خيبة مريرة!!

 

محمد القعود

لزمن طويل ظللنا نبتهج به ونتوهج بحضوره المهيب وهيبته الفارهة والباذخة والوارفة.
لزمن طويل ظللنا نعتقد أنه المصباح المضيء والمشعل المتوهج والنجم المنير وحادي الركب والربيع المتفجر اخضرارا وجمالا وبهاء وحياة وبهجة.. والفكر المتقد.. والرؤى التي لا تتوقف عن الوميض وحياكة وصناعة واجتراح ما يسر ويبهج ويخلب ويفتن ويثمل .
ظللنا نمنحه الود والتقدير والاجلال والتبجيل والمحبة ونصوِّب بوصلة الدرب والمسار نحوه..
ظللنا نعتقد انه الضمير الصارخ.. والسيف المهند القاصم الباتر الذي نضرب به كل ظلام وغسق.. ومتاهة.. ونشق به وجه الصعاب ونغمده في صدر المجهول.. ونثلب به ونشج جبين المخاطر والردى.
ظللنا نعتقد انه ذخيرة ندّخرها لوقتٍ صعبٍ وصعيبٍ سيأتي والعتمة تعتِّمه وتتجلبب بؤس ملامحه وتمسك بلجامه وخطامه ومساره.. وللحظة قاتمة مدلهمة الوجع والألم وسيكون هو البلسم والضوء والهمة حين يحين أوانها ومطلبها وحين يغمّ علينا الزمن ويجثم فوقنا بغوائله وكلاكله..
وظننا أنه السهم الذي ندّخره في كنانة أعماقنا والصخرة التي نسند إليها وعليها ظهورنا وتشحذ عرضها سواعدنا إن شلت وتثلمت بهشاشة عابرة أو بصدأ ذبول الملل والخلل المباغت ..
لكنه.. لم يكن عند أدنى حدٍّ من آمالنا وتوقعاتنا.. واعتقادنا.. وظنوننا.
كان مجرد كذبة كبيرة وسمجة.. كان مجرد بالونة منفوخة.. وقامة طويلة دخانية .. ومنحنية وتسير على قدمين.. وجثة متحركة.. وملامح خانعة لرعد يدٍ هشٍّ وغبارٍ يتبعثر أمام وتحت زمجرة الريح.
كان مجرد رماد هامدٍ فاقد الاتّقاد والوقيد..
كان مجرد طبل أجوف بلا صدى.. ولا مدى. ونكتة سمجة.. وقصة ملفقة روَّجها الزيف ورفقة السوء وصنّاع الجهل وتجار التجهيل والخرافات والزيف والأوهام.
كان مجرد سيف خشبي نخرته الحقائق والوقائع وكل باقعة وقارعة وبارقة.. ومجرد لعبة أطفال.. ملَّها الأطفال وألقوها في دهليز معتمّ.. لتفاهتها وبلادتها..!!
كان مجرد كذبة كبيرة ونكتة سمجة تبعث على الضجر والتأفف والقرف..
كنا نظنُّ كل ما ظنناه وما اعتقدناه وأيقناه ..!!
ولكنه كان ظننا الخائب..!!

قد يعجبك ايضا