عدد من أطباء وطبيبات الصحة النفسية يتحدثون لـ «الثورة»: وضع العلاج النفسي في اليمن مزرٍ والكادر الطبي لا يتجاوزون الـ70 طبيباً
د. نوال علي: النساء يتحملن العبء الأكبر من الضغوطات النفسية
د. مكي:نعمل حالياً على إعادة توحيد الأطباء النفسيين في بوتقة واحدة
د. الشرعبي:نستقبل كل يوم ما لا يقل عن 40 حالة بقسم الأمراض النفسية بمستشفى الثورة
د. اللوزي:خدمات الصحة النفسية لا توجد إلا في ثلاث محافظات أو أربع
د. الراجحي:وضع الصحة النفسية والطب النفسي في اليمن سيئ
أكد عدد من أطباء وطبيبات الصحة النفسية في اليمن على أهمية إعادة توحيد الأطباء النفسيين في بوتقة واحدة من خلال الجمعية العمومية مع ضرورة التوجه نحو الدفع بإقرار قانون الطب النفسي والصحة العامة لأهميته في سلامة المجتمع وحماية المريض النفسي.. مشيرين إلى أن عدد المرضى النفسيين الذين يصلون إلى قسم الأمراض النفسية بمستشفى الثورة العام بصنعاء لا يتجاوز 40 مريضاً أي ما يعادل 14 ألف مريض سنوياً، كما أن عدد المراكز والمستشفيات المتخصصة في مجال الصحة النفسية لا يتجاوز عدد الأصابع مما يستدعي فتح مزيد من المراكز في مختلف محافظات الجمهورية.. المزيد من التفاصيل في السياق التالي:
الثورة / أحمد المالكي
الدكتور أحمد مكي كبير إخصائيي الصحة النفسية وعضو مجلس الشورى تحدث أولاً عن الصحة وواقعها في اليمن فقال: نعمل حالياً على إعادة وحدة الأطباء النفسيين في بوتقة واحدة من خلال الجمعية، مع التوجه نحو الدفع بإقرار قانون الصحة العامة وقانون الطب النفسي، فبدون قانون لا تستطيع العمل كطبيب وهو قانون ضروري لسلامة المجتمع، وحماية المريض.
وقال: إن الأمراض النفسية عموماً هي الأكثر انتشاراً على مستوى العالم وليس في اليمن فحسب وهناك 60 % من الأمراض هي تكاد تكون أمراضاً نفسية عالمية والمرض النفسي هو مزمن يكون طويلاً والشريحة المعرضة للإصابة غالبا ما تكون 15 – 60 سنة وهم الأكثر عرضة بصورة مستمرة.
الدكتور عبدالله عبدالوهاب الشرعبي رئيس قسم الأمراض النفسية بمستشفى الثورة العام.. تحدث بدوره عن وضع الصحة النفسية في اليمن فقال: بلاشك أن ظروف البلاد في ظل العدوان والحصار تحتاج إلى مساندة للأطباء النفسيين وهو تخصص نادر لخدمة المرضى النفسيين وهم الشريحة الذين يحتاجون دعماً من الجميع، دولة ومجتمعاً ورجال أعمال، وأرى أن تتكاتف الجهود لدعم الصحة النفسية في البلد، ونتمنى أن يرفع الحصار عن اليمن حتى لا يتضاعف المرضى بين الناس وتحدث انتكاسات للمرضى الذين لا يحصلون على العلاج.
وعن وجود إحصائية بأعداد المرضى النفسيين في اليمن أوضح الدكتور الشرعبي بالقول: لا يوجد إحصائيات ولكن نحن في مستشفى الثورة يتوافد علينا كل يوم ما لا يقل عن 40 حالة مرض نفسي في العيادة الخارجية أي ما يعادل 14 ألف حالة سنوياً كما أن الرقود في القسم يتسع ل 24 سريراً تتراوح مدة بقائهم في القسم 20 – 30 يوماً أو شهرين.. وعن طبيعة الأمراض النفسية التي يستقبلونها يقول الدكتور الشرعبي إنها أمراض من نوع الذهال الحاد والفصام والهوس والاضطراب الواجداني وغيره.
وعن الكادر الموجود في مجال الصحة النفسية أكد الدكتور الشرعبي على ضرورة الاهتمام بهذا المجال -من قبل الدولة- لأن الناس يتهربون من الدخول في هذا المجال، ويتخوفون من الانضمام إلى قافلة الطب النفسي وهم حقيقة يحتاجون إلى دعم ومكافأة كون العاملين في هذا المجال لا يحصلون على الكسب المادي مقارنة بالأمراض الأخرى كالقلب أو الجراحة العامة وغيرها.
وشدد الدكتور الشرعبي على أن البلاد بحاجة إلى وضع النقاط عل الحروف بالنسبة لدعم الصحة في البلد والتوسع في إنشاء مراكز أكثر لاستيعاب الأمراض النفسية.
الدكتور جمال علي محمد اللوزي طبيب نفسي في مستشفى الأمراض النفسية – الثورة- تحدث بدوره عن أهمية الالتفات إلى مجال الطب النفسي في ظل العدوان والحصار على الشعب اليمني. وتكتل الأطباء النفسيين مهم جداً وكان مؤتمر الصحة النفسية هو الوعاء والقناة الفعالة للتواصل والعمل وتوحيد الجهود، حيث ظهرت أهمية هذا التخصص خاصة في هذا الظرف، وما ستؤول إليه الأحداث مستقبلاً، لأن الناس حالياً يعيشون حالة ضغط وسيفرز اضطرابات نفسية ومشاكل سلوكية، والآن ربما ظهرت الكثير من حالات الاضطرابات النفسية وخصوصاً في أوساط شريحتي النساء والأطفال لكن القادم ولو بعد سنوات فهناك تجارب في دول أخرى أظهرت بعد عشرين سنة آثار الحروب والاضطرابات على الشعوب وبعد عشرات السنين تظهر الصدمة.
وعن واقع الصحة النفسية في اليمن أوضح الدكتور اللوزي بالقول: العلاج النفسي في اليمني يكاد يكون لا شيء لعدم وجود أطباء وخدمات الصحة النفسية لا توجد إلا في محافظات : تعز والحديــــدة وصنـــــعاء وعـــدن وحضــــرموت، وجمـــيع محافظـــات الجمهورية الأخرى تفتقر إلى الأطباء الـمــــتخصصــين في هذا المجال والكادر الموجود لا يتجاوز 60 – 70 منهم الملحتقون”بالبورد” الذين يدرسون في مجال الطب النفسي وهناك ضرورة لإجراء المسوحات لتقييم واقع الصحة النفسي، فعلى المستوى القريب نريد إعادة توزيع الكادر الموجود والاهتمام بالتدريب في مجال الطب النفسي وسد فجوة الاحتياج في العلاج النفسي للبلاد بالتعاون مع الشركاء لأن مجال الطب النفسي واسع ويحتاج إلى تعاون الجميع، وننصح بإعادة إنشاء المجلس الأعلى للصحة النفسية، وكذلك رسم الخطط اللازمة لما سيؤول إليه الوطن فيما بعد من جانب وقائي ومن باب علاجي مع ضرورة إعادة تحديث الاستراتيجية الوطنية للصحة النفسية.
وعن عدد المراكز الموجودة للعلاج النفسي أوضح الدكتور اللوزي أنه لا يوجد سوى قسم واحد حكومي في مستشفى الثورة وقسم مختلط حكومي وخاص في مستشفى الأمراض النفسية والعصبية فقط هو المستشفى الوحيد في اليمن أو العيادات النفسية الموجودة ومن خلال التقسيم فإنها تستهدف 7 ملايين لكل عيادة بينما الإخصائيون النفسيون في مجال علم النفس يستقبلون 4 ملايين وهذه فجوة كبيرة تؤكد أن الصحة النفسية ماتزال في مستوى الصفر، وتوجهات الوزارة الآن بالتأكيد جيدة، كما نؤكد على إقرار قانون الصحة النفسية بما يحمي المريض والطبيب ووضع معايير العمل في هذا المجال.
كما ندعو إلى تحفيز الأطباء والعاملين في هذا المجال ومنحهم حوافز وترتيب أوضاع عملهم والنظر إلى وضعهم بعد الدراسة في هذ المجال، الاهتمام بالإرشاد النفسي لتغيير نظرة المجتمع حول الأمراض النفسية، مع التركيز على النساء والأطفال لأنهم الأكثر عرضة للعوامل النفسية نتيجة الضغوطات التي تؤثر عليهم خاصة في ظل الحصار والأزمة الاقتصادية.
الدكتورة نوال حمود علي- طالبة بورد سنة ثالثة طب نفسي تحدثت عن الوضع النفسي للمرأة في اليمن: لا يخفى على أحد أن الوضع النفسي في اليمن بشكل عام يعتبر في أصعب مراحله، خاصة في هذه المرحلة الحرجة بحرج الظرف الذي نعيشه جميعاً، لكن بالتأكيد هناك خصوصية للمرأة والطفل في مثل هذه الأوضاع الطارئة، كمالا يخفى على أحد أن النساء تتحمل العبء الأكبر من الضغوطات النفسية وانعكاسات الحرب ومخلفاتها على نفسية المرأة وعلى وضعها داخل بيتها أو في عملها مع نفسها ومع الآخرين وفي المقدمة مع أطفالها، وبالنسبة لحالات النساء النفسية لا يوجد فرق كبير ما بين الحالات التي تمس الجانب النفسي بالنسبة للنساء عن الرجال إلا باختلاف النسب هذا من حيث المبدأ، ولكن ما نلاحظه نحن أن الاهتمام بالجانب النفسي ومعالجة الجوانب النفسية أو الاضطراب النفسي ينعكس إيجاباً على استقرار الأسرة والمجتمع وبلاشك أن الاكتئاب هو أكثر أطياف الاضطرابات النفسية التي تأتي كشكوى رئيسية سواء للرجال أو للنساء ولكن بالنسبة لنا في العيادات التخصصية للنساء نجدها أكثر الحالات.
وعن أهمية الاهتمام بالطب النفسي في اليمن مع ضآلة الإمكانيات المتاحة أوضحت الدكتورة نوال بالقول: وضع اليمن ليس وضعاً خاص ويمكن القول أن المنطقة العربية بأجمعها لا يوجد فيها وعي كامل بأهمية الصحة النفسية وهذا الإدراك المتأخر لأهمية الصحة النفسية لكل الناس بدأ يتنامى مؤخراً وزاد في سرعة التنامي للوعي ما نمر به حالياً على سبيل المثال في اليمن، من ظروف العدوان ورب ضارة نافعة حيث بدأنا نهتم بجانب الطب النفسي والصحة النفسية بشكل عام لما له من أهمية مباشرة في الصحة العامة ويمكن القول أن طيفاً كبيراً من الأمراض التي تصيب الجسد لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بصحة النفس.
وتضيف الدكتورة نوال: عطفاً على كلمة الأخ وزير الصحة في المؤتمر صارت لدينا آمال تفتحت بالأمس، وإن شاء الله تكون بداية اهتمام واسع وحقيقي بالصحة النفسية، ما كنا نطالب به وتبنته الوزارة مؤخراً بإعلام رسمي من قبل معالي الوزير هو أن الدراسات النفسية ستبين لنا الوضع الحقيقي لما نعانيه وبالتالي المعالجات والاستراتيجيات والخطط والبرامج تكون بناء على ما يحتاجه الوضع الحقيقي في اليمن بمعنى هل الأولوية الآن هي معالجة الرهاب الاجتماعي أو القلق أو غيره بهذه الطريقة يمكن النظر إلى الواقع ما هو الاحتياج كم حجمه وما يتطلب من واقع الحياة ومن واقع البشر الذي يعيشون هذا الظرف في الفترة الراهنة.
الدكتور محمد الراجحي استشاري الأمراض النفسية والمدير الطبي بمستشفى الرسالة تحدث عن أهمية مؤتمر الصحة النفسية: أولاً المؤتمر فرصة لاجتماع جميع المتخصصين في مجال الطب النفسي للخروج بنظرة شاملة -عن المشاكل التي نعاني منها في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها اليمن في ظل العدوان- بمثابة دليل عمل مستقبلي.
وعن وضع الطب النفسي في اليمن أوضح الدكتور الراجحي بالقول: بلا شك أن وضع الصحة النفسية والطب النفسي في اليمن سيئ بشكل كبير من حيث الإمكانيات وتوفر الكادر بالنسبة للأطباء النفسيين والمعالجين النفسيين للمؤسسات وهو ما يمثل درجة الخطورة والبؤس الذي وصلنا إليه ومما لا شك فيه أن الاهتمام بالجانب النفسي هو الاهتمام بالصحة ككل ولا توجد صحة لأي إنسان أساساً بدون صحة نفسية.