السجون المبتكرة بالمديريات غير قانونية وحجز المواطنين فيها جريمة يعاقب عليها القانون

لقاء/ محمد العزيزي –
البعض يمارس الفساد ويتباهى به وكأنه حق وواجب على المواطن الاستسلام له
هناك مخالفات ترتكب بمساندة وتساهل نافذين ومسئولين ولدينا حالات تثبت ذلك
ألف قضية مخالفات وصلت إلى نيابة مديريتي الثورة وبني الحارث خلال 2013م

أكد القاضي حميد عبده حبيش وكيل نيابة المخالفات لمديريتي الثورة وبني الحارث أن السجون التي تبتكرها بعض المكاتب التنفيذية بالمديريات غير قانونية وإعدادها وحجز المواطنين فيها جريمة يعاقب عليها القانون º وأن الغرض من إقامتها هو التكسب غير المشروع فقط .. وقال : الفساد في بلادنا أصبح شيئاٍ عاديا يباهي به البعض وعلنا وعلى مرأى ومسمع الجميع حتى ظن بعض من يمارسونه أنه أصبح حقا له وواجبا على المواطن قد يصل الأمر إلى حبس المواطن للحصول عليه ..
وكشف القاضي حبيش في سياق هذا اللقاء الذي أجريناه معه إلى أن أغلب المخالفات التي ترتكب في مختلف المجالات وعلى وجه الخصوص البناء العشوائي يتم بالتواطؤ مع بعض النافذين والمسئولين في المكاتب التنفيذية وتساهلهم في اتخاذ الإجراءات اللازمة فور ارتكاب المخالف للمخالفة … المزيد من المعلومات والقضايا الشائكة التي تعيشها كثير من مديريات أمانة العاصمة صنعاء في سياق هذا اللقاء :

*في البداية لو تحدثنا عن أبرز المخالفات التي ترتكب وتضر بالمواطن والمصلحة العامة ¿
-لا شك أن جميع المخالفات تشكل ضرر بالمواطن والمصلحة العامة بصورة مباشرة أوغير مباشرة º وهذا الضرر يمكن معالجته وتصحيحه بأقل التكاليف باستثناء مخالفات البناء في المرافق العامة والشوارع ومجاري السيول º فإنها تخلق أو تعمل على تشكيل أحياء عشوائية تفتقر إلى الخدمات ومحرمة أيضا من المرافق العامة مثل ( الحديقة º والمدرسة º والمواقف º وسوق مركزي ) وكل هذه بطبيعة الحال تلحق ضرراٍ كبيراٍ بالمواطن وتكبد الخزينة العامة خسائر مادية كبيرة في المستقبل عند محاولتها أي الدولة تصحيح تلك المخالفات فضلا عن حرمان الخزينة العامة احد موارد الدخل التي تقوم عليها السلطة المحلية وتخلق أحياء مشبوهة وغير متناسقة لذا تعد مخالفات البناء أبرز المخالفات التي نلاحظها وتضر بالمواطن والمصلحة العامة .
*كم عدد المخالفات المرتكبة في الأشغال العامة والخدمات الأخرى التي تصل إليكم ¿
– كما قلت لك إن المخالفات كثيرة حيث بلغت خلال عام 2013م أكثر من ألف قضية تم إحالتها إلينا تم انجاز 90% من إجمالي هذه القضايا ونحاول انجاز العدد المتبقي بأسرع وقت .
* تقول إن هناك مخالفات كثيرة للبناء º وأن البعض قام بعملية بناء في أرض عامة وفي ممرات السيول .. من المتسبب في ذلك ¿ وماذا فعلتم من أجل إزالتها¿
– المتسبب في ذلك بالمقام الأول هي السلطة التنفيذية ممثلة بوزارة الأشغال العامة والطرق º والسلطة المحلية بأمانة العاصمة ولعدة أسباب أهمها عدم التقييد بقانون التخطيط الحضري رقم 20 لسنة 1995م عند تخطيط موقع معين من حيث الإعلان عنه في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وتحديده وتحديد مساحته وحدوده ودعوة المالكين وأصحاب الحقوق إلى الحضور إلى المكان والمكاتب المختصة لتقديم الوثائق التي تثبت ملكيتهم وحقوقهم واقتطاع 25% من الأراضي المملوكة شوارع ومرافق خدمية للمصلحة العامة º وتشكيل لجان تسويات لتعويض من اقتطع من ملكه أكثر من النسبة المحددة وما تقرر إزالته من مباني وأشجار مثمرة º وهذا ما لم تلتزم به تلك السلطة أكانت محلية أو تنفيذية º مما أدى إلى استفادة البعض من تلك المخططات استفادة كبيرة وحرمان البعض الأخر من كل ما يملك لوقوع أرضه ضمن شارع أو في حجز حديقة أو مدرسة أو غيره º فيؤدي به إلى قيامه بالبناء فيها بالقوة أو بيعها لمن يقدر على بنائها ولو بثمن بخس .. والسبب الثاني يكمن في تباطؤ الأجهزة التنفيذية المعنية في شق الشوارع وتحديد المرافق العامة وتسويرها إن أمكن فور نزول المخطط مما يعطي الفرصة لارتكاب تلك المخالفات والبناء في الشوارع والمساحات المستقطعة للمرافق العامة .. أما السبب الثالث متأصل في ضعف المكاتب التنفيذية في المديريات بشكل عام ومكاتب الأشغال بشكل خاص وذلك في عدم قدرتها على وقف البناء المخالف بسبب فساد المختصين فيها وقلة الإمكانيات وعجزها عن إزالة المخالفات .. أما بالنسبة للشق الثاني من سؤالك حول دور النيابة في عملية الإزالة º وما قامت به النيابة بشأن إزالة تلك المخالفات º فإن جميع المخالفات المتعلقة بالبناء في الشوارع العامة أو الحدائق أو المدارس فقد أصدرت فيها أمرا بإزالتها إلا أنه وحتى يومنا هذا لم نبلغ عن إزالة مخالفة واحدة مما صدر بها أمر من لدينا بإزالتها .
* هل تعتقد أن هناك تسهيلات لارتكاب مثل هذه المخالفات من قبل نافذين أو مسئولين ¿
– نعم .. ففي الغالب والأعم أن تلك المخالفات ترتكب بالتواطؤ مع بعض المختصين في مكاتب الأشغال وتساهلهم في اتخاذ الإجراءات اللازمة فور الشروع في ارتكابها ومن هذه التساهلات على سبيل المثال عند انتقالهم إلى موقع المخالفة وقيامهم بأخذ أحد العمال وحجزه وترك البناء مستمر والإفراج عنه عقب ذلك عند حضور المالك والتفاهم معهم أو يفرج عن المحتجز عن طريق النيابة عند تفتيش الحجز أو إحالته إليها لعدم مشروعية حبسهم للعامل º وبعض تلك المخالفات يكون وراءها بعض النافذين في المجالس المحلية º والبعض الآخر هو نادر يكون المخالف من ذوي الجاه أو النفوذ فلا يجرؤون على الاقتراب منه .
*البعض من مدراء المكاتب التنفيذية في المديريات يمارسون أساليب ابتزاز وفرض رسوم بالقوة وبصورة غير قانونية .. ما الذي يدفعهم إلى ذلك رغم معرفتهم المسبقة بالمخالفة للقانون ¿
– يا أخي العزيز لو بحثت عن الكادر العامل في مكاتب الأشغال العامة بالأمانة سواء كانوا مهندسين أو مفتشين أو موظف إداري لوجدت أن جميعهم بالأجر اليومي ويتقاضون أجوراٍ زهيدة º وبسبب ذلك وفي ظل غياب مبدأ الثواب والعقاب º وعلمهم أنه لم ولن يحاسب إلى جانب فساد المسئول المباشر عنه يقومون بالتكسب غير المشروع من وراء أعمالهم سواء بالتقاضي عن بعض المخالفات وخاصة مخالفات البناء مقابل مبالغ مالية أو يفرضون مبالغ مالية على بعض المحلات التجارية المختلفة ويتم تحصيلها أسبوعياٍ أو التلاعب بمقدار الرسوم القانونية مقابل الحصول على فائدة مادية º ومثل هذه الأعمال تؤثر سلباٍ على الصالح العام ويكبد الخزينة العامة أعباء مالية كبيرة مستقبلا ويحرمها من إيرادات مالية مستحقة بسبب الفساد في تلك المكاتب التنفيذية ويفقد ثقة المواطن في هذه الأجهزة .
*ألا تعتقد بأن المواطن جزء من المشكلة أو يساهم في ارتكاب جرائم لمخالفته للقانون لأنه لا يلتزم بتنفيذ القانون وقطع الطريق أمام المسئول لابتزازه بأسلوب مخالف للقانون ¿
– نعم .. بلا شك أن المواطن جزء من المشكلة ومساهم فيها º ولكن ينبغي أن أوضح من خلال ما رأينا وسمعنا وعايشنا أن ما يجده المواطن من مماطلة وعرقلة º وإجراءات تعسفية تجعله يخضع لابتزاز المختص أو المسئول الفاسد في المكتب التنفيذي المختص أو أن يقاوم ذلك الابتزاز ويقوم بالبناء بدون ترخيص º أو يفتح محلاٍ تجارياٍ له دون ترخيص º ومن هذه القضايا أمثلة كثيرة حيث أحيلت إلينا قضية بناء عمارة من عدة أدوار بدون ترخيص وما أن وصل المخالف إلى النيابة حتى امتثل بتسديد الرسوم المقررة عليه فعلا º وقد ذكر أن ما قام به هو نتيجة لما وجده من تعسف وابتزاز عند التقدم بطلب رخصة بناء º وبالتالي فإن المواطن قام بتسديد الرسوم بالإضافة إلى الغرامة التي فرضتها عليه النيابة بسبب المخالفة .. وفي الحقيقة لو وجد هذا المواطن وأمثاله مصداقية من المكاتب التنفيذية وخاصة مكتب الأشغال بكل أقسامه من صحة البيئة وتفتيش بناء في تنفيذ القانون لالتزم بذلك º لن يقوم أحد بالبناء إلا بعد الحصول على الترخيص º ولن يزاول أي شخص نشاطه التجاري أو الخدمي إلا بعد الحصول على ترخيص … الخ .
لكن عندما يحس المواطن أن الغرض من الإجراء الذي اتخذه الموظف المسئول كان الغرض منه الحصول على فائدة مادية لنفسه أو ابتزازه أو أنه اتخذ ضده دون الآخرين لعدم دفع أو تسليم ما يسلمه الآخرين فإنه بالتأكيد وحتما يرفض ذلك ويرتكب المخالفة أو يسير على نهج المجاورين له .
* لماذا بتقديرك تحصل مثل هذه السلوكيات في بلادنا .. وما هي الأسباب برأيك¿
– الفساد لا يخلو منه أي مجتمع إلا أنه يمارس بصورة خفيفة إلا في بلادنا أصبح الفساد علنا وعلى مرأى ومسمع الجميع º حتى ظن بعض من يمارسونه أنه أصبح حقا له وواجبا على المواطن قد يصل الأمر إلى حبسه للحصول عليه º وأسباب ذلك الفساد في بلادنا يرجع إلى تراخي الجهات الإدارية للدولة في عملية الرقابة وتقييم الأداء لتلك الجهات والسماح بالفساد .. بالإضافة إلى غياب الرقابة المالية والإدارية وضعف الرقابة القضائية وتسلسل الفساد في المكاتب التنفيذية .. وبالتالي فان المدير المسئول عند التقدم إليه بشكوى ضد موظف أو مختص أو مهندس بأنه أخذ مبالغ مالية أوغش في عمله º سيقف المسئول مع ذلك الموظف ويدافع عنه لأنهم من شاكلة واحدة وهذا ما لمسناه عند التحقيق في بعض القضايا التي اكتشفت أمام النيابة .
* أنتم تواجهون صعوبات كبيرة وبالذات عندما تواجهون بعض المسئولين الذين يرتكبون مخالفات .. إلى أي مدى تصل هذه الصعوبات ¿
– الصعوبات لابد منها º ولكن عندما تتحدث بالقانون وتبتغي تطبيق القانون لابد وحتماٍ أن تتلاشى تلك الصعوبات لأن الفاسد دائماٍ ضعيف وسوف يستخدم كافة الوسائل ليثنيك عن محاسبته إلا أنه في الأخير يخضع ويقف أمام القانون صاغرا مستسلما له .
*ما وضع سجون المديريات ( المجالس المحلية ) من الناحية القانونية وكذا تنفيذ هيبة الدولة ¿
– يا أخي السجون في المديريات غير قانونية وإعدادها وحجز المواطنين فيها جريمة يعاقب عليها القانون والغرض منها حسبما سمعنا وشاهدنا التكسب غير المشروع فقط …. أما هيبة الدولة فلن تفرض بالسجون والاعتداء على الحقوق والحريات بل بتطبيق القانون على الكبير والصغير والغني والفقير الرئيس والمرؤوس واحترام حقوق وحريات المواطن وعدم المساس بها إلا في الحالات التي ينص عليها القانون ووفقاٍ للإجراءات التي رسمها القانون .
*هل تتوقع بقاء هذه الفوضى وإغفال القوانين المنظمة لحياتنا لفترة طويلة .. وإلى متى ¿
– نأمل ولا يزال الأمل معقوداٍ بعد انتهاء الحوار وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني أن تتلاشى هذه الفوضى وتبدأ الدولة في السيطرة على كل مفاصل وأركان الجهات والمؤسسات ويطبق مبدأ احترام سيادة القانون وتحترم فيه الحقوق والحريات بحيث لا تمس إلا وفقا للقانون وبالطرق التي وضعها القانون وبتطبيق مبدأ الثواب والعقاب وإصلاح الجهاز الإداري للدولة وبتفعيل الرقابة المالية والإدارية على كل أجهزة الدولة وإخضاعها للقانون عندها نستطيع القول إن الفوضى ليس لها مكان في بلادنا وإن وجدت ستكون نادرة .
* ما الموضوع الذي تريد طرحه وتعتقد أنه ضروري ولم نتطرق إليه في سياق تساؤلاتنا في هذا اللقاء ¿ يمكنك طرحه ونعتبره ختاماٍ لهذا اللقاء ¿
– هناك موضوع هام جداٍ وهو ما تقوم به مكاتب المسالخ بالمديريات من تحصيل رسوم تفرضها على المحلات مثل ( الجزارة والمطاعم وشوايات الدجاج ) وبصورة غير قانونية والقبض على أصحاب المحلات أو العاملين فيها وحجز حرياتهم في المديريات بدون مسوغ قانوني وكأن المواطن اليمني ليس له حقوق وحريته غير مصانة وهذا ما نحاول إيقافه والقضاء عليه. ونطلب من كل الجهات المختصة التعاون معنا لوقف هذه الظاهرة والحد من الاعتداء على حريات المواطنين وصون كرامتهم التي كفلها لهم القانون .

قد يعجبك ايضا