في ظل الظروف التي يعيشها اليمن وما يحصل له من عدوان غاشم وحصار اقتصادي شامل منذ ما يقارب الست سنوات على التوالي كانت البيئة اليمنية ولا تزال هي الضحية الأولى لهذا العدوان الذي تسبب في تدمير بيئتنا الطبيعية من خلال استهدافه الممنهج والمباشر لكل المقومات البيئية في بلادنا ، فالبحر والبر لم يسلما من قذائف الطائرات، والاعتداء للأسف لم يقف عند تدمير المنازل وإحراق المزارع وسقوط ضحايا فقط بل تعدى ذلك لتلويث بيئي سيعاني منه اليمن للأسف الشديد لسنوات قادمة، وستظهر الآثار البيئية مع مرور الزمن، وهذا الأمر لا يمكن الاستهانة به، وعلى المنظمات الدولية عدم السكوت عليه.
فالعدوان دمّر مكونات البيئة الأساسية بسبب التعدي المستمر والمتكرر على جميع عناصره من (ماء وهواء وتربة) بأسلحة ومتفجرات محرمة دولياً، واستهداف البنية التحتية، والمنشآت العامة والخاصة، ناهيك عن تعطيل موارده الحيوية مما أدى إلى تكدس مخلفات العدوان، وكل هذا له تأثير سلبي على البيئة اليمنية في حين أن القانون الدولي يحظر الهجمات المتعمدة على البيئة بما في ذلك تدمير الموارد الطبيعية، معتقدين بأنهم نالوا من الشعب اليمني، ومع ذلك أثبت الشعب اليمني في ظل كل ما سبق شجاعة وصبراً وصموداً منقطع النظير ضد الجبروت والطغيان السلولي الأمريكي الحاقد على كل مقدرات الوطن وضرب أروع الأمثلة للعالم في وفائه وصبره في وطنه متحملاً القتل والدمار والحصار فالجميع ينبض قلبه بالنشيد الوطني “وسيبقي نبض قلبي يمنيا”.
إن المشاكل البيئية في جانبها الأكبر بشكل عام نتجت عن سلوكيات نخبة أنانية نظرت إلى مصلحتها الآنية متجاهلة من يشاركها العيش أو من سيأتي بعدها بمعني أخر أن المجتمعات التي تدعي الحداثة وتحالفت لقصف وتدمير بلادنا اليمن منتهكة كل القوانين الدولية ضاربة بها عرض الحائط، أصبحت اليوم بسلوكها تحطم ولا تعمر وتهدم ولا تبني، تنظر ليومها وتغض الطرف عن الغد المنظور.
ومع كل ذلك نثبت أننا نعشق الحرية والكرامة والعزة والرفعة ونرفض الظلم والقهر والعبودية والتبعية، فعدوانهم على بلادنا اليمن عزز في نفوسنا الثقة الكاملة على أننا قادرون على ردع العدوان بالرغم من إمكانياتنا البسيطة لأن الوطن هو الهوية والانتماء، وهو التاريخ والحضارة الغابرة والأهم من هذا وذاك فالوطن هو الإنسان الذي يعيش جنباً إلى جنب مع أخيه الإنسان مهما اختلفت أفكارهم ومهما اختلفت عقائدهم وانتماءاتهم السياسية، فالوطن غالياً علينا والدفاع عنه داخلياً وخارجياً مسؤولية الجميع بكل شرائحه وفئاته العمرية.
لكل إنسان الحق للعيش في بيئة سليمة ومستقرة، والواجب حماية البيئة اليمنية وتأمين حاجة الأجيال الحالية دون المساس بحقوق الأجيال القادمة لضمان هذا الحق الذي أعطاه القانون اليمني لكل مواطن، وعلى الجهات المعنية التحرك وأخذ الخطوات اللازمة لضمان سلامة المواطنين من خلال اتخاذ العديد من الإجراءات منها ما يلي:
اتخاذ كافة الإجراءات العاجلة بحسب الإمكانيات المتاحة لإزالة العناصر الملوثة والسامة لمخلفات العدوان بشكل سليم وآمن بما يضمن سلامة المواطنين.
الإسراع في إعادة تأهيل شبكات الصرف الصحي ومراقبة نوعية المياه.
العمل على إزالة أي بقع نفطية على الشواطئ وإيجاد حل سريع لخزان صافر لضمان سلامة الثروة السمكية والتنوع الحيوي البحري التي ما تزال حتى الآن وفقاً للعديد من الدراسات بمأمن من التدهور البيئي الحاصل.
تحديد بؤر التلوث البيئي في كل محافظات الجمهورية والعمل على إيجاد حلول مجدية للحد أو منع مثل هكذا تلوث مع إيجاد الحلول والبدائل المناسبة للحد من التلوث البيئي، والتعامل السليم مع المخلفات العدوان وإعادة استخدامها بأسلوب مستدام بيئياً.
نشر وتعزيز مستوى الوعي البيئي بأهمية الحفاظ على البيئة وكيفية التعامل معها والحد من استنزاف الموارد الطبيعية، وتحديد الإجراءات الوقائية المحافظة على المحميات الطبيعية والموارد المائية الجوفية.
ونحن في فرع الهيئة في أمانة العاصمة من جهتنا بادرنا بحصر وتقييم الوضع البيئي المبدئي لمعظم المنشآت الاستثمارية الصناعية والخدمية بالأمانة، والزامها بالاشتراطات والضوابط البيئية للحد من التلوث البيئي الحاصل فيها كمرحلة أولى من خلال التفتيش البيئي لها، ونسعى جاهدين في تنفيذ المرحلة الثانية لاستكمال عملية الحصر الشامل للمنشآت المتضررة من قبل تحالف العدوان وتقييم الاثر البيئي لمثل هكذا منشآت متضررة ناهيك عما نقوم به من تفتيش بيئي مبدئي دوري للمنشآت الصناعية والخدمية والصحية بشكل عام، كما وأننا الآن بصدد المبادرة بتدشين المرحلة الأولي من مبادرة “بيئتنا وطن” بأمانة العاصمة بتقييم الوضع البيئي في المدارس وتنفيذ حملة التوعية البيئية الشاملة في معظم مدارس أمانة العاصمة من خلال تأسيس أندية انصار البيئة وتنفيذ دورة تدريبية لمشرفي الأندية وتعريفهم بالآلية المتبعة لتنفيذ النشاط البيئي، وتوفير متطلبات نشاط النادي البيئي بكافة مع تنفيذ حملة تشجير ونظافة وعمل مسابقات بيئية وغيرها من الأنشطة البيئية المدرسية خلال العام الدراسي الثاني في كافة مديريات الأمانة كمرحلة أولى وعمل وقفات احتجاجية تنديداً بحجز سفن المشتقات النفطية لما لها من تأثير مباشر على البيئة اليمنية.
* مدير عام فرع الهيئة العامة لحماية البيئة بأمانة العاصمة
Prev Post