رمضان والتجار وجنون الأسعار

عبدالفتاح علي البنوس

 

 

ما إن بدأ العد التنازلي لاستقبال شهر رمضان المبارك ، حتى بدأ التجار بممارسة هوايتهم المعتادة في هذا التوقيت من كل عام برفع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية بشكل جنوني ، تحت ذرائع ومبررات واهية ، يتذرعون بأزمة الديزل وارتفاع تكاليف الإنتاج وأجور النقل وغيرها من المبررات التي لا تتناسب مع حجم الارتفاع الجنوني في الأسعار .
هناك سفينة محملة بالديزل خاصة بالمصانع تم دخولها ضمن الأربع السفن التي سمح العدوان لها بالدخول إلى ميناء الحديدة بعد فترة احتجاز طويلة كلفت شركة النفط غرامات مالية كبيرة بالعملة الصعبة ، وهناك تسهيلات من قبل شركة النفط تقدم للقطاع الخاص في هذا الجانب ، ولكن المشكلة ليست في الديزل ، فالعام الماضي كان الديزل متوفراً مع حلول شهر رمضان ومع ذلك ارتفعت الأسعار ، وهو ما يؤكد أن هذا الارتفاع نتيجة جشع التجار واستغلالهم لزيادة الطلب على المواد الغذائية والاستهلاكية خلال الشهر الفضيل ، حيث يستغلون ذلك في فرض جرعات سعرية مجحفة ومرهقة للمواطنين ، تعكر على الكثير منهم الأجواء الرمضانية ونفحاتها الإيمانية الروحانية..
صحيح أن رمضان شهر الصيام لا شهر الطعام ، ولكن لا يعني ذلك أن يترك المجال لضعاف النفوس من التجار للمتاجرة بأقوات المواطنين والتلذذ بتعذيبهم بالمغالاة في الأسعار ، في كثير من البلدان يتسابق الكثير من التجار على منح تخفيضات جيدة في أسعار منتجاتهم بمناسبة استقبال شهر رمضان المبارك ، والبعض يقيمون الموائد الرمضانية والمطابخ الرمضانية المجانية التي تقدم الإفطار للفقراء والمحتاجين ابتغاء للأجر والثواب من الخالق جل في علاه ، وفي بلادنا نلمس بعض هذه النماذج ولكنهم يظلون حالات نادرة معدودة بالأصابع ، فيما يطلق السواد الأعظم من التجار العنان لأنفسهم المشبعة بالجشع والطمع لرفع أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والبعض منهم يذهبون لإغراق الأسواق بالمواد المنتهية وغير الصالحة للاستخدام الآدمي وممارسة مختلف أساليب الغش والخداع طمعا في جني الأرباح ، وتحقيق المكاسب الرخيصة على حساب معاناة المواطنين..
والمطلوب هنا فرض ( صميل الدولة ) بتطبيق سيادة النظام والقانون والعمل على ضبط إيقاع الأسواق وتعميم التسعيرة الموحدة لمختلف المواد الغذائية والاستهلاكية وإلزام التجار بها وفرض الرقابة عليهم واتخاذ الإجراءات العقابية الرادعة في حقهم ، وصدقوني لو شعر التجار بأنه لا مجال للتهاون في حقهم ولن يكون لديهم أي مخارج للنفاذ من المساءلة القانونية بسبب التلاعب بالأسعار والقيام بالاحتكار والغش التجاري ، فلن يجرؤ أي تاجر على رفع ريال واحد ، ولكن الحاصل وجود حالة من التراخي والتماهي من قبل الجهات الرقابية المختصة ، نسمع عن حملات على الأسواق تنتهي بضبط عدد من المخالفين من التجار وإحالتهم للنيابة ، ولكننا لم نسمع عن محاكمة تاجر مستغل أو محتكر أو مخالف ، ولا نعلم أين تذهب تلكم المحاضر التي ترفع من قبل مكاتب الصناعة والتجارة ؟!!
بالمختصر المفيد: ضبط الأسعار وردع الفجار من التجار من أوجب الواجبات الدينية وعلى وجه الخصوص خلال شهر رمضان المبارك ، لا مجال للدعممة والسكوت على جشع التجار ، ظروف المواطنين بالغة الصعوبة وعلى وزارة الصناعة والتجارة تكثيف حملاتها الرقابية على الأسواق ومتابعة مستوى أداء مكاتبها في المحافظات والمديريات ومدى التزامها بالنظام والقانون وانتصارها للمواطن الغلبان الذي يكفيه ما لحق به جراء العدوان والحصار على مدى ست سنوات ، في ظل انقطاع المرتبات وتدهور مستوى الخدمات الأساسية ، ولا عذر لأي مسؤول في هذا الجانب ، وسيسأل الجميع عن تقصيرهم وعدم قيامهم بواجباتهم ومسؤولياتهم ، ولا عذر للجميع أمام الله عز وجل..
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم ، جمعتكم مباركة، وعاشق النبي يصلي عليه وآله .

قد يعجبك ايضا