ربما ود كثيرون لو أنهم لم يروا أمريكا في وضعها الراهن .. خاطئة قاتلة كاذبة.
فهي كما يرونها أرض الحرية والديمقراطية غير أن هذا التلازم الذي استقر في أفئدة كثير من العوام عن أمريكا قد تعرض لضربات قاصمة في الفترة الماضية وأريد هنا أن أقدم مثالا عن فجور أمريكا وانتهازيتها القبيحة تجاه ثورات الشعوب وتطلعاتها للحرية والاستقلال، فعلى سبيل المثال عندما قامت الثورة في إيران قررت أمريكا مناهضة تلك الثورة وبطريقتها الخاصة متخفية بلباس عربي خليجي لشن حرب شاملة على إرادة الشعب الإيراني الذي كان يمارس حقه الشرعي والديمقراطي والإنساني لنيل الحرية والاستقلال، فكانت تلك الحرب نموذجا يقدم أمريكا المتخفية والمقنعة وجهها القبيح بما ارتكبته أدواتها آنذاك من جرائم إبادة وحصار دام لأكثر من سبع سنوات .. ولأن أمريكا لا ترعى حقا ولا تحمل جميلا لمن يسدي إليها الخدمات تتحول سياساتها بانتهازية تجاه العراق الذي تصدر الواجهة لمحاربة إيران بعد قيام الثورة وتدفع به بعد ذلك لاجتياح الكويت وتعطي الحق لنفسها بإصدار العقوبات والحصار بحق العراق ليكون المتضرر الأكبر هو الشعب العراقي والذي وصل به الحال للانهيار التام أمنيا واقتصاديا وعسكريا فتنتهز أمريكا بعد تلك المرحلة فرصة الاحتلال مقدمة نفسها مخلصة الشعب العراقي من النظام الدكتاتوري فيدخل العراق مرحلة أصعب من المشاكل والفوضى والتدمير والنهب لثرواته والقتل لأبنائه وقياداته وكوادره.
واستخدمت أمريكا نفس السيناريو في أفغانستان فهي التي توجهت بسياستها لدعم حركة طالبان عبر أدواتها في المنطقة ووجهت بدعم المنظومة الوهابية في السعودية وغيرها للدخول في حرب مع الاتحاد السوفيتي الذي كانت تراه أمريكا قطبا منافسا قويا في تلك المرحلة.. وبعد ذلك تبدأ أمريكا بإعداد خطة استراتيجية طويلة المدى ويبدأ التنفيذ لمؤامرة الحادي عشر من سبتمبر 2001م وتنتهز بتلك الأحداث فرصة كبيرة لابتزاز دول العالم الإسلامي خصوصا دول الخليج بما يسمى محاربة الإرهاب متهمة للسعودية وغيرها بأنها دول داعمة للإرهابيين الذين كانوا يوما جزءا من خطتها في أفغانستان وتدخل أمريكا باسم المنقذة للشعب الأفغاني من حكم حركة طالبان المستبد الظالم الإرهابي .
وفي إطار التحرك الواعي للقلة القليلة من أبناء هذه الأمة بزغ نور الحركة الثورية التحررية المستقلة للسيد حسين بدر الدين الحوثي والتي كان أبرز عناوينها هو المناهضة لقوى الاستكبار العالمي المتمثل بأمريكا وإسرائيل وكان من أبرز القراءات لدى الشهيد القائد أن الزمن الحالي هو زمن كشف الأقنعة على مستوى الدول والأنظمة والكيانات والأحزاب وحتى الأفراد .. لتأتي مرحلة جديدة وأحداث ما أسمي بالربيع العربي والتي مثلت تلك الأحداث بداية جديدة للظهور الأمريكي والإسرائيلي ولكن بدون أي أقنعة بل كعدو واضح بوجهها الحقيقي فكانت أمريكا بمثابة اللص المفضوح لآمال وتطلعات الشعوب التواقة للحرية والاستقلال سواء في تونس أو مصر أو السودان أو ليبيا أو البحرين أو اليمن وغيرها وأنشأت البدائل للأنظمة المخلوعة بأنظمة أكثر عمالة واستبداداً وفساداً بل سعت إلى تثبيت تلك البدائل بسيناريوهات فوضوية خلقت لدى المواطن العربي انطباعا فاستبطن وعيا لديه أنه ارتكب خطأ حين نهج المسار الثوري على تلك الأنظمة المخلوعة بحجة أن البديل أسوأ وأظلم .
وهنا يجب أن نكون على بينة من أمرنا ومعرفة بكل الأساليب التي استخدمها الأمريكيون في مؤامراتهم ضد شعوب أمتنا .. فأمريكا حين وجدت صعوبة في سرقة ثورة اليمنيين وأن هذا الشعب كان يملك العزيمة والإرادة على مواصلة مشواره بصبر وجلد لتحقيق أهداف ثورته أعلنت أمريكا الحرب عليه من خلال أدواتها فكانت هي من قررت العدوان على الشعب اليمني ومن ساندت ودعمت وشاركت بسلاحها وكل إمكانياتها معترفة بكل ذلك وهنا يجب أن نفهم أن أبناء الشعب اليمني بثورته الخالصة قدم شاهدا على أن بالإمكان الانتصار على هذا العدوان مهما كانت إمكانياته وأساليبه ومؤامراته.. لأن كرامة الشعوب هي من تنتصر في الأخير متى امتلكت الإيمان والصبر وأعدت العدة لمواجهة الأعداء وهذا يمثل خلاصة ما تعلمه أبناء هذا الشعب من مدرسة الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي بل وستكون مدرسة لكل أحرار العالم بإذن الله سبحانه وتعالى في مواجهة كل أشكال الغطرسة والهيمنة والظلم والاستكبار..