مدير عام الإدارة العامة لتنمية البن بوزارة الزراعة والري ل “الثورة “: سعر الكيلوجرام من البن اليمني يتجاوز 200$ في بعض المزادات العالمية

 

اليمن تحتل المرتبة الـ 46 في إنتاج البن عالمياً بتصدير 12 ألف طن سنوياً
البن يوفِّر قرابة مليون فرصة عمل بدءاً من زراعته وحتى تصديره
المزارع اليمني يتوارث عن أجداده نظماً زراعية تتكيَّف مع ندرة المياه والظروف المناخية

أوضح مدير عام الإدارة العامة لتنمية البن بوزارة الزراعة والري المهندس محمد قائد حارث في تصريح لـ”الثورة” أن قرار فترات السماح خاص ببعض الفواكه والخضروات، وأن الوزارة لا تمنح أي تصاريح استيراد للبن الخارجي؛ لا من الإدارة العامة لتنمية البن، ولا من الإدارة العامة للتسويق، مشيرا إلى أن اليمن تُصدّر حوالي 12000 طن من البن اليمني إلى غالبية دول العالم سنويا، مؤكدا أن الوزارة تقوم حاليا بتنفيذ حزمة من التدخلات بما يعزِّز التوسع في زراعة البن وذلك تنفيذا لاستراتيجية تنمية محصول البن التي أقرت من قبل مجلس الوزراء في ابريل 2020م.

الثورة  / يحيى الربيعي

وأفاد المهندس حارث بأن هناك جمعيات تشرف على زراعة البن اليمني وتصديره، وأن سعر الكيلوجرام من البن اليمن يتجاوز 200$ في بعض المزادات العالمية، مضيفا أن المساحة المزروعة بأشجار البن هي 34981 هكتاراً بقدرة إنتاجية تصل إلى 20812 طناً سنويا.
وأشار المهندس حارث إلى أن وزارتي الصناعة والتجارة والزراعة والري في صنعاء أصدرتا قراراً مشتركاً عام 2018م بحظر استيراد البن وقشوره وغلاته، تضمن إبلاغ كافة الدوائر الجمركية بالتنفيذ ومنع إدخال أي شحنات من البن والقشر المستورد، وضرورة التزام كافة الأجهزة والجهات المعنية بتنفيذ القرار.
استعادة موكا
من جهة أخرى يعد البن اليمني من أشهر المنتجات الزراعية التي تشتهر بها اليمن منذ القدم لما يمتاز به من جودة عالية، ورغم قلة إنتاجه مقارنة مع منتجات عالمية، إلا أنه يبقى الأفضل جودة عالميا، وتختلف نكهات البن اليمني باختلاف المناطق التي اشتهرت بزراعته، وتعود الجودة إلى الخدمة الزراعية التي يقوم بها المزارع اليمني.. هناك البن الفضلي، والاسماعيلي، والمطري، والحيمي، واليافعي، والحمادي، والخولاني وهي أسماء لمناطق يمنية في شمال ووسط وجنوب البلاد.
وتزرع شجرة البن اليمنية في ظل ظروف مناخية وبيئية لا تتماثل مع تلك التي تزرع فيها أشجار البن في مناطق أخرى من العالم، حيث لا يزال المزارع اليمني يستخدم نظما زراعية قديمة توارثها عن أجداده الأوائل تتكيَّف مع ظروف ندرة المياه والظروف المناخية والتضاريس التي تمتاز بها اليمن، ولما لتلك الخبرات من أساليب زراعية تزيد من كمية وجودة المحصول، والحصول على أفضل أنواع البن في العالم والمعروف بالبن العربي.
ومع ذلك بدأ المزارع اليمني بالعودة إلى زراعة البن، والاستغناء عن شجرة القات في بعض المناطق، وفي بعضها الآخر تزرع شجرة البن إلى جانب شجرة القات، وهذا بحد ذاته ضاعف من عمليات زراعة شتلات البن وتصديره إلى الخارج.
كما أن المبادرات والجهود المجتمعية تعمل بكل ثقة في مشروع استعادة موكا، مستمدَّة ذلك من خلال قراءتها لتاريخ ميناء المخا وتصدير البن قديما، وكيف كان الوضع الاقتصادي لليمن مزدهرا إلى السنوات الأخيرة من القرن العشرين.
وبرغم كل العوائق التي تحيط بإنتاج وتجارة البن اليمني، إلا انه يمكن اعتبار البن اليمني السلعة الرئيسية التي تصدِّرها اليمن للعالم بعد النفط، حيث يتم تصدير البن اليمني حاليا إلى دول الخليج، واليابان، والولايات المتحدة، وكندا، وروسيا، وفرنسا، وإيطاليا، والدنمارك، وألمانيا، وتركيا، والهند.. ويحتل اليمن من حيث الإنتاج المرتبة الـ46 عالمياً من بين 64 دولة، وهو السادس آسيوياً.
نواة القهوة
وتنتشر زراعة البن اليمني في معظم المحافظات اليمنية، وتعد بني مطر، يافع، حراز، برع، بني حماد، عمران، والحيمة الخارجية والحيمة الداخلية وخولان بن عامر في محافظة صعدة من أشهر مناطق زراعته بالإضافة إلى مناطق مختلفة من البلاد، وبصورة رئيسية يزرع في المناطق الواقعة على ارتفاع ما بين 1000 إلى 1700 كيلو متر فوق سطح البحر، وفي الأودية التي تنحدر من المرتفعات الغربية والوسطى والجنوبية والمدرجات الجبلية، وهي مناطق تمثل نحو 40% من المساحة المزروعة في البلاد، ويعد المناخ الدافئ الرطب مناسبا لنمو البن، ونظراً لافتقاد معظم البيئات التي تزرع فيها شجرة البن إلى جانب أو أكثر من شروط النمو، فإن المزارع اليمني استطاع أن يكتسب خبرة كبيرة في التعامل مع شجرة البن، ورعايتها من خلال تهيئة أجواء تضمن شروطا أفضل لإنتاج عالي الجودة.
وتعتمد آلاف الأسر اليمنية على محصول البن لتنمية دخولها، حيث يعمل في هذا المجال ما يقارب المليون شخص بدءا من زراعته وحتى تصديره.
أما عن عملية حصاد البن، فتتم بشكل تقليدي، حيث يلجأ المزارع إلى جني الثمار على مراحل؛ تبدأ بعملية الانتظار حتى نضوج ثمار البن واتخاذها اللون الأحمر، من ثم يجرى قطف حبوب القهوة وتجفيفها على أسطح المنازل.. ثالثا: تنقيته من الشوائب وفصل القشور عن نواة القهوة، التي تستخدم في صناعة مشروب قهوة القشر التي يعشقها اليمنيون ويتناولونها صباحاً.. رابعا: تحميص حبوب البن في معامل خاصة، وأخيرا التعبئة والبيع.
من الذاكرة
وإلى ذلك تروي كتب التاريخ أن اليمنيين وقبيل أكثر من ثمانية قرون كانوا السباقين إلى زراعة شجرة البن واكتشاف حبوبه كمشروب له مذاق خاص، وإدخال البن كسلعة تجارية تم نقلها من موانئ اليمن (وأشهرها ميناء المخا) إلى أطراف العالم.
وفي القرن السادس عشر الميلادي سجل البن اليمني حضورا تجاريا متميزا على المستوى العالمي، واعتبر اليمنيون القدامى محصول البن من المحاصيل الزراعية الأساسية واعتمدوا عليه في دخلهم المعيشي حتى أن اليمن أصبحت ولفترات طويلة من الزمن من أهم بلدان العالم إنتاجا للبن، كما يسجل التاريخ أن البرتغاليين الذين غزوا الساحل الغربي من اليمن هم أول الأوروبيين الذين تناولوا قهوة البن اليمني وذلك عندما رحَّب بهم شيخ “المخا” ودعاهم إلى مشروب دافئ اسود ينعش الجسم ويريح البال.
وكانت أول صفقة للبن في ميناء المخا (الذي جاء اسم “موكا” منه) هي تلك التي اشتراها الهولنديون في العام 1628م، ثم استمروا في جلبه إلى مراكزهم في شمال غربي الهند وبلاد فارس ومن ثم إلى هولندا التي بدأ فيها بيع البن اليمني لأول مرة عام 1661م.
وقد نجحت تجارة البن اليمني نجاحاً باهرا بعد أن اكتشفت جودته العالية والمتميزة عن جميع أنواع البن في العالم، وزاد الطلب عليه واشتدت المنافسة من أجله بين الشركات البريطانية والفرنسية والهولندية طوال خمسينيات القرن السابع عشر، واستمرت المنافسة حتى القرن الثامن عشر عندما بلغ إنتاج البن ذروته في عام 1720م.. بعد أن أنشأ الهولنديون مصنعا للبن في المخا عام 1708م وبدأوا في تصديره.
ثم أنشأ الفرنسيون مصنعاً آخر في المخا في العام1709م.. وفي تلك الحقبة من الزمن شهدت موانئ المخا والحديدة واللحية حركة دائبة لتجار البن القادمين من الهند ومصر والجزيرة العربية للحصول على البن اليمني وبيعه في بلدانهم أو تصديره إلى دول العالم الأخرى، ووصلت أكياس البن المصدَّرة في ذلك الوقت إلى موانئ عديدة مثل السويس وبورسودان واسطنبول وحتى اوديسا في روسيا، وبعد ثلاثة قرون من الازدهار حدثت على شجرة البن اليمني مع الأسف عوامل سلبية مؤسفة، حيث بدأ الانخفاض التدريجي لتجارة البن اليمني، وبدأت اليمن تفقد في القرن التاسع عشر العديد من أسواق البن العالمية، ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى نقل شجرة البن من اليمن إلى مناطق أخرى أخذت تنافس اليمن في إنتاج وتصدير البن منذ ذلك الحين، كما أن هناك عوامل سلبية محلية أثرت ولا تزال تؤثر على إنتاج وتصدير البن اليمني.

قد يعجبك ايضا