معادلة الطائرات المسيرة بفعل الأثر والنتيجة.. نيران الحرب في ديار المعتدين
مدن الملح في مرمى النيران اليمنية ما دامت الحرب على اليمن لم تقف!
الطائرات بدون طيار.. سلاح ردع يقلب الموازين ويقضّ مضاجع العدوان
الثورة / خاص
نفذ سلاح الجو المسير أمس الجمعة عمليات هجومية بـ3 طائرات مسيرة من نوع قاصف 2K. يمنية الصنع مستهدفا مواقع عسكرية حساسة في مطار أبها الدولي وقاعدة الملك خالد السعودية بمنطقة خميس مشيط . وأوضح العميد يحيى سريع المتحدث باسم القوات المسلحة أن عمليات الاستهداف توزعت خلال ساعات متفرقة من يوم أمس الجمعة، مؤكدًا إصابة الطائرات لأهدافها بدقة عالية, واعتبر سريع العمليات التي نفذها سلاح الجو المسير ردا طبيعيا ومشروعا على تصعيد العدوان واستمراره في قصف المدنيين والسكان في اليمن بعشرات الغارات اليومية ، علاوة على استمراره في فرض حصار شامل ومطبق على اليمن وقرصنته لسفن الوقود عرض البحر وإغلاقه لمطار صنعاء.
وسبق عملية سلاح الجو سلسلة عمليات نفذتها قواتنا المسلحة استهدفت قواعد عسكرية سعودية ، حيث استهدفت القوة الصاروخية يوم أمس الأول الخميس قاعدة الملك خالد الجوية العسكرية في خميس مشيط بعسير ، بصاروخ باليستي من طراز جديد لم يكشف عنه حتى اليوم ، وسبقها عملية هجومية نفذها سلاح الجو المسير أمس الذي سبقه استهدفت مرابض الطائرات الحربية في مطار أبها الدولي بـ4 طائرات مسيرة نوع صماد 3 وقاصف 2K..
منذ العام 2018 يكثف الجيش اليمني من العمليات الهجومية الدفاعية على المطارات والقواعد والمعسكرات ومرابض الطائرات الحربية ومخازن السلاح والتموين والإسناد وغرف العمليات ، إضافة إلى الأهداف الحساسة في العمق السعودي، وتشهد العمليات استخداماً متكرراً للطائرات الهجومية دون طيار، تحقق هذه العمليات أهدافها بشكل واضح وفاعل ومؤثر شكلت معادلة المسيرات المحلية معادلة ردع ورعب لتحالف العدوان ، فهي بالإضافة إلى إصابة أهدافها بدقة عالية ، فقد كشفت عور منظمات الدفاع الأمريكية باتريوت وثاد 3 وغيرها ، وأظهرت فشل وعدم كفاءة الدفاع الجوي السعودي بشكل خاص حيال مثل هذه الهجمات.
ويكثف سلاح الجو المسير في الجيش اليمني استخدام طائرة قاصف 2 كي في العمليات الهجومية على مطارات وقواعد السعودية العسكرية والأهداف الحساسة الأخرى ، وكذلك في العمليات الهجومية الأخرى التي تنفذ على أهداف حساسة ومهمة فما الذي تتمير به «قاصف- كي2»؟
طائرة «قاصف- كي2»
الطائرات المُسيرة من طراز «قاصف- كي2» ، هي طائرات محلية الصنع تستخدمها قواتنا المسلحة بكثرة في العمليات الدفاعية المشروعة على أهداف عسكرية سعودية حساسة ، تتميز قاصف بفاعليتها وعملانيتها في إصابة الأهداف وفي التخفي عن الرادارات وفشل أنظمة الدفاع في اكتشافها ، ومع بداية 2019، أزاح سلاح الجو المسيَّر التابع للجيش واللجان الشعبية الستار عن الطائرة المسيرة من طراز قاصف 2k التي دخلت الخدمة بتنفيذها أولى عملياتها الهجومية على اجتماع لقيادات بارزة من مرتزقة العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي في قاعدة العند الجوية بمحافظة لحج والتي تعد مركزا عملياتيا يستخدمها العدوان مركزا لإدارة عمليات العدوان على اليمن وتجميع المرتزقة وتحشيدهم إلى الجبهات ، كما تعد مركزا تتواجد فيه قوات أجنبية بعضها أمريكية وبريطانية.
مواصفات قاصف 2.k
متشظية صُنعت بطريقة لا تستطيع أنظمة الرادار التقاطها ورصدها وكذلك المنظومات الاعتراضية وتنفجر على ارتفاع ما بين 10 إلى 20 متراً، ويبلغ المدى المؤثر القاتل للطائرة 80 × 30 متراً بشكل بيضاوي، أما المدى نصف قاتل فيبلغ 150 × 50 متراً ، طائرة قاصف تمتاز بقدرتها على حمل كميات كبيرة من المتفجرات التي من شأنها مضاعفة القوة التدميرية التي يخلفها القصف . يذكر أن طائرة قاصف K2 تنفجر على ارتفاع 10 أمتار فوق الهدف ، محدثة انتشارا واسعا للشظايا، حيث يبلغ قُطر دائرة الانتشار للشظايا 80 متراً طولاً و30 متراً عرضاً ، علاوة على ذلك هناك أنواع عدة من طراز قاصف2 كيو ، بعضها ينفجر في الهدف بعد الارتطام به ، وبعضها تنفجر بشكل متشظ على ارتفاع معين ، وهناك أنواع أخرى من الطائرة نفسها.
متى أدخل الجيش اليمني سلاح الطائرات بلا طيار في معركته مع العدوان الأمريكي السعودي؟
في 18 يوليو/ تموز 2018 وجد الجيش اليمني ضالته ، وحدد وجهة ضرباته اللاحقة صوب مصفاة النفط السعودية «أرامكو» بطائرة مُسيّرة ، وبتتابع الشهور وعمليات الجيش اليمني ثبتت الهدف، محطة أرامكو، وثبتت الوسيلة، الطائرات المُسيّرة، لكن “عملية توازن الردع الثانية” التي استهدفت منشآت النفط التابعة لشركة آرامكو في بقيق وخريص شرقي السعودية في الـ 14 من سبتمبر 2019 ودمرت المنشآت النفطية أظهرت تطورا فائقا في الأداء كمًا وكيفًا. فقد استخدمت قواتنا عشر طائرات مسيرة تعمل بمحركات مختلفة ما بين عادي ونفاث ، الطائرات المُستخدمة في الهجوم يصل مداها إلى 1500 كيلو متر، أي أن العمق السعودي كاملًا علاوة على الإمارات يقعان في مرمى المسيرات اليمنية ، وبجانب القدرة على التوغل أظهرت الطائرات قدرةً فائقةً على إصابة الهدف المُحدد، إذ استطاعت الطائرات أن تُحدث كسرًا يبلغ عرضه 4 أمتار في أنبوب النفط الرئيسي، الأنبوب البالغة مساحته 11 مترًا مربعًا، استطاعت الطائرات اقتناصه من وسط مساحة المحطة البالغة 115 ألف كيلو متر مربع ، لم يقف الأمر عند هذا الحد فما كشفته القوات المسلحة لاحقا أنها باتت تملك طائرات تصل إلى دول بعيدة هي تحت التهديف إذا ما تورطت في العدوان على اليمن ، وقد تمكنت دائرة التصنيع من إنتاج طرازات تزيد مدياتها عن 2000 كيلومتر.
في فبراير عام 2017م ، افتتح الرئيس الشهيد صالح الصماد المعرض الأول للطائرات المسيرة المصنوعة يمنيا ، قالت دائرة التصنيع والبحوث حينها إن الطائرات التي تم عرضها قد تم تجربتها وأثبتت نجاحها وهي من طراز قاصف-1 هجومية، إضافة لثلاث طائرات استطلاعية من طراز راصد ورقيب وهدهد-1، وأشارت وقتذاك إلى أن الطائرات الأربع هي باكورة لبرنامج وطني حديث الإنشاء باتت تمتلكه دائرة التصنيع العسكري لأول مرة في تاريخها.. مؤكدة أنها تعمل على تطوير “برنامج طائرات بدون طيار ليغطي مسارات أبعد مدى بعون الله تعالى” ، مدى تلك الطائرات كان قاصرًا على 150 كيلومترًا فقط، وبقدراتٍ غير دقيقة لإصابة الأهداف، لكن دائرة البحوث والتصنيع واصلت التطوير والتحديث والابتكار وتمكنت من إنتاج طرازات متقدمة جدا من المسيرات المقاتلة تتميز بأنها حديثة ومتطورة وسباقة أثبتت فاعليتها وقلبت الطاولة على العدو.
بدأت قواتنا باستخدام الطائرات المسيرة محلية الصنع كطائرات استطلاع ورصد ، ثم صارت عينا دقيقة لتوجيه ضربات المدفعية ، ثم صارت سلاحا فاعلا ورادعا في استهداف الأهداف المعادية في العمق ، ومنذ بداية العام 2018 تكثفت عمليات سلاح الجو المسير على المطارات والقواعد العسكرية والعمق السعودي، وشهد العام نفسه تطورا ملحوظا في العمليات الهجومية لقواتنا على الأراضي السعودية وفيها شهدت استخداماً متكرراً للطائرات اليمنية دون طيار، وقد حققت معظم هذه العمليات أهدافها بشكل فاعل وملحوظ.
في ابريل من العام 2018 نفذ سلاح الجو المسير عمليات هجومية على مطارات سعودية لأول مرة بطائرات مسيرة من نوع “قاصف -1″، وهي طائرة انتحارية دون طيار مزوّدة بمحرّك يعمل بالبنزين يوفّر لها مدى يصل إلى 100 كيلو متر، ومدة تحليق متواصل تصل الى ساعتين، ومزوّدة برأس متفجر تصل زنته إلى 30 كلغ ، بعد أقل من شهر وعقب اغتيال الشهيد الرئيس صالح الصماد بطائرة مُسيّرة صينية الصنع ، أزاحت قواتنا المسلحة عن جيل جديد من الطائرات يصل مداها إلى 1000 كيلو متر هي «صماد -1» ، «صماد -2»، و«صماد – 3». الجيل الجديد من الطائرات لا يُهدد السعودية والإمارات فحسب، بل إن دولا تبعد عنها الرياض وما بعد الرياض وما بعد بعد الرياض ، حاليا وصل مداها 2000 كيلومتر.
شهد عام 2018 الإعلان عن عدة أنواع جديدة من الطائرات دون طيار الخاصة بعمليات الاستطلاع وتصحيح رمايات المدفعية وغيرها من المهام القتالية ، وفي يوليو من العام نفسه 2018، قام الجيش اليمني باستهداف نوعي للمرة الأولى لمطار أبوظبي، الذي يبعد نحو 1300 كيلومتر عن أقرب نقطة ، وقد تمت هذه العملية باستخدام المُسيرات اليمانية “صماد-3” في ظهورها العملياتي الأول، وقد سبقت هذه العملية بأسبوع عملية أخرى تم فيها استخدام طائرات “صماد-2” في استهداف منشأة تابعة لشركة أرامكو النفطية في الرياض ، كما نفذت هجومين نوعيين على مطار دبي الدولي باستخدام طائرات “صماد-3”.
هذا النوع من الطائرات اليمانية شكل نقلة نوعية، نظراً لمداه الكبير الذي يصل إلى 1500 كيلو ، وزنة متفجرة كبيرة تتراوح ما بين 300 إلى 500 كيلو جرام ، يضاف لذلك قوتها التي تكمن في تنفيذ هجمات بأعداد كبيرة منها على هدف محدد ، في منتصف آيار/مايو 2019، قصف سلاح الجو المسير محطتي ضخ للنفط في محافظتي الدوادمي وعفيف السعوديتين، وخطاً لنقل النفط ما بين شرقي وغربي السعودية، وذلك بإستخدام طائرات “صماد-3”. تلى ذلك استهدافات متتالية ومكثفة لعدد من المطارات السعودية منذ ذلك التاريخ وحتى الآن ، حيث تعرض مطار نجران في الفترة من 21 آيار/مايو وحتى 5 آب/أغسطس لخمسة هجمات باستخدام جيل “قاصف2كيو ” ، ويتميز بأنه لا يصطدم بشكل مباشر بالهدف كما هو الحال عليه في الطائرات المسيرة المماثلة، لكنه عوضاً عن ذلك ينفجر فوق الهدف بمسافة تتراوح بين 10 إلى 20 متراً، مما يساهم في نشر الموجة التدميرية بطريقة أكثر فعالية.
فشل أمريكي سعودي متعاظم
ولعل الجيش اليمني قد تمكن من تجاوز معضلة منظومات الباتريويت الأمريكية التي أبقت الصواريخ اليمنية في مرماها واعترضت اعدادا منها ، لكنها فشلت أمام الطائرات المسيرة وأثبتت عدم كفاءتها ، حيث يأتي الاستهداف المتكرر للأهداف في العمق السعودي كجزء من استراتيجية أساسية تتبعها اليمن من أجل الرد والردع لتحالف العدوان ، وهي عملية نقل للمعركة إلى أراضيه ، ونظراً للتطور الواضح في إمكانيات وقدرات سلاح الجو المسير والقوة الصاروخية على مستوى الصواريخ والطائرات دون طيار، فإنه من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة مبتكرات جديدة في هذين المجالين، وفي مجالات الدفاع الجوي والبحري ، وهو أمر تواجهه السعودية وأمريكا بفشل واستسلام.
في 2017 أجرت وزارة الدفاع الأمريكية مناورةً دعت إليها كل الشركات المعنية بإنتاج أنظمة دفاع جوي ، استمرت المناورة خمسة أيام، طلبت فيهم الولايات المتحدة من الشركات الموجودة أن تحاول إسقاط طائرات دون طيار بأي نظام تعمل عليه الشركة. اعترفت الولايات المتحدة وشركات الدفاع بعد انتهاء المناورة أن الطائرات دون طيار تمتلك مناعةً قوية ضد أجهزة التشويش والقنص التقليدية. وفي أولمبياد ريو عام 2016 تم نشر أكثر من ثمانية أنظمة مختلفة مضادة للطائرات دون طيار، لكن عددًا من الطائرات استطاع تخطيها جميعًا ، وما يميز الصواريخ اليمنية أنها مبرمجة على الانفجار على ارتفاع 20 مترًا فوق الهدف تُحدث الشظايا والانفجار الأضرار المطلوبة حتى لو قُصفت الطائرة ، كما أنها ذات قوة تدميرية هائلة تحدث أكبر قدر من الخسائر في الأهداف المُحددة بدقة ، ولذا فإن صدّها بصواريخ سعودية لا يمنع إصابتها للأهداف وقصفها لن يؤدي إلى حدوث خسائر أكبر.
على الرغم من أن مملكة العدوان السعودية تعد أول دولة في العالم مستوردة للسلاح ، فإنها تقف عاجزةً أمام الصواريخ والمسيرات اليمانية المصنوعة بأقل التكاليف وبجهود يمنية بحتة ، لعل السر وراء هذا العجز يكمن في النقطة ذاتها التي تتباهى بها السعودية، الضخامة. ضخامة الجيش السعودي تجعله عرضةً لمشاكل تنظيمية أكثر، كما تجعله جيشًا يصلح لخوض حرب تقليدية مباشرة مع جيش آخر يقفان أمام بعضهما في ميدانٍ واحد كما ظهر في فيلم «قوة الردع السعودي» الذي أنتجته المملكة، أما حروب القنص والهجمات السريعة بالصواريخ الباليستية والطائرات المُفخخة من قِبل عدو لا يرتدي زيًا عسكريًا مُوحدًا، فلا تكون المدرعات والمدافع الثقيلة ومقاتلات تايفون ذات نفعٍ كبير فيها، كذلك لا تنجح أنظمة الدفاع الجوي السعودية بنسبة كبيرة في اصطياد تلك الطائرات، يقول أحد الباحثين الأمريكيين.
معادلة الطائرات المسيرة
بعد أن أصبحت هجمات الطائرات دون طيار على المطارات والمنشآت الحيويّة والعسكرية السعودية، حدثاً يوميّاً، وبعدما أثبتت الطائرات المسيرة نجاعتها في اختراق منظومات الباتريوت وثاد 3 ، بدت السعودية والإمارات أيضا مكشوفة أمام عمليات الرد والردع اليمنية وفي كل الأوقات والمناسبات وفي مختلفة الأماكن ، وتغيرت معادلة الحرب وباتت دول العدوان أمام خيارات صعبة.
تتميز الطائرات المسيرة بالقدرة على تجاوز أنظمة الدفاعات الجويّة التي تفشل في تعقبها فهي غير قابلة للكشف بواسطة رادارات الدفاع الجوي السعودي ، وإذا ما تم اعتراض وإسقاط أي طائرة مُسيّرة فإن تكلفة ذلك ستكون عالية جداً؛ إسقاط طائرة مسيرة يتطلب إطلاق صاروخ (باتريوت)، ما يعني أن إسقاط طائرة مسيرة بقيمة تتراوح بين 500 – 1000 دولار يُكلف 3 ملايين دولار (قيمة الباتريوت 3 ملايين دولار) تتمكن طائرات سلاح الجو المسير اليمني على التحرك بحرية وبأسراب متعددة نحو أهدافها ، من هُنا؛ تكون خيارات مملكة العدوان والسعودية والإمارات أمام تصاعُد حرب المسيرات اليمانية صعبة جدا ، فقد كشف الطيران المسير نقاط ضعف كبيرة في المنظومة الدفاعية الأمريكية التي تملكها السعودية والإمارات.
لقد صار طائرات سلاح الجو المُسيرة سلاحاً استراتيجيّاً رادعا وهو الأكثر تهديداً على دول العدوان ، وبعد أن وضعت القوات المسلحة موانئ ومطارات ومنشآت النفط والقواعد العسكرية والمعسكرات والمباني العسكرية تحت التهديد بشكل جدي ، وتم استهدافها بشكل متكرر باتت دول العدوان أمام قواعد اشتباك جديدة فرضت نفسها بقوة على ساحة المعركة وانتقلت النيران إلى مدن الملح والزجاج ، والمؤكد اليوم هو أن موازين القوّة التي كانت سائدة في بداية العدوان على اليمن ، لم تعُد كما كانت؛ مع ما كرسه سلاح الجو المُسيّر من معادلة في إطار المعركة ، فقد انتقلت اليمن من وضعية الدفاع إلى وضعية الهجوم.