موجهات قائد الثورة كفيلة بإحداث النهوض الزراعي والصناعي واستعادة ثروات اليمن السيادية
البروفيسور عبد العزيز الترب لـ «الثورة»: صمود الاقتصاد اليمني أذهل العالم وخسائر التحالف طالت الأصول السيادية
الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي نبَّه مبكرا إلى خطر أمريكا على اقتصاد اليمن وثقافتها الإنتاجية
السعودية خسرت 156 مليار دولار بعد قصف طيران اليمن المسيَّر لارمكو ..لو خصصت الرياض 10 % من نفقات عدوانها على اليمن لَبَنَتْ جداراً واقياً من كل المخاطر
حكومةالارتزاق وتجار الحروب هرَّبوا 3.6 مليار دولار إلى البنوك التركية
القطاع الزراعي والسمكي خسر جراء العدوان والحصار 20 مليار دولار ، وقطاع الاتصالات 76 مليار دولار، وقطاع الصحة 10 مليارات دولار
3 تريليونات دولار خسائر قطاع التعليم جراء القصف المباشر
قال المستشار الاقتصادي في المجلس السياسي الأعلى البروفيسور عبدالعزيز الترب إن تحالف العدوان السعودي الإماراتي استخدم الورقة الاقتصادية في حربه على اليمن بهدف إحداث ثورة على حكومة الإنقاذ في صنعاء، لكن تلك المؤامرة أعطت نتائج عكسية، حيث عززت لدى الشعب اليمني الإيمان الراسخ بضرورة استعادة ثرواته النفطية والغازية التي يسيطر عليها التحالف ومرتزقته في مارب. ، مؤكدا أنه دون ذلك ستظل الحرب قائمة حتى لو اقتضى ذلك سبع سنوات أخرى.
واوضح الترب في حوار أجرته معه الثورة» أن الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي- رضي الله عنه- نبه مبكرا إلى خطر أمريكا على اقتصاد اليمن وثرواتها النفطية والغازية وثقافتها الإنتاجية عبر وسائل تدميرية مغلفة بالشعارات القيمية والمقاصد الحسنة التي لم تكن سوى غزو فكري واضح، مشددا على ضرورة أن تعمل الدولة والمجتمع المدني والشعب على تنفيذ الموجهات الاقتصادية الصادرة عن قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي للنهوض بالزراعة والصناعة والعنصر البشري..
وتطرق الحوار الى ملفات انهيار العملة الوطنية في مناطق سيطرة التحالف ودور حكومة هادي في ما تشهده تلك المناطق من تشظٍ انعكس على حياة المواطن وعلى مصادر دخله وعيشه الكريم، والكلفة المالية والاقتصادية الباهظة للحرب على اليمن سواء على الاقتصاد اليمني أو على اقتصادات الخليج.. وقضية تبديد وغسل الوديعة السعودية وتقرير فريق العقوبات التابع للأمم المتحدة، وتغييبه في مجلس الأمن بعد أن تم الإعلان عن أنه سيقدم للمجلس، وسر صمود حكومة الإنقاذ في صنعاء وما يجب عليها حاضرا ومستقبلا، وغيرها من القضايا ذات البعد الاقتصادي.. فإلى التفاصيل:
الثورة /محمد إبراهيم
* بداية.. واليمن تعيش الذكرى السادسة للصمود التي تتزامن مع بدء تحالف العدوان الحرب المفتوحة على البلاد صبيحة 26 مارس 2015م، برايكم ما سر صمود حكومة الإنقاذ في صنعاء ماليا واقتصاديا وإداريا. ؟
– بداية نحيي صمود الشعب اليمني الأبي ممثلا بقوته الضاربة (جيشه ولجانه الشعبية) التي لولا استبسالها إلى جانب تحمل الشعب اليمني معاناة الحصار لما تحقق هذا الصمود الأسطوري والتاريخي في وجه حرب كونية وتحالف عالمي تجاوز كل أعراف الحروب الإنسانية.. رافعين اسمى آيات التهاني لقيادة الثورة والمجلس السياسي والحكومة والشعب على الانتصارات التاريخية المسجلة على مختلف الصعد العسكرية والسياسية والاقتصادية.. وذهابا إلى الإجابة على سؤالك حول الصمود الاقتصادي والمالي والإداري أو التأكيد على أن الجميع يدرك أن حكومة الإنقاذ في صنعاء حكومة وطنية بامتياز وجامعة للتنوع السياسي اليمني، وتتميز عن حكومة الفار هادي بالإقرار الدائم بوجود أزمة وأنه يجب البذل والمثابرة في وضع حلول برجماتية للازمة ليس بالتنظير وإنما في الواقع كما اقرت حكومة صنعاء والقيادتان الثورية والسياسية بوجود أزمة اقتصادية وعجز في مواردنا ودمار لمقدراتنا من قبل التحالف وتاليا لذلك ارتأت أن علينا التعاطي مع هذه الأزمة بما يقتضي مواجهتها والتكيف مع مآلاتها كي لا نخرج عن سياق الصمود، فإقرارنا بأن الأجهزة التنفيذية تواجه مشكلة السيولة التي تغطي نفقات استمرارها دفعنا للاجتهاد أكثر وابتكار بدائل اكثر مواءمة لشحة الموارد أتاحت لنا ديمومة العمل وفق الإمكانات المتاحة.. أيضا لا ننسى أن المجلس السياسي الأعلى والحكومة ومن ورائهما القيادة الثورية كانوا على إدراك كبير لأهمية المعالجات الممكنة لمشكلات الناس المعيشية في إدارة الطوارئ للوقود والغاز المنزلي والرقابة على الأسواق بما يوفر للمواطن أسباب العيش الكريم، ويحميه من جشع تجار الحروب والأزمات والمغالين في قوته اليومي…
ماليا ظل البنك المركزي في صنعاء حريصاً على انتهاج سياسة نقدية تقوم على الحفاظ قدر الإمكان على ميزان العرض والطلب للعملة الصعبة في السوق ضاربا بيد القانون والدولة كل يد تحاول المساس بسعر الصرف عبر المضاربة بالعملة.
أما إدارياً.. فما وقف خلف ديمومة استمرار أجهزة الدولة إلى جانب تلك الأسباب التي ذكرت، هو الرفض الشعبي الواسع للتبعية والرضوخ بل مواجهة الحرب بشجاعة في كل مناشط الحياة وعلى قاعدة «يد تبني ويد تحمي» التي أرساها الرئيس الشهيد صالح الصماد.. وهذا الشعار هو بلا شك، يعكس استشعار القيادة الثورية والسياسية أن الحرب منذ البداية اقتصادية، فكانت النتيجة التركيز على استمرار أجهزة الدولة واقفة دون إتاحة الفرصة للعدوان بأن يسرح ويمرح كما يشاء باعتباره مسيطراً على الجو، فكان خلال الست السنوات يضرب ويدِّمر المنازل والممتلكات في الليل وفي الصباح يعمل الناس على إعادتها بأفضل مما كانت عليه خصوصا داخل المدن، كان يضرب الجسر في الليل وينهض الناس في الصباح على هدير العمل لإعادة الجسر أو إيجاد طريق بديل لحركة المركبات والبشر.
* على ذكر الحرب الاقتصادية.. لماذا استخدم التحالف الورقة الاقتصادية ؟
– تحالف العدوان السعودي الإماراتي ومن ورائه أمريكا وبريطانيا والصهيونية العالمية استخدم الورقة الاقتصادية في حربه على اليمن بهدف إثارة الفوضى في أوساط الشعب تحت يافطة رفض تردي الخدمات وتوقف الأعمال التي تمثل مصادر عيش الملايين من المواطنين وصولا إلى إحداث ثورة على حكومة الإنقاذ في صنعاء، لكن تلك المؤامرة المقرونة بحرب مدمرة تستهدف كل مقدرات البلد الاقتصادية ووفق همجية غير مسبوقة، أعطت نتائج عكسية على التحالف نفسه، حيث عززت لدى الشعب اليمني الإيمان الراسخ بضرورة استعادة ثرواته النفطية والغازية التي يسيطر عليها التحالف ومرتزقته في مارب وشبوة والمسيلة وغيرها لأنه ليس من العقل والمنطق أن تقتلني وتدمر اقتصادي وتريد شعبي يثور علي وهو ينظر إليك على أنك تسيطر على ثرواته النفطية والغازية، وبالتالي صار لزاما علينا دولة وشعباً أن تستعيد هذه الثروات، ودون استعادتها والانتصار للدماء اليمنية التي سفكت ورد الاعتبار للسيادة اليمنية التي تم الاعتداء عليها واستعادة أراضينا المحتلة فإنها لن تتوقف الحرب ومستعدون لسبع سنوات أخرى.
* برأيكم كيف تشكَّل هذا الوعي رغم الظروف الصعبة التي يعيشها المواطن ؟ وما هي دعوتكم للدولة والمجتمع المدني والشعب إزاء تعزيز هذا الوعي على طريق النهوض الاقتصادي.؟
– لم يأت هذا الوعي من فراغ بل ما يجري على الأرض جعل أهداف الحرب واضحة للعيان، وكان الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي- رضي الله عنه- قد نبّه مبكرا إلى خطر أمريكا على اقتصاد اليمن وثرواتها النفطية والغازية وثقافتها الإنتاجية عبر وسائل تدميرية مغلفة بالشعارات القيمية والمقاصد الحسنة ومنح الدعم التنموي التي لم تكن سوى غزو فكري واضح يستهدف ثقافة اليمن الزراعية والحضارية المقاومة على مر التاريخ لمحاولات الغزو والاستلاب، وبالتالي دعوتي للدولة والمجتمع المدني والشعب اليمني تتمثل في أن نعمل جميعا على تنفيذ الموجهات الاقتصادية الصادرة عن قائد الثورة سماحة السيد عبدالملك الحوثي التي تطرق إليها في كلمته بمناسبة ذكرى الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي، فهذه الموجهات كفيلة بمساعدتنا على النهوض بالزراعة والصناعة والعنصر البشري..
* من وجهة نظر اقتصادية.. كيف تفسرون استمرار الانهيار الكبير للريال اليمني مقتربا من حاجز الـ 1000 ريال مقابل الدولار الواحد في مناطق حكومة هادي. ؟
– يجب أن يعرف الجميع أن البنك المركزي في عدن لا يعمل وفق السياسة النقدية التي تخدم اليمن أرضا وإنسانا، رغم الوعود التي قطعها المدعو «هادي» ومن ورائه التحالف أمام الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والعالم بأنه سيصرف رواتب الموظفين بعد قرار نقل البنك إلى عدن حيث تقوم الحكومة اللاشرعية والمعترف بها دوليا بإدارة كبنك مركزي للجمهورية اليمنية كاملة، لكن ذلك لم يتم منذ الشهر الأول لنقله ,حيث تم إيقاف صرف المرتبات التي كانت تصرف لكل اليمنيين بلا استثناء في زمن اللجنة الثورية العليا خلال التسعة أو العشرة الأشهر الأولى من العدوان على اليمن، وما يؤسف له أن البنك المركزي بعد نقله إلى عدن لم يمارس مهامه القانونية في أن يعمل كمصرف دولة وبنك البنوك، بل عمل على المضاربة بالعملة وفق سباق الفساد المحموم بين القيادات والرموز التي فرت مع الفار هادي وقبلت أن تكون قفازات للخارج لتدمير البلاد، فسعى لطبع كميات كبيرة من النقد خارج الغطاء القانوني المتعارف عليه في سوق النقد العالمي.
* السؤال الأهم هنا أنه قبل نقل البنك كان ثمة اتفاقية في زمن المحافظ القعيطي على طبع كمية من النقود، ماذا عن هذه الاتفاقية ؟ وما الذي تغير حتى تم رفض الطبعة الجديدة..؟
– تلك الاتفاقية كانت آخر شرعية نقدية لطباعة العملة وفق دستور الجمهورية اليمنية، كونها صادرة عن البنك المركزي في صنعاء، وهي ذات أساس قانوني، وهدف محدد حيث تم الاتفاق على طباعة 350 ملياراً لاستبدال التالف في الأسواق وفروع البنك في كل محافظات الجمهورية، ومع نقل البنك إلى عدن وبتلك الطريقة الدراماتيكية التي أكدت تواطؤ المؤسسة النقدية الدولية مع ما تسمى بالشرعية ظل التعامل بشيء من القبول عسى تتيسر الأمور المالية في البلد ويظل البنك المركزي في عدن مسؤولا عن رواتب المواطنين على مستوى كافة الخارطة اليمنية، فكنا في البداية قد قبلنا وسمحنا بقبول طباعة الكمية المتفق عليها مع التحفظ على القبول بالورقة الجديدة، لكن بعد سماعنا تصريحات محافظ بنك عدن محمد زمام وباعترافه أنه تم تجاوز الرقم المتفق عليه، بل والشكل المتفق عليه ضمن دستور الجمهورية اليمنية أدركنا أن الطباعة تمت لأجل المتاجرة بالعملات الصعبة على حساب العملة المحلية، عبر شراء العملات الأجنبية من البنك وقطاع الصرافة الخاصة والشعب، ثم إعادة تهريب العملات الصعبة إلى الخارج واستثمارها في الأسواق الخارجية العالمية لصالح رموز الخيانة والمتاجرة بشعب اليمن في مواجهة ذلك أصدرت حكومة الإنقاذ قرار منع تداول العملة الجديدة كونها مخالفة للسياسة النقدية المنصوص عليها في الدستور وفي قانون البنك المركزي.
* مقاطعا.. لكن هناك من يقول إن هذا القرار ضاعف معاناة المواطنين خصوصا في مناطق سيطرة هادي، إذ ضاعف العمولة على الحوالات إلى مناطق صنعاء بنسبة 52% على كل حوالة.. أليس لهذا القرار علاقة بهذا الارتفاع الجنوني لعمولات الحوالات.. ؟
– لا ليس له علاقة, بالعكس هذا القرار حافظ على العملة في مناطق حكومة الإنقاذ وكان سيحافظ عليها في المناطق المحتلة لولا وجود كتلة نقدية هائلة من الطبعة الجديدة، ففي صنعاء لا يوجد تضخم نقدي في السيولة في السوق.. وإدارة البنك المركزي في عدن ومن خلفها القيادة السياسية الخاذنة التي تدعي الشرعية كانت وما تزال هي السبب الرئيس في معاناة الشعب اليمني في جميع المحافظات سواء تلك الحرة التي تحظى برعاية حكومة الإنقاذ رغم ما تشهده من حصار وحرب وقصف استهدف المنشآت الاقتصادية بالتحديد، أو تلك المناطق التي صارت حسب تعبير المرتزقة محررة لكنها مستباحة للقوات الإماراتية والسعودية تسرح وتمرح فيها كما تشاء وحسب مصالحها، مصادرة كل مقدرات البر والبحر والجو، أما فارق الحوالات الذي فرضته حكومة هادي وشركات الصرافة في تلك المناطق فلم يكن نتيجة لقرار حكومة الإنقاذ بل هو نتاج واضح لتداعيات طباعة الكمية الهائلة من النقود دون غطاء بل خارج الدستور، حيث تم تغيير شكل وحجم الورقة النقدية المتعارف عليها، وللحقيقة أن الكمية التي طبعت من العملة النقدية لم تطبع منذ ثورتي سبتمبر وأكتوبر في الدولتين الشطريتين سابقاً ولا في دولة الوحدة حيث طبعت حكومة هادي كمية نقدية في مرة واحدة تجاوزت 1.750 تيريلون ريال يمني، وهذا مبلغ كبير ملأ السوق اليمنية بعرض نقدي جعل أصحاب رؤوس الأموال والمدخرات يتسابقون على شراء العملة الصعبة وهو ما رفع قيمة الدولار أمام العملة الوطنية بطبعتها الجديدة فهذا أحدث الفارق بين العملة الشرعية القديمة الممهورة بختم البنك المركزي اليمني ومركزه السيادي صنعاء، والعملة الورقية المطبوعة بعد نقل وظائف البنك إلى عدن.
* عقب إعلان الفار هادي لحكومة الارتزاق تعافى الريال اليمني وصولا إلى حدود 650 ريالاً للدولار الواحد, من أصل 950 ريالاً للدولار.. ما سر التعافي وما سر النكوص. ؟
– تعافي الريال اليمني أمام الدولار الذي وصل بعد عودة حكومة الارتزاق إلى عدن لم يكن تعافياً حقيقياً ناتجاً عن معالجات عميقة جديدة, بل كان تحسناً لحظياً ارتبط بوعود وديعة سعودية جديدة هي الأكبر في تاريخ اليمن، وكانت القضية برمتها مجرد خدعة ضمن سياق الحرب الاقتصادية لاستنزاف ما تبقى من الكتلة النقدية الأجنبية مع البنك, حيث سارع إلى إخراجها وزاد من عرض العملة الصعبة فهبط الدولار، كما تم السحب غير المدروس لصالح التجار وبسعر تفضيلي تحت ذريعة شراء المواد الأساسية لكن الكميات الدولارية النقدية المسحوبة ذهبت للمضاربة في السوق المحلية وللاستثمار في الخارج ولدينا كثير من المعلومات المؤكدة حول ذلك.
* بحكم علاقاتكم المالية كاقتصادي ومسؤول إداري عربي عالمي.. ماذا تمتلكون من معلومات جاءتكم من الخارج عن هذه الأموال.. ؟
– هناك كثير من الأدلة الدامغة وتقرير فريق العقوبات التابع للأمم المتحدة أورد بعضها، ولا أريد الخوض في ما شملته تفاصيل التقرير الأممي.. لكن على مستوى علاقاتي الشخصية الاقتصادية في الخارج فقد أكد لي وزير التنمية التركي بأن لدى اليمنيين هناك 3.6 مليار دولار.. فمن أين جاء هذا المبلغ؟ لقد تم تهريبه من الأراضي اليمنية التي يدعون أنها تحت سيطرتهم وليست سوى مستعمرات سعودية وإماراتية ومن خلفهما أمريكا وبريطانيا..
* يرى مراقبون أن إعلان تشكيل الحكومة الجديدة أجل الانهيار الاقتصادي والمالي في البنك المركزي بعدن.. كيف تفسرون ذلك.. ؟
– ذلك حقيقة.. فهناك انهيار اقتصادي على مختلف الصعد.. وتشكيل حكومة المرتزق «معين» كان بمثابة المهدئات التي أجلت الإقرار بالأزمة والانهيار واعتبرت الحكومة المرتزقة أن ذلك مواصلة لطلبات القروض في الظاهر باسم الحكومة المعترف بها دوليا لكن هذه القروض التي تتعرض للفساد والغسل بأساليب معقدة تأتي باسم اليمن كديون مستحقة على أجياله القادمة، هناك انهيار حقيقي والدليل اتساع السخط الشعبي والمظاهرات والاحتجاجات المنددة بتردي الأوضاع الأمنية والخدمات الأساسية للمواطنين، وما اقتحام قصر معاشيق إلا بادرة لصراع بين الانتقالي المدعوم إمارتيات وحكومة هادي على حساب ما تبقى من مقدرات.
* كانت هناك وديعة سعودية أو بالأحرى ودائع مالية كبيرة خليجية أعلن عنها بعد نقل البنك.. ما هي وظيفتها ؟ وكيف تم التصرف بها..؟
– الكتلة النقدية الأجنبية في البنك المركزي بعدن أو المعلن عنها في الخارج ولم تدخل فرع البنك المركزي بعدن، كلها تمت المتاجرة بها، فقيادة البنك والقيادة السياسية الخائنة التي تتاجر باليمن منذ قرار استقوائها بالخارج واستباحة الدم اليمني تاجرت بالعملة الوطنية، والدليل على هذا أنها استطاعت إعادة توظيف الوديعة السعودية التي صار الشعب اليمني ملزماً بدفع نسبة منها كعائد ربحي على دين يعاد إلى السعوديين في وقت لاحق، فهذه الوديعة منذ بداية الأمر لم تدخل البنك بل فتحوا لها حساباً في البنك الأهلي الذي مقره في جدة والذي يتبع أل محفوظ والكعكي ومجموعة من الاستثمارات السعودية التي تعرضت هي الأخرى للسطو والنهب من قبل المجنون ولي العهد الذي قام باعتقال كثير من رجال الأعمال المساهمين فيه.
* أشرت آنفا إلى تقرير فريق العقوبات حول غسل الوديعة السعودية.. ما هي قراءتكم لما جاء في تقرير فريق الخبراء بخصوص غسيل الوديعة السعودية من قبل حكومة هادي..؟
– لا يمكن لأي متخصص تابع التقرير أن يحاول تبرير ما جرى من حيل وفساد وغسل للمال العام مهما كانت الظروف، لقد كشف التقرير كيف استطاعت قيادة سياسية ومالية التخطيط لفساد معقد دخل فيه شركاء كثر من أرباب المال والأعمال وهو القطاع الذي لا يقبل أن يوسخ نفسه في ظل عدم وجود الدولة، فهو حريص على الحفاظ على سمعته فلديه جمهور واسع من المستهلكين.
– لكن هناك إشارة في التقرير لتورط حكومة صنعاء بقضايا غسل الأموال .. ؟
– لا توجد بقعة في العالم خالية من الفساد المالي، والسباق المحموم بين أصحاب الأطماع المادية وأنا أتحدت بصراحة أن هناك تجاوزات معينة لا تزال تحت السيطرة والرقابة والتمحيص، ولعلكم تابعتم مسار عمل الحكومة فهناك حركة رقابية شديدة، وهناك مبادرات لمعالجة مشكلات الفساد متى ما ظهرت للجهات المختصة، الآن تخرج في الشارع في عدن في صنعاء في حضرموت وفي ظل الحرب والعدوان مثلا فترى معارض سيارات ومحال تجارية من الناحية الشكلية تقول من أين لهؤلاء..؟ وهي أحكام مسبقة، لكن ليست بيدك حجة قانونية لتتهم احداً بالفساد، والغسل.. لكن تقرير فريق الأمم المتحدة فيما يتعلق بغسل الوديعة السعودية أورد تفاصيل موثقة لفساد فاضح، وأكد أن الوديعة السعودية وظفت بشكل خاطئ للمضاربة على حساب الوطن والمواطن، فقد جاءت لتدفع المرتزقة إلى تقاسمها كلٌ بحجم قوته وسلطته غير الشرعية، وما جاء فيه فضيحة بكل المقاييس ولا أدافع هنا عن بيت بعينه أو مسؤول فالوديعة أصلا لم تدخل اليمن كما أشرت سابقا، بل فتح حساب خاص في السعودية، وظلوا يعيدون توزيعها بحصص لا تخدم إلا المسؤولين ورجال المال والأعمال المحسوبين على هادي وابتعدت كثيرا عن هدف توفير المتطلبات لسد احتياجات اليمن من المشتقات والأدوية.
* كان من المتوقع أن يطرح التقرير في جلسة مجلس الأمن في فبراير الماضي لكن تم تمييعه ونسيان الموضوع.. ما تفسيركم لذلك ؟
– مجلس الأمن سمسار لا يعمل وفق الأدبيات والأساسيات التي بشأن من أجلها لقد ميعت كثير من القرارات, ومنها قرار بانكيمون عندما وضع السعودية في القائمة السوداء، لهذا السبب حصل ممثلو الدول في المجلس على مكاسب نقدية لتأجيل هذا القرار، ليس ثمة قرار يجد طريقه إلى التنفيذ ومنها القرارات بشأن القضية الفلسطينية
* في المقابل ست سنوات من الحرب على اليمن جلبت لمصانع الأسلحة العالمية صفقات مليارية من خزائن الخليج.. هلا أعطيتمونا مؤشرات وأرقاماً تقديرية عن كلفة الحرب على اليمن.. ؟ وما تأثيراتها على خزائن الخليج.. ؟
– قبل الحديث عن تكلفة الحرب على اليمن أود الإشارة إلى أن دول الخليج بما تملك من كتل نقدية هائلة لو كانت جادة فيما تحمله من شعارات مغلفة بالإنسانية وبمصالح الشعوب لأعادت الابتسامة إلى كل شعوب العالم الثالث عبر دفع مديونياتها كاملة بجزء بسيط مما أنفقته في حربها على اليمن، ولكان بمقدورها أن تخلق حكومة وكياناً عربياً إسلامياً قويا يناهض قوى الامبريالية والصهيونية لكنها سقطت واقفة بالتطبيع مع الكيان المحتل الغاصب سياسيا واقتصاديا وتجاريا وليس لها حدود برية ولا بحرية مع قوات الاحتلال الإسرائيلي, أضف إلى ذلك وهو الأهم أن منطقة الخليج لو عملت حسابها لطفرة النفط وفق رؤية مستقبلية تخدم على الأقل شعوب الخليج لشكلت سوقا مفتوحا كمنطقة اليورو، لكنها ظلت تراوح أحقادها مجترة ماضي الجاهلية في إذكاء الصراعات بغية تنفيذ مخططات الغرب بوهم أن تترجم أهداف أنظمتها التوسعية على حساب دول الجوار الخليجية نفسها.
* ماذا تقصد بـ»لو كانت جادة بما تحمله من شعارات».. ؟
– أول شعار هو حربها العدوانية على اليمن لا تزال تغالط العالم بأنها حرب من أجل إنقاد اليمن والحفاظ على وحدة واستقرار اليمن، وها هو الشعار يذهب سدى وتمضي في تمزيق البلاد، والسيطرة العسكرية والاستعمارية على سقطرى وشبوة ومارب وأجزاء من الساحل الغربي، كما لا ننسى أن آخر شعار في آخر مؤتمر خليجي كان يحمل شعار «فلسطين والانتصار للقضية الفلسطينية» ولا تستغرب أن تأتي وتقول: إن التطبيع مع إسرائيل هو من أجل القضية الفلسطينية.. لذا نحن نقول من يمن التاريخ يمن العزة: إن فلسطين ستحرر من اليمن، فلسطين عرفت الآن من تاجر بها منذ 48م ولهذا السبب نحن نرى أننا نسير في الاتجاه الصحيح بفضل القيادة الثورية الرشيدة وبفضل الدور التنويري للشهيد القائد السيد حسين بدر الحوثي الذي نبه منذ وقت مبكر وأكد أن العدو الرئيس لليمن وللأمة هي أمريكا وإسرائيل.
* بالأرقام.. ضعنا أمام رؤى تقديرية لتكلفة حرب الست السنوات سواء خسائر اليمن أو خسائر التحالف وبالأخص السعودية.. .؟
– خسائر الاقتصاد اليمني لا تقاس فقط بالأرقام والتقديرات بل تقاس بتعطيل خطة خمسية تنموية كاملة ويضاف إليها عامان كاملان، فسبع سنوات كانت كفيلة بتنفيذ مشاريع تنموية تحقق نهضة كبيرة، وما الأرقام القطاعية المعلنة سوى جزء بسيط من حجم تلك الخسائر، ومع ذلك يمكن إيرادها لكي يعلم الشعب اليمني ويعلم العالم أن الصمود لم يكن مجرد نزهة أيضا، بل كان صموداً حقيقياً مقروناً بالتضحيات الجسام، في الجبهات، وفي الاقتصاد صمود كبير رغم الخسائر التي طالت القطاعين الزراعي والسمكي بغرامة 20 مليار دولار، وقطاع الاتصالات 76 مليار دولار، وقطاع النقل 2.5 مليار دولار، وقطاع المصانع والمنشآت التجارية 39 مليار دولار، والقطاع الخاص 75 مليار دولار، والقطاع الصحي 10 مليارات دولار، والقطاع التعليمي 3 تريليونات دولار وقطاع السياحة 7 مليارات دولار، وقطاع الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية 25 مليار دولار، وقطاع الإنتاج النفطي 7 مليارات دولار.
* وعلى التحالف.. ؟
– من الصعوبة بمكان جرد أو تقدير خسائر التحالف وعلى رأسه السعودية فهي خسائر بالتريليونات من الدولارات، هم صاروا الآن يسحبون على المكشوف من الصناديق السيادية للمواطن السعودي الذي بات يشعر بالغبن بعد أن فرضت عليه كثير من الضرائب والرسوم، كانوا يعيشون في بحبوحة من العيش والثروات المالية والقدرة الشرائية العالية، اليوم عدوانهم على اليمن جعلهم يرون جنتهم تتقد في منشآت أرامكو حيث يصل الطيران اليمني المسيَّر الذي صنع في اليمن وليس في إيران كما يدَّعون، وهذه الحرائق نتاج لردودنا المشروعة في الدفاع النفس والوطن.. وتبعا لذلك فإن خسائر العدو السعودي لم تعد بتلك البساطة، لقد وصلت إلى الأصول السيادية، وإلى ثروات أجيالها القادمة، لقد دفعت السعودية في لحظة غطرسة واستكبار نصف تريلون دولار في شيك أولي واحد بعد فوز ترامب، ناهيك عن صفقات التسلح المليارية من أمريكا وبريطانيا وروسيا، والان تبحث عن صفقات مليارية جديدة للحصول على طيران مسير، بينما اليمني المحاصر هو من يصنع أسلحته من العدم وبعقول وسواعد أبنائه، السعودية خسرت 156 مليار دولار حسب تقرير مجلس اليكونسف البريطانية بعد ضرب أرامكو ولو احترموا سيادة اليمن ووحدة أراضيها وخصصوا 10% من هذه المبالغ لصنعت لهم اليمن جداراً يقيهم من كل المخاطر.
* أخيرا واليمن تلج العام السابع صامدة، ما توقعاك للاقتصاد اليمني لو استمر العدوان ؟
– استمرار العدوان سيقابله استمرار الصمود والردود الرادعة، وإذا لم تقبل السعودية والإمارات بالهزيمة ستمكننا أولا من استعادة الأراضي التي تم التنازل عنها من قبل الإمام يحيى بموجب اتفاقية الطائف، حيث كان التوقيع مع المملكة يقضي بالتعايش واحترام كل طرف سيادة الآخر وعدم تعدي طرف على أراضي الأخر أو ثرواته، لأن العدوان السعودي بهذا المخطط وبهذا التدمير قد ألغى شرعية أي اتفاقات في الماضي تتجاوز قيم وأعراف الجوار. أما بالنسبة للاقتصاد اليمني في ظل هذه الظروف الصعبة التي جعلته ينتصر في الست السنوات فإن الفرصة الآن مواتية للشعب اليمني لينهض اقتصاديا وبجهود أبنائه وسواعدهم في تنفيذ موجهات الرؤية اليمنية لبناء الدولة الحديثة في استعادة مجد القطاع الزراعي والمحاصيل النقدية العابرة للجغرافية العالمية وأهمها محصولي البن والقطن وكذلك زراعة الحبوب وصولا إلى الاكتفاء الذاتي، وفي ختام هذا الحوار أود أن ألفت الانتباه إلى دول العالم المتقدم حيث لم يكن طريقها سالكا لتنهض اقتصاديا وإنما أجبرتها الأزمات على الاعتماد على الذات والقدرات الوطنية، وها هو الاقتصاد اليمني اليوم أمام هذه الفرصة التاريخية.