كيف تحولت القوى البشرية إلى قوى عاطلة عن العمل.. ولماذا نهدر مليارات الدولارات في استيراد كل شيء؟!
استثمار النعم بالإنتاج
قدم قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي العديد من الرؤي الاقتصادية الهامة في سلسلة المحاضرات الرمضانية القيمة، متحدثاً من منطلق قرأني عن أهم المشاكل الاقتصادية التي تعانيها البلاد التي أنعم الله عليها بالكثير من النعم ، ووضع أمام اليمنيين العديد من النماذج الناجحة التي حققتها العديد من دول العالم لحسن استثمارها للنعم المتاحة فيها ، وأكد في المحاضرة الرمضانية الـ 22 أن التفاوت في التنمية بين دول وأخرى لم يكن نتيجة امتلاك الموارد والثروات ، فدولة كاليابان لا تملك المزيد من الموارد الأولية التي تستخدمها في الإنتاج ، بينما تملك دول فقيرة نعماً متعددة وكبيرة ولكنها لم تستطع التغلب على الفقر والفاقة وتعاني التبعية الاقتصادية لدول الاستكبار ، وأعاد قائد الثورة ذلك التفاوت إلى حسن استثمار النعم المتباين بين دولة وأخرى ، مؤكداً أن اليمن التي تحتل المرتبة الأخيرة من بين دول العالم في قائمة التنمية المستدامة، إذ حباها الله بنعم وافرة وكثيرة ، تفتقر إليها الكثير من الدول الأخرى..
الثورة/ رشيد الحداد
في هذه المحاضرة الرمضانية – التي لم تتجاوز الـ 40 دقيقة – لخص قائد الثورة السيد / عبدالملك الحوثي، اهم المشاكل الاقتصادية التي تعانيها اليمن وتطرق بأسلوب سلس ودقيق إلى ما يعانيه الاقتصاد اليمني، ووضع الحلول والمقترحات ذات الجدوى الاقتصادية الكبيرة أمام الشعب اليمني والقطاعين الحكومي والخاص، مؤكداً أن اليمن يمتلك مقومات نهضة اقتصادية شاملة لو تم استثمار النعم الوافرة وحسن استغلالها بالإنتاج بما ينعكس بشكل إيجابي على حياة الفرد والمجتمع والدولة ، وأشار إلى أن مقومات الإنتاج الوطني متعددة وفي مختلف المجالات سواءً على مستوى الموارد وسعة الأرض، أو على مستوى تواجد رؤوس الأموال، أو على مستوى الاستهلاك والسوق والحركة التجارية، فكل هذه المقومات في أصلها موجودة، لكنها لا تستثمر على نحوٍ صحيح.
التبعية الاقتصادية
في خطابه الرمضاني الـ22 ، تحدث السيد القائد عن أهم نقاط ضعف الاقتصاد اليمني الممثل بالاتكال على الخارج والتوجه نحو استيراد كل الاحتياجات الغذائية والكمالية ، ونتيجة لذلك التوجه الخاطئ ، لم يتم استثمار النعم واستغلالها كما يجب أن يكون ، فأهدرت اليمن خلال العقود الماضية اكثر من فرصة ،الأولى إنها لم توظف خصائصها الإنتاجية ولم تستثمر مواردها الاقتصادية المتاحة لخلق فرص عمل للعاطلين والحد من معدلات الفقر والبطالة وتحويل القوى البشرية المفرغة إلى قوى عاطلة وعاجزة عن مواجهة متطلبات الحياة، والفرصة الأخرى تتمثل بإهدار عشرات المليارات من الدولارات في استيراد كل متطلبات الحياة من غذاء وكساء وأدوية ووقود وغيرها من المواد الكمالية التي تستحوذ على نسبة كبيرة من فاتورة الاستيراد التي بلغت قبل العدوان 14 مليار دولار سنويا ً وتراجعت مؤخراً في ظل استمرار العدوان والحصار الذي دخل العام السابع إلى خمسة مليارات دولار ورغم تراجع فاتورة الاستيراد بنسبة تصل إلى اكثر من 65 % عما كانت عليه قبل العدوان إلا أنها تشكل خطورة كبيرة على الاستقرار المعيشي والاقتصادي للبلد في ظل تراجع معدل الدخل الوطني من العملات الأجنبية جراء وقف العدوان للصادرات اليمنية وما يتعرض له النفط كمورد سيادي من نهب منظم من دول العدوان ومرتزقتها في المحافظات المحتلة ، وهو ما أدى خلال السنوات الماضية من عمر العدوان والحصار إلى تراجع سعر صرف العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية في السوق المحلي والذي انعكس بدوره على حياة الملايين من اليمنين بشكل سلبي وكارثي كونه فاقم الأوضاع الإنسانية ، ونتيجة للظروف القاهرة التي فرضها العدوان والحصار وعدم وجود بدائل وطنية من سلع ومنتجات محلية ، استغل العدو هذه الفجورة الكبيرة وحولها إلى ورقة لتشديد الحصار على اليمنيين ليضاعف معاناة الشعب اليمني ، فمسار الاستيراد من الأسواق الدولية إلى الموانئ اليمنية وتحديداً إلى ميناء الحديدة يواجه قرصنة بحرية متعمدة من قبل دول العدوان السعودي الأمريكي ، ولم تعد تلك المسارات متاحة كما كان حالها قبل العدوان ، ونتيجة للقرصنة البحرية التي تعيق مسار الإمدادات الرئيسية للموانئ اليمنية كإعاقة السفن واحتجازها وتحويل مسارها البحري من ميناء الحديدة إلى موانئ الجنوب المحتلة ، ضاعف من الكلفة النهائية للاستيراد وحمل المستهلك اليمني تبعات تلك القرصنة الإجرامية .
أمام مشكلة التبعية الاقتصادية لليمن الذي ورثته المسيرة القرآنية من الأنظمة السابقة، يحث السيد عبدالملك الجميع على التوجه الجاد نحو الإنتاج المحلي، واستثمار النعم التي من الله بها على هذا البلد على نحو يحقق الاكتفاء الذاتي الذي لم يعد من أبرز التحديات التي تواجه استقلال وسيادة الوطن، وفي حال تحقيق طفرة في مسار الإنتاج يتعزز الأمن القومي الغذائي للبلد ، وتتلاشى معدلات الفقر والبطالة في أوساط المجتمع ، وتتماسك العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية وتستعيد قوتها الشرائية المفقودة ، وتنتقل البلد من قائمة الدول الأقل نموا إلى قائمة الدول النامية ، فتزيد فرض استقطاب رؤوس الأموال العربية والأجنبية للاستثمار في البلد لانشاء مشاريع إنتاجية واستخراجية كبيرة.