والضعيف والمهزوم ماديا ومعنويا وظهر بأدنى مستويات كفاءة الجيوش ، كما حملت هذه العملية رسائل إلى الجيش السعودي بأنه متهالك ومخترق، فلقد فشلت السعودية في تحديد الهدف الرئيسي من استهداف اليمن، وما حكم الإعدام الذي صدر بحق قائد القوات المسلحة وعدد من الجنود بتهمة الخيانة إلا دليل على حالة الارتباك داخل النظام المعتدي خصوصا بعد عملية جيزان التي بها أثبتنا قدرتنا وكفاءتنا في التعامل مع تحصينات العدو وتجهيزاته الهندسية في مواقعه حتى في عمق أراضيه، فالتطور في السلاح اليمني وطرازاته الحديثة يشهد به العالم وقد استطاع التغلب على ترسانة تحالف العدوان، ولعل أجهزتنا الأمنية والمخابرات تتابع دول العدوان لتحديد نوعية ومدى تطور أسلحتها، وليعلم الجميع أن الجغرافيا في محافظة مارب ليست أصعب من الجغرافيا في جيزان أو نجران أو عسير .. وفي الختام فإن العمليات الثلاث ومعها عملية استهداف الحرس الوطني في السعودية أكبر قوة هناك تدل على قوة وشدة البأس اليماني وأن النظام السعودي مقبل على ضربات أقوى وأدق ستوثر على اقتصادهم وجيوشهم وسياستهم ومكانتهم بين الأمم.
التوثيق داخل معسكرات العدو
وبدوره قال العقيد مجيب شمسان- خبير عسكري:
تتوالى الإنجازات والانتصارات التي يحققها الجيش واللجان الشعبية في مختلف ميادين المواجهات وتتجلى مع تلك الانتصارات روحية المقاتل اليمني وبسالته وعظيم تضحيته وما عملية الشهيد أبو فاضل طومر إلا أنموذج عن الروحية الإيمانية العالية التي يحملها المقاتل اليمني ومدى استشعاره المسؤولية تجاه إخوته وتجاه قضيته الكبرى المتمثلة في مواجهة العدوان، ولذلك كانت هذه الروحية ولا زالت تشكل الرافعة الأساسية للانتصارات، وقد كان من نتائج تلك التضحية التي قدمها أبو فاضل طومر تحرير كافة سلسلة جبال الدحيضة وما جاورها والتي تعد آخر السلاسل الجبلية في تلك المنطقة ، وبذلك تمكن الجيش واللجان الشعبية من السيطرة النارية على المناطق الصحراوية والمكشوفة التي تطل عليها هذه السلسلة الجبلية، بالإضافة إلى ما تمثله إطلالتها على الطريق الرابط بين مركز محافظة مارب ومنفذ الوديعة الحدودي من أهمية.
أما ما يخص استهداف معسكر الوديعة فهذه العملية اكتسبت ثقلها وأهميتها من عملية التوثيق للاستهداف من داخل المعسكر، وهو الأمر الذي له دلالته الكبيرة المتمثلة في القدرة الاستخباراتية للجيش واللجان الشعبية على اختراق صفوف العدو ليس في ما يتعلق بجمع المعلومات عن تحركاته وتجمعاته بل بإيصال الأدوات المتعلقة بتوثيق العملية إلى داخل معسكرات العدو، وهذا لا شك ستكون له نتائجه السلبية على قيادات العدوان ومرتزقتهم سواء من حيث اتساع دائرة الشك وتآكل الثقة بين المرتزقة وتحالف العدوان أو حتى بين المرتزقة أنفسهم أو على مستوى الجانب الآخر المتمثل بتضييق المساحة الآمنة التي كان يتحرك فيها العدو، حيث باتت كل لقاءاته وتجمعاته مستهدفة وهذا يزيد حالة الإرباك والعجز في إدارة المعركة لدى العدو، كما تمثل عمليات الاستهداف المتكرر لمعسكر صحن الجن و المنطقة العسكرية الثالثة شواهد تؤكد نجاح عملية تضييق الخناق على تحركات العدو وما كان يعتبره مساحات آمنة لتجمعاته وإدارة عملياته، وعلى نفس الوتيرة تستمر عمليات الجيش واللجان الشعبية في عمليات ما وراء الحدود بدك مطارات العدو وقواعده العسكرية لشل عملية الدعم والإسناد التي يقوم بها طيران العدوان لدعم مرتزقته، وبالتالي يمكن القول إن العمليات المتزامنة التي تم تنفيذها خلال الأيام الفائتة من قبل مختلف صنوف القوات المسلحة اليمنية تؤكد القدرة العالية التي باتت تتمتع بها في إدارة المعركة ضد تحالف العدوان.

قد يعجبك ايضا