الإشاعة سلاح يختلط فيه الصدق بالكذب ، الحابل بالنابل ، وهو سلاح عدواني قذر حين يعتمد على نشر الأكاذيب ويتخذها وسيلة لخلط الحق بالباطل بل ولمحاولة جعل الحقّ باطلاً والباطل حقا ويعمل على زعزعة ثقة الإنسان بأهمية قيم العدالة والحرية والخير في المجتمعات، ومن صميم وظائف الدولة العادلة محاربة الأكاذيب والإشاعات وكشف الأخبار والأساليب المضللة بدلا من اتباعها سياسة معتمدة على إنفاق المال العام على المضللين وبائعي الذمم وشهادات الزور وبيع الدين بالدنيا، وأجهزة الدولة المعنية الحريصة والحارسة لا بد أن تبرهن بالفعل الملموس على حرصها على تحقيق الأمن والسكينة في المجتمع بوسائل مشروعة نظيفة غايتها تبيين الحقائق للناس ودحر الأباطيل وتعريف الناس بأهمية التفريق بين الحق والباطل والصدق من الكذب ، وليس الإيغال في الأكاذيب ومحاولة شرعنة الوسائل القذرة التي عرفت بها بعض أنظمة المخابرات مثل المخابرات النازية والصهيونية الموساد وغيرها والأمريكية الـ ( ) وأخواتها وسافاك الشاه وسواها ومخابرات الاتحاد السوفيتي السابق وكل أشكال أنظمة وأجهزة المخابرات في العالم التي تستبيح كل المحرمات لتحقيق أهدافها بغرض المحافظة على الأنظمة التي وظفت للمحافظة عليها، وقد أثبتت التجارب التاريخية أن هذه الأجهزة لم تنجح في وظيفتها هذه بل على العكس كانت أهم أسباب القضاء على بعض تلك الأنظمة وبعضها الآخر في الطريق إلى الهلاك.
أي دولة لكي تحافظ على بقاء وجودها المشروع لابد أن تكون لأجهزتها المعنية وظيفة مشروعة يديرها أناس على قدر من الكفاءة والمصداقية والأمانة وسمو الأخلاق، وهذه تجربة أو فرضية أو أُمنية لم تتحقق بعد بسبب طبيعة الأنظمة المتحكمة في مصير العالم سواء كانت أنظمة متبوعة أم تابعة، وبسبب ثقافة الاستبداد؛ نظام الفساد والتضليل لا يزال هو المهيمن على العالم ولهذا لم تجرب الوسائل المشروعة؛ لأجهزة الأنظمة المشروعة التي لا تزال حلماً وظيفة مشروعة في التعامل مع الإشاعات مهمتها البحث عن حقيقة ما يشاع حول أي قضية واتخاذ التدابير المشروعة في مواجهتها بالعمل المشروع الذي لا يعتمد على مواجهة الأكاذيب بالأكاذيب والتضليل بالتضليل ، وإلا لما كانت هناك حروب عدوانية غير مشروعة وأخرى دفاعية مشروعة، فكما أن للأفراد الحق في الدفاع المشروع عن أنفسهم كذلك للمجتمعات والدول حق الدفاع المشروع عن نفسها سواءً في مواجهة العدوان المادي أو المعنوي (الإشاعات )، وطبقاً لهذه المشروعية والشرعية فإن سلاح الإشاعات المضلِّلة والكاذبة غير المشروع إنما يواجه بالعمل الجاد للوصول للحقيقة وترتيب كيفية كشفها واستخدامها في الدفاع المشروع عن الأفراد والمجتمعات والدول.
إن العالم اليوم مليء بالجرائم وأكثرها فتكاً تلك التي يستخدم فيها التضليل والكذب لمحاولة شرعنة كل أشكال الحروب العدوانية التي تؤدي إلى تمزيق المجتمعات وشرذمتها وتحويل الشعوب نفسها إلى أسلحة تشرعن الفتك ببعضها وتعتبر ذلك نصراً مؤزراً لبعضها على بعض، طبعاً مع ضرورة التفريق بين من يستقوي بالخارج خاصة المعروف بأطماعه وعدوانيته التاريخية ضد وطن المستقوي ومن يدافع عن نفسه أو يقاتل وفق قناعة يراها ومثل هذه القناعات لا تفرض ولا تحل بالقوة بل بحوار وطني حقيقي يكون القرار فيه لوطنيين حقيقيين ليسوا أذناباً؛
هكذا إذا تعمل الإشاعات في حروب المواجهات العسكرية وهكذا تعمل في ما يعرف بجرائم الرأي العام وبإظهار الحقيقة والصدق يتم مواجهتها.
سلاح الإشاعات الكاذبة لا يواجه بإغراق المجتمعات في بحر المزيد من الإشاعات كما تفعل بعض الدول التي تروج لشرعنة الكذب من خلال الكثير من المصطلحات السياسية مثل الفوضى الخلاقة وسياسة الاحتواء، واستخدام الإرهاب بمختلف أدواته وأساليبه الإجرامية.
الإرهاب إرهاب والكذب كذب والجريمة جريمة لن تتغير المسميات وإن تغيرت الأسماء وإلا عُدَّ ذلك من أهم علامات النفاق !، والسياسة كما نكرر باستمرار فن الممكن وليس فن الكذب، فن البحث عن أفضل وأقصر الطرق لتطبيق مبدأ سيادة القانون على الجميع ومن أجل الجميع، فللقانون سياسة وفلسفة لا تنجح أي دولة دون إتقان كيفية التعامل معها بصدق وبعيداً عن أي أسلوب من أساليب التضليل والخداع والتنميق وتلويث الدين والسياسة معاً باسم الدين والسياسة!.
ابحثوا عن طريقٍ إلى الله
يعصمكم من ظلام الأكاذيب
بعيداً عن الزيف والادعاء.