ماذا بقي من الوحــــدة ؟!

عبدالله الأحمدي

 

 

قبل أن يذهب عفاش إلى عدن للتوقيع على اتفاقية مشروع الوحدة في ٢٢ مايو ١٩٩٠م، اجتمعت عصابات مشائخ القبائل وشيوخ الإرهاب وعسكر الفيد وقررت معارضة عفاش في ذهابه إلى عدن، لكن عفاش تجرأ وقال لبعضهم : ( الطائرة في المطار واللي يشتي يركب معنا الله يحييه.. الوحدة قائمة قائمة..)
عندما ارتفع علم الوحدة في المعاشيق كان الشيخ عبدالله الأحمر مذهولا وكأنه لم يكن يتوقع ذلك الحدث، كان ينظر إلى علم الوحدة وهو يرفرف باندهاش.
كان نظام عفاش مأزوما، فالسعودية كانت تُضِّيق عليه وتشجِّع الإخوان على الانقلاب عليه.
ولم تكن سلطة عفاش تتعدى مدينة الروضة شمال صنعاء، أما ما بعدها فكان سائبا ومحتلا مع عملاء النظام السعودي.
عفاش هرب إلى الوحدة لينجو بنفسه وبنظامه، وعندما رأى الإخوان جدية الوحدة تقربوا من عفاش الذي استخدمهم ضد الوحدة وضد الجنوب والاشتراكي.
يقول الشيخ الأحمر : إن عفاش استدعاه وقال له شكِّلوا حزبا تكون مهمته معارضة تنفيذ اتفاقية الوحدة وهو سيتكفل بدعمه، لأنه مقيَّد باتفاقيات مع الاشتراكي.. ( راجع مذكرات الأحمر ).
كانت الوحدة بالنسبة لعصابات صنعاء فخاً مبيتاً للجنوب وللاشتراكي، فمنذ اليوم الأول للوحدة رفضت العصابات العفاشية تنفيذ اتفاقية الوحدة، وبدأت حملة اغتيالات ضد قيادات وأعضاء الحزب الاشتراكي وصلت إلى أسرة الأمين العام علي سالم البيض، وتركزت على القيادات في المناطق الشمالية، واستهدفت القيادات القادرة على الحشد، بما يعني أن قوى التخلف والإرهاب كانت لديها نيّة مبيتة لخوض الحرب والانقلاب على الوحدة السلمية.
استجلبت قوى التخلف والإرهاب أكثر من ستين ألف إرهابي ممن كانوا يسمونهم الأفغان العرب بواسطة الزنداني وتحت إشراف المجرم علي محسن الأحمر، واستخدمت هؤلاء الإرهابيين في الانقلاب على الوحدة والعدوان على الجنوب.
لقد حققت عصابات السلطة في السلم ما لم تحققه في حروبها على الجنوب قبل الوحدة، حيث تم القضاء على مشروع الوحدة السلمية واستبداله بوحدة الدم والضم والإلغاء، وتصفية مكاسب ثورة ١٤ أكتوبر وما حققه الكادحون اليمنيون.
ورغم انتصار عفاش على مشروع الوحدة وقواها فإنه لم يستطع بناء دولة نظام وقانون، بل عمل على نشر الفساد الذي كان قائما في الشمال، ونهبت عصاباته الجنوب بكل مكاسبه، حيث سرقوا أراضي الجنوب ومنازل قادته، واستولوا على ثرواته، وحاولوا طمس هويته الوطنية والثورية، وفصلوا موظفيه وأقصوا رجاله، وشرَّدوا الكثير منهم في الداخل والخارج.
تبجحت عصابة عفاش وفشرت وانتفخت، حتى تفجرت، ثم جاءت ثورة ١١ فبراير فقضت على أحلام عفاش وعصاباته، ورغم أن جزءا من العصابة انقلب على عفاش وانضم إلى الثورة بشكل تكتيكي قاصدا إعادة إنتاج النظام الفاسد إلا أن الله أفسد عليهم مشاريعهم، فجاءت ثورة ٢١ سبتمبر لتقضي على عفاش وعصاباته المتمثلة بالمجرم علي محسن وأولاد الأحمر وعصابات الإخوان المفلسين ثم عفاش اللص، لكن هؤلاء استنجدوا بالعدوان السعو/أمريكي واصطفوا إلى جانبه ضد شعبهم، وقتلوا ودمروا، وخسرت اليمن وحدتها وسيادتها واستقلالها لولا صمود رجال الرجال.
وها هو بعد العام السابع من العدوان والحرب والدمار على اليمن، يظهر مشروع تحالف العدوان في تدمير اليمن وتقسيمه.
والكارثة أن من كانوا يدَّعون الوطنية والقومية والاشتراكية سقطوا تحت أحذية العدوان، وباعوا أنفسهم بثمن دراهم معدودة، وكانوا فيه من الخاسرين.

قد يعجبك ايضا