الثورة نت/
أمام الفشل الواضح في مواجهة مشروع الصواريخ الدقيقة لدى حزب الله اللبناني، أقر مسؤولو الكيان الصهيوني للمرة الأولى بأن تلك الصواريخ تشكل خطرا على وجود هذا الكيان الأمر الذي يمثل تحولا استراتجيا في القدرات العسكرية للمقاومة في مواجهة الكيان الغاصب مستقبلا.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنّ حزب الله نجح حتى اليوم في مراكمة صواريخ دقيقة لمديات متوسطة وبعيدة، لافتة إلى أنّ “قُدرة الصواريخ الدقيقة لحزب الله يمكن أن تشلّ منظومات استراتيجية إسرائيلية”.
وبحسب تلك الوسائل فإن حزب الله “يستطيع إصابة قاعدة “هكريا” في “تل أبيب” حيث مقرّ وزارة الأمن وهيئة الأركان”.
وجاء هذا الاعتراف على لسان المسؤول الأول عن جيش الاحتلال بني غانتس أمام حكومة نتنياهو والمجلس الوزاري المصغر .
غانتس أقرّ بأن الصواريخ الدقيقة التي يمتلكها حزب الله تشكل، في مرحلة من مراحل تطورها كمّاً ونوعاً، خطراً وجودياً على الكيان الصهيوني.
ومهّد لهذا الموقف غير المسبوق، بالحديث عن سعي حزب الله إلى تعظيم قدراته الصاروخية مدى ودقةً،مؤكداً أن الكيان الصهيوني لن يسمح بهذا التعاظم «بشكل يصبح خطراً وجودياً» عليه.
وكان الكيان الصهيوني يتحدّث سابقا في أحسن الأحوال عن عشرات الصواريخ، التي يمكنها إصابة المواقع الإستراتيجية والحساسة في الكيان، لكنه اليوم أعترف بأن ترسانة المقاومة من السلاح الدقيق الإصابة، باتت تحوي مئات الصواريخ وهو الأمر الذي سيكون له اثر عميق على صانع القرار في تل ابيب، وخاصة لجهة الانكفاء عن العمل العسكري ضد لبنان.
وكشف خبير عسكري إسرائيلي عن قلق وجدل وانقسام لدى المحافل الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، حيال التعامل مع مشروع حزب الله الخاص بتطوير صواريخ دقيقة، رغم وجود إجماع إسرائيلي على أن هذه الصواريخ هي “التهديد التقليدي الأخطر” الذي يلزم تل أبيب بالعمل.
وفي مقال له نشرته وسائل إعلامية إسرائيلية نقل الخبير الإسرائيلي يوآف ليمور، عن العميد عيران نيف، رئيس شعبة أساليب القتال والحداثة في جيش الاحتلال الإسرائيلي تأكيده أنه “في حال اجتاز حزب الله حافة كمية أو نوعية السلاح الدقيق، سنكون مطالبين بالعمل حياله”، مضيفا: “هذا قرار ثقيل، ولكن لن نتمكن من الفرار منه”.
ووصف قائد لواء أساليب القتال والحداثة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، عيران نيف صواريخ حزب الله بأنها ثاني أكبر تهديد لأمن الكيان الصهيوني بعد التهديد النووي الإيراني .
وأضاف: “هذا هو الحدث الذي تجري حوله تقييمات للوضع. وهذا هو السيناريو في التدريبات. وكل شيء موجه إلى هناك، ولكن الرد موجه إلى هناك أيضا. وفي هذه الأثناء نحاول العمل بطرق مبتكرة أخرى، والتي لا تسمح لهم بالوصول إلى هناك”
الباحث بالشؤون الإسرائيلية الأستاذ علي حيدر أكد أن إقرار غانتس بحجم التهديد الذي يمثّله تطوّر قدرات صواريخ حزب الله الدقيقة على الأمن القومي الإسرائيلي ووجود الكيان الصهيوني ، ينطوي على إقرار، بمفعول رجعي، بما أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عام 2018، عن إنجاز الأمر في ما يتعلّق بامتلاك الصواريخ الدقيقة.
كما يكشف عن مستوى من تسليم الكيان الصهيوني، حتى الآن، بنجاح الحزب في تجاوز ما سبق أن اعتبره قادة هذا الكيان “خطاً أحمر” يُمنع تجاوزه.
وقال ” أن عدم إدراك قادة جيش العدو لـ كينونة مشروع حزب الله وخطّته والمسار الذي انتهجه، بلغ مرحلة بات فيها يُقيِّد مفاعيل تفوّق جيش العدو النوعي في أكثر من مجال. وهو الهمّ الذي أعلنه رئيس أركان الجيش أفيف كوخافي، في أول جلسة لهيئة أركان الجيش بعد تولّيه منصبه في 16/2/2019، عندما حذّر من تداعيات نجاح حزب الله في تقليص “الفجوة بينه وبين الجيش الإسرائيلي الذي عليه التحرّك لتغيير المسار وبسرعة”.
وأشارت التقديرات الإستخبارية الإسرائيلية إلى نجاح حزب الله في التزوّد بمئات من الصواريخ الدقيقة، التي عدّت حتى الأمس القريب خطاً أحمر لا يمكن لتل أبيب أن تسمح بتجاوزه.
هذا الإقرار جاء بعد إنكار طويل، سعت تل أبيب خلاله عبر وسائل مختلفة وفي أكثر من اتجاه، للحيلولة دون تحقّقه، لكن من دون جدوى.
وهل يعني ذلك اقتراب موعد تنفيذ الكيان الصهيوني تهديداته والتسبّب بمواجهة عبر استهداف عسكري مباشر لما يعرفه عن هذا السلاح، وخاصة أن المواجهة العسكرية الواسعة كانت محلاً لمناورة ضخمة نفّذها جيش الاحتلال في الفترة الأخيرة؟ أم أن السلاح الدقيق نفسه (وأخواته) الذي سعى الكيان الصهيوني إلى منع المقاومة من اقتنائه، هو نفسه عاملٌ مؤثر في تعزيز واقع انكفاء العدو عسكرياً عن لبنان، بعدما تحول “مشروع الدقة” المتعلق بصواريخ حزب الله إلى “ترسانة دقة”؟
وبهذا يكون الكيان الصهيوني-باعتراف الإسرائيليين أنفسهم ووسائل إعلامهم- قد فشل في مساعيه لمنع حزب الله من التزود بالسلاح الصاروخي الدقيق.
وهو فشل جاء بعد الضربات التي شنها في سوريا واستهدفت إرساليات صاروخية دقيقة ووسائل نقل تتعلق بمكونات ما تسميه “مشروع الدقة”، وهي ضربات وفقاً للتقدير الإسرائيلي “لم تمنع حزب الله من تطوير قدرة ذاتية على تصنيع وتركيب صواريخ دقيقة متوسطة وبعيدة المدى”.
ويعتقد الى حد بعيد أن هذا التطور في القدرة الذاتية في مجال الصواريخ الدقيقة متوسطة وبعيدة المدى من شأنه تخفيف مستوى دافعية الكيان الصهيوني للاعتداء على لبنان، وإنْ كان لا يلغيه.
وكان السؤال ليكون منطقياً أكثر، إزاء المواجهة واحتمالاتها، في الفترة التي سبقت امتلاك حزب الله الصواريخ الدقيقة، إذ إنّ ما بعدها مغاير لما قبلها .
وأخيرا الواضح أن الكيان الصهيوني، باعترافه، خسر معركة منع حزب الله من امتلاك السلاح الدقيق الذي يمثل رعبا حقيقيا له، والذي كان وما زال يؤكد أنه يمثل تهديداً استراتيجياً “لا يمكن تحمّله والتعايش معه”.