أدوار العلماء في المولد النبوي .. دروس وعبر متجددة

الثورة نت/جميل القشم

من منابر العلم ومساجد الحديدة، وفي أجواء الفعاليات والأمسيات المتواصلة بمناسبة المولد النبوي، تتصاعد كلمات العلماء محمّلة باليقين والوعي، لتعكس عمق الارتباط برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتضيء سيرته وتستحضر محطاته بدروس الصبر والجهاد.

تفيض كلمات العلماء في أمسيات المولّد النبوي، بمعانٍ متصلة بالسيرة النبوية، تنبثق منها دلالات روحية وفكرية تُعيد رسم ملامح الوعي الجمعي، وتمنح المناسبة بُعداً أوسع يربط بين استحضار السيرة واستلهام القيم، فتتجلى ذكرى المولد النبوي كساحة تتلاقى فيها الأخلاق بالمسؤولية وتُستعاد من خلالها الدروس والنفحات الايمانية بنور الهدي المحمدي.

تبرز من سياق كلمات العلماء صورة المولّد النبوي كحدث جامع تتقاطع فيه أبعاد الإيمان مع متطلبات الواقع، ويظهر الاحتفاء بالرسول الأعظم باعتباره مساحة وعي تذكّر الأمة بدورها الرسالي، وتمنحها دافعاً أخلاقياً وفكرياً يعزز قدرتها على تجاوز الأزمات، ويضعها على طريق متماسك يقوم على الصمود والوحدة والعدل.

ومن خلال الحضور الفكري والروحي، تتضح معالم رسالة متجددة تجعل من المولد النبوي مناسبة تتجاوز حدود الزمن، إذ تُعيد للأمة وعيها بجوهر الرسالة المحمدية، وتؤكد أن القيم التي حملها النبي الكريم تظل قادرة على إرشاد المجتمعات في مسارها، وتزويدها بطاقة معنوية تفتح أمامها آفاق البناء والنهضة.

تتعمق هذه المعاني مع كل كلمة يطلقها العلماء في أمسيات وفعاليات المولد النبوي، وتتلاقى الرؤى حول المناسبة التي تمثل منبعاً متجدداً للقوة والوعي، وتفتح المجال لترسيخ الهوية الجامعة، وتأكيد وحدة الصف، بما يجعل تلك الكلمات محطات إرشاد تستخلص من السيرة النبوية دروساً حيّة وتوجهها نحو واقع الأمة وتحدياتها.

تُظهر هذه المناسبة الدينية، ملامح رؤية تؤكد أن الأمة حين تستلهم من ذكرى مولد نبيها معاني الهداية، إنما تستمد من سيرته عناصر القوة وتجد في قيمه ركيزة لمناعة حضارية تعزز حضورها، وتمنحها قدرة متجددة على تجاوز الأزمات ومواجهة التحديات بروح ثابتة وموقف راسخ يوجّه مسيرتها نحو البناء والوحدة.

يُجمع العلماء على أن مناسبة المولد النبوي تمنح الأجيال طاقة روحية متجددة تزرع في النفوس الأمل والثقة، وتعيد للناس صلتهم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لتكون هذه الصلة سنداً معنوياً يعزز مسيرة البناء ويقوي حضور الأمة في مواجهة التحديات بروح ثابتة وإرادة متينة.

وفي هذا السياق، اعتبر مسؤول وحدة العلماء والمتعلمين بمحافظة الحديدة الشيخ علي صومل، ذكرى المولد النبوي، محطة إيمانية عميقة تستمد منها الأمة معاني الصبر والثبات.

وأفاد بأن ارتباط الأمة بالرسول الكريم يمنحها القدرة على مواجهة التحديات واستعادة قوتها الروحية والفكرية، ويجعل من السيرة النبوية منهجاً حياً لبناء المواقف وصياغة الاتجاهات.

وأشار الشيخ صومل إلى أن ما تعانيه الأمة من ضعف وتشتت وضياع في المواقف، ناتج عن ابتعادها عن سيرة النبي ونهجه الجامع، مبيناً أن ذكرى المولد النبوي تعيد للأمة بوصلة الهداية وتغرس في وجدانها معاني الوحدة والقوة، وتتحول المناسبة إلى منطلق يعيد للأمة وعيها، ويصقل إرادتها، ويمكّنها من استعادة دورها الحضاري والرسالي في مواجهة التحديات.

ومن زاوية أكاديمية، أوضح نائب رئيس جامعة دار العلوم الشرعية الشيخ علي عضابي، أن المولد النبوي يعيد صياغة وعي الأجيال من خلال ربطهم بسيرة النبي كقدوة تربوية وأخلاقية.

ولفت إلى أن حياة الرسول تمثل مدرسة متكاملة تجمع بين التعليم والتربية والجهاد، وأن استلهام هذه المدرسة يضمن للمجتمع نهضة راسخة قائمة على العلم والمعرفة.

وأوضح الشيخ عضابي أن من يصفون إحياء المولد النبوي بالبدعة يغفلون عن جوهر المناسبة ومكانتها في ترسيخ محبة النبي في القلوب، مؤكداً أن الاجتماع لذكرى مولده، هو تعبير صادق عن الارتباط برسالته، واستحضار لسيرته العطرة، وتجسيد لمعاني الشكر لله على أعظم نعمة أنعم بها على البشرية.

وبين أن العلماء عبر العصور اعتبروا المولد فرصة لتجديد العهد مع الرسول وتربية الأجيال على نهجه القويم.

في حين أشار مسؤول وحدة العلماء بمربع مدينة الحديدة الشيخ صالح الحرازي إلى أن مناسبة المولد النبوي تؤكد عمق الهوية الجامعة للأمة، يلتقي فيها الناس على نهج النبي وقيمه، مبيناً أن وحدة الصف المستمدة من المناسبة تشكّل جداراً صلباً أمام محاولات التفكيك، وتؤكد أن التماسك المجتمعي من أبرز الدروس النبوية التي تستمر في تغذية وعي الأمة.

وتطرق إلى مظاهر إحياء ذكرى المولد النبوي التي تعكس الهوية الإيمانية للأمة في أبهى صورها، حيث تتزين المساجد والميادين بمدائح المصطفى وتزدحم المجالس بذكر سيرته العطرة، لتتجسد وحدة القلوب في محبته، موضحًا أن تلك المظاهر تحمل في عمقها بُعداً تربوياً واجتماعياً يغرس الولاء للرسول في النفوس، ويجدد انتماء الناس لرسالته ومنهجه.

من جهته أكد مسؤول وحدة العلماء بمديرية الحالي الشيخ محمد الوافي، أن المولد النبوي يرسّخ قيم التضحية والإيثار، ويبعث في النفوس روح الثبات على المبدأ.

وذكر أن الأمة كلما استحضرت سيرة النبي ازدادت صلابة في مواجهة التحديات، ووجدت في قدوته معيناً لا ينضب من القوة والمعنويات.

مسؤول قطاع الإرشاد بالمحافظة عبدالرحمن الورفي، عد المولد النبوي منبراً دينيًا لتعزيز الخطاب التوجيهي والإرشادي، من خلال ترسيخ الأخلاق النبوية في المجتمع، وإحياء قيم التكافل والإحسان، مشدداً على أن المجتمع الذي ينهل من سيرة النبي يكون أكثر تماسكًا وقوة في مواجهة الظروف الصعبة.

ولفت إلى أن ما يتعرض له أبناء غزة من إبادة وحصار يجعل من إحياء هذه المناسبة موقفاً يتجاوز حدود الاحتفاء الروحي إلى واجب عملي في نصرة المظلومين، واصفًا مشاركة العلماء في أمسيات المولد، بالمهمة لاستحضار سيرة الرسول الكريم كقدوة في الجهاد والدفاع عن المستضعفين.

إلى ذلك بيّن مسؤول وحدة العلماء والمتعلمين بالمربع الشرقي الشيخ موسى معافى، أن المولد النبوي يجسّد الارتباط الوثيق بين الأجيال والرسول الكريم.

ولفت إلى أن الأطفال والشباب يجدون في السيرة النبوية قدوة مضيئة تعزز فيهم معاني الإيمان والعلم والجهاد، وأن مسؤولية العلماء والأسر تكمن في ترسيخ هذا الارتباط وصيانته من مؤثرات الانحراف والغزو الثقافي.

ومن سياق تلك الرسائل، يتجلّى المولد النبوي كأعظم حدث في تاريخ الأمة، يعمّق الإيمان في القلوب، ويغرس الهوية في الوجدان، ويؤسس لارتباط راسخ برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باعتباره منبع العزة ومصدر القوة.

ويقدّم علماء الحديدة في أمسيات وفعاليات المولد النبوي، صورة جامعة لمكانة الرسول الأعظم في وجدان الأمة، إذ يغدو المولد منبراً يعيد وصل الحاضر بالسيرة، ويعزز حضور الهوية الإيمانية، ويبرز امتداد الدور اليمني في نصرة النبي وحمل رسالته، وهو الامتداد الذي يترسخ في ضمير الأجيال ويواصل رسم طريقها نحو مستقبل تصنعه الهداية المحمدية.

سبأ

قد يعجبك ايضا