المعركة في مارب تدور مع تنظيم القاعدة الإرهابي المنخرط مع العدوان بشكل كامل
معركة مارب تكشف المستور..التنظيمات الإرهابية في أحضان تحالف العدوان
معركة مارب في شقها الأهم هي للقضاء على الجماعات التكفيرية التي تستخدم المحافظة منطلقاً لجرائمها ضد اليمنيين
تقرير جهاز الاستخبارات وضع الدول التي تتهم الجيش واللجان بالتصعيد في مارب في حرج بأنها تدافع عن القاعدة
تفجيرات مسجدي بدر والحشحوش كانت بداية مسلسل العدوان على اليمن
مع بدء العدوان على اليمن في 26 مارس 2017م برزت مشاركة عناصر تنظيمي “القاعدة” و”داعش” في مساندة قوات تحالف العدوان ومرتزقته على السطح بالقتال ضد قوات الجيش واللجان الشعبية عبر انخراط المئات من عناصر التنظيمين وبالأخص من تنظيم القاعدة في صفوف قوات المرتزقة الموالية لتحالف العدوان بقيادة السعودية باسم “المقاومة الشعبية والجيش الوطني” وغيرها من المسميات، وهناك اعترافات متعددة لقيادات عناصر تنظيم القاعدة في إصداراتهم الإعلامية تؤكد قتالهم إلى جانب مرتزقة العدوان، وهو ما وفر وهيأ لعناصر التنظيمين عدة جوانب لعلَ من أبرزها وأهمها الغطاء اللازم لحرية التحرك في المحافظات المحتلة وتمكينها من القيام بالعمليات الإجرامية في هذه المحافظات بصورة متكررة تكاد تكون شبه يومية.
الثورة / محمد علي
تمر على بلادنا اليوم الذكرى السادسة لاستهداف وتفجير جامعي الحشحوش وبدر والذي كان تمهيدا لعدوان غاشم واسع شامل على البلاد لتنطلق تلك الأيدي الآثمة المسعورة من الإرهابيين المتعطشين للدماء الذين يتمذهبون بمذهب القتل والتدمير والعمالة للخارج ، باعوا وطنهم بأبخس الأثمان ساعين إلى النيل من خير اليمن وتدمير بناه التحتية من أجل مصالحهم الذاتية، لكن كانت الأعين الحريصة على البلد من أبنائه المخلصين وفي طليعتهم أنصار الله حائلا أمام مشروع إسقاط اليمن مجدداًفي فخ الوصاية والارتهان والإرهاب، وفي الوقت ذاته يدركون أن المسؤولية كبيرة وأن الطريق للوصول إلى بر النجاة مليء بالمخاطر، وهذا ما كشفته منذ البداية أعداد ضحايا تفجيري جامعي الحشحوش وبدر آنذاك.
تفجير جامعي الحشحوش وبدر وبداية العدوان
كان يوم 20مارس من عام 2015م يوما مشؤوما وقعت فيه أولى تلك العمليات التي قام بها الإرهابيون في جريمة بشعة أوجعت اليمنيين.
لم يتوقع أحد من المصلين وقوع ذلك، فقد كان يوم جمعة والناس يظنون أنهم في مأمن من حدوث أي شيء، فهم في بيت من بيوت الله عز وجل يؤدون أقدس الفرائض عند الله، كما أنهم واثقون أن اليمن لازال كما لقيه الإمام علي عليه السلام سريع الإيمان سريع البديهة إلى معرفة الحق، تتدفق الحكمة منهم وقلوبهم لا تعرف البغضاء ولا يقدمون على سفك الدماء.
وفي ذلك الوقت وذلك اليوم المشؤوم تسلل أولئك الإرهابيون بين المصلين بأحزمة ناسفة، حيث أخفوا أدوات جريمتهم (المتفجرات) تحت مادة “الجبس” الموضوعة على سيقانهم ليظهروا وكأنهم في حالة إعاقة، ليقوم الانتحارييون بعمليات التفجير التي وصل عدد ضحاياها إلى أرقام كبيرة ومؤلمة حيث، بلغوا نحو 140شهيدا و345 جريحا، وكان من بين أولئك الضحايا المرجعية الدينية العالم الثائر العلامة مرتضى المحطوري الصوت الذي صدح بالحق سيراً في نهج المسيرة القرآنية والثورة المباركة، كما أصيب في هذا الحادث العديد من الشخصيات المهمة.
وبثت أحداث تلك الجريمة البشعة على التلفزيون، وكانت التفاصيل عن انفجار قنبلة في بادئ الأمر داخل مسجد بدر، وعند مدخل المسجد أثناء فرار المصلين انفجرت القنبلة الثانية، واستهدف التفجير الإرهابي الثالث مسجد الحشحوش في شمال العاصمة صنعاء.
كانت تصريحات سلطات الدولة –آنذاك- غير واضحة حول ما جرى فقد انتقدت واستنكرت التفجير بل ووصفها البعض بالمتواطئة، لأن موقفها لم يكن مسؤولا.
والمتتبع لأبعاد الجريمة سيجد أنها كانت ورقة لزعزعة الوضع الداخلي من خلال ترهيب الناس وشق الصف، ثم انتقلت إلى مرحلة عدوان واسع وشامل استهدف البلد بقيادة السعودية والإمارات تحت مبرر إعادة الشرعية المزعومة.
أنصار الله والعدوان
أدرك أنصار الله أن المسألة خطيرة جداً، فقام المجلس السياسي التابع لـ”أنصار الله” بإصدار بيان واضح وإطلاق إعلان كتب بدقة عالية تضمن التأكيد على أن “هذه الجرائم تأتي في إطار الحرب الشاملة التي تستهدف الشعب اليمني وثورته وإرادته في التغيير والتحرر من الهيمنة والوصاية الخارجية”.
ووصف البيان الجريمة بـ”المروعة والجبانة أقدمت عليها عناصر التخريب والإجرام وارتكبت بحق المصلين الآمنين” كما استنكر المجلس السياسي تبريرات الدولة حول ما جرى والتحريض الإعلامي ضد اللجان الشعبية وإثارة النعرات الطائفية والمناطقية ضد أبناء الشعب اليمني الواحد.
كما توعد البيان “أن من يقدِم أي تسهيلات لهذه العناصر أو يساندها سياسياً أو عسكرياً أو إعلامياً أو لوجستياً فإنه يعتبر شريكاً لهم في هذه الجرائم”.
السعودية والإمارات تسلحان القاعدة
انضمام التنظيمات الإرهابية إلى جانب تحالف العدوان في حربهم الإجرامية لم يكن جديدا، إذ التحقوا منذ الوهلة الأولى تحت لافتة ما يسمى الجيش الوطني وتسلمت قيادات التنظيم مواقع قيادة في هذا الجيش المرتزق.
وكشفت صحيفة واشنطن بوست- وقتها- أن تنظيمي داعش والقاعدة في اليمن قد استقطبا مقاتلين أجانب من السعودية ومصر وباكستان ودول أخرى وعينت بعضا منهم في مناصب قيادية للقتال بجانب قوات هادي وما يسمى الجيش الوطني في مارب والبيضاء.
وهناك العديد من الوثائق والحقائق التي تؤكد مشاركة التنظيمات الإرهابية في العدوان على اليمن، والتي كان من بينها تحقيق مفصَل نشرته شبكة “سي إن إن” في السادس من فبراير عام 2019م تناول أحداث اليمن، حيث تحدث التحقيق عن قيام كل من السعودية والإمارات بتوصيل وتهريب أسلحة وعتاد عسكري أمريكي إلى أيدي تنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن.
وبالبحث في أهداف السعودية وشريكتها الإمارات اللتين تزودان الإرهابيين في اليمن بالأسلحة اتضح أن هناك هدفاً خبيثاً من وراء ذلك هو استخدم تلك الأسلحة المصنّعة أمريكياً إلى جانب الأموال لشراء ولاءات الميلشيات والقبائل وجهات مسلحة مختارة للعمل لحساب تحالف العدوان ونشر الأيديولوجية الوهابية الخبيثة؛ للتأثير على المشهد السياسي والذي هو أصلاً معقد لتزيده تعقيداً.
سقوط إمارة البيضاء وفضائح التحالف
دليل آخر يؤكد الارتباط القوي بين تحالف العدوان والتنظيمات الإرهابية، حيث كشفت صحيفة “واشنطن بوست” عن حدوث اشتباكات ومواجهات بين تنظيمي القاعدة وداعش في محافظة البيضاء بعد اشتباكات طفيفة في نقاط التفتيش خرجت بعد ذلك عن السيطرة.
ونقلت الصحيفة عن زعماء قبليين ومسؤولين محليين قولهم إن التحالف كان يموًل ويسلَح القبائل المرتبطة بكل من داعش والقاعدة لمحاربة الجيش واللجان الشعبية، وهو ما نتج عنه خلافات بين داعش والقاعدة بدأت عندما بدأ التحالف نقل المزيد من الأسلحة إلى رجال القبائل الذين ينتمون إلى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
وقال أحد زعماء القبائل في قيفة لواشنطن بوست إن السبب الرئيسي لدعم التنظيمات الإرهابية من قبل التحالف هو أنه يريد منهم فتح ساحات قتال جديدة ضد الحوثيين.
لكن قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية تمكنت في أغسطس من عام 2020م مع أبناء محافظة البيضاء الشرفاء من تطهير المحافظة من الإرهابيين في عملية عسكرية استمرّت لمدة أسبوع تم خلالها إسقاط ” إمارة البيضاء ومناطق يكلا في قيفة” المعقل الرئيسي لتنظيم القاعدة منذ خمسة عشر عاماً و” داعش” منذ عام.
وتكمن أهمية الانتصارات التي حققها الجيش اليمني واللجان الشعبية في البيضاء في المعارك اللاحقة التي تضمنت الحصول على كثير من الوثائق التي كشفت أشياء كثيرة حول حقيقة الحرب على الإرهاب، ومن يقف خلف دعم وتمويل تلك العناصر الإرهابية، كما مهدت الطريق نحو معركة تحرير مارب المشتعلة حالياً.
بدوره قال “علي بن محسن صلاح”- أحد ضباط ما تسمى “هيئة رئاسة أركان قوات حكومة الفار هادي” في منشور له على موقع “فيسبوك ”
“عملية تطهير مناطق محافظة البيضاء من العناصر الإرهابية كان من المفترض أن تقوم بها قوات التحالف وقوات “حكومة هادي” كون تلك العناصر عاثت فساداً في البلاد والعباد.”
واعترف صلاح بدعم التحالف للإرهابيين في قيفة قائلاً” بدلاً من أن يقوم طيران التحالف بمساندة قواته المنهارة في العديد من الجبهات قام بدعم القاعدة وداعش في قيفة عبر شن العديد من الغارات الجوية، الأمر الذي أثار الدهشة”.
مارب مقر القاعدة القديم والجديد
عملية مارب جاءت عقب تمكن أجهزة المخابرات اليمنية في صنعاء من تفكيك عدد من الخلايا التجسسية والتي منها الخلية المرتبطة بالمخابرات البريطانية التي جرى إحالتها- مؤخرا- إلى القضاء اليمني، وفضحت التحالف في اعتماده على الجماعات التكفيرية والإرهابية لقتال اليمنيين.
وقد أصدر جهاز الأمن والمخابرات في صنعاء- مؤخراً- تقريراً مفصَلا عن تنظيم الإصلاح في مارب تحدث فيه عن ارتباط التنظيم بالمركز الرئيسي في أفغانستان، وذلك للتأكيد على متانة العلاقة التي تربط القاعدة بالولايات المتحدة الأمريكية والإصلاح الذي يسيطر على محافظة مارب.
كما تطرق التقرير الخاص بجهاز المخابرات اليمني في صنعاء إلى الهيكل التنظيمي لعناصر القاعدة فيما تسمى ولاية مارب والذي يتكون من الأمير العام لولايـة مارب سمير ريان “معتز الحضرمي”، والمسؤول الطبي جمال عبده ناصر سعد القمادي وكنيته (أبو عبد الرحمن الصنعاني)، ومسؤول الإمداد العسكري أسامة حسين هجام الحسني وكنيته “معاذ الصنعاني”، ومسؤولو الطرق والتنقلات، وهم عبدالله أحمد، سعيد صهيب الزايدي وكنيته (أبو تراب الماربي) وصالح الحجازي وكنيته (أبو عمار الجهمي) وماجد أحمد صالح السلمي وكنيته (نمر الصنعاني).
وكشف جهاز الأمن والمخابرات عن معلومات وأسماء لأكثر من 100 قيادي وعنصرٍ فيما يسمى “ولاية مارب” تنظيم القاعدة وعرض المهام الموكلة إليهم.
كما أن ظهور المدعو أبو الحسن المصري (السليماني) القيادي في تنظيم القاعدة في مارب في فبراير الماضي وانضمامه العلني إلى التحالف الأمريكي السعودي الإماراتي في الحرب وعدد من عناصر التنظيم كان أبرز الدلائل لاستخدام تحالف العدوان الغاشم العديد من الإرهابيين والتنظيمات الإرهابية، والذي أثبت أن مارب مقر القاعدة القديم والجديد في اليمن.
وفي3 مايو الماضي نشر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب تسجيلا مرئيا لأحد أمراء تنظيم القاعدة يدعى “أبو فواز الماربي” يوثق مشاركته في القتال مع السعودية وقوات هادي في محافظة مارب.
أما عن الترحيب الذي لاقاه الإرهابيون فور وصولهم مارب فتم نشر مقطع نشرته (مؤسسة السحاب الخاصة بالتنظيم) يؤكد فيه العنصر القاعدي استقبال قوات هادي لهم فور وصولهم إلى مارب، وأن القتال يتم بالتعاون بين الطرفين في جبهة صرواح، وليس للتنظيم جبهة مستقلة هناك.
وأظهر مقطع فيديو آخر- حصلت عليه “وكالة الصحافة اليمنية”، ونشرته في 25 مارس 2020م عناصر من تنظيم القاعدة في معسكر يقوده خالد العرادة” شقيق القيادي في حزب الإصلاح سلطان العرادة” بـ” الزي الأفغاني”.
وبيّنَ الفيديو- الذي تم تصويرة ليلا في المعسكر التدريبي- مدى التنسيق المشترك بين حزب الإصلاح، وتنظيم القاعدة وداعش، من خلال الأهازيج والأناشيد المعادية للجيش واللجان الشعبية.
وتتواجد العناصر التكفيرية من القاعدة وداعش في معسكر “باتيس”، وقد تم توزيع العشرات منهم على العديد من المواقع، من بينها موقعي “السحيل” و”نخلا” المحاذيين لمنطقة العطيف التي يسيطر عليها الجيش واللجان الشعبية.
واستقدم حزب الإصلاح في فبراير الماضي إلى مارب أكثر من 150 عنصرا من تنظيم القاعدة من محافظة حضرموت بقيادة المدعو أبو هاجر الحضرمي، إلى جانب استقدام ما يقارب 100 عنصر آخرين تم جلبهم من البيضاء بقيادة المدعو أحمد عباد الخبزي، إضافة إلى وصول 70 عنصرا من تلك العناصر من أبين بقيادة المدعو المرفدي.
كما لقي القيادي البارز في تنظيم القاعدة “غالب عبد الله الزايدي” في 18 أغسطس 2018م مصرعه مع العديد من مرافقيه على يد الجيش اليمني في جبهة صرواح مارب أثناء محاولة زحف قوات التحالف والتسلل باتجاه وادي ربيعة وتبة المطار.
إن ما أثبتته الأيام السابقة وما ستثبته الأيام اللاحقة هو أن التنظيمات الإرهابية والجماعات التكفيرية صناعة أمريكية يتم استخدامها واستغلالها من قبل أمريكا لتوسيع أطماعها وتحقيق أهدافها من غزو الدول الحرة في العالم والتي منها اليمن.