> 500 مليار كيس بلاستيك تستخدم حول العالم منها 5.4 مليار في السوق اليمنية
> إيقاف خمس شحنات تجارية تحوي حلمات رضاعة بلاستيكية تعتبر سماٍ غذائياٍ للأطفال
> حماية المستهلك: القرارات والقوانين واللوائح تطبق لفترة قصيرة ثم تعود المخالفات بسبب غياب الرقابة
تعتبر المواد البلاستيكية الخاصة بحفظ الأغذية خطرا داهما يتحدى حياة الناس في ظل غياب معالجات حقيقية تحدْ من ضررها على البيئة والإنسان غير أن خطورتها تزداد في واقعنا الذي تنعدم فيه ضوابط وقوانين صارمة تطبق بحق صناعة البلاستيك وعملية تسويقه واستخدامه والإشراف الجاد على تصنيعه وضبط المقاييس الصحية المناسبة حيث إن البلاستيك مادة تصنع عبر عمليات متعددة أساسها من النفط الذي يعتبر المادة الأولية في مكوناته حيث يتم تصنيع بعض الأغراض البلاستيكية من مادة “البولي إثيلين البوليمرات” وهو عبارة عن سلسلة طويلة من ذرات الكربون والهيدروجين وتحتاج البيئة إلى مئات السنين لتفكيك هذه الروابط طبيعيا.
بالفعل إن انتشار وتزايد الظاهرة سيؤدي إلى تشويه البيئة والتقليل من الإنتاج الزراعي إذا لم يتم تلافي هذه المشكلة وتأثيرها على التربة والمياه في المدى البعيد ويحدث ذلك في ظل تراخي الجهات المعنية في إيجاد ضوابط وإجراءات للتقليل من الاستخدام العشوائي لهذه المواد البلاستيكية منها الأكياس السريعة الانتشار القضية نناقشها في حلقتين يتم التركيز فيهما على الظاهرة.. والأضرار الناجمة عنها الإجراءات التي تتخذ للحد منها وجوانب القصور الموجودة.. نتابع:
لم يعرف الإنسان البلاستيك واستخداماته خلال القرون الماضية كانت البيئة خالية من الملوثات ويتمتع الإنسان بصحة جيدة هذا ما أوضحه فضل مقبل منصور -رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك- يقول: مع التطور الصناعي بدأ إنتاج البلاستيك في منتصف القرن الماضي واستخدم في كافة مناحي الحياة اليومية وأصبحت له الغلبة في استخدامات المستهلكين إلا أننا في اليمن نتفوق على الآخرين في الاستخدام بخاصة في ملايين الأكياس (المشمعات) والتي تستخدم بكثافة في القات بشكل يومي وأصبحت آلاف الأطنان منها تملأ الشوارع والجبال والهضاب والوديان حيث تشكل ظاهرة خطيرة على صحة وسلامة الإنسان وعلى البيئة. ويتابع بالقول: لقد أصبحنا غير قادرين على معالجة هذه الظاهرة أو التخفيف منها بل تتزايد يوما بعد آخر نتيجة لعدم قابليتها للتفكك والتحلل بصورة سريعة أو تدويرها كونها رفيعة السماكة كما أن حرق البلاستيك ومخلفات القمامة تعرض الإنسان إلى استنشاق مواد سامة عن طريق الجهاز التنفسي وتصبح سميتها أعلى في الهواء الجوي الذي يرتفع فيه الضغط الجوي كما هو الحال في أمانة العاصمة.
طرق بدائية
ويتحدث منصور عن واقع مواصفات البلاستيك محليا فيقول: هناك مواصفات عالمية ومحلية لمواد البلاستيك أعدتها الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وهي من المهام الأساسية للهيئة وقد طالبت جمعية حماية المستهلك بالالتزام بها رغم ذلك نلحظ انتشارا واسعا للظاهرة على الطرقات بين المدن وداخل المدن حيث نلاحظ أكواماٍ من هذه الأنواع تغطي الشوارع والطرقات وأسواق القات وكل مناحي الحياة فيما يتم التخلص منها بطرق بدائية عن طرق الحرق حيث تشكل هذه الطريقة ضرراٍ على صحة الإنسان إذ إن الحرق يولد مادة “الدايكسين” المسببة للسرطان ولا توجد جهات تهتم بجمع هذه المخلفات كالمجالس المحلية وغيرها من الجهات المعنية.
جهل بالأضرار
ويشير فضل منصور إلى أن الكثير من الناس يجهلون المخاطر والأضرار التي تسببها منتجات البلاستيك على البيئة والإنسان والحيوان من خلال التأثير على المزروعات والأراضي الزراعية كونها تسبب انسداد مسامات التربة الأمر الذي يمنع وصول المياه والهواء أو حتى الضوء إلى البذور أو النباتات الصغيرة مما يؤدي إلى موتها وتصبح الأرض غير صالحة للزراعة إضافة إلى صعوبة تحلل هذه المواد في التربة وانتشارها وتطايرها في الهواء وتسببها بتشويه المناظر الجمالية للأشجار والحدائق والحقول والطرقات كما أن هناك أضرارا قد تصيب الحيوانات التي تتناولها كالتسمم والاختناقات أو انسداد الأمعاء في تلك الحيوانات وخاصة الحيوانات التي تتغذى على المخلفات (القمامة).
قرارات لا تنفذ
وأكد رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك أن الجمعية ومنذ تأسيسها عملت مع كافة الجهات للحد من الظاهرة وطالبت الحكومة بإصدار التشريعات والتعليمات والمواصفات لها وصدر قرار مجلس الوزراء قبل عشر سنوات بمنع استخدام الأكياس البلاستيكية ذات السماكة الخفيفة التي تصل إلى 2 ملي ميكرو وأصدر المجلس التعليمات بمنع الاستيراد والإنتاج لمثل هذه النوعيات ولكن مع الأسف الشديد لم ينفذ القرار ولم يتم المنع مشيراٍ إلى أن هناك قرارات من مجلس الوزراء حول تنظيم استخدامها وإنتاجها إلا أنه من المؤسف لا تطبق هذه القرارات والقوانين واللوائح إلا لفترة قصيرة جدا تصل لشهر ومن ثم يعود الأمر وكأنه لا يوجد تشريع أو نظام للتعامل مع المواد البلاستيكية بشكل عام ولذلك يجب على المعنيين تنفيذ القوانين والمواصفات والرقابة عليها المواطنين إلى جمع مخلفات البلاستيك وعدم رميها عشوائياٍ أو حرقها والحرص قدر الإمكان على جعل البيئة خالية من البلاستيك.
يصعب تحللها في التربة
مدير صحة البيئة بمكتب الأشغال العامة بالأمانة الدكتور محمد الأصبحي بدوره حذر من الظاهرة بالقول: إن الأضرار كبيرة جداٍ على البيئة وعلى المجتمع وصحة وسلامة المستهلكين الذين يستخدمون المواد البلاستيكية مؤكدا أنها مشكلة كونها تعد من المواد الكيميائية المعقدة ويصعب تحللها في التربة وتترك آثارا سيئة وضارة بالبيئة والتوازن البيئي والتي بدورها تؤثر على التغذية الطبيعية للمياه الجوفية حيث تشكل طبقة تحت سطح التربة تمنع تغذية المياه الجوفية لافتا إلى أن مجلس الوزراء أصدر قرارا بمنع استخدام الأكياس البلاستيكية وقد حدد النوعيات المسموح بتداولها من أجل استخدامها في فترات متعددة وقال: إن ما تم تحديده من مواصفات لهذه المواد المستخدمة يهدف إلى حماية البيئة والمستهلكين من الأضرار التي قد تسببها هذه المواد خاصة التي يتم تدويرها واستخدامها في مواد غير غذائية مثل (مواسير المياه) الزراعية وفي بعض (الأحذية) البلاستيكية التي دائماٍ يحذر منها وأوضح أنه قد تم عمل ملصقات توعوية من جهة أمانة العاصمة للتحذير من مخاطر الأكياس كما نشجع استخدام الأكياس القابلة للتحلل لأنه يضاف لها ماده أثناء التصنيع مما يمكن استخدامها أكثر مرة وتخفيض الأضرار البيئية والصحية حيث إن الأضرار تشوه المظهر العام وتتلف الأراضي الزراعية وتؤثر حتى على الثروة الحيوانية وطالب بضرورة التخفيف من استخدامها الأكياس واستبدالها بالمواد الكرتونية والقماشية.
معامل تصنيع
وعن دور صحة البيئة يقول مدير صحة البيئة أنهم يقومون بمتابعة معامل تصنيع البلاستيك في أمانة العاصمة وإلزامها بإضافة المادة التي تعمل على التحلل إلا أنه وفي الآونة الأخيرة نتيجة الظروف التي مرت بها البلاد من أحداث 2011م أصبحت تلك المعامل تنتج بلاستيك وأكياساٍ بحجم كبير والسبب يعود إلى تراخي وتساهل الجهات الرقابية والذي شكل شبه انفلات رقابي بحيث أن المفتش لا يستطيع النزول الميداني لأنه غير قادر على ضبط المخالفين وقال: لقد بدأنا في 2010م بإنزال ملصقات للحد من ذلك إلا أن الوضع العام للبلد أدى إلى تعثر تلك المساعي كلها وتم استغلال الوضع والفرصة من قبل أصحاب المعامل وبدأوا بتصنيع وتسويق الأكياس بشكل مخالف خاصة الأكياس السوداء الممنوعة بقرار وزارة الصناعة والتي تم ظهورها مجدداٍ في الأسواق بعد أن كان خف وسوف يتم التنسيق مع الجهات المختصة للعمل على الحد من هذه الظاهرة وهذا يقتضي حملة وطنية شعبية ورسمية للتحفيز على إنتاج البدائل الحد منها بالمساهمة مع منظمات المجتمع المدني والجهات الرسمية والمجالس المحلية ووسائل الإعلام والذي يجب على هذه الأطراف أن تشترك في المشاركة المجتمعية وكل أفراد المجتمع.
مواصفات
ومن جانب آخر أكد نائب مدير عام الهيئة العامة للموصفات والمقاييس وضبط الجودة إبراهيم الحشف أن الهيئة عملت على تطبيق قرار منع الأكياس السوداء وإصدار مواصفات قياسية خاصة متعددة الأغراض وذلك لأنه شاع في استعمال وتحضير المواد البلاستيكية مركبات بترو كيماوية ومواد إضافية لإكسابها خواص معينة بحيث تصنع على شكل عبوات وأطباق و(صياني) وغيرها ونسعى إلى تعديل خواص النوع الحراري منه لتوسيع استخداماته بحيث يجب توفر مواصفات معينة في المواد المضافة المستخدمة في صناعة الأدوات البلاستيكية وإجراء اختبارات كيماوية وحيوية عليها للتأكد من سلامتها لصحة الإنسان وبالتالي المحافظة على البيئة.
وأوضح أن الهيئة تسعى لتطبيق القرار بشكل مستمر بمنع استخدام الأكياس البلاستيكية السوداء وذات السماكة القليلة بحيث تكون 40 للمحلي و50 للمستورد إلا أن الواقع يتكلم عن غير ذلك حيث إن هناك معامل سرية في أمانة العاصمة وعلى مستوى الجمهورية ونطالب بإبلاغ الهيئة والجهات الحكومية عنها كون الخطر قائما على الجميع.
منتجات بلاستيك خطيرة
فيما يخص الأواني البلاستيكية يقول: وإنها خطر بسبب المواد الكيماوية المضافة التي تنتقل منها للغذاء حيث إن عملية فحص هذه المواد صعبة لأنه لا توجد أي جهة فحص في المنطقة لأنه من المهم فحص نسبة مكونات المواد الكيماوية المكونة وانتقالها للغذاء وتأثيرها السلبي على صحة المستهلك ويؤكد الحشف لا تقتصر أضرار البلاستيك على غذاء الكبار فقط وإنما على الصغار حيث إن حلمات الرضاعة (المصاصات) للأطفال من المنتجات الخطيرة جداٍ بحيث إن الحلمات تنزل منها المواد الكيماوية من الحلمة إلى معدة الرضيع وبذلك تؤثر عليه تأثيرا سميا خطيرا وخاصة ذات المصنعة بشكل رديء فقد تم رصد 4-5 شحنات وإعادتها من الحدود للبلد المصنع الذي أتت منه لأنها لا تنطبق عليها الموصفات والمقاييس بعد إجراء الفحص المسبق لها لأنه من الضروري أن تكون لديها كثافة عالية.
وأضاف: تعتبر العبوة البلاستيكية السفري ومنها (أكواب الشاي) من اخطر المواد المستخدمة حيث تقوم الهيئة بالسعي لرفع درجة الكثافة لها ويتم منع استيرادها وبيعها لمحلات المنتجات الساخنة واستبدالها بالكرتونية التي تعتبر من البدائل الآمنة وكذلك السعي إلى تحديث الموصفات والمقاييس للأكياس البلاستيكية واعتماد المواد القابلة للتحلل وذلك بإضافة مادة معينه تساعدها على التحلل ذاتياٍ.
مشكلات
وأرجع الحشف تنامي مخاطر الظاهرة في اليمن إلى وجود البلاستيكية المنتشرة بكثافة وبشكل واسع في الشوارع والطرقات إلى جانب عدم وجود الوعي البيئي بين الناس حول ذلك بشكل واسع في ظل قصور عملية التخلص من النفايات ونبه من جديد مشكلة الأكياس السوداء التي تمثل الخطر الأكبر لأنها عبارة عن بلاستيك معاد تدويره وتصنيعه من الأكياس والمخلفات كما أن تطايرها في الجو وعدم القدرة على السيطرة عليها يؤدي إلى تشويه المنظر العام ويصعب على عمال النظافة تجميعها لانتشارها في الجو وبين الأشجار والأسلاك الكهربائية.
إحصاءات ودراسات
وتقدم الإحصاءات العالمية أرقاماٍ مخيفة حول واقع استخدام الأكياس البلاستيكية التي يبدو أنها في تزايد مستمر فقد قدرت أن نحو 500 بليون كيس بلاستيك يستعمل في أنحاء العالم كل سنة ولا يعاد تدويرها إلا بنسبة أقل من واحد في المائة والقليل منها فقط يعاد استخدامه في سلال المهملات والباقي ينتهي في الطبيعة وعلى الأشجار والأسيجة والأرصفة وفي البحار وأعماق المحيطات وفي الحيوانات المختلفة التي هي ضمن غذاء البشر وكذلك والطيور ما يؤدي إلى اختناق وموت حوالي 100 ألف منها سنويا وقد أكدت دراسة أمريكية للحياة البحرية أن عدد الحيوانات والطيور البحرية التي تموت بسبب هذه الأكياس سنوياٍ حوالي مليون طائر ومائة ألف حيوان مشيرة إلى معلومات تؤكد وجود بقايا بلاستيكية في الجهاز الهضمي لمجموعة كبيرة من الحيوانات البحرية النافقة.
ومن هنا يتضح حجم من طمرها في اليمن إذا إن وزن كيس البلاستيك الواحد يصل إلى نحو 5 جرامات ونجد أن الكمية التي يتم تصريفها في الأسواق اليمنية نحو 5.4 مليارات من الأكياس سنوياٍ منها 2.2 مليار كيس من الإنتاج المحلي وحوالي 3.2 مليار كيس واردة من الخارج عن طريق الاستيراد والتهريب .