حق على كل عربي ومسلم أن يُقبّل رؤوس وأقدام الأبطال المجاهدين في فلسطين الأبية، وتحديدا في قطاع غزة الذين أخذوا على عاتقهم – وبجدارة وبسالة منقطعة النظير – مسؤولية الدفاع عن شرف وكرامة ومقدسات أكثر من مليار وسبعمائة مليون مسلم باتوا محطمين من الداخل ومحبطين إلى حد الثمالة أمام جبروت وغطرسة قوى الاستكبار والطغيان وتماهي وتواطؤ الكثير من الأنظمة السياسية في المنطقة التي اعتقدت في لحظة توهان وانهزام بأنها تستطيع أن تبيع القضية الأولى بثمن بخس، بعد أن خدرت شعوبها وغيرهم بأوهام وثقافات اليأس والإحباط والهزيمة.
شكرا لأبطالنا في حماس وسرايا القدس – ولكل فصائل المقاومة الفلسطينية الباسلة دون استثناء – على ثباتهم وصمودهم ليوقظوا في نفوسنا أحلاما مكسورة ويحييون بنصرهم المؤزر آمالا أصابها الصدأ واندثرت في الأعماق بفعل غبار السنين وتقلبات الأيام والمواقف.
شكرا للشعب الفلسطيني في كل الأرض الفلسطينية حتى أولئك المقيمين في أراضي 48 ممن توهم العدو بأنه محا هويتهم وانتماءهم الأصيل لكنهم فندوا كل تلك الأوهام، وإذا بالشعب الفلسطيني يلتحم جسدا وروحا واحدا في سبيل الانتصار لقضيتهم ومقدسات أمتهم.
لقد أعدتم البريق للقدس والأقصى وبعثتم في الأمة روح الأمل والعزيمة مجددا، بعد عقود من ممارسات التدجين والاستسلام والتسليم والخنوع وثقافة القبول بالقهر والضيم ..أثبت صمودكم للعالم كله أن الحق مهما كانت وسائله وإمكانياته محدودة، قادر على قهر الباطل وإن بلغ في قوته عنان السماء.
يا أبطال فلسطين لقد سطرتم بدمائكم قبل عرقكم ملاحم ونماذج تُحتذى لكل المظلومين والمضطهدين في كل أنحاء العالم وأيقظتم ضمائر أمة أوشكت على الدخول في سبات عميق وجعلتم الدم يضخ في عروقها من جديد .. وقفتم بصدوركم العارية وأسلحتكم المتواضعة في وجه الطاغوت وأعوانه من طواغيت العصر، وقد ظن أنه القوة التي لا تقهر وأن لا شيء سيقف أمام نزواته ورغباته الشيطانية وأنه سيسرح ويمرح كيفما يحلو له وفي الوقت الذي يريد، دون خوف من حسيب أو رقيب أو رادع.
بقوة الله وتأييده لعباده المؤمنين – وبصبر وثبات وتضحيات المجاهدين في غزة وكل فلسطين – انهزم الطاغوت وثاب إلى رشده ولعله بات يدرك اليوم وأكثر من أي وقت مضى أن القدس والأقصى هما القلب النابض لفلسطين وأهم مقدسات الأمة وان شعب الجبارين قادر على حمايتها والانتصار لها وتحريرها حتى وإن انخرط العرب مجتمعين في مستنقعات الخيانة والتطبيع.
أثبتت غزة – التي لا تزيد مساحتها عن 300كيلومتر، والمحاصرة برا وبحرا وجوا منذ أكثر من 15عاما – أن قوة الحق لا تنكسر مهما كان حجم العدو وترسانته الحربية وقدمت من الدروس في التضحية والفداء والصمود والتشبث بالحقوق ما يستحق أن يُدرس في أرقى الجامعات والكليات والمعاهد الدولية والإنسانية.
حتما ستبقى الأمة المحمدية تحمل في رقبتها دينا عظيما لتضحيات ودماء أبناء غزة وقد استطاعت أن تعيد قضيتها المركزية إلى صدارة الاهتمام العالمي، بعد أن كادت تتلاشى وتطوى في غياهب النسيان ..وهنا لابد من التذكير بحجم الآلام والأوجاع التي تعرض لها المواطنون في قطاع غزة وهم يتلقون ضربات الحقد والانتقام من قبل عدو الله والإنسانية، وعلى الرغم من حلاوة الانتصار وما حققه من مكاسب للأمة ومقدساتها وقضيتها الأولى على المدى الراهن والمستقبلي، لا ننسى أبدا التعاطف مع أهلنا في غزة وقد فقدوا أحباءهم وذويهم ممن ارتقوا شهداء، فلهم الخلود والمجد وللجرحى التمنيات بالشفاء العاجل.. ولا نامت أعين الجبناء.