ما بين الطقوس العتيقة وابتكارات الحاضر : ليالي رمضان في صنعاء ..روحانية تطاول السماء

في شارع صغير بأحد الأحياء الشعبية في منطقة نقم شرقي العاصمة صنعاء يحرص التربوي عبدالله عبدالباقي الذيب وهو والد الشهيد المجاهد ماجد الذيب على جمع شباب الحي في جلسة رمضانية في الشارع قبالة منزله من أجل الاستماع إلى المحاضرات الرمضانية للسيد القائد /عبدالملك بدر الدين الحوثي كل مساء منذ بداية الشهر الكريم بعد أن قام في مبادرة ذاتية بتوفير تقنية عرض الشاشة عبر “البروجكتر” لتتم بعد المحاضرة تلاوة ما تيسر من القرآن الكريم وتدارس آيات بينات من كتاب الله، ما جعل ليالي رمضان في هذا الحي كما يقول عدد من الشباب لـ” الثورة ” تزداد روحانية وجمالا.

ويتميز شهر رمضان المبارك في اليمن ولياليه على وجه التحديد منذ فجر الإسلام بخصوصيات رائعة ترتبط بعادات وتقاليد المجتمع نفسه ومن هذه التقاليد الراسخة إحياء ليالي الشهر الفضيل بجلسات القرآن والذكر وكذلك بروائع الأناشيد والموشحات الروحانية والجمالية وكذلك الأمسيات الرمضانية التي تشهدها العاصمة ومختلف المحافظات، في تناغم روحي وجمالي تحلق فيه النفوس في أجواء الصفاء والنقاء الإيمانية، ولاتزال هذه العادات العتيقة على حالها بل ويزيدها التجديد والابتكارات المتواصلة مزيداً من الروحانية والنقاء لليالي الشهر الكريم .
مبادرة والد الشهيد ماجد الذيب ليست سوى واحدة من مئات المبادرات التي جعلت من صنعاء في ليالي رمضان مفعمة بالإيمان وبالأجواء الروحانية المثالية .
الشباب روح المبادرة
كان التجاوب كبيرا مع مبادرة والد الشهيد ماجد الذيب من قبل الشباب ..حيث يقول عبدالله الذيب صاحب المبادرة إن شهادة النبي عليه وآله افضل الصلاة والسلام عن اليمنيين بأنهم أهل الايمان والحكمة تتجسد فيهم في كل زمان ومكان وخاصة في هذا الشهر الكريم، حيث تشاهد غالبية الناس كبارا وشبابا وصغارا يجتمعون في مساجدهم وفي منازلهم وأحيائهم وشوارعهم لأداء الطاعات وإقامة حلقات لتدارس القرآن الكريم وتلاوته ومجالس للذكر وتحرك في أعمال الخير والإحسان والأعمال الصالحة عموما ? ساعين بذلك وراغبين في نيل رضوان الله ورحمته.
ويضيف في حديثه لـ “الثورة ” :مما يشد الانتباه في هذا التحرك المبارك من قبل فئة الشباب فحالهم في هذا الشهر المبارك ليس كحالهم في غيره من الشهور من خلال تجاوبهم الواسع وسعيهم إلى أي عمل يقربهم من الله، وهذا ما شجعني على إقامة مجلس مفتوح للذكر وتدارس القرآن الكريم وإقامة البرنامج الرمضاني في هذه الليالي المباركة، وما كان يجول في خاطري وذهني هو استهداف هذه الفئة من الشباب عن غيرهم بدعوتهم للمشاركة والحضور في هذا المجلس وفي هذه الأمسيات الرمضانية المباركة كونهم الشريحة الأكثر في المجتمع والركيزة الأهم في بناء المجتمع وهذا ما نراه جليا في كل المجتمعات ،فالشباب هم صناع الحياه وحماة الدين والأوطان ومن يقع على عاتقهم بناء المجتمعات في شتى المجالات، ولو أننا عدنا إلى تاريخنا الإسلامي لوجدنا فيه الكثير من الأسماء لشباب في ريعان العمر كان لهم دور كبير جدا في نصرة الإسلام ونشره، فقد كانوا مجاهدين وعلماء وقضاه.. وقاده.. كانوا مستشعرين للمسؤولية التي تقع على عاتقهم تجاه دينهم وامتهم ، ومن هذه الأسماء على سبيل المثال لا الحصر الإمام علي كرم الله وجهه، فقد كان أول من أسلم وأول فدائي في الإسلام وهو صغير السن، وعبدالله بن عباس الذي كان ترجمان القرآن كما وصفه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو شاب يافع وأسامة بن زيد الذي قاد جيش المسلمين في إحدى المعارك وهو صغير السن ومعاذ بن جبل الذي كان أعلم الأمة بالحلال والحرام رضي الله عنهم أجمعين، ولا يتسع المقام لذكرهم جميعا وذكر مناقبهم وجهادهم وتفانيهم في نصرة الإسلام والمسلمين، وهذا مما لا يخفى على أحد، فالتاريخ الإسلامي ملئ بمثل هذه النماذج من الشباب المؤمن الصادق المجاهد، لهذا يجب علينا جميعا كدولة وكأمة وكمجتمع ألا نتخلى عن الشباب وألا نتركهم يتوهون وراء ما يفسد عليهم دينهم ودنياهم من مخططات أعداء الله وأعداء رسوله والمؤمنين الذين يستخدمون كل وسائل الحرب الناعمة ثقافيا وفكريا وإعلاميا كالفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي والموضات واللهو واللعب فيما يضر المجتمع، فالهجمات الشرسة من قبل الصهيونية العالمية التي تستهدف أبناء الأمة كثيرة جدا والتي يحاول الأعداء بكل ما استطاعوا من قدرات في الهوية الإيمانية التي وهبنا إياها المولى عز وجل ولتمييع شبابنا وبناتنا وخاصة في هذا الشهر الكريم، كما نشاهد في هذه الأيام والليالي المباركة في الفضائيات الكم الهائل من البرامج الفاسدة والتي يريدون من خلالها إفساد مجتمعنا المؤمن بأكمله، ولا يقتصر ذلك على إفساد الشباب فقط ،ولهذا يجب علينا كأمة مؤمنة ألا نتخلى عن أبنائنا أو نهمشهم حتى لا يصبحوا فريسة ولقمة سائغة يسهل التهامها من قبل أعداء الدين والأمة.
منافع عظيمة
هذه المجالس المباركة في ليالي الشهر الكريم تعود بمنافع وفوائد عظيمة على كل فئات المجتمع وفي مقدمتهم فئة الشباب، ويوضح والد الشهيد الذيب بأن التجاوب والتفاعل من قبل الشباب كان كبيرا مع فكرة المجلس الرمضاني المسائي وكان مجلسا مفتوحا وغير ثابت، فتارة يكون في أحد شوارع الحارة وتارة يكون في أحد المنازل، وكان لهذا المجلس خلال الليالي الماضية من ليالي الشهر الكريم عظيم الأثر في احتواء الشباب وانتشالهم من براثن اللهو والضياع ومن أدواته كالهواتف والفضائيات واللهو في الشوارع والانتقال بهم إلى تدارس القرآن الكريم وتلاوته وذكر الله وكل ما ينفعهم في دينهم ودنياهم.. كما كان للمجلس كما يوضح الذيب وقفات مهمة ومفيدة للغاية من ضمنها الاستماع لمحاضرات السيد القائد / عبدالملك بدر الدين الحوثي الرمضانية وأيضا قراءة البرنامج الرمضاني من ملازم الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي والتي كانت لها آثار طيبة ونتائج إيجابية ومفيدة في استجابة الشباب لهدي الله وهدي رسوله الكريم صلى الله علي وعلى آله وسلم، حيث انها عمت الفائدة الدينية والعلمية والثقافية كل الحاضرين.. نسأل الله القدير أن يستمر هذا الزخم والإقبال على هدي الله والاستجابة له في كل مكان وزمان وليس في شهر رمضان المبارك فحسب، بل على مدار العام.
ويختتم والد الذيب حديثه بالتأكيد على الحاجة الماسة لإعطاء الشباب فرصتهم والاغناء بهم تعليماً وتدريبا وتثقيفا وتأهيلا ليكونوا على قدر كبير من الوعي مستشعرين لأهمية دورهم في هذه الحياه تجاه كشباب مؤمن ومسلم بحيث يكونون صمام الأمان لدينهم ووطنهم وأمتهم ومن يناط بهم بناء الوطن وتقدمه وازدهاره حاضرا ومستقبلا، كما أؤكد على امر مهم وهو أن العلاقة بين الشباب والشيوخ يجب ألا تكون علاقة تصادم أو إقصاء، بل علاقة تكامل وتضافر للجهود فالأمة بحاجة لطاقات الشباب وحماسهم وبحاجة أيضا لخبرة الشيوخ وعلمهم وهذا ما تجسد في كثير من المجالس الرمضانية المباركة حيث جمعت بين الشباب والشيوخ وكسرت الحواجز بينهم وعمت الفائدة الجميع ولله الحمد والمنة..
وفي كلمته الأخيرة يقول والد الشهيد المجاهد ماجد الذيب :أسأل الله العلي القدير أن يوفقنا لما فيه الخير والصلاح لنا ولأبنائنا وبناتنا وكبارنا وصغارنا ولأمتنا جمعاء وان يتقبل منا صيام الشهر الكريم وقيامه وأن يجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا وان يحفظ اليمن من كل سوء ومكروه وان يرد كيد الخائنين والمعتدين والمتآمرين على وطننا الغالي وعلى شعبنا ومقدراتنا في نحورهم وأن ينصرنا عليهم بحوله وقوته وأن يكون نصيرا لجيشنا ولجاننا الشعبية على من عادانا واعتدى علينا وأن يسدد رميهم ويثبت أقدامهم وأن يرحم ويتقبل شهداءنا الأبرار وأن يحفظ قائد المسيرة القرآنية السيد المجاهد عبدالملك بدرالدين الحوثي ويرعاه ..والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.”
تفاعل واسع
كان التفاعل كبيرا من قبل الشباب مع هذا المجلس الرمضاني مثله في ذلك مثل العديد من المجالس الرمضانية في صنعاء ومختلف المحافظات.. حيث يقول عبدالله المحرقي احد الشباب المشاركين في المبادرة : إن الفائدة التي جناها شباب الحي كانت كبيرة وكان لمحاضرات السيد القائد عظيم الأثر في نفوس الشباب.