استقيت العنوان من رسالة تلقيتها من صحفي عربي يعيش في المهجر نتيجة تعاطفه مع اليمن ومعارضته لحرب الإبادة التي يشنها ما يُسمى بالتحالف بقيادة السعودية على اليمن ، وقد تعرض للمضايقات وفُرضت عليه رقابة شديدة ، بصعوبة تخلص من الخطر وفر بجلده إلى المهجر حيث يعيش الآن ، لكنه اضطر إلى التزام الصمت خوفاً على والده وإخوانه.
مما جاء في الرسالة قوله ( كانت قائمة العار فعلاً عندما أعلن الأمين العام السابق بان كي مون إدراج السعودية في القائمة ويكفي بان كي مون أن عرى هذا الدور المزعوم لهذه المنظمة عندما اضطر إلى التراجع بسبب الضغوط الكبيرة التي مورست عليه من تحالف القوة والمال ، فأكد السقوط المريع للأمم المتحدة والفشل الذريع لمجلس الأمن الدولي في أداء المهام المنوطة بهما نتيجة الهيمنة المباشرة من أمريكا وبريطانيا).
هذه المعطيات الفاضحة تجعل القرار وسام ولائحة شرف لأنصار الله لأنه فضح الأفعال الخفية ، وقدم الدليل القاطع على الدور الكبير لأمريكا في إذكاء الفتنة وتأجيج سُعار الحرب ، مما حوّل الأمم المتحدة إلى حديقة خلفية لتبرير جرائم الإبادة وإحكام الحصار الجائر على اليمن ، والتعاطي بحقد أعمى على هذا الشعب ، مما زعزع ثقة الشعب اليمني بنفسه ودفعه إلى القبول بالتبعية وانتهاك السيادة والاستقلال ، لكن هذه الأوهام ستتلاشى أمام صلابة الصناديد من أبناء هذا الشعب وثباتهم في هامة التخوم يذودون عن الأرض والعرض والكرامة ، وسيكون لهم صولة كبيرة ودور مشهود في الزمن القادم، إن شاء الله .
ما تقدم كان أهم ما ورد في رسالة الصديق العزيز ، وهي مشاعر إنسانية نبيلة تستوجب الشكر والمباركة ، كونه تخلص من القهر السلطوي المروع، ونتمنى أن يقتدي به الكُتاب والمثقفون العرب ، وفي المقدمة أبناء جلدتنا من لا يزالون يراهنون على المعتدين ويبررون جرائمهم العدوانية ضد أبناء بلدهم بعد أن تجاوز العدوان كل الحدود وتخطى كل الحواجز ، ليس المطلوب من أحد النفاق وممارسة الدجل والزيف بل المطلوب أمتلاك الشجاعة الكافية للتعاطي مع الواقع بأمانة وصدق ونقل الصورة الماثلة فيه كما هي عليه بموضوعية وانحياز صادق للوطن ، خاصة أنهم يدركون قبل غيرهم أن القرار مدفوع الثمن من سلطان المال الخليجي ، وابتزاز سياسي من سطوة القوة الأمريكية التي دفعت الأمين العام لاتخاذ القرار بقصد الضغط على أنصار الله للقبول بالحلول الاستسلامية ، وبدا أن غوتيريش كان على استعداد لأتخاذ أي قرار كي يفوز بولاية ثانية “بأس الولاية” وأن اقتضى الأمر إسقاط هيبة المنظمة الدولية وتفريغها من الدور الإنساني المنوط بها ، وهو ما حدث بالفعل، فالقرار حوّل الأمم المتحدة من شريك ومتواطئ يبرر الجرائم الوحشية للمعتدين إلى خصم مباشر يناصب اليمنيين العداء ، ويُشرعن الجرائم الوحشية الأكثر بشاعة للمعتدين التي من أبرز ضحاياها الأطفال من مختلف الأعمار ، حتى أولئك الذين أُجهضت أمهاتهم وماتوا قبل أن يروا النور والأطفال الخدج الذين قضوا في حضانات المستشفيات بفعل إلقاء القنابل الفتاكة المحرم استخدامها دولياً ، كما حدث عند إلقاء القنبلة المدمرة على جبل عطان ، حيث أدى الحادث المروع إلى وفاة ثمانية أطفال خدج وإجهاض سبع نساء حوامل في مستشفى السبعين المتخصص في رعاية الأمومة والطفولة القريب من موقع الانفجار فقط ، ناهيك عن الضحايا في المستشفيات الأخرى وآلاف الغارات المدمرة للأحياء السكنية في جميع المحافظات وفي ساعات متأخرة من الليل أثناء خلود سكان المنازل للنوم والأطفال في المقدمة ، بما يُوحي أن العملية ممنهجة هدفها القضاء على جيل كامل من أبناء هذا الوطن المنكوب المغلوب على أمره .
وهذا هو أساس الانتصارات الساحقة التي يحققها الأبطال رجال الرجال في جبهات العزة والكرامة ، وأي متابع حصيف لابد أن يدرك عدة حقائق منها:-
1) أن الاختلال المُريع الذي أصاب النظام الدولي يتعاظم بعد أن فقدت المنظمة أهم مبررات وجودها وهي العدالة، خاصة عقب قرارها الجائر برفض إدراج دولة الكيان الصهيوني في قائمة العار رغم آلاف الأدلة والبراهين التي تؤكد انتهاكها لحقوق الأطفال وممارسة كل أنواع القتل والدمار ضدهم .
2) أن أوهام أمريكا في إمكانية الضغط على أنصار الله ضرب من الخيال بعد التضحيات الكبيرة والمعارك الباسلة التي خاضها الأبطال رجال الرجال على مدى ست سنوات وعدد من الشهور ، مهما بلغ التحريض أو زادت المغريات، واحتراماً لدماء الشهداء الأبرار سيستحيل الانحدار إلى الزاوية التي أنزلق إليها سلطان البركاني عندما أعلن القبول بعودة اليمن إلى حديقة خلفية للنظام السعودي الداعر ، مع احترامنا لأبناء نجد والحجاز المغلوبين على أمرهم ، ومن ثم فإن الممارسات الشاذة والأعمال الطفولية لا يمكن أن تُثني هذه الكوكبة المؤمنة عن التصدي للتعنت والغرور والعنجهية وكل مغريات المال السعودي المدنس .
3) أخيراً.. لا تزال الفرصة سانحة أمام أولئك المغرر بهم كي يعودوا إلى الصواب ويحتكموا إلى صوت العقل وأن يدركوا فعلاً أن القرار أدخل أنصار الله إلى صفحات التاريخ الناصع ، وحازوا على الشرف من أوسع أبوابه، وهذه هي بعض الحقائق الماثلة اليوم في الواقع ولا يُمكن لأحد إنكارها ، وأختم بقوله تعالى (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) صدق الله العظيم ، والله من وراء القصد..