من أعلام الهدى:محمد سالم البيحاني

الشيخ محمد سالم البيحاني عالم وداعية وأديب يمني، فقد بصره في طفولته، لكنه سجل تاريخا علميا ودعويا حافلا، ووُصف بـأنه “قائد الحركة الدينية في جنوب الوطن.
ولد محمد بن سالم بن حسين بن خميس الكدادي الملقب “البيحاني” يوم 22 رجب 1326هـ الموافق 20 أغسطس 1908م في مدينة القصاب (محافظة شبوة)، نشأ في أسرة علمية فتعلم القرآن الكريم ومبادئ العلوم الدينية على والده العلامة الفقيه الفلكي سالم بن حسين الكدادي البيحاني، لكنه فقد بصره وهو في الخامسة من عمره.

الدراسة والتكوين
درس الفقه على أيدي علماء أجلاء من مشائخ بيحان، ثم قصد مدينة تريم في حضرموت 1916م فدرس علوم الدين واللغة العربية على عدد من علمائها، وأقام هناك قرابة عامين، عاد بعدها إلى الشيخ عثمان بعدن بحثاً وراء الاستزادة العلمية ووجد ضالته المنشودة في تلك المدينة عند شيخها الجليل أحمد محمد العبادي (18831968-م) وهو العلامة الذي درس على يديه الراحلان الكبيران محمد سعيد جرادة وعبد الله أحمد محيرز.
شارك في بعثة علمية إلى مصر ودرس في جامعة الأزهر بالقاهرة، فنال الشهادتين الأهلية والعالمية خلال ثلاث سنوات.

التجربة الدعوية
بعد حصوله على درجة العالمية من الأزهر الشريف بمصر عاد الشيخ محمد بن سالم البيحاني إلى جنوب الوطن فعمل في مجال التدريس بمدينة بيحان، وشرع في حمل راية التنوير، ثم تولى الإفتاء في عدن 1943م، وأسس الجمعية الإسلامية للتربية والتعليم عام 1950م، و”المعهد العلمي الإسلامي”.
استقر في حي كريتر، وجدد بناء مسجد العسقلاني فتولى فيه الإمامة والخطابة خلال سنوات 1949 – 1969م، وأقام حلقات علمية في فنون الحديث والتفسير والفقه والسيرة وعلوم اللغة.
التف حوله رجال الخير، ووضعوا في يده الأموال، فعمل على حفر الآبار وبناء المدارس والمساجد، وخاض صراعا عنيفا مع التيارات الدينية التقليدية حين عمل على تخليص معتقدات الناس من الأوهام والخرافة، ورغم ذلك فإن عدد أنصاره ظل في ازدياد.
اشتهر بكونه علما بارزا، وزاره عدد من كبار العلماء والملوك، واتصل بكثير من العلماء داخل اليمن وخارجها، وأقام معهم علاقات علمية وودية واسعة وطلب الإجازة من كثير منهم.
سافر إلى بلاد عربية وإسلامية عديدة، والتقى بعدد من الملوك والرؤساء فحصل منهم على أموال طائلة أنفقها في بناء “المعهد العلمي الإسلامي” في عدن الذي افتتحه غرة ربيع الأول 1377هـ الموافق 25 سبتمبر 1957م بسبعمائة طالب، و23 مدرسا، وبلغت تكلفة بنائه أربعة ملايين درهم آنذاك.
ظل هذا المعهد منارة إشعاع علمي يقصده الطلاب من مختلف البلاد العربية والإسلامية حتى أممته السلطات الاشتراكية الحاكمة في عدن، آنذاك، وحولته إلى مقر لوزارة الداخلية وأحرقت مكتبته التي قدر عدد الكتب فيها بأكثر من خمسة آلاف كتاب، كما أممت الأوقاف والمباني والمرافق التابعة له.
لقي الشيخ البيحاني الكثير من المضايقات في عهد حكومة ما بعد الاستقلال عن الاحتلال البريطاني التي تبنت تحولات سياسية باتجاه الاشتراكية والماركسية، فضاق به الحال وانتهى به الأمر إلى الرحيل عن عدن إلى مدينة تعز في مطلع عام 1971.
ولم يلبث فيها طويلا ، حيث توفي يوم 26 ذو الحجة 1391هـ الموافق 13 فبراير 1972م، ودفن في مقبرة مسجد المظفر
أنشأ تلامذته بعد وفاته “جمعية البيحاني الخيرية للتربية والتعليم” التي تنظم الدورات التأهيلية والشرعية والحلقات القرآنية والكفالات التعليمية والمراكز الصيفية، لتكون بذلك امتدادا لجمعيته الأم “الجمعية الإسلامية للتربية والتعليم”.

مؤلفاته
من أشهر مؤلفاته: “إصلاح المجتمع”، و”عبادة ودين”، و”أستاذ المرأة”، و”كيف نعبد الله؟”، و”زوبعة في فنجان”، و”الفتوحات الربانية بالخطب والمواعظ القرآنية”، وديوان “العطر اليماني في شعر البيحاني”.

قد يعجبك ايضا