عنصرية إسرائيل تجسدها كورونا.. الموت يعانق قطاع غزة!

 

سعت إسرائيل خلال الفترة الماضية للترويج لنفسها على أنها أسرع دول العالم في إعطاء اللقاح ضد فيروس “كورونا”، ولكن هذا الادعاء يخفي وراءه عنصرية واضحة إذ ألغت السلطات الإسرائيلية من حساباتها الكثير من الفلسطينيين القاطنين في قطاع غزة وهذه العنصرية ازاحت الستار عن وجه إسرائيل القبيح وكشف للعالم أجمع بأنها ليست كما تدعي، فقد أثبتت جائحة “كورونا”، أن الصورة المثالية التي تحاول إسرائيل تقديمها للعالم عن نفسها بعيدة جداً عن الحقيقة والواقع. فإسرائيل في الحقيقة كانت من أسوأ دول العالم في نسب انتشار المرض بالنسبة لعدد السكان، وشهد نظامها الصحي انهياراً أدى إلى خروج الأمور عن السيطرة واضطرار الحكومة الإسرائيلية إلى تنفيذ الإغلاق التام مرتين لمحاولة السيطرة على المرض. كما أن إسرائيل أولاً وأخيراً نظام فصل عنصري لا يخجل من أن يعلن ذلك.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية، بأن “تل أبيب” قامت خلال الفترة الماضية بتوزيع لقاح “كورونا” في العديد من المدن الصهيونية ولكنها لم تعط الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية وقطاaع عزة شيئاً من ذلك اللقاح ولهذا فقد قامت الأمم المتحدة بالضغط على قادة “تل أبيب” من أجل أعطاء الفلسطينيين هذا اللقاح، حيث تحمّل اتفاقية “جنيف الرابعة”، الدولة المحتلة، مسؤولية تطبيق التدابير الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض في الأراضي التي تحتلها، لكن في الحالة الفلسطينية طلب الاحتلال من الفلسطينيين الاعتماد على أنفسهم. وبعد مطالبات دولية عديدة، قبلت “تل أبيب” بإعطاء الفلسطينيين القاطنين في الضفة الغربية لقاح “كورونا” ولكنها امتنعت عن اعطاء هذا اللقاح للسكان الفلسطينيين القاطنين في قطاع غزة متذرعة في ذلك بأن هذا اللقاح قد يتم استغلاله من قبل قادة حركة “حماس”.
وعلى صعيد متصل، طالبت جمعية “أطباء لحقوق الإنسان”، في بيان صدر عنها منتصف كانون الأول “السلطات الصحية والأمنية في إسرائيل، بتوفير اللقاحات ضد فيروس كورونا المستجد، للفلسطينيين في قطاع غزة”. وأوضحت الجمعية أن ذلك يعود “إلى أن الفلسطينيين يخضعون للسيطرة والاحتلال الإسرائيليين، ما يمنع الفلسطينيين من ضمان حقهم في الصحة بأنفسهم ولأنهم لا يملكون خيارا مستقلا في شراء اللقاحات، من دون أن يمر الأمر عبر السلطات الإسرائيلية”. وشككت “أطباء لحقوق الإنسان” بأن تكون لدى السلطة الفلسطينية قدرة على أن تموّل بنفسها، عملية شراء اللقاحات وتكلفة توزيعها. وأشارت إلى أن “على إسرائيل أن تتحمل تمويل العملية، كجزءٍ من مسؤوليتها تجاه الفلسطينيين في الأراضي المحتلة”.
وبدوره، قال الخبير في القانون الدولي، “حنا عيسى”، إن “من مسؤولية دولة الاحتلال وفق القانون الدولي وتطبيقاً لما جاء في اتفاقية جنيف لعام 1949.” وذكر أن الاتفاقية “تنص على حماية الممتلكات والمواطنين وتقديم التعليم والصحة والتربية والثقافة للشعب المحتل، وهو ما ينطبق على الحالة الفلسطينية”. وتابع “إسرائيل تتهرب من مسؤولياتها القانونية، تجاه الفلسطينيين، لا يوجد دولة فلسطينية قائمة، السلطة موجودة على الورق فقط، عبر اتفاق أوسلو، ليس أكثر، إسرائيل هي سلطة الأمر الواقع تدخل وتعتقل وتهدم وتقتل متى تشاء”. وأكمل “إسرائيل تتنصل من مسؤولياتها، هي فرِحة، وتخلت عن أعباء قانونية ومالية، وهو أخطر ما في الاحتلال الذي يسرق كل شيء من أرضك ويتخلى عنك”.
وقبل عدة أيام انطلقت حملة تواقيع دولية ضد سياسة التمييز الإسرائيلية وللضغط على “تل أبيب”، والمجتمع الدولي لتوفير اللقاحات المضادة لفيروس كورونا للفلسطينيين القاطنين في قطاع عزة. ولقد أعلن “مصطفى البرغوثي”، أمين عام حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، إن “حملة تواقيع عالمية انطلقت تحت عنوان (طب الابرتهايد) وللمطالبة بتوفير المطاعيم السليمة فورا لأبناء وبنات الشعب الفلسطيني”. وأضاف إن عشرات الآلاف وقعوا على الحملة “بمن فيهم أطباء وعلماء ومفكرون وفنانون عالميون مثل جوديث بتلر الفيلسوفة الأمريكية ودانييل بارينبويم الموسيقار العالمي ونعوم تشومسكي المفكر والمنظر السياسي الأمريكي”.
وأكد أن لجان التضامن مع الشعب الفلسطيني “تجنّدت في مختلف أرجاء المعمورة، للمشاركة في هذه الحملة، التي ستُسلم لمنظمات دولية وأممية وحكومات مختلفة وخاصة في أوروبا”. واعتبر أن “فداحة جريمة التمييز العنصري الإسرائيلي في موضوع توفير اللقاحات، والحماية من جائحة فيروس كورونا الخطيرة، كشف الواقع وحقيقة نظام الابرتهايد العنصري الإسرائيلي”. وفي وقت سابق، وصف “سامر الأسعد”، مدير الطب الوقائي والرعاية الصحية في وزارة الصحة الفلسطينية، ارتفاع عدد الوفيات جراء فيروس كورونا في قطاع غزة، في الأيام الأخيرة، بأنه أمر مقلق. وقال إن “منحنى تسجيل الوفيات والإصابات في فلسطين يزداد، ما يدق ناقوس الخطر”. وأضاف الأسعد “نشهد ارتفاعا في حالات إدخال مرضى لأقسام علاج كورونا، وزيادة في عدد المرضى بغرف العناية المركزة، إضافة إلى زيادة عدد الحالات الموصولة على أجهزة تنفس صناعي”.
وعقب جميع هذا المطالبات، أصدرت هيئة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحد، بياناً قالت فيه إن إسرائيل هي المسؤولة عن حصول الفلسطينيين في غزة على لقاحات بشكل عادل. وتقول الهيئة إن التمييز في الحصول على اللقاحات أمر غير مقبول أخلاقيا وقانونيا بموجب القانون الدولي المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف بشأن إدارة الأراضي المحتلة. لكن وزير الصحة الإسرائيلي، “يولي إدلشتاين”، قال: “بإمكاننا النظر في ما يسمى باتفاقيات أوسلو أيضاً، والتي تقول بشكل واضح وصريح أنه على الفلسطينيين تولي شؤون الصحة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم”. ولقد أفاد موقع “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلي بأن لجنة الخارجية والأمن في الكنيست عقدت يوم الخميس الماضي جلسة خاصة لمناقشة منع نقل لقاح فيروس كورونا إلى قطاع غزة. ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية إسرائيلية، أن اللجنة درست منع دخول اللقاحات للقطاع قبل أن تعيد غزة ما لديها من أسرى، اعتقلوا إبان الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة صيف عام 2014.
وعلى نفس هذا المنوال، كشفت العديد من وسائل الاعلام الصهيونية، أن إسرائيل متخوفة كثيراً من أن يقود استمرار الضغط على حركة “حماس” بقطاع غزة على خلفية أزمة كورونا، إلى تجدد إطلاق الصواريخ من القطاع على إسرائيل. وقال موقع “واللا”، إن الجيش الإسرائيلي يتابع بقلق قرب وصول شحنة من لقاح كورنا إلى الضفة الغربية، وليس إلى قطاع غزة، وما يمكن أن يخلفه ذلك من تبعات أمنية. ونقل الموقع عن مسؤولين بالجيش لم يسمهم إن الضغط في غزة شديد ويتزايد في أعقاب أزمة كورونا. وقال أحد هؤلاء المسؤولين: “إذا ما أعربت الجماهير في غزة عن احتجاجها تجاه حماس والسلطة الفلسطينية نتيجة عدم وجود لقاحات، فستتحول إسرائيل إلى العنوان الوحيد الذي سيتم توجيه الغضب إليه”. وتابع أن ذلك الغضب يمكن أن يترجم عبر إطلاق صواريخ تجاه إسرائيل وذلك “في محاولة لجذب الانتباه العالمي والضغط على صناع القرار”.
وفي الختام يمكن القول قادة “تل أبيب” اعتقدوا بأنهم سوف يتمكنون من فرض المزيد من الضغوطات على حركة حماس في قطاع غزة لإجبار هذه الاخيرة على الموافقة على جميع المطالب الصهيونية والامتناع عن اطلاق صواريخ باتجاه الاراضي المحتلة ولكن الضغوطات الدولية والعالمية سوف تجبر هذا الكيان الغاصب في نهاية المطاف على اعطاء قطاع غزة نصيبه من اللقاحات وفقاً للقوانين الدولية والمعاهدات التي تم التوقيع عليها مسبقاً وإلا فإن صواريخ حركة حماس سوف تجبر هذا الكيان الغاصب على اعطاء الفلسطينيين القاطنين في قطاع عزة نصيبهم من تلك اللقاحات.

قد يعجبك ايضا