شخصية القائد ووكلاء المعتدين

أحمد يحيى الديلمي

أحمد يحيى الديلمي

 

 

الكثير من الناس يُمكن التعرف عليه من زاوية و احدة، أو يراه المراقب من جانبين أو أكثر ، قليلون جداً من يمتلكون مواهب متعددة تكسبهم إرادة خاصة تؤهلهم ليلعبوا أدواراً هامة وحساسة، تترجم أبعاد الشخصية الثرية والقدرات المتعددة والثقافات الدالة على الطاقات المتنوعة والمواهب الكثيرة ، من هؤلاء الناس القائد الوطني الشاب السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي قائد الثورة ومحور ارتكاز المسيرة القرآنية ، كما تابعناه في ليالي رمضان قدم شخصية الفقيه الشامل الذي يتعاطى مع أصول العقيدة بأفق واسع دل على قدرة فائقة في ترجمة مضامين المنهج برؤية ثاقبة وعشق إيماني صادق لنفس المضامين والتعاطي مع مفرداته برغبة عميقة في معرفة الحقيقة وإزالة الغشاوة عن الأبصار والصدور التي تلوثت بأفكار ضالة سخّرت القرآن والسنة لتحقيق مقاصد نفعية أنانية وأغراض انتهازية شوهت الدين، فحاول القائد أن يجسد المضامين النقية على أرض الواقع وينقلها إلى المتلقين بأفق صادق لتصبح أهم موجات السلوك وضبط الممارسات المتفلتة البعيدة عن روح العقيدة ، وبالفعل كان للمحاضرات تأثير كبير عند الكثيرين لأن بساطة الخطاب والاحتكام إلى صوت العقل مكنه من استقطاب المشاعر والإسهام بدور فاعل في تغيير السلوكيات المجتمعية ، وفي خضم تلك الاهتمامات الدينية العميقة لم تتوقف جهود القائد لحظة واحدة عن الاهتمام بمأساة الشعب الفلسطيني وقضية القدس الشريف بشكل خاص نظراً لحساسيتها البالغة لدى المسلمين، كونها تتصل بجوهر ووجدان كل مسلم وكان القائد واضحاً وحاسماً في هذا الجانب مؤكداً على خيار المقاومة وترجمة هذا التوجه عملياً من خلال دعوة اليمنيين إلى التبرع لصالح الشعب الفلسطيني وإطلاق مقولته الشهيرة التي دمعت لها عين قائد المقاومة في لبنان المجاهد الكبير السيد حسن نصر الله ( حن على استعداد لتقاسم رغيف العيش مع اشقائنا في فلسطين ) وهو توجه عظيم دل على المعاني السامية والدلالات الواضحة في الانتماء إلى العروبة ، وقبل ذلك التمسك بأخوة الدين وأهمية نصرة الأخ الشقيق المظلوم أو الظالم استناداً إلى قول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ( انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) .
أخيراً ها هو القائد ورغم مشاكله الكثيرة ومتابعته المباشرة لأعمال الأبطال رجال الرجال في الجبهات ، يمارس عملاً دبلوماسياً من الطراز الأول لدى استقباله للمبعوث الأممي غريفت ، فعكس بشجاعة ومرونة الانحياز المطلق لمصلحة الشعب اليمني وخياراته الكفيلة بتخفيف معاناة الناس المظلومين في هذا الشعب من خلال الدعوة إلى رفع الحصار الجائر عنه والدعوة إلى عدم ربط الجوانب الإنسانية بالأخرى السياسية والعسكرية ، لما يمثله هذا التوجه من ازدواج في المعايير وعدم إدراك لأبعاد المعاناة مقابل البحث عن مكاسب رخيصة تتصل بالسياسة والقوة ، وفي هذا الصدد وجه القائد النقد إلى الأمم المتحدة لدورها السلبي الخجول تجاه مأساة الشعب اليمني ومظلوميته التي تجاوزت كل الحدود ، وأصبحت محط أنظار العالم، مع ذلك لم تتنبه لها مؤسسة الأمم المتحدة إما عمداً أو رغبة في خدمة الهيمنة الأمريكية ، في ذات الاتجاه أكد القائد الرغبة الكاملة لتحقيق السلام على أساس عادل يكفل احترام الإرادة ويصون السيادة والاستقلال ويُسهم في تعويض اليمنيين عن كلما دمره المعتدون، ما أسلفت لا يُمثل إلا قطرة من بحر عميق ، مع ذلك فلقد ترجم جزءاً من شخصية هذا القائد بقامته الباسقة وهمته العالية .
من المثير أن رجلاً بهذا الثبات والانتماء والوضوح والقدرة على حسم المواقف بشكل قاطع ، نجد أن مواقفه وأفكاره تتصادم مع الأصوات النشاز الناعقة بالإفك والأقلام المأجورة التي اعتادت الانفلات والضياع والتخبط في متاهات السياسة ودهاليز الارتزاق ، ذلك السيل الجارف من الخزعبلات دحضته شهادات غير اليمنيين التي وصفت القائد بالزعيم المتفرد في مواقفه، الصارم في أفكاره، كأهم حقيقة فرضتها المواقف والأحداث وعرفها غير اليمنيين عن بُعد، وهذا دليل واضح على تفرد الرجل بمزايا يفتقد إليها الكثير من البشر ، وهي موهبة من الله سبحانه وتعالى منحه إياها ، وجعله ذخراً لهذا الشعب والوطن لكي ينتشله من أعماق الضياع الذي وضعه فيها من سبق إلى سدة الحكم في هذه البلاد ، فكان حضوره على رأس الهرم في أكثر المراحل صعوبة وتعقيداً ، مع ذلك نجده لا يتبرم ولا يتردد عن خوض غمار أي عمل مهما كانت المخاطر التي تحيط به ، منذ أن خاض تلك الحروب الظالمة وتنقل في متارس القتال كأي جندي حريص يدافع عن عرضه وكرامته وهويته الدينية ، ولذلك حصد النصر وإن شاء الله سيحصده في نهاية المطاف ويحقق ما لم يحققه ما سبقه ، وليس ذلك على الله ببعيد ، أما لأولئك الذين ينعقون بأصوات تشبه أصوات الحمير فأقول (ما مع المشنوق إلا لسانه ) اللهم لا شماتة ، والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا