إعداد/ وهيبة العريقي
نظافة اليدين مسلك لا غرابة فيه وليس فيه ما يبعث على السخرية أو الاستخفاف فديننا الحنيف دعانا وحثنا عليه فيما روي من أحاديث شريفة كثيرة من قول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: “إذا قام أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاٍ” والنبي صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الحديث خص غسل اليدين تأكيداٍ على النظافة وأهميتها في حياتنا فهي ضرورية لحفظ الصحة وحماية الإنسان ووقايته من مختلف الأمراض المْعدية.. وقد كان صلى الله عليه وآله وسلم لا يأكل حتى يغسل يديه.
تزامناٍ مع اليوم العالمي لغسل اليدين الذي تحييه اليمن في (26 أكتوبر 2010م) نضع القارئ على العديد من الحقائق والملابسات ومعها العديد من النصائح حول هذا الجانب الجوهري في منظومة الوقاية من الأمراض.
فالأمر جد خطير طبياٍ وصحياٍ إن لم نْعر اهتماماٍ كافياٍ بغسل اليدين بعناية بالماء والصابون ولم نعتن بنظافة الأظافر وتقليم الطويل منها.
إذ تبين الإحصاءات الطبية والدراسات أن هذه الأمراض في مجتمعات البلدان النامية – ومن بينها مجتمعنا – تحتل مركز الصدارة في قائمة الأمراض وقد تصل إلى درجة الوباء وبالأخص تلك الأمراض المتعلقة بالجهاز الهضمي والتي يشكل السبب في ظهورها وانتشارها انعدام أو تدني الوعي الصحي والثقافة الصحية بحقيقة الأمراض المعدية وخطورتها وكيفية انتقالها والوقاية منها.
إن اليدين عضو حركة مستمرة تلامس المواد والأشياء المختلفة منها النظيف ومنها القذر الملوث وليس بالضرورة ظهور التلوث ومشاهدته بالعين المجردة ففي أجزاء على الأسطح المختلفة والأشياء لا تتجاوز مساحتها مساحة رأس الإبرة تكمن الملايين من الجراثيم فكيف بالعدد الهائل منها الذي يعلق بأيدينا باستمرار وقد لامست الأسطح والأشياء المختلفة وصافحت أيدي الناس.
ففي دراسة علمية بولاية جورجيا بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1998م أْجري مسح بيولوجي لما يوجد على سطح أيادي مجموعة أشخاص متباينين من حيث العمر والوظيفة والنشاط اليومي فلوحظ وجود إفرازات عرقية وآلاف البكتيريا والجراثيم تنتشر على سطح اليدين إلى جانب مواد عضوية وغير عضوية تختلف باختلاف طبيعة الشخص ووظيفته.
ولوحظ تمركز أنواع معينة من البكتيريا كالعنقودية والبكتيريا السبحية في ثنايا الجلد وما بين الأصابع وتبين أن الطفيليات وبيوض معظم الديدان المعوية تستتر تحت الأظافر بينما تحتل أنواع من الفطريات الممرضة منطقة ما حول الأظافر وكذا تحت الأظافر.
مع الأسف لا تجري العادة لدى الكثيرين إعارة الاهتمام الدائم بغسل اليدين جيداٍ بالماء والصابون قبل وبعد الأكل أو بعد قضاء الحاجة أو لدى مغادرة الحمام أو قبل تحضير الطعام أو لمسه أو عند إطعام الأطفال باليد أو حتى بالملعقة.
ولا يزال يشيع في المجتمع عادة سلبية غاية في السوء لاسيما في المناسبات والولائم وهي الاشتراك في غسل اليدين من قبل أناس كْثر من إناء واحد كذلك نسبة ليست بقليلة من الناس يقرنون بالماء والصابون عند غسل اليدين دون أدنى عناية بفرك كل المواضيع منها جيداٍ عموماٍ والكفين وما بين الأصابع وتحت الأظافر أو إنهم يكتفون بغسلهما بالماء فقط.
غاب عنهم أن مواضع كثيرة على الجلد وبين الأصابع وتحت الأظافر – لاسيما إذا كانت طويلة – تؤوي جراثيم بالمليارات وميكروبات ومن الممكن – أيضاٍ – أن تعلق بها بيوض طفيليات ومتحينة الفرصة للانطلاق لغزو جسم الإنسان إذا ما وضع يده في فمه أو لامس طعاماٍ فتنتقل بذلك إلى حاملها وللأشخاص الآخرين ممن يتناولون الطعام الذي وقع عليها التلوث.
لذا تشيع في المجتمع الإسهالات والنزلات المعوية والإصابة بالديدان المعوية وبدرجة أوسع نجدها شائعة لدى الأطفال كونه الأسوأ اهتماماٍ بالنظافة الشخصية ونظافة اليدين بمعزلُ عن المتابعة والنصح المستمر من قبل الوالدين عدا عن ذلك أن مناعتهم أقل كفاءة في صد الأمراض ومنعها من دخول الجسم إذا ما قورنوا بالأكبر منهم سناٍ فكلما كان الطفل أصغر سناٍ كان حالة مع القابلية للعدوى والإصابة بالأمراض أسوأ وأشد خطورة.
ويحضرنا قول الشاعر:
لا تحقرِنِ صغيرةٍ
إن الجبال من الحصا
فكم من أمور خلناها هينة فنالنا منها مشقة وعناء كبيرين.. ماذا لو كان الثمن صحتنا¿ أو وقعنا أو وقع أطفالنا في شرك مرض قاتل يصعب علاجه¿!
لاشك سنجد أنفسنا أمام خيارين إما أن نسلك مسلك النظافة بشتى صورها والاعتناء بنظافة اليدين وتقليم الأظافر وغسل اليدين قبل وبعد الأكل وعند الخروج من الحمام وقبيل لمس الطعام أو إطعام الأطفال.. فهذا الخيار الأول.
أو نأنس بالكسل ويهيمن علينا الإهمال ولا يلومن أحد إلا نفسه!!
* المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني
بوزارة الصحة العامة والسكان