بعد أشهر من الجهود المضنية استعداداً لساعة التنفيذ.. الأمم المتحدة تنقلب على اتفاق صيانة الناقلة العائمة صافر
الثورة / وديع العبسي
أكدت اللجنة الإشرافية لتنفيذ اتّفاق الصيانة العاجلة والتقييم الشامل للخزان العائم صافر أمس الأول أن المفاوضات الجارية بينها وبين الأمم المتحدة قد وصلت إلى طريق مسدود، واتهمت اللجنة الفريق الأممي المعني بصيانة الناقلة بـ»الانقلاب» على معظم بنود الاتفاقية الموقعة بين الطرفين، والتراجع عن أعمال الصيانة.
ففيما كان يفترض على الأمم المتحدة تقديم خطة عمل تترجم الاتّفاقية التي جرى توقيعُها في نوفمبر الماضي في اتّفاقيةِ الصيانة العاجلة والتقييم الشامل للخزان العائم صافر، فوجئت اللجنة الإشرافية بأن الخطةَ التي قدمها الجانبُ الأممي استبعدت معظمَ أعمال الصيانة العاجلة المتفَق عليها، وأبقت فقط على أعمال التقييم، بذريعـةِ أن الوقت والتمويل لا يكفيان لإجراء أعمال الصيانة المتفق عليها.
يعكس نهج الأمم المتحدة مع هذا الملف نكوصاً غير مسؤول في الالتزام بما تم الاتفاق غليه، إذ أن الغرض من تحريك موضوع صيانة الناقلة النفطية المتهالكة «صافر» التي تتخذ خزاناً عائماً لنحو مليون برميل من الخام قبالة سواحل محافظة الحديدة والتحذير من تبعات إهماله هو القيام بجملة أعمال يتطلبها انقاذ المنطقة مما يمكن أن تخلفه حال التسرب أو الانفجار، وهي التي تتركز على أعمال التقييم والصيانة، وكان الاتفاق قد تضمن جملة المواصفات الفنية لتنفيذ المهام وفق الشكل الذي يتحقق من خلاله الهدف المطلوب.
في خطة الأمم المتحدة التي تم مناقشتها يوم أمس الأول في مكتب الأمم المتحدة، تبين للجنة الاشرافية أن الجانب الأممي لم يكتفِ بالتراجع عن أعمال الصيانة المنصوص عليها في الاتفاق، بل تم التراجع عن كثير من أعمال التقييم وتحويلها إلى مجرد فحوصات بصرية لا تخضع لأي معايير متعارف عليها.
بل أن الخبراء الذين تعاقدت معهم الأمم المتحدة من شركة Aos وقد شاركوا اللجنة ثلاثة اجتماعات وكانوا أكثر وضوحاً وكشفوا جانبا من نكوص الأمم المتحدة واستخفافها بهذه القضية، بقولهم إن الأعمال التي نص عليها اتفاق الصيانة العاجلة والتقييم الشامل للخزان العائم صافر لا يمكن إنجازها خلال مدة الشهر التي تم تحديدها من قبل الأمم المتحدة، وأنها لم تتعاقد معهم على هذا الأساس.
وأظهرت مداخلات خبراء الشركة أن الأمم المتحدة لم تتعاقد معهم على كل الأعمال التي نص عليها الاتفاق، بما فيها شراء الأدوات والمعدات اللازمة للصيانة، ما يوضح أن الأمم المتحدة صرفت الأموال المخصصة للصيانة والتقييم في النفقات التشغيلية الخاصة بفريقها، على مدى الأشهر الماضية منذ توقيع الاتفاق في نوفمبر 2020م، حيث تعمد الجانب الأممي إطالة المناقشات بغرض استنفاد الموازنة المخصصة لتنفيذ الاتفاقية في نفقات تشغيلية واستشارات وقامت باستبعاد أعمال الصيانة وتقليص أعمال التقييم المتفق عليها في اتفاق الصيانة العاجلة والتقييم الشامل للخزان العائم صافر.
الاستهتار الأممي
بعد أشهر من العمل والجهود المضنية بخطة وانتكاسة تعمّق المخاوفَ من حدوث كارثة بيئية في البحر الأحمر، نظرا لعدم التزامها بالاتّفاقية التي تم التوقيع عليها من جانبها وجانب حكومة الإنقاذ الوطني، إذ أنها قامت بتحويل الاتفاق إلى خطة، إلا أن ما تضمنته الخطة لا يبدو فيه أي جدية لإصلاح السفينة، فأخرجت عامل التقييم وهو أحد أهم المتطلبات لتجاوز المشكلة من تقييم فني حسب الاتفاق إلى مجرد فحوصات بصرية لا تخضع لأي معايير متعارف عليها، وهو ما اعترض عليه الفريق المعني التابع لحكومة الإنقاذ، واعتبروه انقلابا على الاتفاق.
يكشف هذا الانقلاب على تحايل الأمم المتحدة على الاتفاق سواء بإضاعة الوقت أو تكييف المضمون وفق رؤية لا تستلزم تكاليف كثيرة، ما يعني التصرف بمبلغ الصيانة المحدد.
يقول نصر الدين عامر وكيل وزارة الإعلام، أن الأمم المتحدة لم تنكر هذا الانقلاب الذي قامت به، وقالت إنه من حقها تغيير الاتفاق الموقع وليس تنفيذه بالصورة المعتمدة لدينا، ولا نعلم حتى الآن ما هو مصير الأموال التي خصصت للصيانة، وما إذا كان قد تم صرفها في نفقات تشغيلية وخلافه، والآن يتهربون من الصيانة، لكن ما وصلوا إليه الآن هو انقلاب كامل على الاتفاق وعدم وجود إرادة جادة لصيانة السفينة.
ولا يرى نصر الدين عامر أي جدوى من مسألة تفاوض جديدة في هذا الملف وانه لن يكون الا مضيعة للوقت ليس أكثر..
وقال عامر «المشكلة ليست في الاتفاقات الجديدة، بل في العبثية في الاتفاقيات بعد توقيعها وهذا ما حدث في العديد من المواقف السابقة.»
المسؤولية الأممية
يبرئ الاستخفاف الأممي أن المماطلة في ملف صافر صنعاء من أي التزامات ناتجة عن التداعيات، إذ أكدت ولا تزال التزامها بكل ما ورد في الاتفاق، الأمر الذي يحمل الأمم المتحدة كامل المسؤولية فهي التي وقعت الاتفاق وهي التي تسلمت الأموال التي خصصت لأعمال الصيانة وهي التي كان عليها تحويل الاتفاق إلى خطة عمل بناء على ما تم الاتفاق الموقع عليه في نوفمبر من العام الماضي اللجنة الاقتصادية العليا وبعد نقاشات فنية بين الفريق الوطني الاستشاري الخاص بالخزان العائم صافر ومكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، وفريق مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، توصلت معهم إلى اتفاق بشأن الصيانة العاجلة والتقييم الشامل لخزان «صافر العائم، واهتمت بإنجاز هذا الملف بحرص لإدراكها خطورته من ناحية ولكونها متضررة من أي تداعيات سلبية محتملة، وهو ما كان أكده نائب وزير الخارجية حسن العزي قبل أشهر.
إن صنعاء الطرف الوحيد الذي طالب بصيانة خزان صافر العائم مذ عام 2016 من منطلق الواجب، وجدد اتهام الأمم المتحدة بأنها من تقف وراء عرقلة صيانة ناقلة النفط «صافر» الراسية قبالة ميناء رأس عيسى بمحافظة الحديدة، على بُعد 8 كيلو مترات/ 4.8 ميل بحري من الساحل.
وأوضح حسن العزي أن اليمن خاطبت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بخطابات رسمية ومناشدات إعلامية خلال كل اللقاءات بالمسؤولين الأمميين لتحييد لوازم صيانة صافر من الحصار.
وقال حسن العزي طالبنا بإجراء إصلاحات عاجلة للحفاظ على البيئة البحرية وإرسال المعدات اللازمة تزامنا مع إجراء أعمال التقييم.. مضيفا «لا نريد للفريق الأممي أن يأتي بأياد فارغة ونحن قد سهلنا التأشيرات لهم وطالبنا ببعض المعدات لإجراء الإصلاحات اللازمة».
وأشار إلى أنهٌ في عام 2016م كانت سفينة صافر بحالة سليمة والسلطة في صنعاء كانت أكثر حرصا على سلامتها، لكن تحالف العدوان منع دخول قطع الغيار ودخول المازوت لإجراء الصيانة الدورية لسفينة صافر وصنعاء ناشدت العالم من أجل ذلك.
وقال “نحن المستفيد الأول من إصلاح وصيانة سفينة صافر ونحن المتضرر الأول من أي كارثة قد تحصل وبذلك لا يمكن لنا أن نتراجع عن التزامنا أو نعيق أعمال الصيانة”.