الثورة نت/تقرير/ جميل القشم
على امتداد الساحل الغربي، تفيض شواطئ الحديدة هذه الأيام بوهج خاص، حيث تتعانق زرقة البحر الأحمر مع وهج الأضواء الخضراء التي تتلألأ على امتداد الكورنيش، في لوحة بصرية وروحية تعبر عن العشق المحمدي وبهجة القلوب بقدوم ذكرى المولد النبوي الشريف.
تتوشح السواحل بحلة خضراء زاهية، تنعكس أضواؤها على الموج المتلاطم، فترسم مشهداً بديعاً يوحي وكأن البحر نفسه يشارك في الاحتفال، ويأتي النسيم القادم من عرض البحر محملاً بنفحات إيمانية، ينساب فوق الموج فيزيده حيوية، بينما تتمايل الأضواء الخضراء على المياه، فتغدو ليالي الحديدة لوحة من نور وبهجة ترتبط بعمق المناسبة.
ومن التمازج البصري بين زرقة البحر وضياء ألوان المناسبة، تتشكل رسالة الاحتفاء في أبهى صورها؛ إذ تتحول الشواطئ إلى رمز حي لوحدة القلوب وتماسك المجتمع حول قيم الرحمة والمحبة التي جاء بها الرسول الأعظم، حيث تغدو هذه الألوان أكثر من مجرد زينة، بل إعلاناً بصرياً عن فرحة الناس وتجسيداً لحياة القلوب بالإيمان، في مشهد يربط بين جلال البحر وقدسية الرسالة.
ويعكس هذا المشهد البحري المضيء مكانة المولد النبوي في وجدان أبناء الحديدة، وهو ما أكده وكيل أول المحافظة مسؤول التعبئة العامة أحمد البشري، مبينا أن المولد النبوي الشريف يمثل محطة إيمانية متجددة يستلهم منها اليمنيون القيم والمبادئ التي جاء بها الرسول الكريم، مشيراً إلى أن هذه المناسبة تحظى بمكانة خاصة في قلوب أبناء المحافظة، الذين يعبرون عنها بمظاهر احتفاء تنبض بالولاء والمحبة.
ولفت البشري إلى أن مظاهر الزينة الممتدة على الشواطئ والشوارع والميادين تجسد وحدة المشاعر وروح الانتماء، مبيناً أن الألوان التي تغمر المدينة في هذه الأيام تحمل رمزية الحياة والإيمان، وتعبر عن تجديد العهد بالسير على نهج النبي الخاتم.
وتطرق إلى خصوصية محافظة الحديدة في إحياء هذه المناسبة، حيث تمتزج روح البحر بأجواء الاحتفال في مشهد فريد يجمع بين جمال الطبيعة وعمق الرسالة، معتبراً هذه اللوحة البحرية المضيئة علامة مميزة للمحافظة، تجذب الأنظار وتثير مشاعر الفخر لدى أبنائها.
وأوضح الوكيل البشري، أن الاستعدادات للمناسبة بدأت مبكراً هذا العام، بما يعكس حرص أبناء الحديدة على إظهارها بالصورة التي تليق بمقام نبي الأمة ودلالات مولده الشريف، لافتاً إلى أن الاهتمام لا يقتصر على مظاهر الزينة، بل يشمل الفعاليات الثقافية والإنشادية التي تغذي الوجدان وتربط الأجيال بسيرة الرسول ومبادئه.
ويمتد المشهد الاحتفالي على طول الشاطئ، حيث نصبت أعمدة الإنارة المزدانة بالأخضر، وتتزين الممرات بأشرطة ضوئية تلتف حول الأشجار وأعمدة الكورنيش، لتمنح المكان طابعا احتفاليا متكاملا، وفي الخلفية، تصدح مكبرات الصوت بالمدائح النبوية والقصائد التي تستحضر السيرة العطرة، فيتحول المكان إلى فضاء مفتوح للأسر والأصدقاء، يجمع بين المتعة البصرية والروحانية.
ومع غروب الشمس، يزداد المشهد سحرا، حيث تنعكس الأضواء على صفحة البحر لتشكل لوحات فسيفسائية متبدلة الألوان، بينما تتداخل أمواج البحر مع بريق الأضواء، فتبدو وكأنها تحمل رسائل حب وسلام من أبناء الحديدة إلى العالم أجمع.
وتشهد الشواطئ توافد الزوار من مختلف مناطق المحافظة ومن خارجها، حيث تمتزج خطاهم بأصداء الأناشيد وألوان الزينة، ليغدو حضورهم جزءا من المشهد العام الذي يفيض ببهجة المولد، ويجسد ارتباط الناس مع أعظم مناسبة وما تحمله من قيم ومعان.
وتنعكس أجواء الاحتفاء على الحياة اليومية في المدينة، إذ تحمل هذه المناسبة في وجدان أبناء الحديدة معاني الوفاء لرسول الله، واستحضار سيرته العطرة كمنهج حياة، فتغدو أيام المولد فرصة متجددة لتجديد العهد على التمسك بالقيم التي أرسى دعائمها، وتعميق الروابط الإيمانية التي توحد المجتمع وتجمع كلمته.
وبينما يختلط صوت الموج مع أصوات المدائح النبوية، يشعر الزائر وكأن المكان كله يردد نداء واحدا: “لبيك يا رسول الله”، في مشهد يختزل وحدة المشاعر وعمق الانتماء لخير الخلق، ويبدو البحر نفسه وكأنه ينصت لرجع الأناشيد، حاملاً الرسالة على أمواجه ليبثها في الأفق البعيد.
وتفيض الأضواء الخضراء على ليل الحديدة بالفرح، لتتحول الشواطئ إلى مسرح مفتوح للعشق المحمدي، وحاضنة للذكرى التي تتجدد كل عام في قلوب المؤمنين، وتنعكس هذه الإضاءة البهية على وجوه الحاضرين، فتمنحهم شعورا بالطمأنينة والانتماء، وكأنهم جميعا جزء من لوحة واحدة متكاملة .
ومع كل نسمة بحر تهب من الغرب، وكل موجة تعانق الشاطئ، تحمل أجواء المولد النبوي عهداً متجدداً بالسير على نهج النور، ووفاء راسخاً لقيم الرسول الأعظم، فيما تمضي الأمواج وهي تنثر في مدها وجزرها رسائل المحبة والاقتداء، لتظل الشواطئ شاهدة على ارتباط الحديدة بمقام النبوة جيلاً بعد جيل.
سبأ