أتعجب.. المؤامرة وصلت ذروتها!!
محمد أحمد المؤيد
من يقرأ تاريخنا العربي والإسلامي المعاصر والماضي لعده قرون، وخاصة من بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ووعد بلفور المشؤوم، يدرك تماماً أن استقرار الغرب تحديداً والقوى والعالمية المهيمنة كالأمريكان وبعض الدول الأوروبية الحاقدة على العروبة والإسلام، كان بداية انهمارهم الجدي من أجل إفراغ طاقتهم العدائية تجاه مجتمع العروبة الإسلام، حتى وجدت كما هي اليوم تلك الكيانات المجتمعية العربية والإسلامية والأنظمة التي تحكم جغرافيتها، والتي فعلاً بدت كنسيج هش بفعل طغيان الولاء للحدود الجغرافية، التي نلمس أنها تشكلت حسب أهواء ومصالح ورغبات الطامعين، ليس في فرق تسد لنهب الثروات وحسب، بل لجعل كل حدود لأي قطر عربي أو إسلامي كسياج مانع ومحكم لضمان عدم وجود أدنى فكرة قد تقرِّب من وجهات النظر بين الأخوة كي يجتازوا أي خلاف قد يطرأ فيما بينهم، غير أن الملاحظ أن جهنمية الفكرة في جعل ذلك الواقع الجغرافي والمجتمعي من العرب والمسلمين كلعبة بأيدي الطامعين والغزاة على مختلف أساليبهم في تطويع الشعوب والأنظمة العربية الإسلامية وفق أهوائهم الدنيئة، حتى أن فكرة دولة الكيان الإسرائيلي الغاصب، والتي تحدد وجودها مع ميلاد وعد بلفور المشؤوم، الذي إنما يحكي لنا هذا الوعد عن فعلية استحكام الأعداء في تفريق الأمتين العربية والإسلامية، من خلال البدء في تقسيم الجغرافيا، والتي كان وعد بلفور موضحاً تماماً إتمام القسمة الجغرافية، والذي لم ينس نصيب اليهود المغتصبين، والذي اعتبر بما يعرف بمسمار جحا، وهنا نفهم جميعاً كعرب ومسلمين أن تقسيم جغرافية أرضنا كان بمثابة زيادة الهوة بين مجتمعاتنا ذات الواحدية العقائدية، التي تغيضهم وغرضهم من ذلك تشتيت وتمزيق تلك الهوية والعقيدة الإسلامية البحتة التي تدعو أبناء الأمة العربية والإسلامية إلى ما جاء في كلام الله عز وجل بقوله سبحانه وتعالى : ” وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ” صدق الله العظيم، فكلمة جميعاً دلَّت على عدم الاستثناء من أي كائن كان ممن دخل في حلف الإيمان والإسلام والدين المحمدي، والذي نفهم وبدقة متناهية كم هو حجم خبث أعداء أمتنا العربية والإسلامية، والذي بفعل التقسيمات للنسيج الواحد صار الدين والمجتمع العربي والمسلم وبعد كل هذه السنين من حال7ة أسوأ إلى أشد سوءاً، حتى غدا حال الأمتين العربية والإسلامية كما نلمسه اليوم ولا يخفى على أحد.
ومن هذا المنطلق حري بكل من يملك الفطنة والغيرة على دينه وملته وانتمائه، الذي لا يبتعد كثيراً عن الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين في أي بقعة كانت من نسيج الأمة اجتماعياً أو جغرافياً، وذلك بأن يعي حجم المؤمرة على كل جميل وسليم يتبع الفطرة الجميلة والسليمة للدين الحنيف، والتي قال عنها سبحانه وتعالى : ” فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ” صدق الله العظيم، وجاء حديث النبي المصطفى شارحاً لهذه الآية الكريمة في معنى الحديث المروي عنه بقوله صلى عليه وآله وسلم : ” كل ابن آدم يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه” صدق رسول الله، ولذلك صار كل شيء من حولنا يتلاعب به من أجل النيل من تلك الفطرة السليمة، التي أرادها الله لنا سبحانه ونرضاها منه، نهجاً إسلامياً وسطياً وهو نهج نبينا محمد صلوات الله عليه وآله، فبلا مبالغة لقد صار كل منتم لهذا الدين والمجتمع العربي والمسلم مستهدفاً من أعداء الله ورسوله من كفار ومشركين، وليس هناك أحد منا في هذه الأمة الإسلامية في مأمن من ذلك، كيف لا وقد وصل الأمر إلى أن قوى الكفر والضلالة من يهود ومنصارى ومشركين وملحدين وغيرهم من أولياء الشيطان عليه وعليهم لعنة الله، يحاربون المسلم والعربي بأخيه في المجتمع الآخر، بدعوى العرقية والمناطقية والطائفية والمذهبية!!!، فأصبح غريم المسلم مسلم والعربي عربياً مثله وغريم العربي مسلماً والعكس!!!، والناس فعلاً ومع شدة المؤامرة وتلوين وإتقان تسيير الأحداث من قبل أعداء الأمة وصاروا معتقدين وبشدة واستبسال وحقد أن غريمهم هو ذلك المسلم أو العربي من الشق الآخر، متناسين للأسف العدو الحقيقي اللدود الذي قد حدده الله سبحانه في كتابه القرآن منذ الوهلة الأولى لسطوع وهج الرسالة المحمدية كما قال سبحانه وتعالى :” لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ ” وقوله سبحانه :” مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ” صدق الله العظيم، لذا فهذا قمة الانحطاط ما وصل إليه العرب والمسلمون، وكيف أنهم صاروا ينفذون خطط وتدابير أعدائهم أعداء ملته بحذافيرها، فيا للعجب وياللغبن والتحسر!!!!؟، فأين الفكر الإسلامي الناصح والمرشد للصراط المستقيم، الذي جاءت سورة الفاتحة كفاتحة للكتاب المنزل على نبي هذه الأمة ونرددها في كل ركعة من ركعات والصلوات الخمس المفروضة علينا كمسلمين، وهذا دليل واضح وجلي على أهميتها ودوام اللهج والترتيل لها، وذلك للتذكير الدائم بما تحمل في طياتها من معانٍ عظيمة ومحددة تلزمنا جميعاً كمسلمين تحقيقها في واقع كل مسلم ومسلمة، وعلى مر العصور حتى قيام الساعة، ليس أن نتبنى العكس من كل ما يأمر ويحذر منه ديننا وملتنا الإسلامية السمحاء، والذي واقعنا اليوم يحكي لكل عربي ومسلم قدر الفاجعة والتعاسة إزاء ما وصل إليه أبناء العروبة والإسلام، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ويجدر بنا هنا أن نشير إلى أن وضع اليمنيين اليوم كمثله من الأوضاع التي صارت تحيط بأبناء الأمتين العربية والإسلامية، على اختلاف شدتها وموقعهم من الصراعات، والتي ليس هناك شك ولا لواحد بالمئة بأنها وللأسف الشديد تخدم أعداء الأمتين العربية والإسلامية، وأن ذلك المستفيد الوحيد هو الشيطان الرجيم وأدواته عليهم لعنة الله، ولذا فعندما نرى ونسمع ونعايش عدواناً سافراً فرض على شعب الإيمان والحكمة والبأس الشديد، وهناك من لم يحرك ساكناً ليغير على دينه ووطنه وعرضه ومصالحه، فهذا من أشد ما يدعو للعجب!!!، فأن نرى شعباً استبيحت دماؤه وأعراضه من قبل قوى العدوان “السعوأمريكي” الغاشم، وبكل هذه الشراسة والوقاحة والاستمرارية، ولا يزال هناك من يمارس الارتزاق معهم ويواليهم ويدعمهم ويقدِّم استبساله ودمه قرباناً لهم، فهذا من أشد العجب !!!، ومن هذا اتعجب !!!، وأن ترى شعباً حوصر وتآمر عليه وعلى قوته وأسباب رزقه وتحضره وشرِّد وحيداً من أية أمنية في عيش كريم ورخاء وتنمية واكتفاء ذاتي، حتى غدت اليوم طوابير السيارات مثلها كمثل طوابير المرضى في المستشفيات تشكو من قل الوقود والطاقة لإنقاذ أرواح الناس، عبر السعي وراء أرزاقهم أو إيجاد أبسط سبل العلاج لمرضاهم والتعافي منها، بل حتى أن كثيراً من المغرضين وأصحاب النفوس القاسية والأنانية صاروا يستغلون الوضع الحاصل للناس جراء العدوان والحصار بالمثل القائل :” مصائب قوم عند قوم فوائد”، فصاروا يستغلون الأزمات بشتى أنواعها لمصالحهم الجشعة والدائمة الاتساع مع كل لحظة يستمر فيه العدوان “السعوأمريكي” الغاشم، فوجدت السوق السوداء وانعدمت معها النوايا البيضاء وكثرت تباعاً لذلك الأجساد الصفراء الباهتة بفعل قلة الغذاء والدواء، والأكثر من ذلك عجباً أن قرار التصنيف الأمريكي لأنصار الله بالإرهابيين رغم علمنا من أول وهلة للعدوان على اليمن أن أمريكا شريكة في هذا العدوان وخاصة في حق من يقف معادياً لسياستها اللعينة التآمرية وضد الماسونية تحديداً، والذي لم يكن هذا القرار متأخراً وبعد سنوات من شن العدوان إلا حتى يستكمل النظام الأمريكي كل أعذاره لتمرير القرار واستغلاله في كل ما من شأنه أن يعمق الجراح ويطيل أمد الصراع ويفتك بالشعب والوطن، ومع ذلك اتعجب !!! في من يرى أن العدوان السعوأمريكي الغاشم جاء ليوزِّع الورود على الناس !!! فهذا القرار ستكون له دواعٍ عكسية أقل ما نقول عنها إنها توجهات تعسفية ومجحفة وظالمة في حق شعب عزيز، ومع ذلك نقول لهم إنها – أي قراراتهم هذه – لن تمرر على اليمنيين الأحرار مهما بلغ الثمن، والله ولينا وولي المؤمنين.
ولله عاقبة الأمور،،.