د. السقاف: نحن بحاجة إلى دستور يتبنى مفاهيم غير استعمارية في جميع المجالات المالية والاقتصادية

مراجعة القوانين المتعلقة بالاستثمار رافعة لترتيب الأولويات الاقتصادية والتنموية

يؤخذ على منظومة التشريعات المتعلقة بالقطاع الاقتصادي، جمود وعدم ملاءمة العديد من القوانين المنظمة للتغيرات والاحتياجات الاقتصادية، واستمرار غياب تطبيق السياسات الاقتصادية المحفزة على النمو. فضلاً عن الارتجالية التي تكتنف التشريعات المالية.
الثورة / أحمد المالكي

يؤكد خبراء الاقتصاد، أن مجموعة الاختلالات التي رافقت الأداء الاقتصادي خلال العقود الماضية، تستوجب الوصول إلى “صيغ دستورية أو تعديلات قانونية مواكبة للتطورات الاقتصادية في العالم، ومحفزة على توسيع مجالات الأنشطة الاقتصادية واستقطاب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية، ورفع منسوب الإنتاج والتصنيع المحلي إلى درجات قصوى”.
ويقترح، في هذا الصدد، “تبني مشاريع تعديلات تلغي الاحتكار وتشجع على إنشاء المؤسسات الخاصة بدون تقييد لحريتها في ممارسة الصناعة والتجارة مع استمرار حق الدولة في الإشراف والرقابة”.
ويقول الدكتور يحيى السقاف وكيل وزارة المالية: أن هناك ضرورة لمراجعة نصوص دستورية وقانونية تتعلق بالاستثمار والعديد من النشاطات الاقتصادية وتحديثها أولاً بأول، وفق المجريات الجديدة الحاصلة في الاقتصاد، واحتفاظ الدولة ببعض القطاعات الحيوية فقط التي تعمل عليها بعض الدول الرأسمالية”.
وهناك، مثلاً، وفقاً للسقاف، ما يستدعي إجراء تعديلات في القوانين المتصلة بالأسعار، بما يقود إلى تحديد أسعار حرة للسلع والخدمات تعتمد على قواعد المنافسة وفق مبدأ العرض والطلب. وتبني قوانين تختص بالنقد والقرض وتكريس مبدأ المنافسة في قطاع البنوك، كما تنص على حرية التجارة والصناعة في إطار القانون، وإزالة جميع العوائق والصعوبات التي تحول دون قيام المؤسسات الخاصة بالمشاركة في عملية التنمية وأن لا يكون ذلك حكر على المؤسسات العامة.
ومن شأن تعثر إعادة النظر والمراجعة في طبيعة منظومة التشريعات في المراحل الماضية، وفقا لخبراء الاقتصاد أن يوحي في جانب منه بفشل تطوير نظام اقتصادي خاص باليمن، يتناغم وينسجم مع تحولات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وينجح في تحديد الأهداف الاقتصادية التنموية والاجتماعية المنشودة. ذلك أن “النصوص النافذة لا تحدد بوضوح طبيعة أدوار كلٍ من الدولة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في تحريك وتخصيص الموارد الاقتصادية، والتنسيق بين أنشطتها ومشاريعها. كما أنها “لا ترتب الأولويات الاقتصادية والتنموية، أو تقود إلى الاستخدام الكفء والشامل للموارد الاقتصادية والمالية المتاحة، والمساهمة نسبياً في التوزيع العادل للدخل القومي و ثمار النمو الاقتصادي”.
ويظل يؤخذ على منظومة التشريعات المتعلقة بالقطاع الاقتصادي، جمود وعدم ملاءمة العديد من القوانين المنظمة للتغيرات والاحتياجات الاقتصادية، واستمرار غياب تطبيق السياسات الاقتصادية المحفزة على النمو. فضلاً عن الارتجالية التي تكتنف التشريعات المالية. حسب الخبراء . فهو مع مراجعات لمجموعة من القوانين والسياسات والممارسات المرتبطة بالاقتصاد ومع تطوير النظام التعليمي بوجه خاص وإزالة اختلالاته الخطيرة والجدية التي تصيب فرص النمو المستقبلي في مقتل.
وتُعدُّ الأسس الاقتصادية في الدستور النافذ، جذر المشكلة، وفق دراسة سابقة حول منظومة التشريعات الاقتصادية في اليمن، للأكاديمي والباحث طه الفسيل. فالنص الدستوري الاقتصادي، لم يشر مطلقاً لأي أهداف اقتصادية تنموية واجتماعية للدولة أو النظام الاقتصادي. “لقد نادى بالحرية الكاملة لكافة الأنشطة الاقتصادية، بدون توجيهها نحو تحقيق أهداف اقتصادية تنموية وطنية محددة، وبدون إيضاح طبيعة الدور الاقتصادي التنموي والاجتماعي، والرقابي والإشرافي للدولة، وبدون تحميل القطاع الخاص مسئوليات ومهام محددة”.
ونتيجة لذلك، يقول الخبراء، “برزت مظاهر الغلبة للمصالح الشخصية للأفراد كدافع أساسي لكافة الأنشطة الاقتصادية والتنموية، لا في القطاع الخاص فحسب وإنما أيضاً في كافة أنشطة الدولة وقطاعاتها. لذلك لم يحظَ دافع تحقيق مصلحة المجتمع اليمني بأي أهمية إلا في إطار المصالح الشخصية”.
ويعتقد الدكتور يحيى علي السقاف، رئيس المركز الاستراتيجي اليمني للدراسات والأبحاث، وكيل وزارة المالية بصنعاء، أن الأسس الاقتصادية المشمولة في الدستور النافذ(دستور دولة الوحدة المعمول به حاليا)، والمتمثلة بـ 17 مادة، لم تحدد بالقدر الكافي الضوابط لتوجهات الاقتصاد اليمني، ولم تحفز للوصول إلى اقتصاد قوي.
وقال: “إذا اعتبرنا الدستور إطاراً لتنظيم العلاقات التبادلية، فهو أيضاً وثيقة تدل على أن المجتمع قادر على إنتاج الثروة، لذا تبدو حاجة مجتمعنا إلى دستور يتأسس على تنظيم الدولة وفق مبدأ الفاعلية الاقتصادية، بناء على الكفاءة في تحقيق سهولة التبادل للمنافع والخدمات، ويتبنى مفاهيم غير استعمارية في جميع المجالات المالية والاقتصادية والقانونية والسياسية والاجتماعية”.

قد يعجبك ايضا