قبل 17عاما أقدم النظام السابق على ارتكاب واحدة من أبشع الجرائم في العصر الحديث ، جريمة ارتكبت مع سبق الإصرار والترصد ، عندما أعطى الضوء الأخضر لمليشياته الإجرامية الحاقدة لاغتيال الشهيد المؤسس السيد حسين بدرالدين الحوثي بعد خروجه جريحا من جرف سلمان ، حفاظا على أرواح أفراد أسرته ومن كان معه من رفاقه ، خرج مضحيا بنفسه ، مجسدا ذلكم الموقف الفدائي الذي سيخلده التاريخ في أنصع صفحاته ، خرج وهو يدرك قرب معانقته للشهادة وارتقاء روحه الطاهرة إلى بارئها ، حيث صبت مليشيات الحقد والإجرام رصاصاتها الغادرة على جسده الطاهر مبتهجة بجريمة بشعة ، ظنوا أنهم حققوا بها نصرا كبيرا، ولم يدركوا أنهم بإقدامهم على هذا الفعل الشنيع أشعلوا جذوة ثورة حسينية جديدة ، ثورة حيدرية تشتث قوى الباطل والطاغوت والإجرام وتهز عروش المستكبرين والمستبدين .
ارتقى الحسين بن بدرالدين شهيدا على يد أشقياء هذا العصر ، قربانا منهم لأمريكا وإسرائيل وآل سعود ، وسارعوا إلى زف البشارة للسفيرين الأمريكي والسعودي ، وليتهم ما أقدموا على فعلهم البشع وجرمهم الشنيع ، صعدت روحه الطاهرة إلى أعلى عليين وذهب النظام العميل ، النظام الذي جمع في عمالته بين الأمركة والسعودة بعد قتله إلى إخفاء جثته ودفنها في مكان مجهول ، رافضا تسليمها لأسرته من باب الحقد والكره والرغبة في محو أثره وإغفال ذكره ، وطمس فكره ، والقضاء على ثقافته المستمدة من آيات الكتاب المبين القرآن الكريم ، وفي 18 ديسمبر من العام 2012م كشف نظام المبادرة الخليجية عن مكان الجثمان وفي 28 ديسمبر 2012م تم تسليم الجثمان الطاهر ، حيث خضع للفحوصات الدقيقة للتأكد من هويته بواسطة الفحص بالحمض النووي DNA في 15 يناير 2013م بالجمهورية اللبنانية ، وفي الأول من مارس 2013م أجري فحص مماثل في ألمانيا وجاءت النتيجة مطابقة لفحص لبنان ، وبعد التأكد أعلن أنصار الله رسميا عن استشهاد الشهيد المؤسس ، لتبدأ الاستعدادات لتشييع جثمانه الطاهر ، حيث أقيمت للشهيد المؤسس في الخامس من يونيو 2013م مراسيم تشييع مهيبة تليق بمقامه ومكانته ، شاركت فيها الجموع الغفيرة من مختلف المحافظات اليمنية ، على اختلاف أطيافهم السياسية وفاء وتكريما وتخليدا له .
هكذا شاءت مشيئة الله ، بأن يكون استشهاد الشهيد المؤسس السيد حسين بدرالدين الحوثي أيقونة البذل والتضحية والفداء ، معراجا للنصر والتمكين للمستضعفين ، وانطلاقة كبرى للمسيرة والثقافة القرآنية التي خط مسارها ومنهجها ورسم ملامحها وأسس دعائمها وثبت أركانها رضوان الله عليه ، ورغم مواصلة النظام لحروبه الظالمة على صعدة عقب استشهاده إلا أن إرادة الله شاءت بأن تكون العاقبة للمتقين ، وأن يكون النصر والتمكين للمستضعفين تحت قيادة السيد القائد عبدالملك بن بدرالدين ، الذي تمكن بفضل الله وتأييده من قيادة السفينة والإبحار بها وسط الزوابع والأعاصير إلى أن وصلت إلى شاطئ الأمان ، مكللة بالنصر ، بعد سفر بطولي ونضالي وتضحيات كبيرة قدمت في سبيل الله ، إعلاء لرايته ، ونصرة لرسوله ، وتطبيقا لدينه ، وعملا بمقتضى كتابه الذي لا ينطق عن الهوى .
حاربوا الشعار في مران وصعدة ، وسعوا للقضاء على المسيرة في مراحلها الأولى ، ولكنهم فشلوا فشلا ذريعا وشاء الله بأن يتم نوره ، ويتحول هذا الشعار إلى ثقافة تجاوز عبقها الحدود اليمنية وبلغ صداه العالم قاطبة ، وباتت المسيرة القرآنية وأنصار الله رقما صعبا في المنطقة ، وهو ما أرعب الأعداء وأدواتهم وخصوصا عقب ثورة21سبتمبر 2014م والتي قادها أنصار الله والتي نجحت في إسقاط نظام المبادرة وحكومة الوصاية والعمالة والارتهان للسعودية والأمريكان ، مما دفع بهم إلى شن العدوان على اليمن وفرض الحصار على اليمنيين تحت ذرائع وأكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان ، تارة بمحاربة إيران ، وتارة بمحاربة المجوس ، وعرجوا على الخطر الإيراني ، والمد الإيراني ، وحزب الله اليمني وغير ذلك من المبررات المضحكة ، والتي لا يمكن أن يصدقها من يمتلك ذرة عقل ، وبعد ست سنوات اتضحت الحقائق جلية للعالم ، وظهرت أسباب وأهداف العدوان ، التي لا علاقة لها بإيران ، والتي تهدف إلى احتلال ونهب خيرات يمن الحكمة والإيمان .
بالمختصر المفيد، في الذكرى الـ 17 لاستشهاد المؤسس السيد حسين بن بدرالدين الحوثي والتي تتزامن مع قرب انتهاء العام السادس للصمود اليمني ، يقف أحرار اليمن مواقف الرجولة ، مواقف العزة والإباء والشموخ على درب الشهيد الحسين بن بدرالدين ، ينهلون من فيض علمه ومعين ثقافته القرآنية ، يسلكون مسلكه ، وينهجون منهجه ، على طريق الخلاص والتحرر من براثن الغزاة والمرتزقة ، وثقافتهم المغلوطة التي دجنوا بها عقول الأمة خدمة للملوك والأمراء ، وتحصينا لعروشهم وممالكهم وإماراتهم ، ليعانق الشعب اليمني حياة الحرية والاستقلال والكرامة والعزة ، وينهلون من ثقافة القرآن الكريم ، الثقافة السليمة الخالية من الأساطير والأكاذيب والتدليس والكذب والتضليل ، فسلام الله عليك أيها الشهيد المؤسس ، سلام على روحك الطاهرة ، ها هو غرسك قد أثمر بفضل الله وتأييده ، سلام الله عليك وعلى كل الشهداء الأبرار ، ما تعاقب الليل والنهار .
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وجمعتكم مباركة وعاشق النبي يصلي عليه وآله .