«قراءات في الفكر الإسلامي» هو عنوان الكتاب الصادر مؤخراً بصنعاء من تأليف الكاتب الدكتور/ عرفات الرميمة والذي يقع في 140 صفحة من الحجم الكبير.
وتناول المؤلف في هذا الكتاب العديد من قضايا الفكر الإسلامية وقضايا العصر.. وموقف الفكر الإسلامي منها، ويقول المؤلف في تقديمه للكتاب: هذا الكتاب حصيلة قراءات تخصصية في الفكر الإسلامي منذ عدة سنوات وحصيلة كتابات في الموضوعات الفكرية والفلسفية والأدبية والاجتماعية منذ عدة أعوام، وحصيلة خبرة تدريسية في جامعات تعز وعمران وصنعاء- وبعض الجامعات الخاصة- كل عام تم الاستفادة منه في نقد أخطاء الأعوام السابقة والاستفادة منها للأعوام القادمة، وتم تنويع الموضوعات وتغييرها ،بحسب المستجدات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية على الساحة المحلية والدولية، مواكبة لروح التطور والأحداث التي فرضت نفسها وكانت أكثر حضوراً من غيرها في الواقع العربي الإسلامي –أو حتى في ساحة الدرس الفكري- وإيمانا بالمقولة التي ترى أن التغيّير هو الثابت الوحيد في الكون، باعتباره فطره إنسانية ذات إبعاد إلاهية، كان تغير الموضوعات واستبدالها بما له علاقة مباشرة بالواقع وتبعاً لذلك تم تغير بعض وجهات النظر حيال بعض القضايا، فالإنسانية في تطورها لا تنزل في نهر الواقع المعاش مرتين بحسب المقولة التي تنسب للفيلسوف اليوناني هراقليطيس.
وكان الغرض المتوخى من خلال الدرس الفكري هو أن نعرِّف القارئ كيف يفكر –لا أن نعلمه حفظ أفكار معينة- وكيف يستخدم عقله بعيداً عن الوصاية من أي طرف كان، وكيف يكوّن رأياً وكيف يستطيع الدفاع عنه، وكيف يحترم رأي الآخرين، والأهم فيما نعلمه للطالب الجامعي أن نجعل منه إنساناً حقيقياً -مضموناً وجوهراً- بعد أن جعل منه الواقع إنساناً بالطول والعرض فقط- يؤمن بالقيمة الإنسانية معياراً جامعاً.
وعن القضايا الفكرية وتبسيطها يقول المؤلف: لقد تقصّدنا تبسيط الموضوعات الفكرية –قدر الإمكان- وربطها بالواقع المعاش ومحاولة تطبيقها في حل المشاكل اليومية التي تواجه الكل وإعطاء صورة واضحة تقترب قدر الإمكان من الفكر الإسلامي باعتباره حصيلة تفاعل بين النص القرآني وبين العقل الإسلامي الذي حاول التصدي للمشاكل المثارة في كل مرحلة مر بها ذلك الفكر من مراحل تكوينه المختلفة.
لقد آن الأوان لإعادة الاعتبار لمادة الفكر الإسلامي وهذا ما سوف نحاوله من خلال قراءات معينة فيها، نحاول من خلالها أن نعرّف القارئ بآليات العقل الإسلامي وكيف يفكر التفكير المنطقي السليم الذي يؤدي به إلى نتائج محمودة من خلال تعريفات الفكر الإسلامي المختلفة ومعرفة مقوماته وخصائصه ومراحل تكوّنه وتتبع التفكير في القرآن، موضحين الآفات التي يقع فيها الفرد والمجتمع والتي نهى عنها القرآن وحذر منها وسوف نحاول أن نتعرّف على مفهوم الهوية من خلال معرفتنا للآخر المخالف بغرض التعايش الذي تفتقده العديد من المجتمعات الإسلامية، وحسبي أن ما يُميّز هذا المؤلَف أنه الوحيد تقريباً الذي أدخل موضوع الآخر ضمن مواضيع الفكر الإسلامي نظراً لأهميته والحاجة الملحة للتعايش مع المختلف في المجتمعات العربية والإسلامية.
وعن مضامين الكتاب يقول المؤلف: تناول الكتاب موضوعاً من أهم موضوعات الفكر الإسلامي وهو الثابت والمتغيّر في ذلك الفكر، لأن الشريعة الإسلامية الغراء جمعت في داخلها بين الثبات والمتغير وتلك واحدة من مظاهر الإعجاز التشريعي الذي لا يمكن أن يتوافر إلا لها فقط لأنها ربانية موحى بها من عند الله ،فالإسلام يوازن منذ ظهوره بين الثابت الباقي من أحكامه والمتغير منها بتغيّر الزمان، بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر، فيتحول الثابت إلى مجرد أفكار جامدة ويتحول المتغيّر إلى انفلات غير محمود العواقب.
ويضيف: بعد ذلك نتعرّف على وجوه الاستعمار المتعددة: من الاستشراق إلى العولمة محاولين تتبع الأساليب الاستعمارية للغزو الفكري للعقل الإسلامي من خلال الاستشراق مروراً بالتبشير وانتهاءّ بالعولمة باعتبارها شكلاً مطوراً من أشكال الاستعمار الغربي وتهدف إلى استعمار العقول والأفكار والوعي للشعوب –بدلاً من استعمار الأرض الذي لم يعد مجدياً بالنسبة لها- وبالتالي يسهل السيطرة على تلك الشعوب ونهب مقدراتها وهي مطيعة وراضية من خلال الترويج لثقافة العولمة ومن خلال تلك الثقافة تم الترويج لما يعرف بالحرب الناعمة التي سنحاول الاقتراب منها لمعرفتها بشكل واسع وكيف تم استخدامها في العدوان على اليمن، وسوف نتعرّف كذلك على أسباب نجاح النهضة العربية المنشودة، لقد حاولنا في هذا الجهد المتواضع الابتعاد عن التعقيد من خلال عدم استخدام المصطلحات غير المفهومة والكتابة للناشئة وطلاب العلم وليس لأهل الذكر والتخصص آملين أن يحقق الكتاب الهدف المطلوب منه.