فيلسوف عالمي يوجّه صفعة قوية للإمارات.. الألماني البارز يورغن هابرماس يرفض جائزة الشيخ زايد

الإمارات تستغل الثقافة لتجميل الوجه القبيح للنظام

 

 

المئات من المثقفين والكتاب العرب ينسحبون من الجوائز الثقافية الإماراتية

الثورة / محمد شرف

تعد الإمارات الأكثر نشاطاً على مستوى منح الجوائز في العالم العربي، فإماراتها السبع – وتحديداً إمارتي دبي وأبوظبي – لا تهدآن طوال العام عن منح الجوائز وحفلات التكريم وتقليد الأوسمة والنياشين، وهذا- وفق مراقبين- يدخل في سياسة الدعاية، في إطار توجه عام يوظِّف إمكانيات الدولة بهدف تجميل الوجه القبيح للنظام السياسي.
مؤخرا وجه الفيلسوف الألماني يورغن هابرماس – الذي يعد أحد أهم الفلاسفة وعلماء الاجتماع والسياسة المعاصرين في ألمانيا والعالم – صفعة قوية للإمارات؛ برفضه الحصول على “جائزة الشيخ زايد للكتاب” في فئة “شخصية العام الثقافية”، بعد فوزه فيها نهاية أبريل الماضي، والتي تقدر قيمتها بربع مليون يورو، وبذلك “يظل الفيلسوف مخلصًا لقيم فكره التنويري”، كما وصف موقع “شبيغل” الألماني القرار.
وفي توضيح مقتضب، ذكر هابرماس، أنه اتخذ “قرارًا خاطئًا” عندما قبل في البداية بـ”جائزة الشيخ زايد للكتاب”، وأضاف الفيلسوف – البالغ من العمر 91 عاما – “لم أفهم بشكل كافٍ الصلة الوثيقة جدًا بين المؤسسة التي تمنح هذه الجوائز في أبو ظبي والنظام السياسي القائم هناك.”
وفي تعليقه على رفض هابرماس للجائزة؛ أشار موقع “شبيغل أونلاين” الألماني، أن “النظام في الإمارات يقوم على انعدام الحرية وعلى قمع منهجي للمطالب الديمقراطية، المعارضون ينتهي بهم الأمر بسهولة في السجن، لا توجد انتخابات جديرة بهذا الاسم، تعيش النخبة الحاكمة في عالم من الامتيازات والحقوق الخاصة”.
وأوضح المقال أن الغربيين الذين يزورون الإمارات يلاحظون بالكاد ذلك، حيث ينبهرون بالجمال المعماري وبالثقافة، ويلتقون بمخاطبين من ذوي التعليم العالي، وأكدت “الكثير من هذا يجب تصنيفه كجزء من الدعاية”.
ونقل “شبيغل” عن هابيرماس قوله “بالطبع كنت مرتابًا واطلعت على المؤسسة والفائزين بالجائزة قبل قبولي للجائزة”، وأضاف أن معظم المعلومات التي تلقاها بخصوص الجائزة حصل عليها من يورغن بوس مدير معرض فرانكفورت للكتاب وعضو اللجنة العلمية لجائزة الشيخ زايد.
ويعد الفيلسوف الألماني، أحد أهم منظري مدرسة فرانكفورت النقدية وله أكثر من خمسين مؤلفا في الفلسفة وعلم الاجتماع وهو صاحب نظرية الفعل التواصلي.
وكان ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، هنّأ هابرماس بحصوله على شخصية العام الثقافية من قبل “جائزة زايد للكتاب”.
كتاب ومثقفون عرب يعلنون انسحابهم من جوائز إماراتية
وفي وقت سابق، أعلن كتاب وروائيون وأدباء مغاربة وجزائريون وتونسيون، سحب ترشيحاتهم لجوائز إماراتية، والانسحاب من بعض المؤسسات الثقافية، استنكارا لإعلان الإمارات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وبعد إعلان الأكاديمي والناقد المغربي يحيى بن الوليد والروائيين والمترجمين أحمد الويزي وأبو يوسف طه والروائية الزهرة رميج، انسحابهم من جائزة الشيخ زايد للكتاب، قرر الشاعر المغربي محمد بنيس الانسحاب من اللجنة المحكّمة للجائزة ذاتها.
كما قرر شعراء ومثقفون جزائريون الانسحاب من مسابقات إماراتية بعد إعلان محمد بن زايد تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني .
وكتب الأديب والناقد الجزائري بشير ضيف الله، تدوينة عبر حسابه في فيسبوك قائلا “إنه قرر سحب ترشحه لجائزة الشيخ زايد الأدبية”، مضيفا أنه يأمل أن تخرج القضية الفلسطينية من دائرة الشاشات ومواقع التواصل إلى دائرة الواقع والفعل “الملموس”.
وأكد ضيف الله إيمانه العميق بأن الشعوب وحدها هي من تقرر مصير القدس.
بدورها، أعلنت دار ضمة للنشر والتوزيع (جزائرية) عن سحب ترشحها هي الأخرى برواية “رعاة أركاديا” للروائي الجزائري محمد فتيلينة من سباق جائزة البوكر العربية بعد مناقشة الملف مع الكاتب.
لم تقتصر مواقف المثقفين المغاربة على الأفراد، بل امتدت إلى المؤسسات، حيث أعلنت مؤسسة “بيت الشعر في المغرب” إدانتها واستنكارها التطبيع الإماراتي مع إسرائيل.
واعتبرت المؤسسة في بيان أن “اتفاق التطبيع بين دولة الإمارات والكيان الصهيوني خيانة، ليست لقضية العرب الأولى فحسب، بما أنها واحدة من أنبل قضايا العصر، بل لعدالة كافة القضايا الإنسانية التي لطالما انبرى الشعر للانتصار لها”.
وأضاف “بيت الشعر في المغرب” أن “الاتفاق جاء ليعمق الجرح الفلسطيني ويكرس سياسة الاستسلام ومباركة النزوع الاستيطاني الذي ينتهجه الكيان الصهيوني”.
ودعت المؤسسة “كافة المثقفين والكتاب والشعراء المغاربة إلى المزيد من التضامن والالتحام مع القضية الفلسطينية وأفقها النضالي والشعري والإنساني”.
التونسية أماني بن علي – بطلة بلادها في الموسم الثالث لتحدي القراءة العربي (مبادرة إماراتية) – نشرت تدوينة على صفحتها في فيسبوك تعلن فيها انسحابها من المسابقة احتجاجا على تطبيع الإمارات مع إسرائيل.
وقالت أماني “أدعو كل معارفي وأصدقائي ومتابعيّ للانسحاب من هذه المسابقة انتصارا للقضية الفلسطينية ورفضا للتطبيع مع الكيان الصهيوني، دامت فلسطين نهجنا”.
مثقفون عُمانيون يرفضون تطبيع الأنظمة العربية مع الاحتلال
مثقفون عُمانيون أكدوا رفضهم القاطع لـ”كل أشكال التطبيع التي تمارسها الأنظمة العربية الحاكمة” مع الاحتلال الإسرائيلي.
وقال بيان مكتوب صدر عن هؤلاء مؤخرا، إن “أبناء عُمان من كتاب وأدباء ومثقفين وصحفيين ومهنيين، من أجيال مختلفة وأطياف متنوعة، يرفضون رفضا قاطعا فصلهم عن قضيتهم المركزية؛ القضية الفلسطينية”، داعين الأنظمة المطبّعة مع إسرائيل إلى “العودة إلى رشدها، واحترام إرادة ووجدان شعوبها الذي تمثل فلسطين فيه الركن الأساس”.
ومن الموقعين على البيان الأديب والسينمائي عبدالله حبيب، والشعراء زاهر الغافري وصالح العامري وإبراهيم سعيد، والناشطة الحقوقية حبيبة الهنائي، والباحثون سعيد سلطان الهاشمي ومحمد العجمي وسيف عدي المسكري وعلوي المشهور ووضحاء الكيومي، والمسرحيان مالك المسلماني وهلال البادي، والإعلاميون زاهر المحروقي وسليمان المعمري وسمية اليعقوبي والمختار الهنائي، إضافة إلى عدد من الروائيين وكتاب القصة، منهم حمود الشكيلي ومحمود الرحبي وحمود سعود والخطاب المزروعي ويعقوب الخنبشي وسعيد الحاتمي.
وأكد هؤلاء أن إعلان النظام الإماراتي والاحتلال عن الاتفاق بينهما لتطبيع علاقاتهما، تحت الرعاية الأمريكية، وكل ما تلاه من خطابات الترحيب التي لاقاها من بعض الأنظمة العربية، وبشكل أخصّ بيان وزارة الخارجية العمانية المؤيد لهذا الاتفاق، “لا يمثلنا، ولن يكون”.
دعوات لوقف تمويل أبوظبي للجوائز الثقافية العربية
كما اتخذ عدد من المثقفين والكتّاب العرب موقفاً مندداً بالتطبيع عبر المطالبة بوقف تمويل أبوظبي لجوائز تختص بالأدباء والروائيين والشعراء العرب، منها جائزة البوكر العربية.
ففي موقف لافت طالب بعض الكتاب الفائزين بالجائزة العالمية للرواية العربية “بوكر”، بالإضافة إلى رؤساء وأعضاء لجان مجلس أمناء سابقين، بإيقاف تمويل الإمارات للجائزة؛ رداً على اتفاق التطبيع بين أبوظبي و”تل أبيب”.
ووقع على نداء وقف التمويل، نحو 20 كاتباً وناقداً، قائلين: “ندعو مجلس الأمناء الحالي إلى تحمل مسؤوليته الثقافية التاريخية في حماية الجائزة عبر إنهاء التمويل الإماراتي، وذلك حفاظاً على مصداقية الجائزة واستقلاليتها”.
وأوضح البيان: “إذا لم يُتخذ في هذا الظرف الدقيق قرار شجاع يكرس استقلالية الجائزة، فعلى مجلس الأمناء أن يستعد من الآن لأسوأ السيناريوهات التي قد تعصف بالجائزة ووضعها الاعتباري، وتبدد رصيدها التاريخي، وتنال من مكانتها في الوجدان الثقافي العربي”.
ودعا موقعو النداء إلى البحث عن أي تمويل بديل رسمي تابع لأي دولة أخرى، مؤكدين أن حالة التطبيع الإماراتية الأخيرة، وبحسب تصريحات مسؤولين إماراتيين، تقوم على استراتيجية تحالفية مع “الاحتلال الإسرائيل” تشمل كل المجالات بما لا يستثني المجال الثقافي.
وكان من بين أبرز الموقعين على النداء كل من إبراهيم نصر الله، الفائز بالجائزة عام 2018م، وربعي المدهون، الفائز بالجائزة عام 2016م، ومريد البرغوثي، رئيس لجنة التحكيم لعام 2015م (ثلاثتهم من فلسطين)، وكذلك محمد بنيس من المغرب، وإلياس خوري من لبنان، وفواز حداد من سوريا، وهدى النعيمي من قطر.

قد يعجبك ايضا