ضد السلاح
عبدالعزيز الهياجم
عبدالعزيز الهياجم
الأسبوع الماضي عممت وزارة الداخلية على الأجهزة الأمنية في أمانة العاصمة
وعموم المحافظات بتشديد الإجراءات الأمنية ضد حمل السلاح والتجول به داخل
عواصم المحافظات والمدن الرئيسية.
وألزم التعميم جميع الدوريات الأمنية والنقاط المنتشرة في عموم المحافظات
والمراكز الأمنية بتنفيذ الإجراءات الأمنية الصارمة ضد حاملي الأسلحة, وعدم
اعتماد أية تصريحات سابقة بحمل الأسلحة عدا الموقعة من وزير الداخلية.
ودعت وزارة الداخلية كافة الأخوة المواطنين إلى الالتزام بقرار حظر دخول
السلاح أو حمله والتجول به داخل عواصم المحافظات والمدن الرئيسية حتى
لايعرضون أنفسهم للمساءلة القانونية ولعقوبات مشددة. مهيبا بجميع المواطنين
التعاون مع أجهزة الأمن في الإبلاغ عن أية تجمعات مسلحة أو مشبوهة.
وهذه الإجراءات التي نتمنى أن تكون مستمرة وبوتيرة عالية , تعد خطوة هامة
على طريق التصدي للظاهرة في ظل الإسهام الفعال للسلاح في ازدياد عدد
الجرائم وانعكاسات ظاهرة حمل السلاح السلبية على التنمية والاستثمار
والسياحة وكذا علاقتها بتغذية حوادث الثأر والسطو على الأراضي وجدت
الحكومة نفسها بحاجة ماسة لوضع حد ما لعبث فوضى السلاح وحيازته والوقوف
بجدية أمام ظاهرة ظلت لسنوات مستعصية على الحل.
والحقيقة أنه ظهرت قبل سنوات احصائيات كشفت عن أرقام مهولة لعدد ضحايا
السلاح في اليمن وأشارت كذلك إلى أن الظاهرة كبدت اليمن نحو 18 مليار
دولار فضلا عن تأثيراتها السلبية على مفهوم دولة المؤسسات والنظام والقانون
وأدت إلى بروز قوى متنفذة وترى في نفسها دولة داخل الدولة .
منذ أكثر من عشر سنوات قدمت الحكومة قانونا جديدا لحمل وحيازة السلاح ظل
حبيس الأدراج في دلالة على معارضة قوى نافذة لمشروع القانون ترى أن أي خطوة
من هذا القبيل تعني تهديدا مباشرا لوجودها ومكانتها وهيمنتها ودائما تعلل
وجود السلاح بأنه جزء من شخصية وزينة وتراث الرجل اليمني في مغالطة صريحة
لواقع مرير تعيشه اليمن اسمه فوضى السلاح .
فوضى السلاح أعاقت تمدد نفوذ الدولة في كثير من المناطق ووقفت حجرعثرة أمام
تجسيد دولة النظام والقانون , كما أنها شكلت بيئة خصبة لظهور الحركات
المتمردة سواء كانت ذات نزعات مناطقية أو مذهبية أو إرهابية لتشكل مثلثا من
الشر نعيش اليوم جراحات الوطن ونزيفه جراء تلك الممارسات التي نالت الكثير
من أمن واستقرار الوطن وسمعته واقتصاده وتنميته.
فالإرهابيون وعلى مدى السنوات الماضية نهلوا من ظاهرة فوضى السلاح ليشكلوا
خنجرا في خاصرة هذا الوطن بل وتطور الأمر ليرتبط بقوى إرهابية في دول
مجاورة كانت تستغل هذه المناخات لتتزود بالسلاح من أسواقنا وهو ما شكل
احراجا لليمن أمام جيرانه وصولا إلى خطوة أكثر خطورة تمثلت بتجمع هؤلاء
جميعا في بلدنا ليشكلوا تنظيما إرهابيا اقليميا عرف بقاعدة جزيرة العرب
..ونفس الشيء ينطبق على المتمردين الحوثيين الذين ترعرعوا أصلا بجوار أشهر
أسواق السلاح في البلد ولم يعدموا حيلة في الحصول على أحدث الأسلحة والعتاد
ليواجهوا الدولة ويخرجوا عليها.
وأكثر من ذلك هناك تحدي سلاح المتنفذين الذين ظلوا خلال العقود الماضية
يشكلون حالة يتعاطى معها الوطن وتتعاطى معها الدولة مثل المريض الذي يتعايش
مع مرضه (مرضى السكري مثلا).. فهم مع الدولة ومع الجمهورية والثورة ومع
الديمقراطية طالما كانت النتيجة في صالحهم والامتيازات لهم ..وهم مع القرون
الوسطى إذا ما حاول النظام والقانون الاقتراب منهم.